محتويات المقال :
ديميتر إلهة الزراعة
كانت «ديميتر-Demeter» أحد أقدم الآلهة في البانثيون اليوناني القديم. كإلهة للزراعة، ضمنت خصوبة الأرض وحماية المزروعات والنباتات. هذا الارتباط الوثيق بالأرض موروث من والدتها ريا. ربما كانت ديميتر تجسيدًا وامتدادًا لآلهة الطبيعة الأم المحلية، التي كانت تُعبد بشكل شائع في المجتمعات الريفية في العصر البرونزي باليونان. [1]
تم تخصيص المعبد في إليوسيس لكل من الإلهة وابنتها بيرسيفوني. كان هذا هو موقع «ألغاز إليوسيس-Eleusinian Mysteries» الشهيرة. من إليوسيس، انتشرت الفكرة عبر العالم اليوناني القديم بأن ديميتر ستحمي عبادها في الحياة الآخرة. وظلت الإلهة مشهورة وعرفت باسم «سيريس-Ceres» عند الرومان. [1]
عائلة ديميتر
كانت ديميتر ابنة كرونوس وريا وأخت زيوس وبوسيدون وهاديس وهيرا وهيستيا. كما أنها والدة بيرسيفوني و«إياكوس-Iacchus» (كلاهما من زيوس) وبلوتو إله الثروة (من الكريتي الفاني المسمى «إياسيون-Iasion»، الذي قتل لاحقًا بواسطة صاعقة من زيوس الغيور). كما تبنت «ديموفون-Demophon»، الأمير الإليوسيني، الذي أعطى الجنس البشري هداياه كالمحراث ومعرفة الزراعة. وغالبًا ما كانت تقترن ديميتر وبيرسيفوني معًا وأحيانًا يشار إليهما على أنهما إلهة واحدة ذات جانب مزدوج. وغالبًا ما كان يشار إلى الثنائي باسم “الإلهتان” و«ديميترس-Demeteres» (ديميترتين). [1]
أهم أساطير ديميتر
ديميتر وبوسيدون
ترتبط أسماء ديميتر وبوسيدون في أقدم الملاحظات المحفورة «بالنظام الخطي ب- Linear B» الموجودة في بيلوس الموكيانية. حيث تظهر أسمائهم في شكل « PO-SE-DA-WO-NE » و« DA-MA-TE». كان بوسيدون يلاحق ديميتر في شكلها القديم كإلهة للأفراس. وقاومت محاولات ملك البحر، لكنها لم تستطع إخفاء ألوهيتها أثناء تنكرها كفرس بين خيول الملك أونكيوس. تحول بوسيدون لفحل واغتصبها. فغضبت ديميتر من التعدي عليها، لكنها تخلصت من غضبها في نهر لادون. ثم أنجبت لبوسيدون ابنة، لا يمكن نطق اسمها خارج ألغاز إليوسيس، وفرسًا اسمه أريون. وفي أركاديا، كان يتم عبادة ديميتر باعتبارها إلهة برأس حصان في العصور التاريخية. [2]
ديميتر وبيرسيفوني
كانت أهم الأساطير المحيطة بديميتر هي قصة اغتصاب ابنتها بيرسيفوني (المعروفة أيضًا باسم «كور- Kore» في اليونانية و«بروسيربينا- Proserpina» من قبل الرومان) بواسطة هاديس، إله العالم السفلي. إذ وقع هاديس ذات يوم في حب بيرسيفوني بمجرد أن رآها وحملها في عربته للعيش معه في هاديس، العالم السفلي اليوناني. وفي بعض الروايات، كان زيوس موافقًا على الاختطاف. وكان موقع الجريمة تقليديًا إما في صقلية (المشهورة بخصوبتها) أو في آسيا. بحثت ديميتر في الأرض عن ابنتها المفقودة في ذهول، وأمضت تسعة أيام وليالٍ في البحث عنها حاملة شعلة. وعلى الرغم من أن هيليوس (أو هيرميس) أخبرها بمصير ابنتها، إلا أنها واصلت تجوالها حتى وصلت أخيرًا إلى إليوسيس. [1] [3]
الوصول إلى إليوسيس
عندما فشلت في العثور على بيرسيفوني، اتخذت شكل امرأة عجوز وجلست بجوار بئر في بلدة إليوسيس. وسرعان ما حضرت بنات الملك لسحب الماء من البئر ورأين المرأة العجوز التي بدت وكأنها تبكي وأشفقن عليها، ثم طلبن منها العودة إلى المنزل معهن للراحة تحت سقف منزلهن وتناول المرطبات. في القصر، أبدت الملكة وخدمها الكثير من حسن الضيافة لدرجة أن ديميتر وافقت على البقاء والعناية بنجل الملك ديموفون. [3]
مكافأة عظيمة
خططت ديميتر سرًا لمكافأة الملك والملكة بجعل ابنهما خالدًا أو قادرًا على العيش إلى الأبد. وخلال النهار، أطعمت الصبي «غذاء الخلود- ambrosia»، طعام الآلهة، وفي الليل، دفعته في رماد النار لحرق ما يجعله فانيًا. لكن في إحدى الليالي رأت إحدى خادمات الملكة ديميتر وهي تضع الصبي في النار وأخبرت الملكة. فاجأت الملكة ديميتر وصرخت لتتوقف، ثم كشفت ديميتر عن هويتها الحقيقية وأعلنت أن الطفل لن يكون خالدًا ولكنه سيكبر ليقوم بأشياء عظيمة.
ووفقًا للأسطورة، سافر تريبتوليموس، وهو على الأرجح اسم آخر لـ ديموفون، في وقت لاحق حول الأرض لتقديم الزراعة لجميع شعوب العالم. وأمرت ديميتر الملك ببناء معبد لها وعلمته طقوسًا سرية يجب أن يؤديها الشعب على شرفها. [3]
المجاعة
أهملت ديميتر الأرض أثناء حزنها على بيرسيفوني، ونتيجة لذلك، ذبلت جميع المحاصيل وماتت وانتشرت المجاعة في جميع أنحاء العالم. انزعج زيوس لأنه كان يخشى أن يموت كل البشر، ولا يبقى أحد ليقدم تضحيات للآلهة. لكن ديميتر لن تعيد الحياة إلى الأرض ما لم تتم إعادة بيرسيفوني إليها. [3]
خدعة هاديس
أقنع زيوس هاديس بإطلاق سراح بيرسيفوني، ولكن قبل أن يتخلى عنها، وضع المخادع نواة رمان في فم الفتاة، لأنه عرف أن مذاقها الإلهي سيجبرها على العودة إليه. وأخيرًا، كحل وسط، تقرر الإفراج عن بيرسيفوني ولكن سيتعين عليها العودة إلى هاديس لمدة ثلث العام (أو في روايات أخرى نصف العام). وعندما كانت ديميتر وابنتها معًا، ازدهرت الأرض بالنباتات، ولكن لمدة ستة أشهر من كل عام. وعندما تعود بيرسيفوني إلى العالم السفلي، تعود الأرض مرة أخرى مملكة قاحلة. هذه الأسطورة قدمت للقدماء تفسير لتتابع الفصول، وتشرح أيضًا العلاقة بين ديميتر وبيرسيفوني والألغاز الإليوسينية (التي كانت تتمحور حول تحقيق الحياة الأبدية). [2] [3]
إليوسيس
رموز مهمة
ربما كانت قصة ديميتر وبيرسيفوني رمزية لتغير الفصول والتغير الدائم من الحياة إلى الموت، إلى الحياة مرة أخرى. أو بعبارة أخرى، التغييرات من الصيف إلى الشتاء وعودة الحياة في الربيع. وجهة نظر بديلة للمؤرخين الأكثر حداثة هي أن اختفاء بيرسيفوني هو رمز لممارسة دفن البذور في الصيف حتى لا تجف قبل أن يتم نثرها في الخريف. وأصبحت الدورة إحدى طقوس الألغاز الإليوسينية المقدسة. في الواقع، كانت رموز الطائفة عبارة عن سنابل من القمح وشعلة، وهي رمز لبحث ديميتر عن بيرسيفوني وتذكير بأن الطقوس في إليوسيس كانت تتم في الليل. [1]
أهمية إليوسيس عبر التاريخ
أصبحت إليوسيس أهم مكان مقدس لديميتر، وللموقع صلة دينية وآثار ذات صلة تعود إلى الحضارة الموكيانية في القرن الخامس عشر قبل الميلاد. من 600 قبل الميلاد أصبحت الألغاز الإليوسينية احتفالًا رسميًا في التقويم الأثيني، وأصبح إليوسيس موقعًا لعموم اليونان تحت حكم الديكتاتور الأثيني «بيسستراتوس- Peisistratus» (حكم 550-510 قبل الميلاد). في القرن الخامس قبل الميلاد، أشرف «بريكليس- Pericles»، رجل الدولة الأثيني (495-429 قبل الميلاد)، على بناء «تيليستيريون- Telesterion» جديد (قاعة احتفال القبول والمعبد)، ثم أكبر مبنى في اليونان. [1]
دمار إليوسيس
استمر الموقع في جذب الحجاج والمصلين في العصر الروماني مع الأباطرة «هادريان- Hadrian» (حكم 117-138 م) و«ماركوس أوريليوس- Marcus Aurelius» (161-180 م) الذي عظَّم إليوسيس. ولكن انخفضت ثروات المكان المقدس بشكل ملحوظ بعد مرسوم ثيودوسيوس الأول (حكم من 379 إلى 395 م) بإغلاق جميع المواقع الوثنية في عام 379 م. ثم دُمرت إليوسيس حوالي عام 395 م بعد غزو «القوط الغربيين- Visigoths» للمدينة. [1]
تفاصيل الألغاز الإليوسينية
الألغاز الصغرى والعظيمة
لسوء حظنا اليوم، نظرًا لأن جميع المقبولين في الطائفة كانوا ملزمين بقسم مقدس لعدم الكشف عن تفاصيل الألغاز الإليوسينية، فقد ظلت لغزًا حتى يومنا هذا. نعلم أنه منذ القرن السادس قبل الميلاد، كانت الاحتفالات تُقام مرتين في السنة. عرفت الخطوة الأولى في عملية «احتفال القبول- initiation» باسم “الألغاز الصغرى” وتعقد كل ربيع. كما عقدت “الألغاز العظيمة” الأكثر أهمية في الخريف على مدى تسعة أيام. ويمكن انضمام اليونانيين فقط، على الرغم من توسيع هذا لاحقًا ليشمل المواطنين الرومان. [1]
أنشطة أخرى
نعلم أيضًا تفاصيل بعض الأنشطة الخارجية، وكان هناك موكب بقيادة كاهنة ديميتر على طول الطريق المقدس من إليوسيس إلى أغورا في أثينا وموكب عودة آخر بقيادة عربة رمزية لأياكوس. كانت هناك طقوس تطهير وتنقية طقسية ومجتمعية أجريت في البحر في فاليرون وتمثيل أو إعادة سن الأساطير التي تنطوي على الإلهتين والذبائح الحيوانية (الخنازير). وربما كان هناك أيضًا شرب وموسيقى ورقص واحتفالات عامة. كما تشهد بذلك مشاهد الفخار اليونانية للطقوس التي تُظهر المبتدئين وهم يمسكون بـ “باخوس” أو العصا المقدسة. [1]
المصادر
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :