ما هي الحبسة الكلامية؟
«الحبسة الكلامية-Aphasia» هي فقدان القدرة على استيعاب أو صياغة جمل واضحة ومفهومة، يعود ذلك لضرر دماغي في المراكز القشرية اللغوية.
أذيّات الأوعية الدموية المغذية لمناطق معينة من الدماغ ( مثل الخثرات الدموية أوالنزيف الدموي) هي الأكثر شيوعًا في حالات الحبسة الكلامية. ولكن في حالات أخرى قد تنشأ الحبسة الكلامية عن أمراض التنكّس العصبي مثل الألزيهايمر وشلل الرعاش أو حتى بسبب إصابة فيزيائية مباشرة لمراكز اللغة القشرية.
تتوضع مراكز اللغة في نصف الكرة المخية المسيطر وهو الأيسر لدى معظم البشر، ولكن قبل أن نتحدث أكثر عن المراكز اللغوية في الدماغ سوف نأخذ لمحة خاطفة على كيفية دراسة البنية التشريحية الوظيفية للدماغ.(1)
في عام 1909 قدم عالم التشريح الألماني «كوربينيان برودمان-Korbinian Brodmann» خرائط جديدة للدماغ، وبالطبع هو لم يغير من الشكل التشريحي المعروف للدماغ لكنه قسّم القشرة الدماغية إلى 52 باحة مختلفة حسب البنية النسيجية وطريقة انتظام الخلايا العصبية فيها.
لاحقاً أعيدت مراجعة أعمال برودمان وأُعيد تعريف باحاته بشكل أدق، وارتبط الاختلاف النسيجي الكائن بين الباحات بالوظيفة الأساسية التي تقوم بها الخلايا العصبية المحتواة في كل باحة.(2)
محتويات المقال :
باحة بروكا
تقع باحة بروكا في الفص الجبهي للدماغ وهي تقابل المنطقتين 44 و 45 حسب تقسيمات برودمان.اكتشفت لأول مرة عام 1861من قبل الجراح الفرنسي «بول بروكا-Paul proca» الذي وجد أنّ الخلايا العصبية في هذه المنطقة تكون مسؤولة عن الوظيفة الكلامية. تولد باحة بروكا الأوامر التحريكية للعضلات المعنيّة بإصدار الأصوات مثل عضلات الفم واللسان وتتصل باحة بروكا بباحات وبنى عصبية دماغية سنتعرف علىيها في جزء آخر من المقال.
تسمى الحالة التي تتعرض فيها باحة بروكا للضرر بالحبسة التعبيرية expressive aphasia ويكون فيها المريض قادرًا على استيعاب فحوى المعلومات التي يتلقاها لكنه يعجز عن التفاعل معها والتعبير عمّا يريده شفهياً أو كتابياً فتكون جمله قصيرة ضعيفة نحويًا تُحذف منها بعض الكلمات وتفتقر إلى أدوات الربط مثل أحرف الجر وأدوات العطف.المريض يعلم تمامًا ما يودّ أن يقول لكنّ التعبير يخونه.(3)
باحة فيرنكا
تحتل باحة فيرنكا الثلث الخلفي من التلفيف العلوي للفص الصدغي (الجانبي) في نصف الكرة المخية الأيسر(تقابل المنطقتين 22و39 حسب تقسيمات برودمان)،وُصفت هذه الباحة لأول مرة عام1874
من قبل عالم الأعصاب الألماني كارل فيرنكا،وتعتبر الباحة المركز المسؤول عن تحليل واستيعاب المعلومات اللفظية والكتابية الواردة إليها كما لها دور مهم في إنتاج لغة ذات معنى وغاية واضحين وذلك من خلال تعاونها الوثيق مع باحة بروكا فهي تتصل معها من خلال بنية عصبية واصلة تسمى بالحزمة المقوّسة.
لشرح العلاقة بين الباحتين نستطيع القول أن باحة فيرنكا تقوم بوضع خطة عمل تنظم فيها الكلمات والجمل بشكل منطقي ذي معنى قابل للفهم، وترسلها إلى باحة بروكا والتي بدورها تعمل على تنفيذ هذه الخطة بحذافيرها من خلال توليد الإشارات المنظمة للحركات العضلية الموافقة وإرسالها إلى باحات القشرة المحركة التي تتصل مباشرة عبر مسالك عصبية محركة مع العضلات الصوتية.
تسمى الحالة التي تصاب بها باحة فيرنكا بالضرر بالحبسة الاستقبالية (receptive aphasia) وفيها يفقد المريض قدرته على فهم الكلام المكتوب أو المسموع إلا أنه يكون قادرًا على التحدث بطلاقة ولكن بكلام بلا معنى وجمل متنافية وغير مترابطة.(4)
علاج الحبسة الكلامية
عادة ما يكون العلاج الموصى به للحبسة هو علاج النطق واللغة والذي يشرف على تنفيذه أخصائيون في هذا المجال، ويهدف هذا العلاج إلى مساعدة مرضى الحبسة في استعادة أكبر قدر من اللغة المفقودة وتحقيق الطريقة الأمثل للتواصل والاندماج في المجتمع. بعض المصابين قد يحتاج إلى جلسات علاجية أكثر خلال فترة زمنية قصيرة وذلك يعتمد على درجة تفاقم إصابته.(5)
تجري حاليًا دراسة بعض الأدوية لعلاج الحبسة الكلامية، ويؤمل منها أن تحسن التروية الدموية للدماغ وتعزز قدرة الدماغ على التعافي أو تساعد في إزالة المواد الكيميائية المستنفدة والمتراكمة في الدماغ، وقد أظهرت بعض الأدوية نتائج واعدة في بعض الدراسات الصغيرة لكن مازال هناك حاجة لمزيد من البحث والدراسات قبل التوصية بهذه العلاجات. (6)
ختامًا لا بُدّ من التأكيد على أهمية الدعم المجتمعي لمصابي الحبسة الكلامية ومساعدتهم على التواصل والاختلاط في المجتمع لأنّ العزلة الاجتماعية قد تزيد حالتهم سوءًا واضطرابًا.
مصادر:
١_ ncbi
٢_ kenhub
٣_ kenhub
٤_ neuro scientifically challenged
٥_ nhs
٦_ mayoclinic
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :