Ad

نوبل الاقتصاد 2019 من أجل فقراء العالم، ما هي أفضل طرق الحد من الفقر العالمي؟

وكيف وضع الفائزون الثلاثة نوبل الاقتصاد 2019 أُساس الإجابة على هذا السؤال شديد الأهمية للإنسانية؟

على مدى العقدين الماضيين تحسنت مستويات المعيشة بشكل ملحوظ في كل مكان في العالم تقريبًا وتضاعف الرفاه الاقتصادي (الذي يقاس بإجمالي الناتج المحلي للفرد-GDP) في أفقر البلدان بين عامي 1995 و 2018، وانخفض معدل وفيات الأطفال إلى النصف مقارنة بعام 1995، وارتفعت نسبة الأطفال الملتحقين بالمدارس من 56 إلى 80 في المائة.

المشكلة

رغم هذه التحسينات الدراماتيكية التي حدثت في حياتنا إلا أن إحدى أكثر القضايا الإنسانية إلحاحاً هي الحد من الفقر العالمي بجميع أشكاله؛ فلا يزال أكثر من 700 مليون شخص يعيشون تحت خط الفقر.

ولا يزال خمسة مليون طفل دون سن الخامسة يموتون كل عام بسبب أمراض كان من الممكن الوقاية منها أو علاجها -في كثير من الأحيان بعلاجات غير مكلفة- وما زال نصف أطفال العالم يتركون المدرسة دون مهارات القراءة والكتابة والحساب الأساسية!.

الفائزون

لذا فقد قررت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم منح جائزة Sveriges Riksbank في العلوم الاقتصادية في ذكرى ألفريد نوبل عام 2019 إلى:

«ابهيجيت بانيرجي-Abhijit Banerjee» من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، كامبريدج، الولايات المتحدة الأمريكية.

«استير دوفلو-Esther Duflo» معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، كامبريدج، الولايات المتحدة الأمريكية.

«مايكل كريمر-Michael Kremer» جامعة هارفارد، كامبريدج، الولايات المتحدة الأمريكية.

«عن منهجهم التجريبي لتخفيف الفقر العالمي»

كيف تساعدنا أبحاثهم على محاربة الفقر؟

الأبحاث التي أجراها الفائزون هذا العام قد حسنت بشكل كبير قدرتنا على مكافحة الفقر في العالم خلال عقدين فقط،  كما غير نهجهم الجديد القائم على التجربة اقتصاديات التنمية التي أصبحت الآن مجالًا مزدهرًا للأبحاث.

قدم الفائزون طريقة جديدة للحصول على إجابات موثقة حول أفضل الطرق لمكافحة الفقر في العالم، باختصار تنطوي الإجابة على تقسيم هذه المشكلة إلى أسئلة أصغر وأكثر قابلية للإدارة، على سبيل المثال أسئلة مثل ما الطرق الأكثر فعالية لتحسين النتائج التعليمية أو صحة الطفل؟

تقسم هذه الأسئلة الكبرى لأسئلة أصغر وأكثر دقة، كي يتم الإجابة عليها بشكل أسهل وأفضل من خلال تجارب مصممة بعناية لتصل للأشخاص الأكثر تضرراً، لذا يقدم هذا النوع من الأبحاث الجديدة تدفقًا ثابتًا من النتائج الملموسة، مما يساعد على التخفيف من مشاكل الفقر العالمي.

البداية

في منتصف التسعينيات أظهر مايكل كريمر وزملاؤه قوة هذه الطريقة باستخدام تجارب ميدانية لاختبار مجموعة من التحديثات التي يمكن أن تحسن نتائج المدارس في غرب كينيا.

أبهيجيت بانيرجي وأستير دوفلو مايكل كريمر سرعان ما أجروا دراسات مماثلة لقضايا أخرى في بلدان أخرى جعلت طريقتهم البحثية القائمة على التجارب تهيمن تماما على اقتصاديات التنمية في العالم حتى اليوم.

كنتيجة مباشرة لأحد دراساتهم استفاد أكثر من خمسة ملايين طفل هندي من البرامج الفعالة للتدريس العلاجي في المدارس، و يستفيد آخرون من الرعاية الصحية الوقائية التي تم تقديمها في العديد من البلدان الأخرى.

وهذان مثالان فقط على كيف ساعد هذا البحث الجديد بالفعل في التخفيف من حدة الفقر في العالم. كما أن لديها إمكانات كبيرة لزيادة تحسين حياة أسوأ الناس في جميع أنحاء العالم.

منهج جديد لتخفيف حدة الفقر في العالم

كان هناك وعي باختلافات متوسط ​​الإنتاجية بين الدول الغنية والفقيرة ومع ذلك وكما أشار أبهيجيت بانيرجي وأستير دوفلو تختلف الإنتاجية بشكل كبير ليس فقط بين الدول الغنية والفقيرة ولكن أيضًا داخل الدول الفقيرة نفسها. 

يستخدم بعض الأفراد أو الشركات أحدث التقنيات بينما يستخدم الآخرون (الذين ينتجون سلعًا أو خدمات مماثلة) وسائل إنتاج قديمة وبالتالي فإن متوسط ​​الإنتاجية المنخفض يرجع إلى حد كبير إلى قدم تقنيات بعض الأفراد والشركات.

 فهل يعكس هذا نقص الائتمان أو سوء تصميم السياسات أو أن الناس يجدون صعوبة في اتخاذ قرارات استثمارية عقلانية بالكامل؟ يتعامل المنهج البحثي الذي صممه الحائزون على جائزة هذا العام مع هذه الأنواع من الأسئلة بالضبط.

التجارب الميدانية المبكرة في المدارس

درست الأبحاث الأولى كيفية التعامل مع مشكلات التعليم، وما التدخلات التي تزيد من النتائج التعليمية بأقل تكلفة؟

في البلدان المنخفضة الدخل نجد أن ندرة الكتب المدرسية وحقيقة أن غالبًا ما يذهب الأطفال إلى المدرسة جائعين عاملًا كبيرا على تحصيلهم الدراسي:

فهل تتحسن نتائج التلاميذ إذا تمكنوا من الوصول إلى المزيد من الكتب المدرسية؟

أم أن منحهم وجبات مدرسية مجانية سيكون أكثر فعالية؟ 

في منتصف التسعينيات  قرر مايكل كريمر وزملاؤه نقل جزء من أبحاثهم من جامعاتهم في شمال شرق الولايات المتحدة إلى المناطق الريفية في غرب كينيا من أجل الإجابة على هذه الأنواع من الأسئلة وقاموا بعدد من التجارب الميدانية بالشراكة مع المنظمة الغير حكومية المحلية (NGO).

يعتمد الفرق في الإنتاجية بين البلدان المنخفضة الدخل والبلدان مرتفعة الدخل على التقنيات المستخدمة في الأنتاج
يعتمد الفرق في الإنتاجية بين البلدان المنخفضة الدخل والبلدان مرتفعة الدخل على التقنيات المستخدمة في الإنتاج

بداية التجارب الميدانية في المدارس؟

 حسنًا؛ إذا كنت ترغب في دراسة تأثير وجود المزيد من الكتب المدرسية على نتائج تعلم التلاميذ فإن المقارنة العامة بين المدارس ليست طريقة قابلة للتطبيق، بسبب اختلاف الحالات داخل المدرسة الواحدة في نواح كثيرة، مثلا؛ عادة ما تشتري العائلات الأكثر ثراء المزيد من الكتب لأطفالها وربما تكون الدرجات أفضل في المدارس التي يقل عدد الأطفال الفقراء فيها وهكذا.

تتمثل إحدى طرق التحايل على هذه الصعوبات في التأكد من أن المدارس التي تتم مقارنتها لها نفس الخصائص المتوسطة، يمكن تحقيق ذلك من خلال إتاحة الفرصة للبت في تحديد المدارس التي يتم تعيينها في أي مجموعة للمقارنة -وهي رؤية قديمة تقوم عليها التقاليد الطويلة للتجربة في العلوم الطبيعية والطب- على عكس التجارب السريرية التقليدية استخدم الفائزون تجارب ميدانية درسوا فيها كيفية تصرف الأفراد في بيئاتهم الطبيعية اليومية.

الكتب أم الوجبات أم الدروس الخصوصية؟

أخذ كريمر وزملاؤه عددًا كبيرًا من المدارس التي كانت بحاجة إلى دعم كبير وقسموها بشكل عشوائي إلى مجموعات مختلفة، تلقت جميع المدارس في هذه المجموعات موارد إضافية لكن بأشكال مختلفة وفي أوقات مختلفة. 

في إحدى الدراسات وفر الباحثون المزيد من الكتب المدرسية في حين وفرت دراسة أخرى الوجبات المدرسية المجانية. نظرًا لأن اختيار المادة المتوفرة لكل مدرسة تم عشوائيًآ، لم تكن هناك فروق في المتوسط ​​بين المجموعات المختلفة في بداية التجربة.

وهكذا أمكن للباحثين ربط الاختلافات اللاحقة في نتائج التعلم بمختلف أشكال الدعم، مثلا أظهرت التجارب أنه لا يوجد ارتباط بين توفير المزيد من الكتب أو الوجبات المجانية في نتائج التعلم!. غير في حالة الطلاب المتفوقين الذين يساعدهم وجود المزيد من الكتب.

في التجارب الميدانية للفائزين ، كان لمزيد من الكتب المدرسية والوجبات المدرسية المجانية آثار صغيرة، في حين ساعدت مساعدة موجهة للطلاب الضعيفين على تحسين النتائج التعليمية بشكل كبير.
في التجارب الميدانية وجد أن توفير الكتب المدرسية والوجبات المجانية أدت لتحسن بسيط في النتائج في حين أدت المساعدة التعليمية للطلاب الضعيفين على تحسين النتائج التعليمية بشكل أكبر.

التجارب الميدانية

كما أظهرت التجارب الميدانية اللاحقة أن المشكلة الأساسية في العديد من البلدان المنخفضة الدخل ليست نقص الموارد! لكن المشكلة الأكبر هي أن التعليم لا يتكيف بشكل كافٍ مع احتياجات التلاميذ.

في أول هذه التجارب درس الباحثون برامج الدروس الخصوصية العلاجية للتلاميذ في مدينتين هنديتين. مُنحت المدارس في مومباي و فادودارا إمكانية الوصول إلى مساعدي تدريس جدد يدعمون الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة. وضعت هذه المدارس ببراعة وعشوائية في مجموعات مختلفة مما سمح للباحثين بقياس تأثيرات مساعدي التدريس بشكل موثوق.

أظهرت التجربة بوضوح أن المساعدة في استهداف أضعف التلاميذ كانت تدبيرا فعالا على المدى القصير والمتوسط.

هذه الدراسات المبكرة في كينيا والهند أعقبتها العديد من التجارب الميدانية الجديدة في بلدان أخرى، مع التركيز على مجالات مهمة مثل الصحة، والائتمان، واعتماد التكنولوجيا الجديدة.

وكان الفائزون الثلاثة في طليعة هذا الأبحاث بسبب عملهم أصبحت التجارب الميدانية طريقة قياسية لخبراء التنمية عند التحقيق في آثار التدابير الرامية إلى تخفيف حدة الفقر.

ربط التجارب الميدانية بالنظرية

التجارب جيدة التصميم موثوقة للغاية – فهي تتمتع بصلاحية داخلية. وقد استخدمت هذه الطريقة على نطاق واسع في التجارب السريرية التقليدية للأدوية الجديدة التي جندت المشاركين بشكل خاص، كان السؤال غالبًا ما إذا كان للعلاج المعين تأثير كبير من الناحية الإحصائية أم لا.

التجارب التي صممها الحائزون على جائزة هذا العام لها ميزتان؛

أولاً: اتخذ المشاركون قرارات فعلية في بيئاتهم اليومية، سواء في مجموعة التدخل أو في المجموعات الضابطة. هذا يعني أن نتائج اختبار تدبير سياسة جديد يمكن تطبيقها في الواقع.

ثانياً: اعتمد الفائزون على النظرة الأساسية التي تشير إلى أن الكثير مما نريد تحسينه (مثل النتائج التعليمية) يعكس العديد من القرارات الفردية (على سبيل المثال بين التلاميذ والآباء والمعلمين). تتطلب التحسينات المستدامة بالتالي فهمًا لـ لماذا يتخذ الناس القرارات التي يتخذونها -القوى الدافعة وراء قراراتهم-. لم يختبر العلماء الثلاثة ما إذا كان تدخل معين قد نجح (أم لا) فقط، ولكن أيضًا لماذا.

دراسة الحوافز والقيود والمعلومات التي حفزت قرارات المشاركين ، استخدم الفائزون نظرية العقد والاقتصاد السلوكي التي تم مكافأته بجائزة العلوم الاقتصادية عامي 2016 و2017 على التوالي.

تعميم النتائج

إحدى القضايا الرئيسية هي ما إذا كانت النتائج التجريبية لها صلاحية خارجية، بمعنى آخر ما إذا كانت النتائج يمكن أن تنطبق في سياقات أخرى.

  • هل من الممكن تعميم نتائج التجارب في المدارس الكينية على المدارس الهندية؟
  • هل تحدث فرقًا إذا كانت هناك منظمة غير حكومية متخصصة أو سلطة عامة تدير تدخلاً معينًا يهدف إلى تحسين الصحة؟
  • ماذا يحدث إذا تم توسيع نطاق التدخل التجريبي من مجموعة صغيرة من الأفراد ليشمل المزيد من الأشخاص؟
  • هل يؤثر التدخل أيضًا على الأفراد خارج مجموعة التدخل، لأنهم محرومون من الوصول إلى الموارد أو يواجهون أسعارًا أعلى؟

بحث الفائزون أيضًا صلاحية تعميم نتائج أبحاثهم، وعلاج أي تداعيات جديدة تنتج عن تطبيق هذه النتائج في البيئات المختلفة، كما أن ربط التجارب والنظريات الاقتصادية يزيد من فرص نجاح تعميم النتائج، لأن أنماط السلوك الأساسية غالبًا ما يكون لها تأثير على سياقات أوسع.

نتائج ملموسة

أدناه ، نقدم بعض الأمثلة على استنتاجات محددة مستقاة من نوع البحث الذي بدأه الفائزون، مع التركيز على دراساتهم الخاصة.

التعليم:

لدينا الآن منظور واضح للمشاكل الأساسية في العديد من مدارس البلاد الفقيرة؛ المناهج والتدريس لا يتوافقان مع احتياجات التلاميذ، وهناك نسبة عالية من التغيب بين المعلمين والمؤسسات التعليمية ضعيفة بشكل عام.

الدراسة المذكورة أعلاه أظهر أن الدعم المستهدف للتلاميذ الضعفاء كان له آثار إيجابية قوية ، حتى في المدى المتوسط وكانت هذه الدراسة بداية عملية تفاعلية تسير فيها نتائج البحوث الجديدة جنبًا إلى جنب مع برامج واسعة النطاق بشكل متزايد لدعم التلاميذ، وصلت هذه البرامج الآن إلى أكثر من 100.000 مدرسة هندية.

تحققت تجارب ميدانية أخرى من عدم وجود حوافز واضحة ومساءلة للمعلمين، الأمر الذي انعكس على مستوى عالٍ من التغيب.

إحدى طرق تعزيز حافز المعلمين هي توظيفهم بعقود قصيرة الأجل يمكن تمديدها إذا كانت نتائجهم جيدة.

دوفلو كريمر وآخرون قارنوا آثار توظيف المعلمين بهذه الشروط أو خفض عدد التلميذ لكل معلم يعمل بعقد دائم، ووجدوا أن التلاميذ الذين لديهم مدرسون بعقود قصيرة الأجل حققوا نتائج اختبار أفضل بكثير، وأن وجود عدد أقل من التلاميذ لكل معلم يعمل بعقد دائم لم يكن له أي آثار مهمة.

بشكل عام، يُظهر هذا البحث الجديد القائم على التجربة في مجال التعليم في البلدان المنخفضة الدخل أن الموارد الإضافية ذات قيمة محدودة عمومًا. ومع ذلك فإن الإصلاحات التعليمية التي تكيف التعليم مع احتياجات التلاميذ لها قيمة كبيرة، كما يعد تحسين الإدارة المدرسية ومحاسبة المعلمين الذين لا يقومون بعملهم من التدابير الفعالة من حيث التكلفة.

الصحة:

​​إحدى القضايا المهمة هي ما إذا كان ينبغي فرض رسوم على الرعاية الطبية والصحية وإذا كان الأمر كذلك فما هي التكلفة التي ينبغي أن تتحملها.

بحثت تجربة ميدانية قام بها كريمر ومؤلف مشارك كيف يؤثر السعر على حبوب التخلص من الديدان في حالات العدوى الطفيلية. وجدوا أن 75 في المائة من الآباء أعطوا أطفالهم هذه الحبوب عندما كان الدواء مجانيًا، مقارنةً بـ 18 في المائة عندما يكلفون بدفع أقل من دولار أمريكي، وهو سعر لا يزال مدعومًا بشكل كبير.

بعد ذلك وجدت العديد من التجارب المماثلة نفس الشيء: الفقراء حساسون للغاية للأسعار فيما يتعلق بالاستثمار في الرعاية الصحية الوقائية.

انخفاض جودة الخدمة هو تفسير آخر لماذا تستثمر العائلات الفقيرة القليل على الإجراءات الوقائية. ومن الأمثلة على ذلك أن العاملين في المراكز الصحية المسؤولة عن التطعيم غالبًا ما يغيبون عن العمل.

بانيرجي ودوفلو وآخرون حققوا فيما إذا كانت عيادات التطعيم المتنقلة -حيث كان طاقم الرعاية دائمًا في الموقع- يمكنها حل هذه المشكلة.

تضاعفت معدلات التلقيح ثلاثة أضعاف في القرى التي تم اختيارها عشوائياً للوصول إلى هذه العيادات، بنسبة 18 في المائة مقارنة بـ 6 في المائة. زاد هذا بدرجة أكبر  إلى 39 في المائة إذا حصلت الأسر على كيس من العدس كمكافأة عندما قاموا بتطعيم أطفالهم.

نظرًا لأن العيادة المتنقلة تكلف مال أكثر أذا عملت لوقت أطول لأقناع العائلات بتطعيم أطفالهم فأن التكلفة الإجمالية للتطعيم قد انخفضت فعليًا إلى النصف على الرغم من النفقات الإضافية للعدس!.

نقص التفكير العقلاني:

في دراسة التطعيم  لم تحل الحوافز وتحسين توافر الرعاية المشكلة بالكامل، حيث ظل 61 في المائة من الأطفال محصنين جزئياً. من المحتمل أن يكون معدل التطعيم المنخفض في العديد من البلدان الفقيرة أسباب أخرى، أحدها هو أن الناس ليسوا دائماً عقلانيين تمامًا. قد يكون هذا التفسير أيضًا مفتاحًا للملاحظات الأخرى التي -على الأقل في البداية- تبدو صعبة الفهم.

واحدة من هذه الملاحظات هي أن الكثير من الناس يترددون في اعتماد التكنولوجيا الحديثة. في تجربة ميدانية مصممة بذكاء من دوفلو وكريمر وآخرون. تم التحقيق في سبب عدم تبني أصحاب الحيازات الصغيرة -خاصة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى- ابتكارات بسيطة نسبيًا مثل الأسمدة الصناعية على الرغم من أنها ستوفر فوائد كبيرة.

أحد التفسيرات هو التحيز الحالي -يأخذ الوقت الحالي قدرًا كبيرًا من وعي الناس لذلك يميلون إلى تأخير قرارات الاستثمار.

عندما يأتي الغد سيواجهون القرار نفسه مرة أخرى ويختارون مرة أخرى تأخير الاستثمار، قد تكون النتيجة حلقة مفرغة لا يستثمر فيها الأفراد في المستقبل على الرغم من أن من مصلحتهم طويلة الأجل تعتمد على القيام بذلك.

وللعقلانية المقيدة آثار مهمة على تصميم السياسات، إذا كان الأفراد متحيزين للأمر الواقع؛  فإن الإعانات المؤقتة تكون أفضل من الإعانات الدائمة: وهو العرض الذي ينطبق هنا فقط ويقلل الآن من حوافز تأخير الاستثمار. هذا هو بالضبط ما اكتشفوه في تجربتهم: كان للإعانات المؤقتة تأثير أكبر بكثير على استخدام الأسمدة من الإعانات الدائمة.

القروض الصغيرة:

استخدم اقتصاديو التنمية أيضًا تجارب ميدانية لتقييم البرامج التي تم تنفيذها بالفعل على نطاق واسع. أحد الأمثلة على ذلك هو إدخال القروض الصغيرة بشكل كبير في مختلف البلدان والتي كانت مصدر تفاؤل كبير.

بانيرجي ودوفلو وآخرون أجرا دراسة أولية عن برامج الائتمانات الصغيرة يركز على الأسر الفقيرة في مدينة حيدر أباد الهندية. أظهرت تجاربهم الميدانية آثارًا إيجابية صغيرة على الاستثمارات في الشركات الصغيرة الحالية، لكنها لم تجد أي آثار على الاستهلاك أو مؤشرات التنمية الأخرى، لا في 18 أو 36 شهرًا. وقد وجدت تجارب ميدانية مماثلة في بلدان مثل البوسنة والهرسك وإثيوبيا والمغرب والمكسيك ومنغوليا نتائج مماثلة.

التأثيرات السياسة:

كان لعمل الفائزين آثار واضحة على السياسة ، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. بطبيعة الحال ، من المستحيل قياس مدى أهمية أبحاثهم بدقة في صياغة السياسات في مختلف البلدان. ومع ذلك ، فمن الممكن في بعض الأحيان رسم خط مستقيم من البحث إلى السياسة.

كان لبعض الدراسات التي ذكرناها بالفعل تأثير مباشر على السياسة، قدمت دراسات الدروس الخصوصية العلاجية حججًا لبرامج الدعم الواسعة النطاق التي وصلت الآن إلى أكثر من خمسة ملايين طفل هندي.

لم تُظهر دراسات التخلص من الديدان أن التخلص من الديدان يوفر فوائد صحية واضحة لأطفال المدارس، ولكن أيضًا أن أولياء الأمور حساسون للغاية للسعر وفقًا لهذه النتائج توصي منظمة الصحة العالمية بتوزيع الدواء مجانًا على أكثر من 800 مليون من تلاميذ المدارس الذين يعيشون في المناطق التي يصاب فيها أكثر من 20 في المائة بنوع محدد من الديدان الطفيلية.

هناك أيضًا تقديرات تقريبية لعدد الأشخاص الذين تأثروا بنتائج البحث هذه. يأتي أحد هذه التقديرات من شبكة الأبحاث العالمية التي ساعد اثنان من الفائزين في العثور عليها (J-PAL)؛ البرامج التي تم توسيع نطاقها بعد تقييمها من قبل الباحثين في الشبكة وصلت إلى أكثر من 400 مليون شخص.

ومع ذلك قلل هذا بشكل واضح من التأثير الكلي للبحوث لأنه بعيدًا عن جميع الاقتصاديين في مجال التنمية المرتبطة بـ J-PAL. ينطوي العمل على مكافحة الفقر أيضًا وعدم استثمار الأموال في تدابير غير فعالة.

أصدرت الحكومات والمنظمات موارد كبيرة لاتخاذ تدابير أكثر فعالية من خلال إغلاق العديد من البرامج التي تم تقييمها باستخدام أساليب موثوقة وأثبتت أنها غير فعالة.

كان لبحوث الفائزين تأثير غير مباشر على تغيير كيفية عمل الهيئات العامة والمنظمات الخاصة، من أجل اتخاذ قرارات أفضل وبدأت أعداد متزايدة من المنظمات التي تكافح الفقر العالمي بشكل منهجي في تقييم التدابير الجديدة، وغالبًا ما تستخدم التجارب الميدانية.

لعب الفائزين هذا العام دوراً حاسماً في إعادة تشكيل البحوث في اقتصاديات التنمية. على مدى 20 عامًا فقط وأصبح الموضوع مجالًا مزدهرًا، تجريبيًا في المقام الأول. وساعد هذا البحث الجديد القائم على التجربة بالفعل في التخفيف من وطأة الفقر العالمي ولديه إمكانات كبيرة لزيادة تحسين حياة أكثر الناس فقراً على الكوكب.

المصدر:

بيان لجنة نوبل

Dina fawzy
Author: Dina fawzy

Art historian, Writer, Teacher, and Science enthusiast. with a deep love for both teaching and learning, here Researching and waiting for great things to be discovered, and exciting changes to happen in the world of Art, Science, and Technology.

اضغط هنا لتقييم التقرير
[Average: 0]

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


اقتصاد جوائز

User Avatar

Dina Fawzy

Art historian, Writer, Teacher, and Science enthusiast. with a deep love for both teaching and learning, here Researching and waiting for great things to be discovered, and exciting changes to happen in the world of Art, Science, and Technology.


عدد مقالات الكاتب : 31
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *