استعد للانبهار فهناك شركة ناشئة ثورية تدعى سافور (Savor) تنتج الزبدة من ثاني أكسيد الكربون باستخدام أحدث العمليات البيوكيميائية، ويدعمها الملياردير بيل جيتس. حيث تقوم الشركة بإنشاء زبدة مصنوعة في المختبر تكون مطابقة جزيئيًا للزبدة الحقيقية، ولكن مع لمسة جديدة. فهي مصنوعة من ثاني أكسيد الكربون والهيدروجين، دون الحاجة إلى الحيوانات أو النباتات أو الأراضي الزراعية.
تتمتع هذه التكنولوجيا المتقدمة بالقدرة على خفض انبعاثات الغازات الدفيئة الناتجة عن الزراعة. ووفقًا لجيتس، فإن هذه العملية لا تطلق أي غازات دفيئة، ولا تستخدم أي أرض زراعية وأقل من جزء من الألف من المياه التي تستخدمها الزراعة التقليدية. لكن كيف فعلوا ذلك؟
محتويات المقال :
البصمة الكربونية للزبدة التقليدية
الزبدة، وهي عنصر أساسي في العديد من المأكولات، لها تأثير كبير على البيئة بشكل مدهش. يرتبط إنتاج الزبدة التقليدية ارتباطًا وثيقًا بصناعة الألبان، التي تساهم بشكل كبير في انبعاثات الغازات الدفيئة. إن قطاع الثروة الحيوانية ككل، والذي يشمل تربية الحيوانات المنتجة للألبان، يمثل حوالي 14.5% من انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية.
يمكن تقسيم البصمة الكربونية للزبدة التقليدية إلى عدة مراحل. أولاً، تنتج الأبقار غاز الميثان كجزء من عملية الهضم، وهو أحد الغازات الدفيئة القوية. ثانياً، تتطلب زراعة المحاصيل العلفية لهذه الأبقار، مثل الذرة وفول الصويا، كميات كبيرة من الطاقة والمياه. بالإضافة إلى ذلك، يؤدي نقل الحليب من المزارع إلى مصانع المعالجة، وفي النهاية إلى المتاجر، إلى توليد المزيد من الانبعاثات.
وفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) التابعة للأمم المتحدة، فإن إنتاج كيلوغرام واحد من الزبدة يولد حوالي 19.2 كيلوغرام من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المكافئة. وهذا يعادل قيادة السيارة لمسافة 86 كيلومترًا تقريبًا.
ولا يقتصر التأثير البيئي لإنتاج الزبدة على انبعاثات الغازات الدفيئة. حيث تستهلك صناعة الألبان أيضًا كميات هائلة من المياه، حيث تشير بعض التقديرات إلى أن الأمر يتطلب حوالي 1000 لتر من الماء لإنتاج كيلوغرام واحد فقط من الزبدة. علاوة على ذلك، تساهم صناعة الألبان بشكل كبير في تلوث المياه، حيث يؤدي السماد الناتج عن مزارع الألبان إلى تلويث الممرات المائية والنظم البيئية.
تاريخ موجز للدهون الاصطناعية والأطعمة المصنعة في المختبر
إن مفهوم إنتاج الدهون الاصطناعية والأطعمة المصنعة في المختبر ليس جديدًا. في الواقع، يعود تاريخه إلى أوائل القرن التاسع عشر عندما بدأ الكيميائيون لأول مرة في تصنيع مركبات عضوية بسيطة مثل اليوريا وحمض الخليك. ومع ذلك، لم يتم إنتاج أول دهون اصطناعية إلا في أوائل القرن العشرين.
في عشرينيات القرن العشرين، طور الكيميائي الألماني فرانز فيشر عملية لتخليق الأحماض الدهنية من أول أكسيد الكربون والهيدروجين. أدى هذا الاكتشاف إلى إنتاج الصابون ومواد التشحيم الاصطناعية. وفي الخمسينيات والستينيات، بدأ العلماء في إجراء التجارب على الطحالب والبكتيريا لإنتاج الأحماض الدهنية غير المشبعة، والتي تعتبر ضرورية لصحة الإنسان.
وفي العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، تم إنشاء أول لحم مصنع في المختبر باستخدام تقنيات هندسة الأنسجة. ومنذ ذلك الحين، توسع مجال البيولوجيا التركيبية بسرعة، حيث تعمل شركات مثل سافور وغيرها على تطوير طرق مستدامة وصديقة للبيئة لإنتاج الغذاء.
الزبدة من ثاني أكسيد الكربون
تبدأ العملية بأخذ ثاني أكسيد الكربون من الهواء، ثم دمجه مع الهيدروجين المستخرج من الماء. يتم بعد ذلك إخضاع الخليط لسلسلة من التفاعلات الكيميائية الحيوية، التي يتم تحفيزها بواسطة الإنزيمات، والتي تعيد ترتيب الذرات إلى سلاسل أحماض دهنية معقدة. وهذه السلاسل مماثلة لتلك الموجودة في الزبدة الطبيعية، وتحتوي على نفس التركيب الجزيئي والخصائص.
الزبدة الناتجة ليست فقط صديقة للبيئة ولكنها أيضًا مطابقة للزبدة التقليدية في المذاق والملمس. وقد شهد بيل جيتس، أحد المستثمرين في شركة سافور، شخصيًا على الجودة الاستثنائية للزبدة، قائلاً أنه لم يستطع تصديق أنه لم يتناول زبدة حقيقية.
استثمار بيل جيتس في الشركة
كمستثمر، لم يقدم جيتس الدعم المالي فحسب، بل قدم أيضًا صوته المؤثر لثورة الغذاء المستدامة. لكن ما الذي جذبه إلى هذا المشروع؟ الجواب يكمن في الأرقام.
تساهم الزراعة التقليدية بشكل كبير في انبعاثات الغازات الدفيئة، حيث تمثل ما يصل إلى 8.5% من الانبعاثات العالمية. من خلال استبعاد الزراعة من المعادلة، تعد زبدة سافور المصنعة في المختبر بخفض الانبعاثات وتخفيف الأثر البيئي لإنتاج الغذاء. يرى جيتس أن هذا الابتكار خطوة حاسمة نحو مستقبل أكثر استدامة.
وكتب غيتس في مدونته حول زبدة سافور المصنوعة في المختبر قائلًا أن مذاقها جيد حقًا، مثل الزبدة الحقيقية، لأنها كذلك كيميائيًا. وتأييده الحماسي يدل على الفهم العميق للعلم وراء هذه التكنولوجيا الثورية.
لا يقتصر استثمار جيتس في سافور على دعم فكرة جديدة فحسب؛ يتعلق الأمر بدعم حل قابل للتطوير يمكنه إحداث تغيير ملموس في البصمة البيئية لإنتاج الغذاء. وبدعم منه، تستعد شركة سافور لتسريع تطوير التكنولوجيا الخاصة بها، مما يجعل الزبدة المصنوعة في المختبر وغيرها من الأطعمة المستدامة في متناول الجماهير.
مستقبل إنتاج الغذاء
يكمن مستقبل إنتاج الغذاء في جعل العملية فعالة من حيث التكلفة وقابلة للتطوير. ووفقًا للبروفيسور ديفيس، فإن جمال الدهون المصنعة في المختبر يكمن في تركيبها الكيميائي، الذي يسمح بضغوط ودرجات حرارة أعلى، مما يؤدي إلى كفاءة ممتازة. وهذا يعني أنه يمكن بناء مفاعلات كبيرة لإنتاج كميات هائلة من الزبدة وغيرها من الدهون المصنعة في المختبر، مما يمهد الطريق لثورة غذائية مستدامة. باستخدام تقنية سافور، يمكننا تصور مستقبل حيث يتم تخفيف التكاليف البيئية للزراعة، ويتم الحفاظ على النظم البيئية الطبيعية.
المصدر
Lab-Made Butter Created From CO2 Tastes Like The Real Thing, Says Bill Gates | iflscience
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :