هذه الأرضُ تَعجُّ بمخلوقاتٍ تخطفُ الألباب بمُتقَنِ خَلقها وبديعِ صنعتها، أَنعمِ النظَرَ، تلقى في هذه الطبيعةَ ما يَسرك ويُذهِلك. الطائر الطنان Hummingbird، أحدُ هذه المخلوقات العجيبةِ الرائعة، فألوانهُ الزاهية وسرعة خفقات أجنحته وحجمه الصغير يجعل منه مادةً شائقةً ومثيرةً للفضول. نقدم لكم في هذا المقال دليلاً شاملاً لأهم الحقائق المذهلة عن طائر الطنان الجميل.
محتويات المقال :
أنواع الطائر الطنان
يوجد ما يقرب من 350 نوعًا من طيور الطنان، جميعها تعيش في الأمريكيتين. الغالبية العظمى منها تعيش في المناطق الاستوائية، ثمانية أنواع فقط توجد شمالًا، في الولايات المتحدة الأمريكية. يزِنُ طائر الطنان بالمتوسط أربعة غرامات، ويمكن أن يسمن ليصل إلى ثمانية غرامات قبل رحلة الهجرة الطويلة. يُعد طائر النحلة الطنان Bee Hummingbird أصغر الأنواع، مما يجعله أيضًا أصغر طائر على وجه الأرض. حيث يبلغ طول الذكور أكثر من خمسة سنتيمترات بقليل، بينما يزنُ أقل من غرامين!
وفي المقابل يبلغ طول الطائر الطنان العملاق Giant Hummingbird ثلاثة وعشرين سنتيمترًا ويزن 20 غرامًا تقريبًا، أي ما يقارب عشرة أضعاف وزن طائر النحلة الطنان.
وما بين الطنان العملاق والنحلة العديد من الأحجام والأشكال، والتي قد تكون غريبة بعض الشيء، مثل الطنان ذو منقار السيف sword-billed hummingbird، والذي يملك منقارًا أطول من جسمه!
سرعة أجنحتها العالية
ترفرف طيور الطنان بأجنحتها عند الطيران بسرعات مختلفة، فالطنان العملاق مثلًا تصل سرعة أجنحته إلى 12 ضربة بالثانية! لكن العديد من الأنواع تصل سرعة أجنحتها إلى 50-80 ضربة بالثانية الواحدة، مما يجعل رؤية خفقات أجنحته مستحيلة بالعين البشرية. لكن هذا ليس كل شيء فحسب، يمكن للرقم أن يصل إلى 200 ضربة بالثانية في حال الغوص (طيرانه من الأعلى إلى الأسفل).
هذه الأجنحة العجيبة جعلت الطنان من أكثر الطيور مناورة على هذا الكوكب. هو الطائر الوحيد القادر على الطيران نحو الخلف والجانبين (مثل الطائرة الحوامة أو الهيليكوبتر). إضافة إلى قدرتهم على التحليق لفترات طويلة، بسبب قدرتهم على تحريك أجنحتهم على شكل رقم ثمانية.
يمكن أن يصل معدل ضربات قلب الطائر الطنان إلى أكثر من 1200 نبضة في الدقيقة، أي أكثر من 20 نبضة في كل ثانية! قلوبهم صغيرة جدًا بالنسبة لنا لسماع دقات قلبه، ولكن إذا استطعنا، سيكون مجرد همهمة بصوت مرتفع، وذلك بسبب معدل النبضات المرتفع جداً.
عدوها الطبيعي
صحيح أن الطنان من أكثر الطيور مناورة ورشاقة، لكن حجمه الصغير يجعل قائمة الحيوانات القادرة على افتراسه طويلةً نوعًا مًا. فالزواحف مثل الثعابين والسحالي، سوف تكون سعيدة بوجبة من طيور الطنان، وكذلك الأسماك والضفادع الكبيرة. أضف إلى ذلك أن الطيور الكبيرة أيضًا تشكل تهديدًا على حياة صديقنا الصغير هذا، مثل الجوارح والطيور الجوّابة (من فصيلة طيور الوقواق). لا تنسى اللافقاريات، مثل حشرة فرس النبي (متخيل كمية الذل؟ حشرة تعتدي على طائر! يا نهار أسود ~_~). ولتكتمل الصورة لديك عزيزي القارئ، يمكن للطنان أن يعلق في شباك بعض أنواع العناكب المدارية الكبيرة! حتى في الليل حين تنام الأدغال، يكون صغيرنا هذا مهددًا من قبل الخفافيش وطيور البومة!
مدة وطبيعة حياتها
تعيش طيور الطنان البرية بين 3 إلى 5 سنوات، وربما أقل من ذلك بسبب كثرة أعدائه. أحد طيور الطنان التي تمت دراستها سجل 12 عامًا، ولكنه كان يعيش مأسورًا في بيئة آمنة وليس في موطنه الطبيعي.
تعيش طيور الطنان في أعشاش صغيرةٍ جدًا لا تتجاوز حجم نصف قشرة الجوز! ليس من السهل إيجاد أعشاشها، فعادة ما تكون مخفية بين غصون الأشجار الكثيفة. ولكن هذه التحف المعمارية الصغيرة المصنوعة من الطحالب والأشنة وخيوط العناكب تستحق رحلة البحث عنها!
يملك الطائر الطنان استقلابًا سريعًا جدًا، وذلك بديهي عندما تتذكر معدل نبضات قلبه وسرعة أجنحته. لذلك هو جائع دائمًا، ويحتاج إلى ما يقارب نصف وزن جسمه من الطعام يوميًا، والذي يتكون من رحيق الأزهار والعناكب والحشرات الصغيرة. وفي الحقيقة يأكل الطنان كميات صغيرة جدًا من الطعام في الوجبة الواحدة، لك أن تتخيل أنه يمكن أن يتضور جوعًا إذا نام بطريقة طبيعية. لذلك ينام هذا الطائر بشكل أعمق وبطريقة أشبه بالسبات القصير، مما يبطئ من عملية الاستقلاب ويحميه من الموت جوعًا!
رحلة هجرتها الطويلة
تقضي العديد من الطيور الطنانة الشتاء في أمريكا الوسطى قبل أن تهاجر شمالًا من أجل موسم التكاثر في الربيع. يبدو أن هجراتهم موجهة عن طريق طول الأيام وموقع الشمس في السماء، وغالبًا ما تغادر الطيور أو تصل إلى أراضي التكاثر في نفس اليوم تقريبًا من كل عام.
تملك طيور الطنان الحمراء Rufous hummingbird أطول هجرة على الإطلاق، حيث تسافر أكثر من 6000 كيلومتر بين المكسيك وألاسكا.
من المثير للإعجاب أن الطائر الطنان ياقوتي الحنجرة Ruby-throated hummingbird يطير مسافة 800 كيلو متر بلا توقف عبر خليج المكسيك. ربما لن يكون هذا الرقم كبيرًا بالنسبة إلى الكثير من أنواع الطيور، إلا أن الطيور الطنانة تستغرق أكثر من 20 ساعة لعبور هذه المسافة، وهو يعتبر إنجازًا عظيماً بالنسبة إلى طائر يجب أن يأكل 5-8 مرات بالساعة ليتجنب الموت جوعًا.
لسانها خارق السرعة
لم ننتهِ بعد! فلسان هذا الطائر أعجوبة حقيقية. تمكن العلماء من دراستها مؤخرًا بعد استخدام تقنيات تصوير متطورة جدًا. تبيّن أن الطنان يستخدم لسانه المرن على شكل مضخة صغيرة، والتي تعمل بطريقة مشابهة للشرب عن طريق القشة. وهذا يحدث بسرعة عالية جدًا، فلسان الطائر الطنان يدخل ويخرج من الزهرة عند شرب رحيقها بسرعة تصل إلى عشرين مرة في الثانية!
هل هي مهددة بالانقراض؟
حاليًا 10% من أنواع الطيور الطنانة مدرجة في قائمة الاتحاد الدولي للحفاظ على البيئة IUCN International Union for Conservation of Nature على أنها إما مهددة بالانقراض بشكل خطير أو مهددة بالانقراض أو معرضة للخطر. يعد المساهم الأكبر في ذلك هو خسارة مواطنها الطبيعية وتدميرها، بالإضافة إلى تأثير التغيرات المناخية على طرق الهجرة والغذاء، والتي تعد من العوامل المساهمة في انقراض الكثير من أنواع الطيور الطنانة.
المصادر
hummingbird, Description, Species, Videos, & Facts
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :