محتويات المقال :
ما هي الأساطير اليونانية؟
هي مجموعة من القصص المتعلقة بآلهة وأبطال وطقوس الإغريق القدماء. تم التعرف على حقيقة احتواء الأساطير على عنصر كبير من الخيال من قبل الإغريق البارعين في النقد، مثل الفيلسوف أفلاطون في القرنين الخامس والرابع قبل الميلاد. ومع ذلك كان يُنظر إلى الأساطير على أنها أحداث حقيقية. كان للأساطير اليونانية بعد ذلك تأثير كبير على فنون وآداب الحضارة الغربية، والتي ورثت الكثير من الثقافة اليونانية.[1]
على الرغم من أن الناس في كل الأمكنة والأزمنة قد طوروا أساطير تشرح وجود الظواهر الطبيعية وطرق عملها، أو تروي أعمال الآلهة أو الأبطال، أو تسعى إلى إثبات أهلية المؤسسات الاجتماعية أو السياسية؛ إلا أن أساطير الإغريق ظلت في العالم الغربي كمصدر للأفكار الخيالية والجذابة. استلهم الشعراء والفنانون من العصور القديمة وحتى الوقت الحاضر من الأساطير اليونانية واكتشفوا علاقة وأهمية معاصرة في الموضوعات الأسطورية الكلاسيكية.[1]
كيف نشأت الأساطير اليونانية؟
الموقع الجغرافي
ساعدت الجغرافيا في تشكيل الأساطير اليونانية. إذ أن اليونان عبارة عن شبه جزيرة محاطة بالبحر والجزر. تقسم الجبال الوعرة والساحل المتعرج الأرض إلى العديد من المناطق الصغيرة المنفصلة. لم تصبح اليونان القديمة إمبراطورية موحدة قط. بل كانت تتألف من ممالكٍ صغيرة تحولت لـ «دويلات مدن-city-states» بعد حوالي 800 قبل الميلاد. أصبح الإغريق أمة من البحارة لأن السفر عن طريق البحر كان أسهل من البر. وأنشأ التجار مستعمرات في جميع أنحاء البحر الأبيض المتوسط والشرق الأدنى. [3]
حضارات مختلفة
الأساطير اليونانية عبارة عن خليط من القصص، بعضها يتعارض مع بعضها البعض. إذ تم تناقل العديد منها من العصور القديمة في أكثر من نسخة واحدة. تعود جذور هذه الأساطير إلى حضارتين ازدهرتا قبل 1100 ق.م:
- «الحضارة الموكينية أو المسينية-Mycenaean» في البر الرئيسي اليوناني
- «الحضارة المينوية-Minoan» في جزيرة كريت المجاورة.
اندمجت المعتقدات القديمة مع أساطير من الممالك اليونانية ودول المدن والأساطير المستعارة من شعوب أخرى لتشكيل مجموعة من التقاليد المشتركة بين معظم اليونانيين. [3]
مصادر الأساطير اليونانية
مصادر أدبية
قصائد هوميروس: الإلياذة والأوديسة
إن أقدم المصادر الأدبية لتراث الأساطير اليونانية هي قصيدتي هوميروس الملحميتين، الإلياذة والأوديسة. تقدم هاتان الروايتان إشارة واضحة إلى شهية الإغريق للحكايات الخيالية، فضلاً عن فهمهم للعلاقة المعقدة والعدائية في كثير من الأحيان بين البشر والآلهة (وبين الآلهة أنفسهم). [2]
أعمال هسيودوس: «ثيوغونيا-Theogony» و«الأعمال والأيام- Works and Days»
يقدم هسيودوس، وهو معاصر محتمل لهوميروس، في الثيوغونيا (أصل الآلهة) الوصف الكامل للأساطير اليونانية الأولى ويتعامل مع الحكايات الشعبية وقصص الخلق ووصف أصل الآلهة والجبابرة والعمالقة ( بما في ذلك تفصيل الأنساب). يتضمن إنتاجه البارز الآخر، الأعمال والأيام، قصيدة تعليمية عن الحياة الزراعية وأساطير بروميثيوس وباندورا والعصور الأربعة (العصر الذهبي والفضي والبرونزي والحديدي). في القصيدة، يقدم الشاعر نصائح حول أفضل طريقة للنجاح في عالم خطير يجعله آلهته أكثر خطورة. [2] [6]
الشعر الغنائي
غالبًا ما أخذ الشعراء الغنائيون (مؤلفو «ترانيم هوميروس- Homeric hymns») موضوعاتهم من الأسطورة، على الرغم من أن طريقة معاملتهم للموضوع أصبحت تدريجيًا أقل سردًا وأكثر تلميحًا. قدم هؤلاء الشعراء الغنائيون، بما في ذلك «بندار- Pindar » و«بقليدس- Bacchylides» و«سيمونيدس-Simonides» والشعراء الرعويين اللاحقين ، مثل «ثيوقريطس- Theocritus»و«بيون- Bion»، صورًا فردية للأحداث الأسطورية. [2]
المسرحيات
كانت الأسطورة أيضًا مركزية في المسرحيات الأثينية الكلاسيكية. أخذ الكتاب المسرحيون المأساويون «إسخيلوس- Aeschylus» و«سوفوكليس- Sophocles » و«يوربيديس- Euripides» حبكاتهم من عصر الأبطال وحرب طروادة. اتخذت العديد من القصص المأساوية العظيمة (مثل أجاممنون وأطفاله وأوديب وجايسون وميديا، إلخ) شكلها الكلاسيكي في هذه المسرحيات المأساوية. من جانبه، استخدم الكاتب المسرحي الكوميدي «أريستوفان- Aristophanes» أيضًا الأساطير ، كما في «الطيور-The Birds»أو «الضفادع- The Frogs»، على الرغم من أنه يستخدمها عادةً كوسيلة لانتقاد المجتمع اليوناني. [2]
مؤخرون وجغرافيون
قدم المؤرخون (هيرودوت وديودور الصقلي) والجغرافيون (بوسانياس وسترابو)، الذين سافروا حول العالم اليوناني ولاحظوا القصص التي سمعوها، العديد من الأساطير المحلية، وغالبًا ما قدموا نسخًا بديلة غير معروفة. [2]
مصادر أخرى
يحتوي شعر العصرين الهلنستي والروماني على العديد من التفاصيل المهمة المستلهمة من الأساطير اليونانية. تشمل هذه الفئة أعمال الشعراء الهلنستيين مثل:
- أبولونيوس من رودس
- كاليماتشوس
- بسودو-إراتوستينس
- بارثينيوس
وأعمال الشعراء الرومان مثل:
- أوفيد
- ستاتيوس
- فاليريوس فلاكوس
- فيرجيل
وأعمال الشعراء اليونانيين في العصور القديمة المتأخرة مثل:
- نونوس
- أنتونينوس ليبراليس
- كوينتوس سميرنيوس
وكذلك الروايات القديمة لأبوليوس وبترونيوس ولوليانوس وهليودوروس [2]
مصادر أثرية
بالإضافة إلى المصادر النصية الموضحة أعلاه، تم أيضًا صقل الفهم الحديث للأساطير اليونانية من خلال التنقيب الأثري. لقد ساعد اكتشاف الحضارة الموكينية من قبل عالم الآثار الألماني «هاينريش شليمان- Heinrich Schliemann» في القرن التاسع عشر، واكتشاف الحضارة المينوية في جزيرة كريت من قبل عالم الآثار البريطاني« السير آرثر إيفانز»، في القرن العشرين، على شرح العديد من الأسئلة حول ملاحم هوميروس وقدم الدعم الأثري للعديد من المزاعم الأسطورية حول الحياة والثقافة اليونانية. [2]
تعتبر التمثيلات المرئية -منحوتات، رسوم جدارية، رسومات على الفخار، تماثيل- للشخصيات الأسطورية المكتشفة في هذه الحفريات الأثرية وغيرها مهمة لسببين:
- يمكن أن تكون المصادر المرئية أحيانًا هي الدليل الوحيد لبعض الأساطير أو المشاهد الأسطورية التي لم تنجو في أي مصدر أدبي موجود. على سبيل المثال، عثر علماء الآثار على فخار (يعود تاريخه إلى القرن الثامن قبل الميلاد) يصور مشاهد مجهولة من سلسلة حكايات طروادة ومن مغامرات هرقل.
- يمكن أن تسبق المصادر المرئية للعديد من الأحداث الأسطورية إدراجها في المصادر الأدبية، مما يسمح لطلاب الثقافة اليونانية الكلاسيكية بتقييم تواريخ تكوينهم بشكل أكثر دقة. في بعض الحالات، تسبق هذه التمثيلات المرئية أول تمثيل معروف للأسطورة في الشعر القديم بعدة قرون.
في كلا الاتجاهين، يمكن رؤية الاكتشافات الأثرية التي تتضمن صورًا لمشاهد أسطورية لتكمل الأدلة الأدبية الموجودة. [2]
البانثيون اليوناني
تأتي كلمة «بانثيون pantheon» التي تشير إلى جميع الآلهة في ثقافة معينة، من الكلمة اليونانية «pan-الكل» و«theoi-الآلهة». يتألف بانثيون الإغريق القدماء من الآلهة الأولمبية وغيرها من الآلهة الرئيسية، إلى جانب العديد من الآلهة الصغيرة وأنصاف الآلهة.
الآلهة الأولمبية
في مركز الأساطير اليونانية يوجد بانثيون الآلهة الذين قيل إنهم يعيشون على جبل أوليمبوس (كان يوجد 12 إله وإلهة رئيسيين)، أعلى جبل في اليونان. حكموا من موقعهم كل جانب من جوانب الحياة البشرية. بدت الآلهة والإلهات الأولمبية مثل البشر (على الرغم من أنهم يستطيعون تغيير أنفسهم إلى حيوانات وأشياء أخرى) وكانوا كما روت العديد من الأساطير عرضة لنقاط الضعف والعواطف البشرية. الاثنا عشر إلهًا أولمبيًا رئيسيًا هم: [4]
- زيوس (جوبتر، في الأساطير الرومانية): ملك كل الآلهة (والأب للكثيرين) وإله الطقس والقانون والقدر
- هيرا (جونو): ملكة الآلهة وإلهة المرأة والزواج
- أفروديت (فينوس): إلهة الجمال والحب
- أبولو (أبولو): إله النبوة والموسيقى والشعر والمعرفة
- آريس (مارس): إله الحرب
- أرتميس (ديانا): إلهة الصيد والحيوانات والولادة
- أثينا (مينيرفا): إلهة الحكمة والدفاع
- ديميتر (سيريس): إلهة الزراعة والحبوب
- ديونيسوس (باخوس): إله الخمر والملذات والاحتفال
- هيفايستوس (فولكان): إله النار وتشغيل المعادن والنحت
- هيرميس (ميركوري): إله السفر والضيافة والتجارة ورسول زيوس الشخصي
- بوسيدون (نبتون): إله البحر [4]
الأبطال والوحوش
أبطال وأشخاص
ومع ذلك ، فإن الأساطير اليونانية لا تحكي قصص الآلهة والإلهات فقط.بل تتناول أيضًا أبطال بشريون، مثل هرقل المغامر الذي فعل 12 عملاً مستحيلاً للملك «يوريسثيوس- Eurystheus »(وكان يُعبد لاحقًا كإله لإنجازه). وباندورا المرأة الأولى التي جلب فضولها الشر للبشرية. وبجماليون الملك الذي وقع في حب تمثال من العاج. وأراكني النساجة التي تحولت إلى عنكبوت بسبب غطرستها. كل هذه القصص لها نفس الأهمية. [4]
وحوش ومخلوقات
تظهر الوحوش والمخلوقات الهجينة (أشكال الإنسان والحيوان) أيضًا بشكل بارز في الحكايات مثل الحصان المجنح بيغاسوس والقنطور وأبو الهول والهاربي والسايكلوب والمانتيكور ووحيد القرن والغورغون والتنين من جميع الأنواع. أصبح العديد من هذه المخلوقات معروفًا تقريبًا مثل الآلهة والإلهات والأبطال الذين يشاركون قصصهم. [4]
العالم السفلي
كان العالم السفلي مسكنًا لأرواح الموتى، وكان مكانًا كئيبًا. تشير أوديسة هوميروس إلى أن أوديسيوس واجه شبح أخيل هناك، الذي أخبره أنه يفضل أن يكون حياً وعبدًا لرجل لا أرض له على أن يكون ملك كل الموتى في العالم السفلي. في الثيوغونيا، كان العالم السفلي هو تارتاروس، سجن الجبابرة الذين أطاح بهم زيوس. [5]
كان لدى هاديس وبيرسيفوني قصر هناك يحرسه كلب حراسة مخيف يهز ذيله ترحيبًا لجميع الذين دخلوا، لكنه لم يسمح لأي شخص بالخروج. كان نهر العالم السفلي هو نهر ستيكس، وهو مجرى مرعب حتى للآلهة، لأنه إذا أقسم إله بنهر الستيكس، ثم لم يفي بوعده، فسيظل في غيبوبة لمدة عام، وبمجرد أن يتعافى، سيكون منبوذًا من قبل الآلهة الأخرى لمدة تسع سنوات أخرى. فقط في السنة العاشرة يمكن أن ينضم إلى مجالسهم. [5]
إرث الأساطير اليونانية
عصر النهضة
لم يحد الانتشار الواسع للمسيحية من شعبية الأساطير. مع إعادة اكتشاف العصور الكلاسيكية القديمة في عصر النهضة، أصبح لشعر أوفيد تأثير كبير على خيال الشعراء والمسرحيين والموسيقيين والفنانين. منذ السنوات الأولى لعصر النهضة، صور فنانون مثل ليوناردو دافنشي ومايكل أنجلو ورافائيل الموضوعات الوثنية للأساطير اليونانية جنبًا إلى جنب مع الموضوعات المسيحية التقليدية. وبالمثل، أثرت هذه الأساطير، من خلال أوفيد، على شعراء العصور الوسطى وعصر النهضة مثل بتراركا وبوكاتشيو ودانتي أليغييري. [2]
الأدب
في شمال أوروبا، لم تأخذ الأساطير اليونانية نفس السيطرة على الفنون البصرية، لكن تأثيرها كان واضحًا جدًا على الأدب. تم إطلاق الخيال الإنجليزي، بدءًا من تشوسر وجون ميلتون واستمرارًا عبر شكسبير وروبرت بريدجز، من خلال الأساطير اليونانية. في أماكن أخرى من القارة، أعاد راسين (في فرنسا) وجوته (في ألمانيا) إحياء المسرحية اليونانية، وأعادا صياغة الأساطير القديمة إلى قالب معاصر. على الرغم من أن عقلانية التنوير قللت من التقدير الأوروبي للموضوع الأسطوري في القرن الثامن عشر، إلا أنهم استمروا في توفير مصدر مهم للمواد الخام للكتاب المسرحيين. [2]
الرومانسية
علاوة على ذلك، أدى ظهور الرومانسية في نهاية القرن الثامن عشر إلى زيادة الحماس لجميع الأشياء اليونانية، بما في ذلك الأساطير اليونانية. بعض الأسماء البارزة في هذه الحركة تشمل ألفريد لورد تينيسون وجون كيتس ولورد بايرون وبيرسي بيش شيلي وفريدريك لايتون ولورنس ألما تاديما. وبالمثل ، وضع كريستوف غلوك وريتشارد شتراوس وجاك أوفنباخ وغيرهم الكثير من الموضوعات الأسطورية اليونانية للموسيقى. استمر هذا الاهتمام بلا هوادة في العصر الحديث، على الرغم من أن العديد من المصادر الحالية تدمج بشكل متزامن مواد من مختلف تراث الأسطورة. [2]
المصادر
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :