كيف يُسبب فيروس كورونا تغيرات في حاسّة الشّم؟
يتعرض 80% من المصابين بفيروس كورونا لتغيرات في حاستي التذوق والشم، وتتنوع تغيرات حاسة الشم من ضعف إلى فقدان تام، وقد تحدث حالة تعرف بال«parosmia» عند القليل من المصابين يفسر فيها الدماغ كل الروائح أو بعضها على أنها كريهة وغير مرغوبة، وتحدث هذه الحالة أثناء التعافي من الفقدان التام لحاسة الشم لفترة طويلة.
يختلف فقدان الشم بسبب فيروس كورونا عن فقدانه بسبب نزلات البرد أو الإنفلونزا لأنه عند الإصابة بفيروس كورونا غالبًا مايكون مفاجئًا وغير مصاحب بإحتقان في الأنف، ولذلك ينصح الأطباء بالعزل لمن يصابون بهذه الأعراض إلى أن تثبت عدم إصابتهم.[1]
لنعرف كيف يؤثر هذا الفيروس على حاسة الشم دعونا أولًا نتعرف على كيفية عملها:
محتويات المقال :
كيف تحدُث حاسة الشم؟
تقع العصبونات المسؤولة على حاسة الشم في «الغشاء المخاطي الشمي» الموجود في المنطقة العليا من التجويف الأنفي. يتكون هذا الغشاء من 3 أنواع من الخلايا الرئيسية:
1. «خلايا قاعدية-basal cell» مسؤولة على تجدد باقي الخلايا.
2.«العصبونات الشمية-olfactory neurons» وهي الخلايا المسؤولة عن الإستجابة لجزيئات الروائح المتبخرة عن طريق مستقبلات موجودة في أهداب هذه العصبونات.
3.«الخلايا الداعمة-supporting cell» تعمل على توفير بيئة مناسبة تستطيع فيها العصبونات الإستجابة للروائح.
تحدث حاسة الشم عندما تذوب جزيئات الرائحة المتبخرة في الغشاء المخاطي، ومن ثم تصل للمستقبلات الموجودة في أهداب العصبونات الشمية، فتستجيب هذه العصبونات وتبعث إشارات عصبية إلى «البصيلات الشمية-olfactory bulb» الموجودة في نهاية الأنف، فتستجيب خلايا البصيلات الشمية وتبعث هذه الإشارات العصبية للدماغ فيميز هذه الروائح. [4]
كيف يُسبب فيروس كورونا ضُعف أو فقد في حاسّة الشّم؟
اعتقد العلماء في بداية جائحة الكورونا أن الفيروس يؤثر بشكل مباشر على العصبونات الشمية واعتقدوا أنه ربما يكون هذا طريق للفيروس تجاه الدماغ ولكن الأبحاث الحديثة لا تدعم هذه الفرضية كثيرًا.
تُشير الدراسات الحديثة إلى أنّ الفيروس لا يُصيب العصبونات بشكل مباشر لأنها لاتحتوي على المستقبل الرئيسي الذي يصيب به الفيروس الخلايا «ACE2 receptor»، ولكن الفيروس يُصيب الخلايا الداعمة الموجودة في الغشاء المخاطي الشمي. إصابة الخلايا الداعمة تجعل تلك الخلايا غير قادرة على توفير البيئة المناسبة لعمل العصبونات الشمية، وبذلك تسبب ضعف أو فقد في حاسة الشم.
أيضًا تساعد الخلايا الداعمة أهداب العصبونات الشمية في الإستجابة لجزيئات الرائحة المتبخرة لذلك إصابة تلك الخلايا يجعلها غير قادرة على مساعدة تلك الأهداب وبالتالي تضعف أو تُفقَد حاسّة الشّم. [2]
تدعم عدة دراسات طريقة عمل الفيروس هذه -أي عن طريق إصابة الخلايا الداعمة لا العصبونات- إحدى تلك الدراسات دراسة نُشِرت في مجلة «Brain, Behavior and Immunity» أَصاب فيها العلماء مجموعة من حيوانات التجارب «بفيروس كورونا- SARS_COV_2». بعد يومين من إصابة الحيوانات وجد العلماء الخلايا الداعمة الموجودة في أنوف تلك الحيوانات قد أُصيبت بالفيروس ولكن العصبونات الشمية لم تُصب حتى بعد مرور أسبوعين. [1]
يقول العلماء أنه على الرغم من دعم الدراسات الحديثة لإصابة الفيروس للخلايا الداعمة إلا أن هذا لا يلغي إحتمالية إصابته للعصبونات بشكل مباشر.
غالبًا ما يستمر فقد أو ضعف حاسة الشم لأسابيع قليلة يتعافى بعدها المصاب، ولكن أحيانًا يستمر لفترات أطول. يحدث هذا عندما يكون الضرر بالغ في الخلايا الداعمة هذا ماينتج عنه تغيرات في تركيب ووظيفة العصبونات وأحيانًا حتى موتها. [2]
ماهي parosmia؟ وكيف يكون فيروس كورونا سببًا في حدوثها؟
هي خلل في حاسة الشم يكون فيها الشخص قادرًا على شم الروائح، ولكن تكون رائحة بعض الأشياء أو كلها كريهة وغير مرغوبة. [3]
أحيانًا عندما يُصاب الشخص بفيروس كورونا ويفقد حاسة الشم لفترة طويلة تتكون عصبونات شمية جديدة في مرحلة التعافي. هذه العصبونات الجديدة تتصل بأماكن خاطئة في البُصيلات الشّمية فتُفسَّر روائح بعض الأشياء أو كلها على أنها روائح مختلفة وغير مرغوبة، ولكن هذه الحالة لا تدوم طويلًا لأن العصبونات ستُصحِّح إتصالها مع البصيلات. [1]
في النهاية لازالت الدراسات تحاول أن تُعطي تفسيرًا أكبر لكيفية تأثير هذا الفيروس على حاسة الشم، وعلى الرغم من التأثير السيء للفيروس إلا أنه يُعطي فُرصة حقيقية للبشرية لمعرفة تأثير «الخلايا الداعمة-supportive cell» في حاسّة الشّم لأننا لازلنا نجهل الكثير حول كيفية عمل تلك الخلايا. [2]
مصادر كيف يُسبب فيروس كورونا تغيرات في حاسّة الشّم؟ :
[2] cell.com
[3] fifthsense
[4] basic histology textbook
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :