في نبذة مختصرة عن علم النفس يمكننا بثقة تشبيه الإنسان في مراحل تفكيره الأولي بالطفل حيث الطفل ينجذب بشده للألوان والأصوات في حداثته وهذا ما حدث للإنسان الذي انجذب للطبيعة بتفاصيلها بجمالها وبعنفها أحياناً إلى القريب منه، وإلى البعيد عنه مثل الكواكب، والنجوم بدأ يخمن طريقة عمل تفاصيل الطبيعة، ويتساءل في ذلك الإطار وتكونت العلوم الطبيعية أو فلسفة الطبيعة ولكن بعدها اختلفت الأمور بقوة وهذا ما سنشرحه في نبذة مختصرة عن علم النفس .
مع استكشاف الإنسان للكون أدرك أن الأرض ليست مركز الكون وما نحن إلى بقعة في محيط ضخم، ولكن الغريب أن إحساسه بالتميز، والتفرد لم يتأثر، ولو للحظة فظل معتقد أنه هو الحضارة الوحيدة في الكون، وأن الكون خُلِقَ له خصيصاً ذلك الإحساس القوي بالتفرد دفع الإنسان للتعبير عن أفكاره على اعتبارها شديدة القيمة والتأثير والاختلاف كذلك وحتي الإبداع أخد ينظر لنفسه أنه عالم مستقل داخل عالمه الأصلى.
وفي أثناء ذلك التفت لنفسه نظرة تأمل وحيرة التفت لنفسه على أنه يستحق التأمل مثله مثل الطبيعة حوله فقال «سقراط» -والصحيح نسبتها لطاليس- : «اعرف نفسك»
فالإنسان منذ قدم الزمن وهو حائر هائم يتسائل قائلاً : «ما الإنسان؟ من أين أتى؟ إلى أين يذهب؟» وهذا ما تم ذكره في شعر «هيني» على لسان شاب حزين أمام المحيط الموحش تلك هي نفس الأسئلة المتداولة في عقول البشر على مختلف أشكالهم، ومستوياتهم.
إن مصدر تميز الإنسان عن المحيط المنظور من حوله هي أفكاره، ولطالما كان مصدر تلك الأفكار محل نقاش وجدال قوي على كافة المستويات حيث يدور حول إذا كان مصدر النقاش المخ كعضو بتفاعلاته وقوانينه الفيزيائية والكيميائية أم كيان غير مادي متحكم ومتواصل بطريقة غير معروفة.
ولكن مهما زاد الخلاف حول تلك النقطة فالثابت لدينا شعور الإنسان بحب، وشغف، وشيئ من الغيرة فيما يخص أفكاره فحروب كاملة قامت حول اختلاف الأفكار فالخلاف الاشتراكي الرأسمالي كان شعلة للحرب العالمية الأولى التى تبعتها بالضرورة الحرب العالمية الثانية وهي محاولة للدفاع، وإثبات قوة أحد الفكرين.
وعلم النفس هنا يبحث حول العقل والأفكار. علم النفس هنا يهدف بقوة لمعرفة السبب حول تواجد تلك الأفكار فيقول الأستاذ «هكسلي» : «إن مثل الدارس في علم النفس كمثل المُشرح؛ فكما أن المشرح يفصل الجسم لأعضاء، والأعضاء لأنسجة، كذلك السيكولوجي فهو يبسط الأفكار بتعقيدها إلى مشاعر أولية».
لكن كيف يحدث ذلك التبسيط؟
إن لدراسة علم النفس طريقتين وهما «الطريقة الباطنة»، و «والطريقة الظاهرة» فمثلا يمكن ملاحظة الشخص لنفسه أثناء الغضب أو الحُب يرى ما يحدث من تغير في تسلسل أفكاره ومشاعره وممكن تطبيق نفس الأمر ولكن بملاحظة الآخرين؛ وذلك للوصول لنمط، أو وصف لحالات الشخص المتغيرة. ويجب أن نفهم أن حجر الأساس في علم النفس هو الأفكار حتي أن أحدهم سأل «ديكارت»: كيف أعرف أني موجود؟ فأجاب بجملته المشهورة: «إني أعرف أني افكر، وأشعر بتفكيري إذا أنا موجود».
ويجب كذلك معرفة أن اسم «علم النفس» كان سابق لوضعه فقد تم معالجة ذلك الموضوع من قبل أرسطو في ثلاث مقالات في أحد كتبه وكذلك جملة «اعرف نفسك» من قبل طاليس إلا أن الاسم لم يظهر إلا في القرن السادس عشر من الميلاد.
ولما كان علم النفس يبحث في عقل البشر على مختلفهم كان لابد من وضع «مقياس- Standard» لمعرفة ما هي القواعد التي تعصم الشخص من الخطأ لقياس التفكير السليم ذلك العلم الذي أخد في النمو حتى أنفصل عن «علم النفس» وهو «علم المنطق» وقد سبق وتحدثنا عنه في مقال منفصل «ما هو المنطق؟» .
مصادر : كتاب مبادئ الفلسفة ل A. S. Ropert
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :