Ad

“أريدك أن تتخيل كيف ستشعر لو اهتز كتفك الأيسر بشكل مستمر، ودارت عيناك بثبات، وانقبض فكك بشدة لدرجة أن أسنانك كانت على وشك التحطم. بالإضافة إلى ذلك، اضطررت إلى إطلاق صرخة عالية النبرة كل عشر ثوان”

هذا هو الوصف الذي استخدمته عائشة علواني، فتاة مصابة بمتلازمة توريت، في حديثها على منصة تيد (ted) عن رحلتها مع هذا المرض.

فما هي تلك المتلازمة؟ وما أعراضها وأسبابها والعلاج المقترح لها؟

ما هي متلازمة توريت؟

متلازمة توريت هي اضطراب عصبي يصيب الأطفال عادة بين سن الثانية والخامسة عشر. تتضمن حركات أو أصوات لا إرادية متكررة مثل: الرمش المتكرر أو هزات الكتف أو ترديد أصوات وكلمات غير مفهومة وأحيانًا بذيئة.

أول من اكتشف هذه المتلازمة هو عالم الأعصاب الفرنسي (Georges Gilles de la Tourette) حيث شّخص رجلًا بعمر السادسة والثمانين بها، ومن هنا جاء الاسم.

تظهر هذه المتلازمة عادة عند الأطفال فيما بين سن الثانية والخامسة عشر، مع احتمالية إصابة الذكور بمعدل أكبر من الإناث ثلاث أو أربع مرات. قد تستمر أعراض توريت طوال العمر وتكون من النوع المزمن، ولكن في أغلب الأحوال تتحسن الأعراض مع انتهاء سن المراهقة ودخول مرحلة  البلوغ.

الأعراض

«العرّات-Tics» هي أشهر أعراض متلازمة توريت، وهي حركات أو أصوات مفاجئة ومتكررة تختلف في شدتها بين البسيط والمعقد.

  • العرّات البسيطة هي حركات قصيرة ومفاجئة ومتكررة، ويستخدم المريض بها عددًا محدودًا من المجموعات العضلية مثل: الرمش، أو التجهم، أو هز الكتف. وقد تكون العرات صوتية أيضًا مثل: تسليك الحلق، أو النعار، أو الشم.
  • العرّات المعقدة وهي حركات مميزة ومتناسقة يستخدم بها المريض العديد من المجموعات العضلية. مثل: التجهم مع هز الكتف ودوران الرأس، أو صوتية مثل: تكرار عبارات وكلمات.

يسبق أعراض توريت شعورًا بالتوتر والرغبة في تحريك العضلات المصابة، يختفي هذا التوتر عندما يستجيب المريض للعرات ثم يعاود الظهور مجددًا وهكذا. وفي بعض الحالات المتقدمة قد ينخرط المريض في سلوكيات مؤذية للنفس كأن يلكم وجهه، أو يردد كلمات بذيئة، أو يكرر كلمات الآخرين.

بالنظر إلى ما أسلفنا ذكره يمكننا تقسيم أعراض متلازمة توريت إلى نوعين:

  • عرّات حركية
    مثل: الرمش وهز الكتف ورعشة الأنف وحركة الفم وهز الرأس.
    وقد تكون أكثر تعقيدًا مثل: لمس وشم الأشياء، أو المشي بنمط معين، أو القفز، أو استخدام إشارات بذيئة.
  • عرّات صوتية
    مثل: السعال والنعار والزمجرة
    وقد تكون أكثر تعقيدًا مثل: ترديد نفس الكلمات والعبارات، أو ترديد عبارات الآخرين، أو استخدام كلمات بذيئة.

الأسباب

السبب الرئيسي لظهور متلازمة توريت ليس معروفًا حتى الآن، فهذه المتلازمة معقدة ويرتبط ظهورها بعدد من العوامل الجينية والبيئية. بالإضافة إلى بعض التغيرات في مناطق محددة من المخ وما يربط بينها من نواقل عصبية أهمها الدوبامين والسيروتونين.

عوامل الإصابة

  1. الجينات وتاريخ العائلة: الجينات أحد عوامل ظهور هذا المرض، لذا تزداد احتمالية الإصابة به في حالة ظهوره في تاريخ العائلة.
  2. العوامل البيئية: حينما تجتمع بعض العوامل البيئية المحفزة كالضغط المستمر، ونظام النوم غير الصحي مع الجينات، تزداد احتمالية الإصابة بمتلازمة توريت.
  3. الجنس: تزداد احتمالية إصابة الذكور بمتلازمة توريت بنسبة 4:1 مقارنة بالإناث.

متلازمة توريت والتوحد

لا تتوقف أعراض توريت عند الحركات اللإرادية وحسب، بل تمتد لتؤثر على سلوك الشخص وحياته الاجتماعية. أحد الاضطرابات التي لاحظ العلماء ارتباطها بشكل واضح بمتلازمة توريت هو «اضطراب طيف التوحد-ASD» 

في دراسة حديثة أجراها علماء جامعة كاليفورنيا بسان فرانسيسكو، تم اختبار 294 طفل مصاب بمتلازمة توريت. ووجدوا أن ما يقرب من 23% منهم تظهر عليه أعراض اضطراب طيف التوحد. أما عند اختبار 241 بالغ جاءت النسبة 8.7 % فقط.

حلل العلماء هذه النتائج ووجدوا أن واحد من كل خمسة أطفال مصابين بمتلازمة توريت، تظهر عليه أعراض اضطراب طيف التوحد. لكن عند مقارنة نسبة التوحد عند البالغين والأطفال توصل العلماء أن مصابي توريت ربما يطورون أعراضًا تشبه أعراض التوحد، لكنه ليس توحد حقيقي. بمعنى أن أعراض التوحد الشائعة في متلازمة توريت تقل وتختفي مع البلوغ، أما التوحد الفعلي فهو مستمر مدى الحياة.

بالإضافة إلى أعراض التوحد، يشيع ظهور هذه الحالات أيضًا مع متلازمة توريت:

علاج متلازمة توريت

  1. لا يحتاج أغلب مصابي توريت العلاج، لأن الأعراض تظهر وتزول تلقائيًا دون إعاقة لجودة حياة المريض.
  2. تحتاج بعض الحالات علاجًا عندما تعيق الأعراض (العرّات) أنشطة الحياة اليومية.
    يُنصح المريض في هذه الحالات بأدوية كابحة للعرّات مثل: هالوبيريدول وبيمو زايد.
  3. أدوية توريت لا تصلح لجميع المرضى، ولا تشفي المرضى نهائيًا. بالإضافة إلى أعراضها الجانبية من زيادة الوزن والشعور بالخدر.
  4. ينصح بعض المرضى بالعلاج السلوكي للسيطرة على العرّات.
    وذلك بتدريبهم على تحديد المشاعر التي تستثير الأعراض والعمل على استبدالها، أو بتدريبهم على التحكم في الرغبة (التوتر الداخلي) الذي يستثير العرّات.

المصادر

اضغط هنا لتقييم التقرير
[Average: 0]
Esraa Ahmed
Author: Esraa Ahmed

إسراء أحمد، مصر. طالبة بالسنة الأخيرة لكلية العلاج الطبيعي، محبة للقراءة والكتابة الإبداعية، مهتمة بمجال الأدب وعلم النفس والصحة النفسية.

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


طب صحة حياة

User Avatar

Esraa Ahmed

إسراء أحمد، مصر. طالبة بالسنة الأخيرة لكلية العلاج الطبيعي، محبة للقراءة والكتابة الإبداعية، مهتمة بمجال الأدب وعلم النفس والصحة النفسية.


عدد مقالات الكاتب : 29
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *