Ad

تعرضت الحياة على الأرض لخمسة انقراضات جماعية كبرى قتلت نسبة كبيرة من الكائنات الحية. يعد الانقراض الأوردوفيشي ثاني أكبر انقراض في تاريخ الأرض، حيث سبب اختفاء أكثر من 100 فصيلة من اللافقاريات البحرية منها «الترايلوبيت-Trilobite» المعروف بثلاثي الفصوص، وقد حدث في نهاية «العصر الأوردوفيشي-Ordovician period» منذ حوالي 440 مليون سنة متضمناً حدثي انقراض أساسيين بينهما حوالي 0.5-2 مليون سنة. يرجع العلماء السبب وراء الانقراض الثاني لفترة مفاجئة من التبريد السريع متبوعةً بفترة من الارتفاع الحراري السريع.

مستحاثة الترايلوبيت
حقوق الصورة:
https://static.wikia.nocookie.net/dinosaurs/images/0/03/Trilobite.jpg/revision/latest?cb=20130718022622

لطالما كانت احتمالية تأثر الحياة على الأرض بالأحداث الكونية أمرًا واردًا؛ حيث يعتقد الباحثون أن اصطدام كويكب عملاق سبب انقراض الديناصورات قبل حوالي 65 مليون عام. تقترح الفرضية التالية علاقة بين «التبريد العالمي-Global cooling» و«انفجارات أشعة غاما-Gamma-rays bursts».

كيف لانفجار أن يسبب انقراضًا؟

تنتج انفجارات أشعة غاما مقداراً هائلاً من الإشعاع في أحداث فلكية مهيبة قابلة للرصد في كوننا المنظور، بينما قد تشكل هذه الانفجارات تهديداً للحياة على الأرض إذا ما حدثت ضمن مجرتنا وتحديداً ضمن نطاق لا يتجاوز 10 آلاف سنة ضوئية من الأرض. وبحسب المعطيات الحالية؛ يقدر العلماء أن انفجاراً خطيراً قد يحدث بمعدل مرتين أو أكثر كل مليار سنة. أما شدة الخطر فتعتمد على المسافة أولاً، ومقدار الطاقة المتجهة نحو الأرض ثانياً لا على مقدار الطاقة الكلية المنتشرة في كل الاتجاهات. كما أن معدل حدوث انفجارات أشعة غاما كان أكبر في الماضي حين كان معدل تشكل النجوم أعلى.

ما هذه الانفجارات؟

وبالعودة لانفجارات أشعة غاما فهي شبيهة لحد ما ب«المستعر الأعظم-Supernovae»؛ ينهار النجم مخلفاً مادته وينتج وميضاً خاطفاً من أشعة غاما، ولكن هناك اختلافًا بسيطًا:  يكون المستعر الأعظم مجرد مفرقعات مقارنة بانفجار أشعة غاما! ولك أن تتخيل قوتها؛ فهي مرئية عبر مسافات شاسعة بسبب طاقتها الهائلة المتدفقة خلال ثوانٍ معدودة.

يرجح العلماء أن انفجاراً كهذا حدث قبل 440 مليون سنة ودفق كميات كبيرة من الإشعاع الضار إلى الجانب المواجه له من كوكب الأرض مسبباً مقتل الأحياء دون تمييز، بينما انتقلت العوامل الضارة الناتجة للنصف الآخر من الكوكب وجعلت منه عرضةً للأشعة فوق البنفسجية التي دمرت الأحياء البحرية.

إن معظم طاقة أشعة غاما تُمتص في منتصف طبقة «الستراتوسفير-Stratosphere» حيث تكون تركيزات غاز الأوزون مرتفعة، ويعمل كل فوتون منها على تأيين وتفكيك جزيئات هذا الغاز ويكون معظم تأثيرها على طبقة الأوزون. أما أهمية هذه الطبقة فتعود لامتصاصها 98% من الأشعة فوق البنفسجية القادمة من الشمس وحمايتها الأرض من أضرارها، وفي حالة تخربها تكون العواقب وخيمة! حتى أن الزيادة الضئيلة في وصول الأشعة فوق البنفسجية لسطح الأرض (10-30%) يمكن أن يكون ساماً للعديد من الأحياء مثل «العوالق النباتية-Phytoplankton»؛ التي تشكل الغذاء الأساسي للكائنات البحرية بالإضافة إلى دورها في إنتاج غاز الأوكسجين اللازم للتنفس.

إلا أن الأشعة فوق البنفسجية تجتاز عشرات الأمتار من الماء فقط، فتسبب موت الكائنات البحرية عند تلك الأعماق، أما تلك الأنواع التي تعيش في المياه العميقة فتنجو. وبذلك نجد أن الكائنات التي تعيش في المياه الضحلة عانت أكثر من قريبتها التي تعيش في المياه الأعمق ضمن فترة الانقراض الأوردوفيشي.

التأثيرات الأخرى

يمكن للماء حماية الأحياء البحرية من حرارة انفجارات أشعة غاما ولكنه يعجز عن صد تأثيراتها الأخرى. حيث تحول أشعة غاما النيتروجين والأوكسجين في الغلاف الجوي إلى ثنائي أوكسيد النيتروجين وهو ذاته الغاز البني المتواجد في «الضباب الدخاني-Smog» في المناطق المدنية حالياً. يشكل ثنائي أوكسيد النيتروجين حاجزاً يمنع مرور الأشعة الشمسية مما يجعل السماء مظلمة ويسبب انخفاضاً كبيراً في درجات الحرارة من جهة أخرى. يستطيع هذا التأثير التبريدي أن يحفز عصراً جليدياً، ولابد من ذكر وجود دليل على عملية تجلد اجتاحت العالم قبل 440 مليون سنة سميت العصر الجليدي الأوردوفيشي؛ مما يدعم الفرضية.

كما تسبب أكاسيد النيتروجين الأمطار الحامضية التي قد تكون عاملاً إضافياً للانقراض بالإضافة لانخفاض منسوب المياه المترافق مع التبريد العالمي، تعتبر هذه التأثيرات (تخرب طبقة الأوزون و الأمطار الحامضية والتبريد العالمي) تأثيرات طويلة الأمد، ويمكنها أن تنتشر لجميع أنحاء الأرض عن طريق الرياح القوية وغيرها.

يمكن الكشف عن الآثار الداعمة لحدث كهذا عبر جمع معلومات أكثر عن النمط الجغرافي للانقراض الأوردوفيشي؛ وحتى ذلك الوقت يبقى كل ذلك مجرد فرضية! فرضية جديرة بالثقة كما يدعي الباحثون.

المصدر:

Cornell university

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


حياة فلك تاريخ

User Avatar

Mira Naffouj

طالبة ثانوية مهتمة بعلم الفلك والفيزياء الفلكية


عدد مقالات الكاتب : 34
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق