لم أغادر منزلي سوى ثماني مرات خلال اثني عشرة عامًا، التجارب الاجتماعية تسبب لي الذعر، حتى كتابة هذا التعليق تخيفني. أنا أخطط للأمور كثيرًا قبل فعلها، حتى قبل المكالمات الهاتفية، وهذا يتطلب الكثير من الوقت والمجهود. لقد سئمت من ترك رهاب الخلاء يتحكم بي، أنا لا أعيش الحياة بالفعل. (ملحوظة: لقد عدلت هذا التعليق أربع عشرة مرة لأن نوبات الهلع لم تفارقني طوال كتابته)
كتب هذه الكلمات أحد المعلقين على مقطع فيديو يتحدث عن رهاب الخلاء، وسواء صدقت كلماته أم لا، إلا أنها حثتي للتفكر في مدى جدية هذه الحالة. ما هو هذا الرهاب؟ كيف يتضحم ليتحكم في صاحبه لهذا الحد؟ والأهم هو كيف يمكننا التعامل معه؟
محتويات المقال :
ما رهاب الخلاء؟
«رهاب الخلاء-agoraphobia» نوع من اضطرابات القلق، يصيب الشخص فيمنعه من الخروج إلى العالم.
يتجنب المصاب برهاب الخلاء الأماكن العامة والمفتوحة لشعوره بالاحتجاز وعدم القدرة على الهرب.
يسبب الخجل الاجتماعي والخوف من الإذلال شعور الاحتجاز، فيتجنب الشخص على أثره أغلب الأماكن والمواقف العامة، وقد يصل به الأمر إلى عدم مغادرة المنزل لشهور وسنوات.
المعنى الحرفي للمصطلح (agoraphobia) هو الخوف من أماكن التسوق. بالتالي يمكننا استنتاج الأماكن التي يهابها المصاب برهاب الخلاء ويتجنبها وهي:
- مراكز التسوق.
- المواصلات العامة.
- المساحات المفتوحة (الجسور وساحات انتظار السيارات)
- صفوف الانتظار والحشود.
- المساحات المغلقة (صالات السينما والمحال)
يتجنب الشخص هذه المواقف وقد ينتهي به الأمر محتجزًا في منزله، لأنه المساحة الوحيدة الآمنة الذي يشكل ما عداه خطرًا عليه.
الأعراض
يتميز رهاب الخلاء بعدد من الأعراض المعروفة وهي:
- الخوف من مغادرة المنزل.
- الأماكن المفتوحة.
- الأماكن المغلقة مثل المسارح وصالات السينما.
- المواصلات العامة.
- الانخراط في المواقف الاجتماعية وحيدًا.
- الخوف من فقدان السيطرة (الإصابة بنوبة هلع) في مكان عام.
تسبق «نوبات الهلع-panic attack» ظهور الرهاب، إذ يجد الشخص نفسه في موقف/مكان مثير لقلقه، فتظهر الأعراض التالية:
- ألم في الصدر.
- دوار وضيق تنفس.
- رعشة وتعرق.
- غثيان وقيء.
- زيادة ضربات القلب.
- شعور بالاختناق.
الأسباب وعوامل الخطر
يرى العلماء أن تلك الأعراض التي ذكرناها (أعراض نوبات الهلع) أصل رهاب الخلاء، إذ يهاب الشخص أن تأتيه النوبة في مكان عام فتسبب له الإحراج، ونتيجة لذلك يتجنب أغلب المواقف أو الأماكن “غير الآمنة”، فينتهي به الحال مقيدًا في منزله لا يغادره لسنوات.
بالإضافة إلى ذلك، حدد العلماء عددًا من عوامل الخطر التي تزيد من احتمالية إصابة الشخص بهذا الرهاب وهي:
- أن يكون الشخص مصابًا بنوع آخر من اضطرابات القلق (الرهاب الاجتماعي أو اضطراب القلق المعمم)
- سوابق عائلية للإصابة برهاب الخلاء.
- سوابق للتعرض لاعتداء أو صدمة قوية.
تزداد احتمالية إصابة الشخص بهذا الرهاب عند اجتماع الأسباب التي ذكرناها معًا. ويجب الانتباه لأعراض هذا الرهاب لأن إغفاله قد يسبب مضاعفات خطيرة منها:
- شعور عام بالوحدة والانعزال، إذ ينقطع الشخص عن عمله ودراسته وعلاقاته واهتماماته.
- تدهور المعيشة نتيجة للصعوبات المادية، مما يزيد من الشعور بالضغط والقلق وربما يؤدي للاكتئاب.
- قد يدرك الشخص عدم منطقية خوفه، لكنه لا يستطيع التحكم به، فيشعر بالغضب وقلة الحيلة.
- تأُثر ثقة الشخص بنفسه، مما يزيد من شدة مخاوفه وقلقه.
- قد يتجه الشخص لوسائل ترويح غير صحية مثل: تناول الطعام بكميات كبيرة، أو تعاطي المخدرات، أو إدمان الكحول.
العلاج
يستجيب مصابو رهاب الخلاء للعلاج ويظهرون تحسنًا معه، يختلف شكل هذا العلاج باختلاف الحالة وشدتها وتفضيلات كل مريض، لكنه بشكل عام يتضمن عددًا من الوسائل الآتية:
- الأدوية المضادة للاكتئاب أو المضادة للقلق.
- العلاج المعرفي السلوكي.
- الاستشارات النفسية.
- تمارين الاسترخاء.
- مجموعات الدعم.
- تعليمات ونصائح للتعامل مع رهاب الخلاء.
نصائح للتعامل مع رهاب الخلاء
ينبغي على مريض الرهاب، بالإضافة إلى طلب المساعدة من مختص نفسي، تعديل نظام حياته ليتمكن من التعامل مع أعراض الرهاب. هذه التعديلات هي:
- ممارسة تمارين الاسترخاء لإدارة الضغط بشكل أفضل.
- المحافظة على نظام غذائي صحي ومتوازن.
- ممارسة الرياضة بشكل منتظم.
- الامتناع عن المخدرات والكحوليات.
- تقليل جرعة الكافيين اليومية.
اقرأ أيضًا: عقدة الناجي: عندما تثقل عليك نعمة الحياة!
المصادر
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :