من منّا لم يسمع من قبل عن عجائب الدنيا السبع القديمة وحدائق بابل المعلقة؟ والتي تعدُّ لغزًا حتى اليوم، إذ لا يزال الخبراء يناقشون ما قد يعنيه مصطلح معلق. كيف كان شكل الحدائق؟ وما آليّة الري المتّبعة؟ باختصار هل وجدت أصلًا؟
محتويات المقال :
الحدائق المعلقة في النصوص اليونانية والرومانية
وصفت العديد من النصوص اليونانية والرومانية صورًا حيّةً لحدائق بابل المعلقة. على الرغم من أنّ بعض المصادر اختلفت حول من قام ببنائها، إلّا أنّها اتّفقت حول موقعها بالقرب من القصر الملكي، وأنّها بنيت على مصاطب حجريّة. نتيجةً لذلك رجّحوا أنّهم استخدموا مواد مثل القصب والقار والرصاص لمنع تسرّب مياه الري من خلال المصاطب. كما وصفوا النباتات الخصبة المتنوعة بأنها تساقطت مثل الشلّالات على مدرّجات الحدائق التي يبلغ ارتفاعها 23م. وانتشرت كذلك التماثيل والأعمدة الحجريّة الشاهقة.
وقيل أنّ الملك البابلي نبوخذ نصّر الثاني بنى الحدائق المعلقة في القرن 6 ق.م كهديّة لزوجته التي كانت تحنُّ إلى موطنها في بلاد فارس.
وأمضت مجموعة من علماء الآثار الألمان عقدين من الزمن في مطلع القرن ال20 في محاولةٍ لاكتشاف أعجوبةٍ قديمة دون أن يحالفهم الحظ. وهو ما دفعهم في نهاية المطاف إلى الشك حول إمكانيّة وجودها من الأساس. [1][2]
الحدائق المعلقة في بابل
كشف عالم الآثار الألماني «روبرت كولدفاي-Robert Koldewey» عن هيكل قوي في الزاوية الشمالية الشرقية من القصر الجنوبي في بابل. وهو عبارة عن سلسلة غير مألوفة من الغرف والخزائن. ويتّخذ الموقع شكل المستطيل (30×42) م2 وأرضيّته أخفض من أرضيّة القصر. ويحتوي على 14 غرفة متماثلة (2.2×3) م2، موزّعة على جانبي ممر ضيق. وقد صُنعت الغرف من الحجر المنحوت ممّا جعلها أكثر مقاومةً للرطوبة من الطوب الطيني. وشكّلت جدرانها السميكة البنية المثالية لدعم البنية الفوقيّة. إضافةً إلى ذلك فقد عثر على بئر مع 3 فتحات في إحدى الغرف الوسطى، ووضعت طبقة سميكة من التربة على أسقف هذه الغرف. ورجّح الخبراء أنّها وضعت لأغراض زراعيّة، لذلك يعتقد البعض أنّها ربّما كانت جزءًا من البنية التحتيّة للحدائق المعلقة.[3]
أمّا اليوم فيتّفق معظم العلماء أنّ الهيكل كان على الأرجح مستودعًا، إذ عثروا في الموقع على عدّة جرار تخزين. لكن أقوى دليل هو وجود لوح مسماري يعود تاريخه إلى زمن نبوخذ نصّر الثاني، يحتوي على تفاصيل عن توزيع الزيت والحبوب والتوابل وغير ذلك.[4]
البحث عن إجابات
واجه الخبراء نقصًا كبيرًا في الأدلّة الوثائقيّة والأثريّة المتعلّقة بالحدائق المعلقة. لهذا السبب اختار بعضهم إعادة صياغة جذرية للبحث عنها، أي ماذا لو لم تكن الحدائق المعلقة في بابل على الإطلاق؟
لا تعتبر هذه الفرضية مستحيلة كما تبدو لأوّل وهلة. حيث أنّ المصادر اليونانية والرومانية التي تشير إلى الحدائق المعلقة تميل إلى تقديم تفاصيل تاريخية متشابكة مع الأساطير والخرافات. وفي روايتها عن حضارات بلاد الرافدين غالبًا ما تخلط بين آشور وبابل. على سبيل المثال؛ يحدّد المؤرّخ اليوناني ديودور موقع مدينة نينوى الآشورية قرب نهر الفرات بينما تقع المدينة على ضفاف نهر دجلة. وفي فقرة أخرى يصف أسوار بابل بوجود مشهد صيد -الملكة تقذف رمحًا على نمر، وزوجها بالقرب منها وهو يرمي رمحه على أسد- ولكن لم يُعثر على مشهد صيد كهذا في بابل. بالمقابل يتوافق المشهد مع نقوش الصيد الآشورية المحفورة على جدران القصر الشمالي في نينوى. [4]
حدائق نينوى المعلقة؟
تناقش عالمة الآثار «ستيفاني دالي-Stephanie Dalley» في دراسة حديثة أن الملك نبوخذ نصّر لم يبنِ الحدائق المعلقة، بل بناها الملك الآشوري سنحريب على بعد 483 كم شمال بابل في نينوى. وتعتمد دالي في أطروحتها على سجلّات حكم الملك سنحريب التي وُجدت منقوشةً على أحجار، ويصف فيها حديقته العالية التي تحاكي جبال الأمانوس. واكتشف العلماء بالقرب من مدينة الموصل أدلّةً على وجود نظام قناة واسعة لنقل المياه من الجبال مع نقش للملك سنحريب. وعلى عكس المناطق المسطّحة المحيطة ببابل، فقد جعلت التضاريس الأكثر وعورةً حول العاصمة الآشورية تحدّيات رفع المياه إلى الحدائق أسهل بكثير. [1]
علاوةً على ذلك، عثر المنقّبون على نقش يعود لزمن الملك آشور بانيبال -حفيد الملك سنحريب- يصف حدائق ذات أشجار موزّعة عبر منحدر، وتتدفّق المياه من قناة لتغذية سلسلة من القنوات المملوءة بالأسماك. وتعزّزت هذه الفرضية بسبب سمعة الملك سنحريب في مجال الابتكار الهندسي، حيث تذخر المحفوظات في عهده بالإشارة لأنظمة الري البارعة التي ابتكرها.[4]
فإذا ما كانت هذه الفرضية صحيحة فستحلّ لغزًا أثريًا كبيرًا. ولكنّنا لا نستطيع الجزم حتى الآن بموقع الحدائق المعلقة. وأنت هل تعتقد بأن الحدائق موجودة بالفعل، أم ليست سوى سراب تاريخي؟
المصادر
- History
- Britannica
- ResearchGate
- National geographic
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :