Ad

اهتم النقاد النفسيون بدراسة علاقة الكاتب بالنص، واهتم النقاد الاجتماعيون بدراسة علاقة الكاتب بالمجتمع، لكن لم يهتم أحد بدراسة علاقة القارئ بالنص حتى جاء النقد التواصلي. فما هو النقد التواصلي؟ وما علاقة القارئ بهذا المنهج النقدي؟ وماذا يقصد بأفق التوقع؟

ما هو النقد التواصلي؟

يسعى النقد التواصلي إلى دراسة العلاقة بين القارئ والنص الأدبي. فالقارئ هو الذي يمنح الوجود للنص، إذ لا يمكن أن يوجد نص دون قارئ، حتى النص الذي يتلفه كاتبه دون أن يعرضه على أحد يكون هو نفسه قارئا له.

قراء النقد التواصلي

يميز النقد التواصلي بين عدة أنواع من القراء، من أهمها؛ القارئ المتضمن، القارئ المثالي، والقارئ المجهول.

القارئ المتضمن

وهو أي قارئ أشار له الكاتب داخل النص الأدبي، كأن يقول “عزيزي صاحب الظل الطويل” أو “أخي العزيز” أو “أصدقائي الأعزاء”. ولا يعد هذا القارئ هو المستهدف الوحيد من النص، بل كل من يقرأ النص سواء انطبق عليه وصف العبارة أم لا.

القارئ المثالي

يتميز هذا القارئ بثقافة واسعة تمكنه من فهم كل ما يكتبه الكاتب، والوصول إلى المعنى المراد منه، وتوفهم كل الحالات النفسية والأوضاع الاجتماعية التي يصفها الكاتب. وهو، إضافة إلى ذلك، عليم بتقنيات الكتابة وأساليب الفن، بحيث يستطيع الحكم على النص الأدبي من منطلقات منطقية وليس من خلال ذوقه فقط.

القارئ المجهول

“وهو القارئ الحقيقي الموجود في الواقع. [1] لا يعلم الكاتب أي شيء عن هذا القارئ، لأن أي شخص قادر على امتلاك كتابه يستطيع قراءته. ويمز القارئ المجهول لتعدد التأويلات والقراءات التي يمكن أن تفهم من خلال النص. إذ يمكن لنص واحد أن يدل على الرغبة في الحياة والرغبة في الموت بالاعتماد على قراء مختلفين وتأويلات وقراءات مختلفة.

ما الذي يقصده النقد التواصلي بأفق التوقع؟

أفق التوقع أو أفق الانتظار هو ما يتوقعه القارئ حين يقرر قراءة عمل أدبي ما، فإن فتح رواية عنوانها “رسائل بيلي” فسوف يتوقع وجود رسائل بداخلها، أو شيئا متصلا بشخص اسمه بيلي. إن كانت الرواية تتحدث عن شخص اسمه بيلي ورسائل له أو رسائله هو إلى شخص ما فسوف يكون أفق التوقع/الانتظار قد لبي. أما إذا لم تكن الرواية  تتحدث عن أي رسائل ولا تذكر شخصا اسمه بيلي فسوف يكون أفق التوقع/الانتظار قد كسر.

هل أكسره، أم لا أكسره؟ هذا هو السؤال

للكاتب خياران؛ إما أن يلبي أفق التوقع/الانتظار، أو يكسره. وسواء لبى الكاتب أفق التوقع/الانتظار أو كسره وخرج عنه، تظل مهارة الكاتب في بناء عوالمه وقصصه وكذا أسلوبه هي التي تحدد رد فعل القارئ. لكن، عموما يفضل الاعتماد على القواعد المعتادة والإبداع في نطاقها، كأن تكتب رواية غرامية دون أن تكون القصة تقليدية مستهلكة، بل مختلفة تكسر أفق تلقي القارئ دون أن تكسره فعلا.

ما الذي يحدد أفق التوقع/ الانتظار؟

يتغير أفق التوقع/الانتظار حسب الخلفية الثقافية الخاصة بالقارئ. فالقارئ العربي لن يتذوق الأدب الروسي كما يتذوقه قارئ روسي، والقارئ الروسي لن يتذوق الأدب العربي كما يفعل القارئ العربي مهما كانت الترجمة محكمة. فالتشبيهات والمجازات والاستعارات تتغير بتغير الخلفية الثقافية.

خاتمة

ركز، إذا، النقد التواصلي على علاقة القارئ بالنص الأدبي، وأفق توقعه/ انتظاره الذي يتحكم في حكمه على النص. أفق التوقع/الانتظار هذا الذي تتحكم فيه الخلفية الثقافية لكل قارئ، فتتغير التأويلات والقراءات حسب كل قارئ.

المصادر

[1] مبادئ تحليل النصوص الأدبية، بسام بركة، ماتيو قويدر، هاشم الأيوبي.

[2] مناهج النقد المعاصر، صلاح فضل.

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


غير مصنف فكر فنون أدب

User Avatar

زكية بلحساوية


عدد مقالات الكاتب : 10
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق