الأبلق مصطلح يستخدم لوصف تقنية في البناء تستخدم صفوف متناوبة من الحجارة الفاتحة والداكنة، وتختلف أنواع الحجارة المستخدمة فيه بين منطقة وأخرى، فهل ما يشاع عن أن هذه التقنية ذات أصل بيزنطي صحيح؟ أم أن أصلها وبدايتها كانت جنوب سورية أثناء الفترة الأيوبية؟ [1] وما أسباب استخدامها؟ وكيف تطورت؟
محتويات المقال :
منشأ الأبلق وتطوره
تم تطوير استخدام الحجارة المتناوبة من قبل المهندسين الرومان، حيث استخدموا حجارة معشّقة (متداخلة) في بناء الأقواس والسواكف. والساكف هو جائز أو صف من الحجارة يوجد أعلى النوافذ والأبواب. وظيفة هذه التقنية، باهظة الثمن في زمانها، هو ربط ووصل الحجارة ببعضها البعض بشكل يحمي العنصر الإنشائي من التضرر في حال حدوث أية حركات أفقية أثناء الهزات الزلزالية. مما يمنع العناصر من الانزلاق إلى الأسفل بعد تغير قيم الضغط عليها بشكل سريع. وقد ساعد الأبلق في تلافي حدوث تلك المشكلات بأن تداخلت الحجارة المكونة للساكف. [2]
كما تم استخدام الأحجار المتداخلة في العديد من الكنائس البيزنطية والجدران القديمة التي كانت تبنى بحجارة منحوتة فاتحة وقرميد برتقالي اللون. [3] لكن تقنية الأبلق كما نعرفها في العمارة الإسلامية نشأت جنوب سوريا، حيث توجد حجارة البازلت والحجارة الكلسية بشكل طبيعي وبكميات متساوية. [1] ويمكن العثور على أمثلة لهذه التقنية في الفترة الفاطمية في عدة مباني منها بوابة القاهرة الفاطمية، باب الفتوح 1087 م. ومن ثم أصبحت هذه التقنية من السمات المميزة للعمارة الأيوبية في القرن الـ 12 ولاحقًا المملوكية في القرن الـ 13 الميلادي.
وقد تم استخدام هذه التقنية في ترميم الجدار الشمالي للجامع الأموي في دمشق عام 1109 م. [2] واستخدمت في مباني عديدة تعود لهذه الفترة، منها قلعة حلب، حيث يظهر استخدام الأبلق على جانبي بعض النوافذ.
استخدام الأبلق في العمارة المملوكية
من المعروف أن استخدام الألوان من الخصائص المميزة للنمط المملوكي. حيث استخدم المماليك هذه الخاصية لإبراز السواكف والأقواس الموجودة في الواجهات. وفي فترة المماليك البحرية المبكرة تم استخدام حجارة معشّقة من لونين مختلفين. [4]
وفي عام 1206 م، أمر السلطان بيبرس ببناء قصر عرف باسم قصر الأبلق. وقد بني باستخدام صفوف من الحجارة الفاتحة والداكنة. ورغم أن المبنى لم يعد قائمًا اليوم، لكنه يدل على أن مصطلح الأبلق تم استخدامه لوصف الحجارة المبنية بهذا الشكل . وفي القرنين الـ 14 و15 الميلاديين، أصبحت تقنية الأبلق خاصية مميزة للعمارة المملوكية في سورية ومصر وفلسطين. وبحلول هذه الفترة، تم استخدام الحجارة ذات اللون الأحمر، فأصبحت بعض المباني مخططة بثلاثة ألوان: الأحمر، والأسود، والأبيض. [1]
الأبلق العثماني
إن الاختلاف الأكبر في استخدام تقية الأبلق بين النمطين العثماني والمملوكي هو أن استخدام المماليك لها كان مقتصرًا على الواجهات والأبواب والنوافذ. في حين أنها كانت تستخدم في الفترة العثمانية لتزيين المبنى كاملًا، مغطيةً الأرضيات أحيانًا. ويمكن رؤية ذلك في العديد من المباني التي تم بناؤها في الفترة العثمانية، مثل خان أسعد باشا وقصر العظم في دمشق، وجامع خالد بن الوليد في حمص. بالإضافة إلى العديد من الجوامع التي تم بناؤها في تركيا في تلك الفترة. [1]
استخدامات مختلفة
نلاحظ أن استخدام الأبلق لم يقتصر على الجوامع والمباني المهمة كالقصور لكن يمكن العثور عليه أيضًا في العديد من المباني العامة كالحمامات، والمدارس، والأسواق المغلقة أو البازارات. وأكثر الأسباب منطقية لاستخدام هذه التقنية هو استخدام أقصى عدد ممكن من مواد البناء المتوفرة في المنطقة. أي استخدام نوعان من الحجارة بلونين مختلفين في أغلب الحالات. حيث ينتج عن استخدام هذه التقنية تأثير تزييني مميز، وفي نفس الوقت يعدّ استخدامها عمليًّا حيث يساعد على توفير مواد البناء. [3]
ومن المنطقي افتراض أن الأمثلة التي تعود للعمارة الغربية والتي تم استخدام هذه التقنية فيها قد اقتبست هذا النمط من النماذج التي اخترعها الرومان. ومن ثم تطوّرت في العالم الإسلامي وتم استيرادها من جديد إلى أوروبا عن طريق إسبانيا. طرق التجارة مع إيطاليا عبر بيزا والبندقية أو عن طريق الحملات الصليبية. [2]
المصادر
1 – DICTIONARY OF ISLAMIC ARCHITECTURE (archive.org)
2 – (PDF) A. Camiz, Morphology of Roman, Islamic and Medieval seismic design: pointed arch and ablaq | Alessandro Camiz, Ph.D. – Academia.edu
3 – Study – Ablaq – Stars in Symmetry (wordpress.com)
4 – (PDF) The Treatment of the Architectural Unit above Openings of the Mamluk and Ottoman Facades in Cairo (researchgate.net)
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :