يعد جامع القيروان الكبير أو جامع عقبة بن نافع، الواقع في مدينة القيروان في تونس، من أقدم المعالم الإسلامية وأكثرها أهمية في العالم. يمتاز بتاريخٍ غنيٍّ يمتد لأكثر من 13 قرنًا، كان بمثابة مركزٍ للعبادة والتعلم والثقافة لأجيال من المسلمين. وقد جذبت عمارته الرائعة وتصميمه المعقد الزوار من جميع أنحاء العالم. في هذا المقال سوف نستكشف تاريخ وأهمية جامع القيروان الكبير.
محتويات المقال :
بناء جامع القيروان
بدأ بناء جامع القيروان الكبير عام 670 م، بعد أمر من القائد العربي عقبة بن نافع الذي أسس مدينة القيروان كقاعدة عسكرية [1]. بنِي المسجد في موقع كنيسة مسيحية سابقة. وقد كان الهدف منه أن يكون رمزًا لقوة الإسلام المتنامية في شمال إفريقيا. خضع المسجد على مرّ القرون للعديد من التجديدات والتوسّعات، أضاف كلٌّ منها إلى أهميته المعمارية والثقافية [2].
بعد التجديدات التي أجراها حسن بن النعمان في عام 703م، والتوسعات في عهد الحاكم بشر بن صفوان722 – 728م، وتجديد آخر في عهد يزيد بن حاتم في عام 772م، أعيد بناء المسجد بالكامل من قبل الأمير الأغالبي زيادة الله الأول عام 836م، وعندها اتخذ أبعاده الحالية [3].
بنية جامع القيروان
يشغل المسجد مساحة تزيد عن 9000 متر مربع [2] ، وينقسم إلى صحنٍ -ذو بعدي 67×52 م- وحرم، وهو محاطٌ من الجهاتِ الأربع برواقٍ ذي صفوفٍ مزدوجة من الأقواس تتخذ شكل حدوة حصان. يُدعَم الرّواق بأعمدة من أنواعٍ مختلفة من الرخام والغرانيت أو من الرخام السماقي. والتي أعيد استخدامها من الآثار الرومانية أو المسيحية المبكرة أو البيزنطية خاصة من قرطاج. يمكن الوصول إلى الفناء من خلال ستة مداخل جانبية تعود إلى القرنين التاسع والثالث عشر [1].
بينما يتألف الحرم من 17 مجازاً طوليّاً و 8 مجازات عرضيّة [3]. يتقاطع المجاز المركزي الطولي مع العرضي بزاوية قائمة أمام المحراب مشكّلةً شكلًا مربّعاً. يوجد هذا الشكل أيضًا في مسجدين عراقيين في سامراء (حوالي 847 م). وقد اعتمِد في العديد من مساجد شمال إفريقيا والأندلس [1].
ترتفع فوق هذا المربع قبة مخددة مثبتة على حنيات منحوتة من الحجر. زيِّنت بزخارف وردية متعرجة ومتعددة الأوراق مستوحاة من الزخارف الأموية. يشكل العدد الكبير من الأعمدة والتيجان القديمة في قاعة الصلاة وفي الرواق حول الفناء أكبر عددٍ من التيجان الرومانية والبيزنطية في أي نصب أو متحف إسلامي [3].
مئذنة الجامع
يبلغ ارتفاع المئذنة، التي تحتل وسط الواجهة الشمالية للجامع، 31.5 مترًا. وترتكز على قاعدة مربعة طولها 10.7 مترًا من كل جانب. تقع داخل حدود الجامع ولا يمكن الوصول بشكل مباشر إليها من الخارج. وتتكوّن من ثلاثة مستويات متدرجة، آخرها تعلوه قبة صغيرة مضلعة بنِيت على الأرجح في وقت متأخر عن بقية البرج. يعلو الطابقين الأول والثاني شرافاتٌ مستديرة تتخلّلها شقوقٌ لإطلاق السهام. فقد كانت المئذنة بمثابة برج مراقبة بالإضافة إلى وظيفتها في الدعوة للصلاة [1].
قباب الجامع
للمسجد عدة قباب ، أكبرها قبتان، إحداهما تقع فوق المحراب وتقع الثانية فوق مدخل قاعة الصلاة من جهة الفناء. ترتكز قبة المحراب على أسطوانة مثمنة الأضلاع ذات جوانب مقعرة قليلاً. وترتفع عن قاعدة مربعة مزينة في كل وجه من وجوهها الثلاثة الجنوبية، والشرقية، والغربية بخمس محاريب مسطحة، تعلوها خمسة أقواس نصف دائرية. هذه القبة ، التي يعود بناؤها إلى النصف الأول من القرن التاسع (نحو 836 م) ، هي واحدة من أقدم القباب وأكثرها شهرة في العالم الإسلامي الغربي [1].
أهمية جامع القيروان
بالإضافة إلى أهميته المعمارية ، يعد الجامع الكبير بالقيروان مركزًا ثقافيًا ودينيًا مهمًا. كان بمثابة مركز للتعليم الإسلامي لعدة قرون، حيث يحتوي مكتبة تضمّ آلاف المخطوطات النادرة[3]. كما يعد المسجد موطنًا لعدد من القطع الأثرية الدينية المهمة، بما في ذلك أقدم نسخة متبقية من القرآن في شمال إفريقيا [2]. اليوم ، ما يزال المسجد يمثل موقعًا مهمًا للحج للمسلمين من جميع أنحاء العالم. إذ يأتون للصلاة والتأمل في التاريخ الغني وفي الأهمية الثقافية لهذا النصب الرائع.
المصادر
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :