Ad

تعد مملكة قتبان من الممالك اليمنية القديمة، وكان لها دور كبير في نشوء وتطور الحضارة اليمنية القديمة. حيث اسهمت بشكل فعال في رسم وتكوين ملامح تلك الحضارة العريقة.

الموقع وأصل القتبانيين

تعد مملكة قتبان واحدة من الممالك اليمنية القديمة، وتتخذ من مديتة تمنع عاصمة لها، والتي تقع في وادي بيحان في موضع كحلان حالياً. وقد ثارت تساؤلات كثيرة حول هذه المملكة، وكان أولها حول نسب القتبانيين فهم تارة ينسبون إلى حمير، ونسبهم فريق آخر الى سبأ، واعتبروهم طائفة من الطوائف السبئية.

وإذا كان بالامكان تفسير ارجاع نسبهم إلى حمير أو سبأ على اعتبار أن هاتين القوتين كانتا الأكثر نفوذاً، مما جعل العديد من القبائل ينتسبون إليها. وفي رأي بعض العلماء أن هذه المملكة عاشت فيما بين القرن السادس والتاسع قبل الميلاد بين عامي (540_ 865) قبل الميلاد.

تاريخ مملكة قتبان

يوضح نقش النصر بأنّ المملكة كانت حليفاً لمملكة سبأ في الحرب ضد مملكتي أوسان وعدن وكل المناطق التاريخية التي كانت متقدمة اقتصادياً. وتمكنت حينها مملكة قتبان من فرض سيطرتها على مختلف انحاء منطقة أوسان بعد سقوطها، كما تشير المعلومات إلى أنّ المملكة قد دمرت ما يفوق ال 300 مدينة تابعة لحضرموت خلال إحدى الحروب مع مملكة حضرموت.

كما اختلف المؤرخون في التوصل إلى تاريخٍ معين لظهور دولة قتبان سياسياً، ورجحوا بأن يكون خلال الفترة ما بين منتصف القرن التاسع والقرن السابع قبل الميلاد. إلّا أنّه من المؤكد أن تكون هذه الدولة قد استمر وجودها حتّى حلول منتصف القرن الأول قبل الميلاد.

وعاشت المملكة خلال الفترة ما بين ( 350- 50) قبل الميلاد عصراً ذهبياً، حيث تشير نصوص النقوش إلى أنّ قتبان كانت من أكثر الممالك اليمنية أهمية في تلك الفترة. وظهر ذلك من خلال قدرة المملكة على فرض سيطرتها على معين وسبأ.

ملوك مملكة قتبان

عرفت مملكة قتبان نظام المكاربة والنظام الملكي. فقد بدأ نظام الحكم كبقية الممالك اليمنية القديمة في بداية أمره. حيث تلقب حكامها الأوائل بلقب مكرب. وهو لقب يطلق على رئيس حلف قبلي في الفترات المتقدمة من تاريخ الممالك اليمنية القديمة.

كما تعاقب عدد كبير من الملوك على مملكة قتبان سنوجز بعض أسمائهم كالآتي:

١. سمعهلي ( 865 ق.م)
٢. ابن هوف (845 ق.م)
٣. ابن شهر (825 ق.م)
٤. ابن وروال (800 ق.م)
٥. فرع كرب (785 ق.م)
٦. اب شيم (590 ق.م)
٧. شهر غيلان (540 ق.م)

وكان من مشاهير مملكة قتبان في عاصمتهم تمنع، الملك ( شهر أكرب). إذ وجد له نصاً مرسوماً يطلب فيه إلى كبير العاصمة بتحصيل الضرائب ممن يسكنون ويزرعون الأراضي في (سدو) قرب العاصمة. وأمر المزارعين بأن يلتزموا بمرسومه.

مملكة قتبان

المعتقدات الدينية

كان القتبانيون يتقربون للآلهة بالدعاء والشكر لترعى السلام والأمن للتجارة في أسفارهم ورحلاتهم. كما وجد في هذه المملكة عدداً من المعابد الهامة، منها معبد الإله عشتار. ويعود بناء هذا المعبد إلى عهد المكاربة من حكام قتبان، وجرت عليه تجديدات فيما بعد.

كما أظهرت الكتابات الرومانية أنّ عدد المعابد فيها، بلغ خمسة وستون معبداً. واستدّل من الكتابات القتبانية على أن الإله القومي الرئيسي الذي يعبده القتبانيون من دون بقية الالهة هو الإله عم، وهو كبير آلهة قتبان.

مملكة قتبان

اقتصاد وتجارة مملكة قتبان

لعبت التجارة دوراً كبيراً في الإزدهار الذي حققه القتبانيون، ويعود ذلك لموقع بلادهم التي كانت تتوسط المناطق الأخرى. فقد كانت حضرموت إلى الشرق، وإلى الشمال ثم سيطرتهم على الأجزاء الجنوبية، ومن أجل التجارة شقّ القتبانيين الطرق ووضعوا القوانين. وقد أستفاد القتبانيين من موقع بلادهم الجغرافي بجوار باب المندب، ومن مجاورتهم لحضرموت التي كانت تنتج أفضل أنواع الطيب والبخور. واشتغلوا بالتجارة وجنوا من وراء ذلك أرباحاً ضخمة.

كما تعتبر الزراعة من الموارد الرئيسية التي اعتمد عليها النشاط الاقتصادي للسكان في مملكة قتبان، والتي بدورها اعتمدت على أنظمة ري غاية في الدقة والإتقان. فقد أقيمت تشييدات هامة للري كالسدود والقنوات المائية، مما يدل على اهتمام القتبانيين بالزراعة.

وتعتبر مملكة قتبان مملكة زراعية في المقام الأول منذ قيامها، فقد تميزت بوفرة الأراضي الزراعية الخصبة والملائمة للزراعة. وهناك العديد من الطرق الزراعية التي كانت متبعة في كثير من مناطق اليمن القديم، ومنها مملكة قتبان على النحو التالي طرق زراعية بسيطة تعتمد على مياه الأمطار ومنها ما يسقى، ومنها ما يعتمد على مياه السيول.

كما عُرف المجتمع القتباني زراعة العديد من المحاصيل كالحبوب والنخيل والكروم والخضراوات والبقوليات وغيرها. كانت زراعتها منتشرة في اليمن القديم بشكل كبير باعتبارها الغذاء الرئيسي للانسان.

علاقات مملكة قتبان الخارجية

شهد التاريخ السياسي لمملكة قتبان بمختلف مراحله الكثير من الأحداث والصراعات مع جيرانها. وكان هذا الصراع إما بدافع التخلص من التبعية لبعض منهم، أو بدافع المنافسة والتوسع على حسابهم. ولم يستأثر هذا الصراع على مجمل العلاقات القتبانية مع جيرانها، بل إنها اقامت علاقات تحالف وصداقة في بعض الأحيان.

علاقتها مع سبأ

ترجح بداية العلاقات القتبانية السبئية إلى حوالي القرن السابع قبل الميلاد. فمن خلال نقش النصر السبئي يتضح لنا أنّ قتبان وسبأ في ذلك الوقت كانتا متحالفتين، وأن العلاقة بينهما كانت في أحسن حالاتها.  فقد وقفت قتبان متضامنة مع سبأ في حربها ضد دولة أوسان. كما أنها أعادت لقتبان اراضيها التي كانت مغتصبة من قبل أوسان.

لكننا نجد بعد هذه الفترة أنّ القتبانيون دخلوا في صراع طويل مع السبئيين كانت بدايته تهدف إلى التخلص من التبعية لهم. وبهذه المرحلة انتهت مرحلة التحالف والصداقة بين قتبان وسبأ وبدأت مرحلة التنافس والصراع.

علاقتها مع حضرموت

من خلال النقوش الحضرمية التي يعود تاريخها إلى حوالي نهاية القرن السابع والسادس قبل الميلاد، نقلاً عن حرب قام بها الملك الحضرمي (يدع ال بين) ضد قتبان. ويبدو أنّ حضرموت في هذه الفترة قد استغلت انشغال قتبان في حربها مع سبأ فقامت بحملات توسعية في الأراضي القتبانية. وهو ما يفسر وجود اسم الإله عم إله قتبان الرئيسي في النقوش الحضرمية بعد الإله سين الإله الرئيسي لحضرموت.

وفي نهاية القرن الثاني ق.م قامت بعض القبائل التابعة لقتبان بإعلان استقلالها. وهو ما أدى إلى ضعف وتدهور مملكة قتبان. فاستغلت حضرموت الظروف التي تمر بها قتبان وقامت في منتصف القرن الأول ق.م بغزو قتبان. تم خلال ذلك الغزو تدمير واحراق العاصمة القتبانية تمنع.

النحت وتشكيل المعادن

أبدع اليمنيون القدماء ومنهم القتبانيون في نحت الأحجار وتشكيل المعادن بمختلف أنواعها. سواء على هيئة أشكال آدمية أو حيوانية أو زخارف نباتية. كما تشهد بذلك مختلف القطع الفنية الجميلة التي خلفوها مستفيدين في ذلك من توفر المواد الخام الأولية في بلادهم كالأحجار القابلة للنحت والمعادن كالحديد والذهب.

استخدم القتبانيون أحجار المرمر بشكل كبير بمختلف أنواعه في نحت وتشكيل أعمال فنية رائعة كالتماثيل البشرية والحيوانية. ويأتي في مقدمة التماثيل تمثال أطلق عليه عمال الحفريات الأثرية اسم السيدة مريم، الذي يعتبر من أجمل وأكمل المنحوتات القبورية في اليمن.

وكما برع القتبانيون في حرفتي صناعة الأسلحة والصياغة. إذ صنعوا الحلي وأدوات الزينة كالقلائد والسلاسل والأقراط. ففي مقبرة تمنع، تم العثور على أقراط وحلي نسائية، اعتبرها الآثاريون من أروع وأجمل القطع الفنية المكتشفة في ذلك الوقت.

وتعتبر صناعة الأسلحة من أهم الحرف التي دخلت المعادن فيها، وخاصة الحديد، وتشمل الأسلحة السيوف والخناجر. ومن المحتمل أنّ القتبانيين قد صدّروا ما زاد عن حاجتهم من الأسلحة إلى ساحل أفريقيا الشرقي وغيره من المناطق.

المراجع:

1. Britannica
2. Research
3. Research
4. Research

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


غير مصنف

User Avatar

Leen Mhanna

استخدم الكتابة كوسيلة لنشر المعرفة والوعي بالتاريخ والآثار.


عدد مقالات الكاتب : 17
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق