كيف اكتشفت الأشعة السينية ؟
قبل أكثر من خمسين عامًا فتحت الأشعة السينية (X-ray) الباب أمام عالم جديد تمامًا، كما نعلم يمر الضوء العادي من خلال الزجاج، ولكن عندما أعلن «فيلهلم كونراد رونتجن-Wilhelm Conrad Röntgen» اكتشاف طريقة لرؤية المواد المعتمة مثل الخشب والمعادن والجسد البشري أحدث ثورة في الطب التشخيصي وبشر بعصر الفيزياء الحديثة.
في نوفمبر عام 1895، أثناء تجربة تدفق التيار الكهربائي في أنبوب زجاجي مفرغ جزئيًا (أنبوب أشعة الكاثود)، وكان أنبوب الكاثود الخاص به مغطى بورق أسود كثيف. لاحظ رونتجن أن قطعة قريبة من البلاتينوسيانيد الباريوم أعطت الضوء عندما كان الأنبوب قيد التشغيل. افترض أنه عندما ضربت أشعة الكاثود (الإلكترونات) الجدار الزجاجي للأنبوب، تسببت في تشكيل أشعاعاً غير معروف ارتطم بالمادة الكيميائية وسبب التوهج. رغم عدم معرفته بصحة ملاحضاته إلا انه كان مقتنعًا بالفعل بأنه اكتشف شيئًا مذهلًا واستمر بإجراء بعض التجارب الأخرى.
حيث وضع كتابًا وألواحًا معدنية بين الأنبوب والشاشة، ومرت هذه الأشعة الجديدة بسهولة من خلالهم. المعادن الوحيدة التي أوقفت تلك الأشعة كانت البلاتين والرصاص، ولمعرفته البسيطة عن هذا الضوء الغامض، فقد أطلق عليه رونتجن اسم الأشعة السينية (أشعة اكس).
التطور الأكثر روعة حدث عندما وضع يده بين الأنبوب والشاشة، حيث استوعبت العظام كمية أكثر من هذه الأشعة مقارنة باللحم في يده، وعلى الشاشة الفلورسنت رأى مخططًا ليده بالعظام التي بداخلها بشكل واضح كظلٍ أكثر كثافة.
وفي 22 ديسمبر عام 1895، استبدل الشاشة بلوحة فوتوجرافية، وطلب من زوجته وضع يدها بين اللوحة والأنبوب، ثم شرع في تطوير هذه اللوحة ليخرج أول صورة شعاعية في العالم، صورة يد زوجته تظهر فيها بوضوح العظام والخاتم في إصبعها.
ترك اكتشاف رونتجن انطباعًا مذهلًا لدى عامة الناس وسرعان ما انتشرت قصة الأشعة التي كشفت العظام في جسم الإنسان في الصحف والمجلات.
وفي أمريكا، بنى «توماس إديسون-Thomas Edison» جهاز فلوروسكوب، وهو جهاز يشبه إلى حد ما جهاز المنظار المجسم، إلا أنه كان مزودًا بشاشة يمكن أن تتوهج في وجود الأشعة السينية. الآن أي شيء يوضع بين الفلوروسكوب والأنبوب سيظهر كظل للأشعة السينية على الشاشة.
في مايو 1896، ذهب إديسون مع «دالي-Dally» إلى معرض الرابطة الوطنية للضوء الكهربائي في مدينة نيويورك لإظهار منظار الفلوروسكوب. اصطفَ المئات للحصول على فرصة الوقوف أمام شاشة الفلورسنت لرؤية عظامهم، ووصفها البعض بصورة “الأشباح” وكانت الأكثر جاذبية في المعرض.
أدرك الأطباء أهمية هذه الصورة فلم يستغرقوا وقتًا طويلًا حتى وجدوا أنها يمكن أن تكون أحد أهم وسائل التشخيص التي تم ابتكارها على الإطلاق. أعطتهم صور اليد فكرة عبقرية تمكنهم من رؤية الأشياء التي كانوا يلجأوا إلى تخمينها سابقًا.
ومثل العديد من العلماء العظماء الآخرين، فتح رونتجن الباب أمام عالم النشاط الإشعاعي. فقد حفز هذا الاكتشاف الفرنسي «هنري بيكوريل-Henri Becquerel» للتحقيق في الخصائص الإشعاعية للمواد المختلفة، عندما بحث هنري بيكريل في الأشعة السينية المكتشفة حديثًا في عام 1896، أدى إلى دراسات حول كيفية تأثر أملاح اليورانيوم بالضوء. بالصدفة، اكتشف أن أملاح اليورانيوم تبعث تلقائيًا إشعاعًا يمكن تسجيله على لوحة فوتوغرافية. أوضحت دراسات أخرى أن هذا الإشعاع كان شيئًا جديدًا وليس إشعاعًا بالأشعة السينية لقد اكتشف ظاهرة جديدة، النشاط الإشعاعي.
ولا ننسى دور مدام ماري كوري، حيث نجحت ماري وبيير كوري في عزل أملاح الراديوم المشعة في مختبرهما في باريس. في عام 1898، اكتشفوا وجود عناصر الراديوم والبولونيوم، وبذلك تم منحهم جائزة نوبل مع العالم هنري لتحقيقاتهم الرائدة في النشاط الإشعاعي.
وقد قام الدكتور «ويليام كوليدج-William Coolidge» وغيره الكثير بتطوير أنابيب الأشعة السينية. في عام 1916، حصل كوليدج على براءة اختراع لأنبوب الأشعة السينية القادر على إنتاج كميات عالية من الإشعاع وأصبح أنبوب Coolidge النموذج الأولي لأنبوب الأشعة السينية الحديثة.
تعتبر الأشعة السينية جزء مهم من علم المعادن، كما تستخدم في المصانع لفحص المسبوكات، وكذلك في المستشفيات للمساعدة في إنقاذ الأرواح.
الآفاق العلمية الجديدة التي سببتها هذه الاكتشافات جعلت من المستحيل ممكناً وقادتنا إلى اختراعات عظيمة وعوالم علمية لم يتم اكتشافها بعد فالوقت وأبحاثنا المضنية فقط ما يمكّننا من الوصول إليها.
المصادر:
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :