تعتبر المواد فائقة التصويل مواد توصل الكهرباء بصورة عادية في الظروف الطبيعية. ولكن عند ظروف معينة تتحول تلك المواد لمواد بخصائص كهربية ومغناطيسية فائقة. فما هي الموصلات الفائقة؟ وما هي تطبيقاتها؟
محتويات المقال :
توصيلية الموصلات الفائقة ودرجة الحرارة
تنقسم المواد في الطبيعة، من حيث توصيليتها للكهرباء، لثلاثة أنواع: مواد موصلة للكهرباء ومواد عازلة للكهرباء، وأشباه الموصلات. توصل المواد الموصلة للكهرباء الكهرباء بشكل جيد عكس المواد العازلة، أما أشباه الموصلات فتوصيليتها بين المواد الموصلة والمواد العازلة وتوصل الكهرباء عند معالجتها بشوائب معينة. لكن عام 1911 اكتشف العالم الهولندي «هايك أونز – Heike Onnes» نوع آخر من المواد وهي المواد فائقة التوصيل للكهرباء. [1]
كان أونز يعمل على قياس توصيلية المواد عند درجات الحرارة المنخفضة. ولاحظ عند قياسه لتوصيلية الزئبق عند درجة حرارة 4.2 كلفن، انعدام مفاجئ لمقاومة الزئبق للكهرباء. ويفسر اكتشاف أونز أول خاصية فيزيائية للموصلات الفائقة وهي انعدام مقاومتها الكهربية فجأة عند وصولها لدرجة حرارة معينة. وتوضح الصورة التالية كيف تتغير مقاومة الزئبق خطيا مع درجة الحرارة حتى تصل لنقطة تنعدم فيها المقاومة فجأة. وتسمي درجة الحرارة التي عندها تتحول المادة لموصل فائق «درجة حرارة حرجة – Critical Temperature».
النفاذية المغناطيسية المثالية للموصلات الفائقة
تتميز الموصلات الفائقة بخاصية أخرى عن باقي المواد وهي «النفاذية المغناطيسية المثالية – perfect diamagnetism». وتعني النفاذية المغناطيسية المثالية أن المادة لا يخترقها أي مجال مغناطيسي. وذلك لأن المادة تنشأ مجال مغناطيسي عكس المجال المغناطيسي المؤثر عليها فيلاشي تأثيره. وتسمى تلك الخاصية «تأثير مايسنر – Meissner effect» والتي اكتشفها العالمان الألمانيان «ميسنر – Meissner» و«أوشنفيلد – Ochsenfeld» عام 1933. [2]
ولكن مع زيادة شدة المجال المغناطيسي المؤثر على المادة فائقة التوصيل، يبدأ المجال باختراق المادة وتتحول بعدها لمادة موصلة عادية. وتسمي شدة المجال المغناطيسي التي عندها تتحول المادة الفائقة التوصيل لموصل عادي «المجال المغناطيسي الحرج – critical magnetic field». في الصورة التالية علاقة بين درجة الحرارة والمجال المغناطيسي يوضح كيف يجب على المادة أن تبقي تحت درجة الحرارة الحرجة والمجال الحرج لتحافظ على توصيليتها الفائقة.
وبالتالي، الموصلات الفائقة هي مواد موصلة تنعدم مقومتها الكهربية تحت درجات حرارة معينة ولها نفاذية مغناطيسية مثالية. وليست كل المواد جيدة التوصيل للكهرباء يمكن أن تكون فائقة التوصيل، فالنحاس نفسه ليس من الموصلات الفائقة.
تاريخ تطور الموصلات الفائقة
كان أول اكتشاف للمواد فائق التوصيل الكهربي كما ذكرنا هو مع تبريد العالم أونز للزئبق باستخدام الهيلوم المسال. واكتشاف أونز فتح مجال كامل للبحث في الموصلات الفائقة مثل مادة النيوبيوم عند درجة حرارة 9.3 كلفن وسبائكها عند حوالي 23 كلفن. حتى عام 1986 عندما أحدث العالمان «جورج بيدنورز – Georg Bednorz» و«أليكس مولر – Alex Müller» طفرة في مجال الموصلات الفائقة. أكتشف بيدنورز ومولر الموصلات الفائقة في المواد السيراميكية والذي تصل درجات الحرارة الحرجة لها ل 90 كلفن. مما تسبب في حصولهما على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1987. وتسمى الموصلات الفائقة التي تصل درجات حرارتها الحرجة لأعلى من 77 كلفن بالموصلات فائقة في درجات الحرارة العالية (HTSC). [3]
تطبيقات المواد فائقة التوصيل للكهرباء
انعدام مقاومة الموصلات الفائقة لمرور التيار وكونها مواد مغناطيسية قوية جعلت منها مواد ذات مستقبل عظيم في مجالات الصناعة. فخطوط النقل الكهربي يمكن أن تكون باستخدام موصلات فائقة بدلًا من الموصلات العادية. سيوفر ذلك طاقة كبيرة تستهلك في الموصلات العادية، بل وستدوم لمدة أطول من الموصلات العادية. صنع ماتور من مادة فائقة التوصيل يمكن أن يوفر كم أكبر من الطاقة المتولدة، بل وبحجم أصغر بكثير من الماتور العادي. [3]
ونظرًا لاعتماد أجهزة مثل أجهزة التصوير المغناطيسي على المغناطيسات القوية الثابتة الشدة، فإن استخدام الموصلات الفائقة حل مناسب. بالمثل فإن مصادمات الجسيمات حول العالم أيضًا على المغناطيسات القوية وبالتالي فالموصلات الفائقة ستوفر الكثير في صنعها وتطويرها.
يعد القطار المغناطيسي المعلق في اليابان أشهر تطبيق على الموصلات الفائقة. حيث استغلت اليابان قوة النفاذية المغناطيسية للموصلات الفائقة لخلق قطار معلق بدون أي احتكاك مع القطبان.
المصادر
[1] The discovery of superconductivity
[3] The Early Years of Superconductivity
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :