Ad

يعد عالم الفضاء الأمريكي، إدوين هابل، أحد أهم رواد الفضاء في القرن العشرين، بل وأحد أهم رواد الفضاء في التاريخ. أفكاره الثورية قلبت موازين علم الفضاء، وتليسكوبه الخاص -تليسكوب هابل- غير منظورنا عن الفضاء الخارجي لما اكتشفه عن توسع الكون والمجرات الأخرى التي تخطت حدود درب التبانة.

طفولة حيوية

في 20 نوفمبر عام 1889، وفي بلدة مارشفيلد بولاية ميزوري الأمريكية، وُلدَ طفل صغير مولع بقراءة روايات الخيال العلمي. طفل أحب كتب الروائي الفرنسي، جول فيرن، وبالتحديد روايته الشهيرة، 20 ألف فرسخ تحت الماء. هذا الطفل يدعى إدوين هابل.

كان هابل أخًا لسبعة آخرين، وفي عام 1898، أي بعمر 10 سنوات، انتقل هو وعائلته الكبيرة إلى مدينة شيكاغو بولاية إلينوي. وفي شيكاغو، ارتاد هابل أحد المدارس الثانوية هناك وتفوق في الرياضة وحطم رقمًا قياسيًا هناك كأعلى قفزة في المدرسة كُلها. بل وأصبح مدربًا لفريق كرة السلة هناك.

شاب رياضي يحب روايات الخيال العلمي ومولع بالفضاء. مؤشرات توحي بمستقبل باهر، كله حيوية ودأب مستمر.

بعد مرور 8 سنوات على ارتداده للمدرسة الثانوية، تلقى هابل منحة لدخول جامعة شيكاغو عام 1906. قبل هابل المنحة وعمل كأستاذ مساعد في أحد المعامل هناك تحت إشراف الدكتور Robert Millikan، والذي حصل على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1923.

قضى هابل 4 سنوات في الجامعة وتخرج عام 1910. بعدها، ترك العالم الشاب مدينة شيكاغو بأكملها وذهب ليلتحق بجامعة أوكسفورد ليدرس الفلسفة. نعم، الفلسفة. وبالفعل، حصل إدوين هابل على درجة البكالوريوس في علم فلسفة التشريع بعد ثلاثة سنوات من دراسته في أوكسفورد وفي نفس الوقت الذي توفي فيه والده، جون هابل. [1]

اكتشاف هابل الأعظم

بعد رحلة طويلة مع الدراسة، عمل إدوين هابل كأستاذ جامعي بولاية إنديانا، ليعود بعدها إلى جامعة شيكاغو، ولكن هذه المرة ليدرس المجال الذي سيبرع فيه، علم الفلك. وبالفعل، درس علم الفلك ولم يلبث أن عينه مرصد ماونت ويلسون في كاليفورنيا كباحث لاستكمال بناء تيلسكوب هوكر Hooker الشهير هناك. الجدير بالذكر أن إدوين هابل حصل على درجة الدكتوراه في علم الفلك والتحق بالجيش الأمريكي ليعمل معهم على مهمة ما في الحرب العالمية الأولى قبل أن يقبل منصبه الجديد في مرصد ماونت ويلسون.

خلال فترة عمله هناك، خرج لنا هابل بواحدة من أهم اكتشافاته بعد أن أثبت لنا -من خلال تليسكوب هوكر- أن هناك مجرات أخرى غير مجرتنا، درب التبانة. استطاع هابل الوصول إلى هذا الاكتشاف من خلال دراسته للأطوال الموجية للنجوم ومقارنة درجات اللمعان المتفاوتة بينهم. وقتها، لم نكن نعلم شيئًا عن حجم مجرة درب التبانة أو حتى ما يحيط بها، ولكن العالم العبقري تمكن من خلال أبحاثه أن يحسب المسافة بين مجرتنا وسديم أندروميدا (قبل أن تُعرف بمجرة أندروميدا) وقدرها بحوالي 900 ألف سنة ضوئية. تلك المسافة، على الرغم من عدم دقتها وكون المسافة الصحيحة هي 2.48 مليون سنة ضوئية، إلا أنها كانت السبب في الاستنتاج الآتي: سديم أندروميدا ليس مجرد سديم، ولكنه مجرة كاملة.

في منتصف عشرينيات القرن الماضي، عمل هابل على بحث جديد بمساعدة رائد الفضاء ميلتون هيوماسون. ارتكز البحث على المسافة بين المجرات، وبالتحديد على العلاقة بينها وبين الأرض. نشر العالمان ذلك البحث عام 1929 والذي أحدث ثورة بدوره عندما تحدث عن الانزياح الأحمر Red Shift والذي علمنا منه أن المجرات تبتعد عنا. [2]

تليسكوب هابل

The Hooker 100-inch reflecting telescope at the Mount Wilson Observatory, just outside Los Angeles. Edwin Hubble’s chair, on an elevating platform, is visible at left. A view from this scope first told Hubble our galaxy isn’t the only one.

الغلاف الجوي للأرض هو بمثابة اللعنة أو الحاجز الوحيد أمام علماء الفلك واستكشافاتهم الكامنة وراءه. وللتغلب على هذا الحاجز، تم اقتراح فكرة إرسال التليسكوبات إلى الفضاء، حتى قبل إرسال الأقمار الصناعية. أحد رواد تلك الفكرة، كان العالم الألماني هيرمان أوبيرت، حيث اقترح الفكرة عام 1923 في كتابه الذي حمل اسم “Die Rakete zu den Planeträumen”.

توالت الأفكار والاختراعات إلى أن بدأت ناسا بتوحيد جهودها مع وكالة الفضاء الأوروبية ليقدما لنا تليسكوبًا بطول 3 متر. بدأ تمويل المشروع في عام 1977. وتم الاتفاق على إطلاق اسم العالم العظيم إدوين هابل عليه بسبب إسهاماته الثورية خصوصًا في اكتشاف توسع الكون في العشرينات. [3]

إرث مشرف

استمر إدوين في العمل على أبحاثه بمرصد ماونت ويلسون جنبًا إلى جنب مع مرصد بالومر في كاليفورنيا حتى وفاته في سبتمبر عام 1953. توفي إدوين هابل إثر إصابته بسكتة دماغية عن عمر ناهز 63 عامًا.

إسهامات هابل في مجال الفضاء ثورية بحق. إسهامات أدت إلى مساعدة من خلفه من العلماء على معرفة الكثير والكثير عن كوننا الفسيح.

حصل هابل على الكثير من الجوائز مثل وسام الاستحقاق عام 1946، ووسام فرانكلين في الفيزياء، ووسام بروس، والميدالية الذهبية من الجمعية الفلكية الملكية تقديرًا لريادته في الفيزياء الكلاسيكية. أطلقت ناسا اسمه على التليسكوب الأشهر كما ذكرنا، بالإضافة إلى الكثير من الأشياء الأخرى. لم ينقص إدوين هابل سوى جائزة نوبل، ومن يدري، فربما كانت “لتظفر به” إذا عاش لوقت أطول قليلًا! [1]

المصادر

1- Biography

2- NASA

3- Space

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


فلك

User Avatar

Ahmed Safwat Salah Al-Din

طالب كيمياء، محب للعلوم والبحث العلمي، وكذلك الفن بأشكاله٠


عدد مقالات الكاتب : 31
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق