تصاعدت في الأونة الأخيرة أحداث العنف الناتجة عن التمييز العرقي والعنصرية، وأصبح الحديث عن التمييز العرقي والعنصرية بمثابة تحديًا كبيرًا أمام الآباء. فلماذا أصبح من المهم الحديث عن العنصرية؟ وما هو العمر المناسب لإجراء المحادثات معهم حول العنصرية؟ وما هي أفضل النصائح التي يمكن أن تتبعها لإجراء المناقشات الناجحة حول تأثير تلك المشاهد العنصرية على أطفالك؟
إن العنصرية في معناها البسيط هي: التحيز العرقي الذي تدعمه القوة الإجتماعية والمؤسسية. فهو نظام تمييز على أساس العرق، ونظام القهر على أساس العرق.
والعنصرية موضوع معقد. يوثر في حياتنا اليومية وعلى طريقة تفاعلنا مع بعضنا البعض. فينبغي معالجته بطرق تتناسب مع عمر الطفل. فقد لا يدرك الطفل مصطلح العنصرية، لكنه يفهم معني الصواب والخطأ، ويدرك معنى العدل ويميز الظلم.
محتويات المقال :
لماذا من المهم الحديث مع أطفالك عن العرق والعنصرية؟
دائمًا ما يتعرض الأطفال لمواقف تُبرز معنى العنصرية. سواء عبر وسائل التواصل الإجتماعيي أو في الأماكن العامة. وقد يكونو هم من في قلب الموقف أو شاهدين عليه. فيأتي هنا دور التنشئة الإجتماعية والحديث عن الإختلاف العرقي والإختلافات بين الناس على احترامهم وتقديرهم، مما يؤدي إلي بناء التعاطف والرحمة مع الآخرين. فيصبح الأطفال أكثر قدرة على رؤية الأشياء في عالمهم، مما يؤهلهم لفعل شئ حيال ذلك في المستقبل.
ما هو العمر المناسب للحديث عن العنصرية مع الطفل؟
لكن تشيرالأبحاث إلى أنه حتى مرحلة الطفولة، يبدأ الطفل في إظهار التفضيل لبعض ألوان البشرة والوجوه. وأن الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم 2 أو 3 أعوام، يمكنهم البدء في استخدام العرق لشرح السلوك. ومع تطور اللغة قد يبدأ الأطفال في إبداء الملاحظات أو طرح الأسئلة حول كيفما يبدو الأشخاص حولهم.
فقد يسأل الطفل شيئّا كهذا “لماذا تبدو بشرة هذا الشخص هكذا؟” أو “لماذا يبدو شعره هكذا؟” عندما يبدأ الطفل في طرح أسئلة حول كيف يبدو الناس، استغل فورّا استخدام هذه اللحظات كفرص لإجراء المناقشات معه.
ما هي بعض الإرشادات للحديث عن العرقية والعنصرية؟
تختلف المحادثات عن مثل هذا الموضوع من عائلة إلى أخرى، اعتمادا على العرق، الجنسية، التجارب الشخصية مع العنصرية،.. لكن هناك بعض الطرق والأدوات التي ستساعدك على إجراء محادثات ناجحة مع طفلك حول موضوع العنصرية إليك بعضها:
كن على علم بالتحيزات الخاصة بك
فإن ما ينتبه إليه الأطفال حقًا هو سلوك البالغين، يمكنك التحدث مع طفلك كيفما تشاء بإستمرار. لكن إذا كنت تتصرف بطرق تُظهر إجتنابك للأشخاص ذوي البشرة السمراء فسيلاحظ أطفالك ذلك، وسيقلدون سلوكك بشكل كبير، سيقلدون حتى لغة الجسد الخاصة بك وما يصدر منك تجاه الآخرين.
إنه لأمر مهم جدًا أيضًا للآباء ذوي البشرة البيضاء، فقد أظهرت الأبحاث أن الأطفال من جميع الأعراق يبدأون في تطوير” تفضيل اللون الأبيض” في سن مبكرة، ويستمرون في التفضيل حتى مرحلة البلوغ. فيتلقى الأطفال ذوي البشرة البيضاء هذه الرسائل حول كونهم مُفضلين ومثاليين، لذلك فهو بمثابة تحديّا كبيرًا للآباء.
استخدم الكتب المصورة
لاحظ ما قد يتعلمه طفلك من خلال القصص المصورة، إذا كانت جميع الشخصيات قي الكتاب تبدو متشابهة، اسأل طفلك عن رأيه في ذلك. وإذا كانت الشخصيات متنوعة، فاسأله شيئًا مثل: ما الشخصة التي تريد أن تكون صديقًا لها؟ ستُصدم بإجاباته لكن حاول ألا تتفاعل مع إجابته، فالهدف هو فهم ما يعرفه وما لا يعرفه وما قد يفكر به بالفعل. يمكنك بعد ذلك مساعده طفلك على التعلم من خلال طرح المزيد من الأسئلة واعداد نفسك للمزيد من المحادثات في المستقبل.
تدرب على ما تريد قوله قبل أن تقوله
دائمًا ما نواجه صراعًا كبيرًا عندما يتعلق الأمر بمعالجة العنصرية مع أطفالنا، فالبعض يخشى أن تثير مثل تلك النقاشات الخوف وعدم الراحة بسبب عدم الجاهزية لما قد يسأل عنه الطفل.
لكن يمكنك أن تتغلب على تلك الأزمة بالتحدث مع شخص بالغ آخر أولاً، فيساعدك الأمر على الشعور بالراحة تجاه ما تريد قوله. حاول أن تتخيل أسئلة قد يطرحها طفلك وكن مستعدًا للإجابة.
أسأل طفلك عما يشعر به باستمرار وبشكل مباشر
يبدو الأمر بسيطًا، لكنها خطوة مهمة، خاصةً عند تعرض الأطفال للمواقف والأخبار السيئة. فأحيانًا لا يستطيع الطفل التعبير عما يشعر به، أو إذا ما كان قلقًا بشأن شئ ما. أنت أفضل من يعرف طفلك، فكن على دراية دائمًا بمشاعره، وما إذا كان هناك شيئًا يقلقه أو يخاف منه، أو ما إذا تعرض للأذى.
ستتفاجئ أيضّا أن الأطفال ذوي البشرة السمراء يشعرون بالقلق والخوف على والديهم، حينها يجب على الآباء أن يكونوا صادقين مع أبناءهم والعمل على إقناعهم بأنهم بعيدون عن الأذى، كما أنهم يبذلون ما في وسعهم للإبتعاد عن أي أذى، كما يمكنهم توضيح ما يجب عليهم فعله بشكل صحيح حيال وقوع الأذى.
كيف تجيب على سؤال طفلك “لماذا يحدث كل هذا؟”
باستخدام نشاط بسيط جدًا يمكنك الإجابة على هذا السؤال لطفلك. يمكنك استخدام “بكرة من الخيط” وجعل طفلك يسحب طرفها ويقوم بسحب المزيد من الخيط مع لفه بيديه وجعله متشابكًا بيديه، وهكذا حتى تصبح هناك كرة متشابكة بيد صغيرك، ثم اخبره عن حقيقة العنصرية والقمع والتمييز، وأنها تراكمت لفترة طويلة وتشابكت كالخيط في يديه، وتحدث معه حول الفترة والمجهود التي سيحتاجها لفك تشابك الخيط و”العنصرية”.
اجعل الهدف من محادثاتك مع طفلك غرس الثقة
من خلال القصص والحكايات يستطيع الآباء غرس الثقة في نفوس أطفالهم، لاسيما أصحاب البشرة السمراء، فمن المهم أن يسمعون دائمًا من والديهم ومن المحيطين بهم كم تبدو بشرتهم وملامحهم ونفوسهم جميلة.
ادعم هذه الثقة بإحاطة طفلك في المنزل بالكتب والمجلات والصور والأعمال الفنية والتحف الثقافية التى تبرز جمال وتفضيل أصحاب البشرة السمراء، واسرد لهم حكايات وحدثهم عن القادة والرياضيين من أصحاب البشرة السمراء. سيؤدي ذلك أيضًا إلى تحسين مهارات حل المشكلات وتحسين السلوك في المدرسة، وقدرتهم على تذكر الحقائق والمعلومات لحل المشكلة
ساعد طفلك أن يكون داعمًا
يمكنك بعد ذلك البدء في إجراء محادثات مع طفلك حول كيفية الدفاع عن زملائهم وأصدقائهم في المدرسة مثلاً، اسأل طفلك عما سيفعله إذا رأى شخصيات في قصة ترويها له يستهزأ بها الآخرون، أو يطلقون عليها أسماء قبيحة أو مخيفة بسبب لون بشرتهم، اجعل طفلك يتفاعل مع المشكلة بشكل واضح وصريح، اجعله يرسم صورة أو يكتب عبارة يتفاعل بها مع العنصرية التي تتعرض لها الشخصية في القصة.
أخيرًا، اشرح لطفلك دائمًا أن هناك العديد من الجنسيات والألوان والجماعات. تمامًا كاختلاف ألوان الزهور من حوله واختلاف ألوان وأشكال أقلامه في حافظة أقلامه. فهو ليس صغيرًا أبدًا على التعرض لمثل هذا الموضوع، مقنعًا إياه أنه لا يجب أن نعتقد مجرد اعتقاد أن لونًا أو عرقًا أفضل من الآخر، ولا يجوز أن يعامل الأشخاص بطريقة سيئة بسبب لون البشرة أو الشعر، وأننا جميعًا متساوون ولنا جميعًا نفس الحقوق والاحترام وعلينا نفس الواجبات.
المصادر:
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :