Ad

منذ ما يقرب من 24 عامًا وحتى اليوم، عاش البشر وعملوا بشكل متواصل في الفضاء. حيث تدور محطة الفضاء الدولية (ISS) حول كوكبنا بسرعة مذهلة تبلغ 28 ألف كيلومتر في الساعة. منذ أن صعد رائد الفضاء بيل شيبرد ورائدا الفضاء يوري جيدزينكو وسيرجي كريكاليف لأول مرة على متنها في عيد الهالوين عام 2000، أصبحت محطة الفضاء الدولية أعجوبة لاستكشاف الفضاء. حيث استضافت عددًا لا يحصى من التجارب العلمية ورواد الفضاء من جميع أنحاء العالم. ومع ذلك، لكل الأشياء الجميلة نهاية، فقد أعلنت وكالة ناسا رسميًا عن خطط إخراج محطة الفضاء الدولية من مدارها، مما سيسدل الستار على نهاية هذا المشروع المذهل.

24 عامًا من استكشاف الفضاء

لقد كانت محطة الفضاء الدولية (ISS) منارة للابتكار البشري واستكشاف الفضاء. وبينما نتأمل رحلتها الرائعة التي دامت 24 عامًا، من الضروري أن نقدر المفهوم الرائد الذي جعلها ممكنة من الأساس وهو الميكانيكا المدارية (Orbital mechanics). إن الاستقرار الملحوظ الذي تتمتع به محطة الفضاء الدولية وطول عمرها يرجعان إلى قوى الجاذبية وسرعاتها التي تحكم مدارها.

تبلغ سرعة المحطة الفضائية حوالي 17500 ميل في الساعة (28000 كيلومتر في الساعة). وتخضع إلى جاذبية كوكبنا، مما يبقيها على ارتفاع ثابت يبلغ حوالي 250 ميلاً (400 كيلومتر). ويسمح هذا الانسجام التام لمحطة الفضاء الدولية بإكمال مدار واحد حول الأرض كل 90 دقيقة. مما يوفر نقطة مراقبة فريدة للاكتشافات والتجارب العلمية.

يعود مفهوم الأقمار الصناعية إلى أوائل القرن العشرين. حيث وضع علماء مثل كونستانتين تسيولكوفسكي وهيرمان أوبرث وروبرت جودارد الأساس للسفر إلى الفضاء الحديث من خلال استكشاف الإمكانيات النظرية لوضع الأجسام في مدار الأرض. كان إطلاق سبوتنيك 1 في عام 1957 بمثابة بداية عصر الفضاء. وتلاه أول رحلة فضائية بشرية قام بها يوري جاجارين في عام 1961.

وفي تسعينيات القرن العشرين، تشكل مفهوم محطة فضائية معيارية صالحة للسكن. لقد أدى الجهد التعاوني الذي بذلته وكالات الفضاء في جميع أنحاء العالم إلى إنشاء محطة الفضاء الدولية. وهي أعجوبة هندسية وتعاون دولي نادر الحدوث بين البشر. عندما ننظر إلى رحلتها الرائعة، نتذكر أن نجاح محطة الفضاء الدولية كان بمثابة شهادة على براعة الإنسان ورغبتنا الفطرية في استكشاف المجهول.

إخراج محطة الفضاء الدولية من مدارها

ولاد محطة الفضاء الدولية وإرثها العلمي

يعود مفهوم المختبر الفضائي إلى الثمانينيات، عندما تم اقتراح محطة الحرية الفضائية التابعة لناسا لأول مرة. ومع ذلك، لم تكتسب الفكرة زخمًا عالميًا إلا بعد سقوط الاتحاد السوفييتي عام 1991. وفي عام 1993، اجتمعت وكالة ناسا وروسيا واليابان وكندا ووكالة الفضاء الأوروبية (ESA) معًا لتشكيل الاتفاقية الحكومية الدولية لمحطة الفضاء. وقد مثلت تلك الاتفاقية بداية برنامج محطة الفضاء الدولية.

ومنذ إطلاق أول وحدة لها في عام 1998، أصبحت محطة الفضاء الدولية رمزًا للتعاون الدولي والابتكار العلمي. بفضل مختبرها المداري، تمكن العلماء من دراسة كل شيء بدءًا من تأثيرات الجاذبية الصغرى على جسم الإنسان وحتى سلوك المواد في الفضاء. وقد مكنت محطة الفضاء الدولية أيضًا من تطوير تقنيات جديدة، مثل أنظمة دعم الحياة المتقدمة والروبوتات.

مهمة (SpaceX) لإعادة محطة الفضاء الدولية بأمان

مع اقتراب موعد التقاعد النهائي لمحطة الفضاء الدولية (ISS)، اتخذت وكالة ناسا خطوة حاسمة نحو ضمان انتقال آمن ومسؤول. من خلال اختيار (SpaceX) لتطوير وبناء مركبة (Deorbit)، تتأكد وكالة الفضاء من أن النهاية الكبرى لمحطة الفضاء الدولية هي هبوط متحكم فيه ولطيف إلى الأرض. ستلعب مركبة (Deorbit) دورًا حيويًا في هذه العملية، حيث ستقوم بتوجيه المحطة الفضائية بعناية خلال لحظاتها الأخيرة في المدار.

هذه المهمة ليست بالأمر الهين، وستبلغ قيمتها المحتملة حوالي 843 مليون دولار. وتسند إلى شركة (SpaceX) التي تتمتع بخبرة في الملاحة الدقيقة للمركبات الفضائية. حيث نجحت في هبوط العديد من الصواريخ والكبسولات. وستعتمد مركبة (Deorbit) على هذه الخبرة، باستخدام أنظمة الدفع المتقدمة وبرامج الملاحة لإنزال محطة الفضاء الدولية إلى الأرض بطريقة آمنة.

ستتضمن مهمة مركبة (Deorbit) سلسلة من المناورات المعقدة، بما في ذلك التبطيئ التدريجي لسرعة محطة الفضاء الدولية. يأتي بعد ذلك العودة التدريجية بعناية إلى الغلاف الجوي للأرض. وستتطلب هذه المهمة الحساسة توقيتًا دقيقًا ومهارة، حيث يجب أن تتأكد المركبة من تفكك محطة الفضاء الدولية بشكل آمن، دون التسبب في ضرر للمناطق المأهولة أو البيئة على الأرض.

لماذا لا يمكن إصلاح محطة الفضاء؟

مع استمرار محطة الفضاء الدولية (ISS) في تحدي الجاذبية، ظهرت على بنيتها التحتية القديمة علامات التآكل. وعلى الرغم من سجلها المثير للإعجاب الذي دام 24 عامًا في الفضاء، فإن محطة الفضاء الدولية لم تكن محصنة في المطلق ضد الظروف القاسية للحياة المدارية. يتكون الهيكل الأساسي للمحطة من الوحدات المأهولة وهياكل الجِمَالُون (truss structure)، المعرضة بشكل خاص للضغوط المستمرة للسفر عبر الفضاء.

إن كان لديك سيارة رياضية عالية الأداء، قادرة على الوصول إلى سرعات مذهلة وتحمل قوى هائلة. وهذه السيارة يتم قيادتها بدون توقف لمدة 24 عامًا، مع الحد الأدنى من الصيانة والإصلاحات. سيبدأ المحرك في النهاية بالتعثر، وستتآكل الفرامل، وسيبدأ الهيكل في التصدع. وبالمثل، تعرضت السلامة الهيكلية لمحطة الفضاء الدولية للخطر بسبب الالتحام والانفصال المتكرر للمركبات الفضائية، فضلاً عن حركتها المستمرة داخل وخارج ضوء الشمس.

في حين توقعت التقديرات الأولية لوكالة ناسا أن يبلغ عمر محطة الفضاء الدولية 30 عامًا، فإن القوى الفعلية المطبقة على المحطة كانت أقل شدة مما كان متوقعًا. ومع ذلك، فإن التأثير التراكمي لهذه الضغوط كان له أثره. إن سطح محطة الفضاء الدولية الذي كان نظيفًا في السابق يحمل الآن ندوب من ضربات النيازك الصغيرة، واصطدام الحطام الفضائي، والإجهاد الحراري. كما أن المكونات القديمة للمحطة أكثر عرضة للفشل، وحتى أمهر المهندسين لا يمكنهم إصلاحها أو استبدالها إلى أجل غير مسمى.

ما هي الخطوة التالية بعد إخراج محطة الفضاء الدولية من مدارها؟

بينما تستعد محطة الفضاء الدولية (ISS) لبلوغ مثواها الأخير، ستبدأ حقبة جديدة في استكشاف الفضاء على الفور. سيستمر إرث محطة الفضاء الدولية، مما يمهد الطريق لوجهات تجارية جديدة وشراكات في مدار أرضي منخفض. ومع خطط ناسا لمحطات الفضاء التجارية المستقبلية، يمثل إخراج محطة الفضاء الدولية من مدارها علامة بارزة في التحول نحو برنامج فضائي أكثر استدامة وتعاونًا.

إن الدروس المستفادة من محطة الفضاء الدولية ستفيد أي عملية تطوير محطات فضائية جديدة. سيعمل الباحثون على محطات قد تكون مصممة لتصبح أكثر نموذجية وقابلة للتكيف واستدامة. لقد أثبتت محطة الفضاء الدولية أن الفضاء يمكن أن يكون مختبرًا للبشرية، مما يدفع الاكتشافات العلمية ويعزز فهمنا للكون. وبينما نمضي قدمًا، يمكننا أن نتوقع رؤية مبادرات بحثية جديدة في مجال الفضاء، تركز على معالجة التحديات الملحة في عصرنا، من تغير المناخ إلى إدارة الموارد.

المصدر:

NASA Begins Plans To Crash The International Space Station Into The Ocean / iflscience

اضغط هنا لتقييم التقرير
[Average: 0]

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


فضاء

User Avatar


عدد مقالات الكاتب : 538
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *