Ad

تعتبر مملكة أكسوم واحدة من أبرز الحضارات القديمة التي ازدهرت في شمال إفريقيا. إذ تأسست في القرن الأول الميلادي، وبلغت ذروتها بين القرنين الثالث والسادس الميلادي. وبالتالي كانت أكسوم مركزًا ثقافياً وتجارياً هاماً، ولعبت دوراً محورياً في تاريخ المنطقة. دعونا نستكشف معاً تفاصيل هذه المملكة الرائعة، ونغوص في عمق تاريخها الغني.

الموقع وتاريخ مملكة أكسوم

تقع مملكة أكسوم في شمال شرق إفريقيا، وتحديداً في المناطق التي تعرف اليوم بإثيوبيا وإريتريا وجزء من السودان. كانت عاصمتها مدينة أكسوم، والتي تقع على ارتفاعات عالية في منطقة تجراي، مما منحها موقعاً استراتيجياً على الطرق التجارية القديمة. حيث امتدت لتشمل أجزاء من جنوب الجزيرة العربية، بما في ذلك اليمن. وكانت مركزاً تجارياً حيوياً يربط بين إفريقيا والهند والشرق الأوسط، مما ساعدها على تحقيق ازدهار اقتصادي كبير.

إضافة إلى ذلك تتميز المنطقة بتضاريس جبلية ووديان خصبة، مما ساهم ايضاً في تطوير الزراعة. وكانت ايضاً قريبة من البحر الأحمر، حيث كان ميناء أدوليس كحلقة وصل للتجارة البحرية مع الدول الأخرى.

أبرز ملوك أكسوم

شهدت المملكة حكم العديد من الملوك البارزين. من أبرز هؤلاء:

زوسكاليس: وهو أول ملوك أكسوم، حيث أسس المملكة في القرن الأول الميلادي وبدأ بتطوير التجارة.

عيزانا: حكم من حوالي 325 إلى 360م، اعتنق المسيحية وجعلها دين الدولة. وهو شخصية محورية في تاريخ أكسوم. ولديه شاهد تذكاري يوثق تحوله إلى المسيحية متأثراً بمعلمه القديس فرومينتيوس، كما يوثق الشاهد غزو الملك للمناطق المجاورة في القرن الأفريقي، بما في ذلك أهم انتصارته في التغلب على مروي عاصمة مملكة كوش.

الملك كالب : في القرن السادس الميلادي، قاد الملك كالب حملة عسكرية ضد مملكة حمير في اليمن. لإنهاء اضطهاد المسيحيين. إذ تمكن الأكسوميون من السيطرة على أجزاء كبيرة من اليمن، مما وسع نفوذهم التجاري والديني.

النشاط التجاري

كان ميناء أدوليس مركزاً تجارياً عالمياً، حيث استقبل الذهب والعاج والمواد الخام من كوش وأفريقيا الوسطى. وتضمنت صادرات أكسوم العاج، والذهب، والصمغ العربي، والتوابل، بينما استوردت الحرير والتوابل والبخور من الهند وبلاد فارس. إضافةً إلى ذلك توسعت أكسوم في تجارتها مع مصر واليونان وروما وبلاد فارس والهند، وبالتالي جعلها المورد الرئيسي للمنتجات الأفريقية للإمبراطورية الرومانية.

الفنون والحرف في أكسوم

اشتهر الأكسوميون بصناعة الفخار، إذ برعوا في إنتاج الأواني الفخارية المستخدمة للأغراض المنزلية. التي صنعوها من الطين الأسود والأحمر، ومزينة برسومات معقدة على جوانبها. وكما تميزت أكسوم ايضاً بالنحت، خاصة في قطع العملات التي تحمل أسماء الملوك. فقد كانت هذه العملات مصنوعة من البرونز، وتصور الملوك مع رموز دينية، مما يعكس أهمية الفن في التعبير عن الهوية السياسية والدينية. كما برزت الزخرفة في العمارات والقصور، نتيجة ذلك استخدم الأكسوميون أساليب فنية فريدة تميزهم عن الممالك الأخرى.

الدين والثقافة

تعد مملكة أكسوم واحدة من أولى الدول التي اعتنقت المسيحية بشكل رسمي، مما كان له تأثير كبير على الدين والثقافة في المنطقة. فقد تأسست المملكة في القرن الأول الميلادي وازدهرت حتى القرن العاشر الميلادي، وتأثرت بالثقافات المختلفة نتيجة موقعها الاستراتيجي.

وكما تعد اللغة الجعزية اللغة الرسمية لمملكة أكسوم، وهي إحدى اللغات السامية الجنوبية. التي نشأت في القرن الأول الميلادي، واستُخدمت كلغة مكتوبة في المملكة، حيث كانت لها تأثيرات عميقة على الثقافة والدين.

أبرز المعالم الأثرية في أكسوم

 المسلات

تعد المسلات في أكسوم من أكبر المباني الحجرية في العالم، والتي استخدمت لأغراض طقوسية وتذكارية. إذ تتكون من كتل حجرية ضخمة، وغالبًا ما تتجاوز ارتفاعاتها 24 متراً. وتتميز بتصميمها الفريد الذي يجمع بين الأشكال الهندسية والزخارف المعقدة، مما يعكس مهارة الحرفيين الأكسوميين.

وتعد المسلات ايضاً كعلامات قبور للأمراء والنبلاء، حيث تُعتبر رموزاً للسلطة والمكانة الاجتماعية. بعد اعتناق المسيحية، توقفت مملكة أكسوم عن بناء المسلات، مما يعكس تحولاً ثقافياً ودينياً. كما توجد بجوار المسلات شواهد لقبور الملوك، التي كانت تحتوي على جثامينهم وممتلكاتهم الثمينة.

مملكة أكسوم

كنيسة مريم سيدة صهيون

في قلب إثيوبيا، حيث تلتقي التقاليد القديمة مع الإيمان العميق، تقع كنيسة مريم سيدة صهيون، وهي واحدة من أقدم الكنائس المسيحية في العالم. ورمزاً للروحانية والثقافة الأثيوبية. تأسست الكنيسة في القرن الرابع الميلادي، خلال حكم الملك عيزانا، الذي اعتنق المسيحية وأعلنها دين الدولة. يُقال إن الكنيسة تحتوي على تابوت العهد، الذي يُعتقد أنه أُخذ من القدس. هذا الارتباط الروحي يعزز مكانتها كموقع مقدس.

تتميز الكنيسة بتصميمها الفريد الذي يجمع بين العناصر المعمارية التقليدية والتأثيرات المحلية. إذ يُعتبر السقف الخشبي المنحوت بدقة والأعمدة الحجرية الضخمة من أبرز معالمها. كما تُزين الجدران برسوم دينية تعكس تاريخ المسيحية في إثيوبيا.

مملكة أكسوم

كنيسة أبونا يماتا جوه

كنيسة أبونا يمتاه هي معلم تاريخي وديني مهم في إثيوبيا، وهي كنيسة منحوتة بالكامل على منحدر صخري، تعود إلى القرن الخامس الميلاد. حيث كانت مركزاً للرهبنة والتعاليم المسيحية، إذ أسسها القديس فرومينتوس، الذي ساهم في نشر المسيحية في مملكة أكسوم.

والأهم من ذلك من الداخل، تتميز بلوحات جدارية محفوظة. ومع ذلك تعرضت للدمار وإعادة البناء عدة مرات عبر العصور. يعتبر هذا المكان مقدساً للحج، حيث يُعتقد أن لها ارتباطات قوية مع الروحانية الإثيوبية.

مملكة أكسوم

تراجع مملكة أكسوم وانهيارها

مع بداية القرن السابع الميلادي، بدأت مملكة أكسوم بالتراجع بسبب عدة عوامل، منها المنافسة التجارية والتغيرات المناخية. وبحلول القرن العاشر الميلادي، تلاشت المملكة تقريباً، ولكن تأثيراتها الثقافية والدينية استمرت في العيش من خلال الممالك اللاحقة.

وفي الختام، إن إرث أكسوم لا يقتصر على إنجازاتها فحسب، بل يمتد ليشمل تأثيرها العميق على الهوية الإثيوبية الحديثة. الكنائس القديمة والمسلات الشاهقة التي لا تزال قائمة حتى اليوم، تروي قصصاً عن عظمة الماضي وتاريخ طويل من الإيمان والتقاليد.على الرغم من التحديات التي واجهتها، تظل مملكة أكسوم رمزًا للفخر والتراث، مما يجعلها موضوعًا مثيرًا للدراسة والبحث.

المصدر Worldhistory.org

Leen Mhanna
Author: Leen Mhanna

استخدم الكتابة كوسيلة لنشر المعرفة والوعي بالتاريخ والآثار.

اضغط هنا لتقييم التقرير
[Average: 0]

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


آثار تاريخ

User Avatar

Leen Mhanna

استخدم الكتابة كوسيلة لنشر المعرفة والوعي بالتاريخ والآثار.


عدد مقالات الكاتب : 23
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *