ما هو أرق الكورونا وماهي أسبابه؟
الحصول على قسط جيد من الراحة ليلًا في ظل الظروف المرهقة أمر صعب، وقد يكون النوم الجيد أثناء جائحة الكورونا المستمرة أمرًا مستحيلًا في بعض الليالي القاسية، ومن المعروف أن مشاكل النوم ليست جديدة، فعلى سبيل المثال أكثر من ثلث الأمريكيين لم يحصلوا على قسط كافٍ من النوم بشكل منتظم لسنوات. إن قلة النوم الجيد مشكلة منتشرة لدرجة أن مركز السيطرة على الأمراض قد أطلق عليها وباء الصحة العامة، ولكن ساهمت الجائحة في تفاقم هذه المشكلة فمع التوتر والحزن والقلق من فيروس كورونا، وتأثيره على الحياة اليومية يُبلغ الناس عن مشاكل نوم أكثر من أي وقت مضى حيث أبلغ حوالي أربعة من كل عشرة أشخاص عن مشاكل في النوم أثناء الوباء هذا ما جعل خبراء النوم يطلقون على مشاكل النوم خلال الجائحة [1] «بأرق كورونا-coronasomnia».
محتويات المقال :
ما هو أرق الكورونا وماهي أسبابه؟
يتميز أرق الكورونا بزيادة مشاكل النوم أثناء الوباء بالإضافة إلى أعراض القلق والاكتئاب والتوتر. في حين أن الأرق التقليدي غالبًا ما يرتبط بالقلق والاكتئاب يختلف أرق الكورونا عنه بأنه دائمًا ماكان مرتبط بأسباب ساهمت في رفع مستويات التوتر خلال الجائحة ومن ثم ظهور هذه المشكلة، وبدأت أعراض أرق الكورةنا أو اشتدت أثناء الجائحة.
لقد قلبت الجائحة تقريبًا كل جانب من جوانب حياتنا اليومية. تكيف الآباء والأطفال مع التعليم عن بعد بينما انتقل ملايين العمال إلى العمل عن بعد أو تم إجازتهم أو فقدوا وظائفهم بالكامل. فقد الناس أحباءهم وعانوا من المرض. هناك حالة مستمرة من عدم اليقين بشأن الأمن الوظيفي، والصحة، ومتى ستعود الأمور إلى طبيعتها. مع الكثير من التغييرات دفعة واحدة، فلا عجب أن يواجه الناس صعوبة في النوم.
زيادة الضغط
تؤثر أحداث الحياة الكبيرة المجهدة مثل الكوارث الطبيعية والهجمات الإرهابية على الصحة النفسية، وتخلق مشاكل في النوم يمكن أن تستمر لأشهر بعد ذلك. يمكن اعتبار جائحة عالمي كحدث من هذا القبيل.
يزيد التوتر من مستويات الكورتيزول، وهو هرمون يعمل عكسياً مع الميلاتونين هرمون النوم. في الطبيعي يرتفع الكورتيزول في الصباح الباكر لتنشيط جسمك طوال اليوم، وينخفض مساءً حيث يبدأ إنتاج الميلاتونين اللذي يعدك للنوم، وبالتالي عندما تظل مستويات الكورتيزول لديك مرتفعة نتيجة التوتر يتم تعطيل إنتاج الميلاتونين، وكذلك تتعرقل راحة نومك.
يمكن أيضًا أن يقلل التواجد في المنزل طوال اليوم من دافعك للنوم نظرًا لأنك تحصل على قدر أقل من التعرض للضوء الطبيعي اللذي يعتبر المنظم الرئيسي لدورة النوم والاستيقاظ لديك. فقدان الروتين اليومي بسبب إرشادات التباعد الاجتماعي اختفت العديد من أجزاء الحياة الطبيعية من ممارسة الهوايات إلى المناسبات الاجتماعية بين عشية وضحاها. يزيد فقدان هذه الأنشطة من إحساسنا بالعزلة الاجتماعية، ويمكن أن يؤثر سلبًا على الصحة العقلية. تخدم الأنشطة العادية أيضًا وظيفة مهمة فيما يتعلق بنومنا. كانت التنقلات والوجبات وفصول التمارين الرياضية والأحداث الاجتماعية كلها علامات زمنية ساعدت في تعزيز إيقاعاتنا اليومية، ومن ثم دورة النوم والاستيقاظ.
بالنسبة لبعض الناس ساهمت هذه التغييرات في انخفاض جودة النوم على الرغم من قضاء المزيد من الوقت في السرير، وقد كانت هذه الأعراض أكثر وضوحًا للأشخاص الذين يعانون من ارتفاع معدلات الاكتئاب والقلق والتوتر. بدون روتين يومي من الصعب أن يظل إيقاعك اليومي على المسار الصحيح، وعندما يتعطل إيقاع الساعة البيولوجية لا يتأثر النوم فقط بل تتأثر مجموعة من الوظائف البيولوجية بما في ذلك الهضم والشهية والاستجابة المناعية وغير ذلك. نتيجة لذلك يصبح قلة النوم والقلق الناجمين عن أرق الكورونا دورة تحقق ذاتها، فعندما يحصل الناس على قسط أقل من النوم تزيد مستويات التوتر لديهم، ويزيد من سوء الحالة المزاجية وبالتالي تتفاقم مشاكل النوم أكثر، ويمكن أيضًا أن يقلل الحرمان من النوم دافعك لممارسة الرياضة ويزيد من شهيتك للأطعمة غير الصحية، ويمكن أن تؤدي هذه التغييرات بعد ذلك إلى زيادة الوزن مما يزيد من خطر الإصابة باضطرابات النوم.
إذا تُرك اضطراب النوم المزمن دون رادع، فقد يؤدي إلى عواقب صحية طويلة المدى مثل: أمراض القلب والأوعية الدموية، والسمنة، والاكتئاب، وحتى السكتة الدماغية.
زيادة استهلاك وسائل الإعلام
في محاولة لمواكبة أحدث المعلومات حول الجائحة زاد الناس بشكل كبير من استهلاكهم لوسائل الإعلام أثناء الوباء، ويعتمدون الآن على مجموعة أكبر من مصادر الأخبار. في جميع الجوانب تقريبًا أدت هذه السلوكيات إلى زيادة مستويات الاضطراب العقلية، وارتبط قضاء المزيد من الوقت المستغرق في وسائل الإعلام، وكذلك التحقق من الأخبار بشكل متكرر بمستويات أعلى من القلق. كلما زاد بحث الشخص عن أنواع مختلفة من الوسائط مثل التلفزيون أو وسائل التواصل الاجتماعي زادت أعراض الخوف لديه. المشكلة هي أن الناس زادوا من استهلاكهم للوسائط ليلًا بالقرب من وقت النوم. نتيجة لذلك يقضي الأشخاص أيضًا وقتًا أطول مع أجهزتهم الإلكترونية، والبث المباشر ومشاهدة الأخبار. ترتبط زيادة وقت الشاشة بنوم أقصر وأقل راحة، فالمزيد من وقت الشاشة يعني المزيد من التعرض للضوء الأزرق، ويفسر دماغك الضوء الأزرق بشكل مشابه لضوء الشمس. يؤدي التعرض لهذا الضوء في الليل إلى ارتفاع مستويات الكورتيزول اللذي يعاكس في عمله الميلاتونين كما تحدثنا سابقًا. بمعنى آخر تشعر بمزيد من اليقظة والتوتر بدلاً من الاسترخاء والاستعداد للنوم. [1]
أعراض أرق الكورونا
تشمل أعراض أرق الكورونا ما يلي:
1. أعراض الأرق مثل صعوبة السقوط والاستمرار في النوم.
2. زيادة مستويات التوتر.
3. زيادة أعراض القلق والاكتئاب.
4. أعراض الحرمان من النوم مثل زيادة النعاس أثناء النهار، وضعف التركيز، وسوء الحالة المزاجية.
طوال جائحة كورونا وثقت دراسات مختلفة زيادة معدلات الأرق واضطرابات الصحة العقلية. ويقدر الخبراء أن عدد الأشخاص الذين يعانون من أي شكل من أشكال الأرق قد زاد بنسبة 37% عن ما قبل الجائحة. في الوقت نفسه أبلغ أربعة من كل عشرة أشخاص عن عرض واحد على الأقل من أعراض الصحة العقلية أثناء الوباء. مقارنة بعام 2019 تضاعف عدد الأشخاص الذين يعانون من أعراض القلق ثلاث مرات، وأما بالنسبة للاكتئاب فقد تضاعف أربع مرات [1]، وارتفعت معدلات الأرق في الصين من 14.6% إلى 20% خلال فترة الإغلاق القصوى، ووفقًا لدراسة نُشرت في الأكاديمية الأمريكية لطب النوم كان هناك 2.77 مليون عملية بحث على جوجل عن الأرق في الولايات المتحدة خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2020_ بزيادة قدرها 58% عن نفس المدة في السنوات الثلاث السابقة. [2]
من هم الأكثر عرضة لخطر الإصابة بأرق الكورونا؟
يمكن لأي شخص أن تظهر عليه أعراض أرق الكورونا، ولكن هناك مجموعات معينة من الناس معرضون لخطر متزايد بما في ذلك: المرضى المصابون بفيروس كورونا، والعاملون في الخطوط الأمامية، ومقدمو الرعاية الصحية بدون أجر، والنساء، والشباب.
من المرجح أن يبلغ مرضى كورونا عن مشاكل النوم بسبب أعراض المرض التي تجعل الراحة صعبة مثل: التنفس والسعال. حيث أبلغ 75٪ من المرضى عن مشاكل في النوم. [1]
العاملون الطبيون في الخطوط الأمامية
لا سيما أولئك الذين يعملون مباشرة مع مرضى كورونا لديهم معدلات أعلى بكثير من سوء نوعية النوم، والأرق، والقلق، والاكتئاب، والنوم المضطرب. هؤلاء الأفراد معرضون بشكل أكبر للإصابة بالعدوى، وبالتالي زاد القلق بشأن العدوى فضلًا عن مستويات أعلى من الإجهاد المرتبط بالعمل بسبب نقص الإمدادات، وأبلغ ما يصل إلى 80% من هؤلاء العاملين في المجال الطبي عن اضطراب النوم، وكانت النساء العاملات أكثر عرضة بنسبة 40% من العمال الذكور للإصابة بالأرق. [1]
هذا بالنسبة للأشخاص المعرضون لخطر الإصابة بأرق الكورونا، ولكن يبقى السؤال هل الأرق من أعراض مرض كوفيد -19؟
على الرغم من أن بعض الناجين من فيروس كورونا اللذين يعانون من أعراض طويلة الأمد يعانون من الأرق؛ إلّا أنّ مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) لا يُدرج اضطراب النوم هذا كعرض شائع للإصابة بكورونا، ولكن جعل الإجهاد المرتبط بالجائحة هو السبب الأكثر احتمالية للأرق لدى هؤلاء الأفراد. [2]
5 نصائح لمكافحة أرق الكورونا
هناك عدد من النصائح اللتي يمكنك من خلالها تحسين تجربة نومك مثل:
1. الاستراحة من الأخبار
على الرغم من أنه من الجيد البقاء على اطلاع بالأخبار، ولكن حاول تجنب الإفراط في الأخبار والعادات السيئة الأخرى هذا مهم بشكل خاص في المساء.
2. الالتزام بجدول زمني ثابت
كما ذكرنا سابقًا، فإن الكثير من التوتر يأتي من تغيير روتيننا اليومي رأسا على عقب. لكن يمكننا الحصول على بعض الراحة من خلال إنشاء جدول يومي وروتين والالتزام به. حاول الحفاظ على وقت نوم ثابت ووقت يقظة ثابت بغض النظر عن يوم الأسبوع.
3. تخطي القيلولة
يمكن أن تكون القيلولة طريقة جيدة لاستعادة بعض الطاقة خاصة إذا كنت تعمل من المنزل، ويمكن أن تنزلق بسهولة من مساحة المكتب إلى الأريكة أو السرير، ولكن تذكر أن قيلولة قصيرة أو قيلولة قصيرة في وقت مبكر من بعد الظهر يمكن أن تكون مفيدة لبعض الناس، ولكن القيلولة الطويلة والقيلولة في وقت لاحق من المساء يمكن أن تعطل النوم.
4. تجنب قلق الساعة
أنت تعرف الشعور عندما تستيقظ في منتصف الليل، وتتحقق من ساعتك ثم تشرع في القلق بشأن الحاجة إلى النوم مرة أخرى؛ لكن هذا التوتر يبقيك مستيقظًا بدلاً من ذلك. إن محاولة عدم الضغط في هذا الموقف أسهل قولًا من فعلها، ولكن هناك خيارات من حيث الاسترخاء يمكن أن تجعل الأمر أسهل. يمكن لتقنيات الاسترخاء مثل التأمل، والتخيل الموجه، والاسترخاء التدريجي للعضلات أن تساعدك على النوم. [2]
5. ممارسة التمارين الرياضية كل يوم
تساهم التمارين اليومية في الحصول على نوم أكثر راحة. التمرين أيضًا وسيلة رائعة للتخلص من التوتر والقلق. حاول إنهاء التمرين قبل النوم بساعة واحدة على الأقل. تعمل التمارين القوية على تنشيط الجسم وتسخينه لذا اترك وقتًا كافيًا لتهدأ قبل النوم. [1]
أما إذا استمرت مشاكل نومك فحاول التحدث لطبيب مختص في هذا الأمر؛ حيث يمكنه تقديم توصيات إضافية مثل العلاج السلوكي المعرفي للأرق، وهو علاج مثبت للأرق، وبالنسبة لأولئك الذين لا يزالون يمارسون التباعد الاجتماعي تُظهر الدراسات أن العلاج المعرفي السلوكي فعال بنفس القدر حتى عند تقديمه عن طريق التطبيب عن بعد. [1]
إقرأ أيضًا: تأثير جائحة كورونا على الصحة النفسية
مصادر ماهو أرق الكورونا وماهي أسبابه؟
1. Sleepfoundation
2. Clevelandclinic
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :