Ad

عرفت منطقة شمال إفريقيا تعاقب عديد الحضارات على حكمها، من ذلك الممالك الأمازيغية، ولعلّ أشهرها مملكة نوميديا التي وحّدت المنطقة تحت راية مملكة واحدة وأخرجتها من التشتّت إلى الاندماج لتكون قوّة كبيرة قاربت أن تضاهي قوة قرطاج وروما في ذلك الوقت.

نبذة تاريخية عن مملكة نوميديا

تعد مملكة نوميديا واحدة من الممالك الأمازيغية القديمة والتي نشأت في الجزائر حوالي سنة 202 قبل الميلاد لتشمل الجزائر وجزء من ليبيا وتونس والمغرب. فقد كان يوجد قبل تأسيس مملكة نوميديا مملكتين أمازيغيتين في أرض الجزائر هي مملكة “الماسيل”  في الشرق، ومملكة “المازيسيل”  في الغرب. 

خلال تلك الفترة كانت الحرب البونيقية مشتعلة بين قرطاج وروما وكانت مملكة الماسيل حليف للرومان في حين أن مملكة المازيسيل كانت حليف لقرطاج وبسبب ذلك شجعت قرطاج ملك المازيسيل صيفاكس بالتوسع ضد مملكة الماسيل بسبب مساندتهم للرومان وبذلك اشتـعلت حرب طاحنة بين المملكتين الأمازيغيتين.[1]

فقد تمكن ملك الماسيل “ماسينيسا”  من هزيمة ملك المازيسيل “صيفاكس”  في معركة سيرتا سنة 203 قبل الميلاد وقام بتوحيد المملكتين الأمازيغيتين في مملكة واحدة وهي “مملكة نوميديا”  وبفضل ماسينيسا نجح الرومان من هزيمة قرطاج مما أتاح له الفرصة لتوسيع مملكتة على حساب الأراضي القرطاجية. [2]

أبرز ملوك مملكة نوميديا

يعد الملك ماسينيسا، مؤسس الدولة النوميدية، الذي حكم من عام 202 ق.م حتى وفاته في عام 238ق.م. وامتدت فترة حكمه قرابة 54 عاماً. ثانياً الملك ميسيبسا. وهو ابن المؤسس ماسينيسا. ولد عام 200 ق.م وحكم من 148 إلى تاريخ وفاته 118 ق.م.

بالإضافة إلى الملك ماستنبال الذي كان الشريك الثالث على عرش مملكة نوميديا مع اخويه، وحكم نوميديا من عام 148 ق.م إلى تاريخ وفاته 140 ق.م. وقد كان ابنه يوغرطة الأبن له من زوجته القرطاجية.

وأخيراً يوغرطة فقد ولد عام 160 ق.م. ولم يعجبه تقسيم المملكة من قبل عمه ميسيبيسا ليكون شريكاً عليها مع ولدي عمه. فتخلص منهما ووحد الدولة. وخاض أشهر حرباً شرسة ضد الرومان. و يوبا الأول الذي حكم من 60 ق.م حتى  عام 46 ق.م وهو آخر ملك نوميدي. وأصبحت المملكة بعدها مقاطعة رومانية.[3]

الملك يوغرطة

الحياة الأقتصادية في المملكة

مارس النوميديون لكسب معيشتهم الصيد إلى جانب الزراعة وتربية الماشية. حيث توفرت بنوميديا مادة القنص، فإلى جانب الأستفادة من لحم وجلود الحيوانات المصطادة. فكان من الضروري القضاء على بعض الحيوانات المفترسة التي أصبحت خطر يهدد السكان ومالديهم من ثروة حيوانية مستأنسة.

فقد ظهرت بوادر زراعة الحبوب لأول مرة في منطقة الصحراء الوسطى. حيث أظهرت الرسومات الجدارية في مملكة نوميديا عرض لمشاهد تتعلق باجراءات الزرع والحصاد. وكانت أدواتهم الفنية والتي كانوا يستخدمونها في حياتهم الزراعية مشتملة على فؤوس ومطاحن وفخار. إضافة إلى بقايا لتجهيز بدائي للري غرب المملكة. وزراعة أشجار الزيتون واستخراج الزيت منه وأعتبروه من المواد الأساسية. فإلى جانب استخدامه للأغراض المنزلية كانوا يدهنون به عضلاتهم خلال الحرب.[4]

الحياة والمجتمع في المملكة

ووفقًا للمؤرخين اليونانيين والرومان فقد اتبع النومانديون في حياتهم نظاماً غذائياً نباتياً، وأعرضوا عن تناول الكحوليات، وتشاركوا في ممارسة التمارين الرياضية بصورة منتظمة،، وكانوا يرتدون الصنادل أو يذهبون حفاة، فأسلوب الحياة النباتي عالِ الطاقة إلى جانب مناخ المنطقة أتاح لهم حياة طويلة وصحة قوية.

وعادةً ما كان يتم الإشادة بالنوميديين من قبائل المسيلي لبراعتهم الشديدة في التعامل مع الخيول وترويضها أكثر حتى من نظرائهم في الماسيسيلي، ويتردد بأن الناس هناك قد نشأوا بنوع من الاتصال الوثيق مع خيولهم لدرجة أنهم شكلوا حالة من الارتباط الشعوري غير المحسوس مع خيولهم فلم يتطلبوا السرج أو اللجام للتعامل معها،

وقد حاول الرومان وكذلك القرطاجيون استغلال هذا الامتياز فاستخدموا الفرسان النوميديين كجنود مرتزقة خلال فترة الحرب البونيقية الثانية، حيث وضعوا ضد بعضهم البعض بحسب ولاءاتهم المعلنة.[2]

المعبودات في مملكة نوميديا

لم يعرف النوميديون وحدة دينية. فقد آمنوا نوعاً ما بتعدد الآلهة، وقاموا بتقديم القرابين لأرواح السابقين وتبجيل الموتى ( الملوك منهم بشكل خاص) واتَّبعوا نوعاً من التقويم القمري، حيث قاموا أيضاً بعبادة الشمس والقمر، وفي فترة تاريخية لاحقة بدأت عبادة أشكال من الآلهة الشخصية أو المجسمة (أي تلك التي تحمل بعض الصفات الإنسانية).

حيث يزعم البعض بأنها أسفرت عن بعض من أهم الآلهة التي تم تصديرها إلى مصر القديمة مثل: أمون، وأوزوريس، ونيث، ويرجع البعض من المؤرخين القدماء أصول هذه الآلهة إلى ليبيا والتي تعني لحد ما نوميديا.[3]

أهم المعابد في المملكة

صومعة الخروب

صومعة الخروب هي التسمية التي أطلقها السكان على المعبد وتعني “البرج”، ومعروف باسم قبر قسطنطين. ويقع هذا المعبد على هضبة على بعد ٣ كيلومترات شمال شرق قرية الخروب. وينتمي معبد الخروب إلى نوع المعابد ذات الأدوار والذي اعتاد تشييده منذ القرن الرابع ق.م في كل من مدن أسيا وسوريا وصقلية، ولا ينتمي إلى العهد الروماني.[5]

ووفقاً لوثيقة من متحف سيرتا الوطني فإن الحفريات التي قام بها علماء الآثار الفرنسيون بين عامي 1915 و 1916 تثير احتمال أن تكون حجارة الضريح من الطراز الهيليني التي استوردها العمال اليونانيون الذين عملو تحت يد ملوك نوميديا خاصة ماسينيسا وابنه الأكبر ميكيبسا المعروفان لتحمسهما بالفن الهيليني القديم.[1]

المعبد الملكي الموريتاني

يقع هذا المعبد بين الجزائر العاصمة ومدينة شرشال ويقع على مرتفع يصل طوله إلى 261 م فوق سطح البحر. له شكل اسطواني ذو صفائح يعلوه مخروط مدرج.  ومصنف كمعلم وطني وضمن مواقع التراث العالمي حسب اليونسكو.

يمتازُ الضريح بانعكاس أشعّة الشمس الذهبيّة على مياه البحر، وتحيطُ به الأشجار الكثيفة، وقد اكتشفه دريان بيربروجر عالم الآثار الفرنسيّ، ويحتوي الضريح على نقوش تمثّل صورة أسد ولبؤة، وأروقة، والمبنى.

كما عُرف باسم “قبور الرومية” كما يسميه السكان المحليون، وكان يحتوي على أربعة أبواب وهمية متقابلة من الجهات الأربع شرق غرب، وشمال جنوب، تشبه في تقاطعها بخط نظر بين كل جهتين متقابلتين صليباً لاتينياً، فاعتقدوا أن القبر مسيحي، ولكن اتضح انه قبر لملكة رومانية، بني في إبان حكم الرومان لمملكة موريتانية القيصرية.[4]

نهاية مملكة نوميديا

لم يحقق ماسينيسا جميع طموحاته، أي أن يوسع مملكته على حساب قرطاجة وموريتانيا، وتوفي قبل أن تنهار قرطاجة التي كان ينتظر الفرصة السانحة للانقضاض عليها وضمّها إلى مملكته الواسعة الأطراف،فلما أحس الرومان بما كان يطمح إليه ماسينيسا وهو توسيع مملكته على حساب جيرانه الأعداء، سارعت روما إلى تقسيم عرشه بين أولاده الثلاث، وهم (ماسيبسا ومستنبعل وغولوسن). كما تم توزيع السلطات بين الابناء الثلاثة بحضور سيبون الافريقي الذي حاصر قرطاجة، وجاء ليعلن تبعية مملكة نوميديا للعاصمة روما سنة 40 قبل الميلاد.[5]

المراجع
1. britannica.com
2. Thinkafrica.net
3. Academic.accelerator.com
4. Hatshepsut.com
5. Ancientplace.africa.com

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


غير مصنف تاريخ

User Avatar

Leen Mhanna

استخدم الكتابة كوسيلة لنشر المعرفة والوعي بالتاريخ والآثار.


عدد مقالات الكاتب : 17
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق