Ad

مقدمة

يمكننا من خلال توضيح مفهوم الاقتصاد الموازي وتعريفه بأنه أي نشاط اقتصادي غير رسمي يمارسه الأفراد أو المؤسسات ولا يتم إحصائه بشكل رسمي، أي لا تعرف الأجهزة الحكومية قيمته الفعلية، ولا يدخل في حسابات الناتج القومي، وبالتالي لا يدخل في الحصيلة الضريبية ولا يخضع العاملين فيها لأي نظام اجتماعي، (الاسرج، ٢٠١٠) ملاحظة مشاكل وجود هذا النوع من الاقتصاد بل وشغله نسبة كبيرة من اقتصاد البلدان النامية. سنركز في هذا الورقة على معرفة أهم أسباب انتشار هذا الشكل من الاقتصاد، بالإضافة الي أهم ما يترتب عليه من مشاكل وسنحاول الوصول إلى أهم الحلول والخطط التي يمكن اتباعها من أجل دمج الاقتصاد غير الرسمي وتحويله إلى صورة رسمية، والاستفادة من الدخل الجاري من هذه المشاريع والذي لا يدخل في الحسابات القومية كما تم الذكر سابقًا.

مراجعة الأدبيات

أثناء مراجعة الأدبيات التي تركزت حول موضوع ورقتنا، حاولنا الإجابة عن بعض الأسئلة الرئيسية، أولها هو ما أهم سمات الإقتصاد الموازي أو الإقتصاد غير الرسمي؟ أي متي يمكننا إطلاق لفظ غير رسمي على مؤسسة ما؟

الاقتصاد الموازي المصري فرص ضائعة
الاقتصاد الموازي المصري: فرص ضائعة

عرض حسين عبد المطلب الاسرج في ورقته البحثية “انعكاسات القطاع غير الرسمي على الاقتصاد المصري” سمات القطاع غير الرسمي، ويركز على غياب التسجيل الضريبي والسجلات الرسمية مثل السجل التجاري، السجل الصناعي، تراخيص العمل، إلخ لهذه المؤسسات، مع وجود قواعد وهياكل تنظيمية التي تنظم عملها. بالإضافة لذكره سيطرة المشاريع الفردية على القطاع غير الرسمي في مصر حيث ذكر أن ٩٢٪ من مشاريع القطاع غير الرسمي هي مشاريع فردية. (الاسرج، ٢٠١٠).

ثانيًا لماذا يظهر هذا النوع من الاقتصاد؟

يمكن اعتبار البيروقراطية اهم اسباب ظهور هذا النوع من الاقتصاد، كما ذكرت “ريم عبد الحليم” في دراستها “الاقتصاد غير الرسمي في الشركات الصغيرة والمتوسطة في مصر”، فإن البيروقراطية سمة سائدة في كل مؤسسات الدولة. (عبد الحليم،٢٠١٩). وفقا لبيانات البنك الدولي فإن الاجراءات القانونية في مصر تستهلك الكثير من المجهود والوقود وكذلك التكاليف المادية، وهو ما يجعل الاقتصاد غير الرسمي ينمو بشكل أكبر، حيث يوفر ذلك علي صاحب الشركة أو المشروع العديد من الخطوات المكلفة:

الاسم القانونيعدد الخطواتالوقت المطلوب
تسجيل الأعمال التجارية٧ خطوات٨ ايام
تصاريح البناء٢١ خطوة١٧٩ يوم
إنفاذ العقد٤٢ خطوة٢.٧ سنة
دفع ضريبة الشركات١٧ دفعة٢٢٧ ساعة

(World Bank,2014)

بالإضافة الي كفاءة النظام الضريبي في مصر الذي يعاني على مستوي التشريع ومستوي التطبيق والممارسة، فمثلا طبقا لتعديلات الدستور في يونيو ٢٠١٧، فإن أصحاب الدخل الشهري الأقل من ٦٠٠ جنيه هم فقط المعفون من الضريبة، اي المواطنين الذين وفقا لخط الفقر الدولي يعتبروا فقراء.

ثالثًا ما هو وضع الاقتصاد الموازي في مصر؟

وصلت نسبة الأنشطة غير الرسمية في مصر إلي ٣٥٪ من الناتج المحلي الكلي وذلك في الفترة ١٩٩٧- ٢٠٠٦ طبقا لدراسة أصدرها البنك الدولي، وهذه النسبة في الحقيقة تعتبر نسبة مرتفعة نظرًا لأن نفس التقرير ذكر أن متوسط هذه النسبة بين دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية كان ١٣.٥٪. (Friedrich,2010) بالإضافة الي التقرير الصادر عن البنك الدولي بعنوان (مصر: الطابع الغير الرسمي هو السائد) الصادر عام ٢٠١٣، الذي ذكر أن نسبة ٥٥٪ من العاملين في مصر بين ١٥-٦٥ عام يعملون بشكل غير رسمي.  وأخيرا تقرير البنك الأفريقي الذي ذكر أن نسبة العاملين في القطاع غير الرسمي في مصر يقدر بحوالي ٦١٪ وذلك في القطاعات غير الزراعية وفقًا لاحصاءات عام ٢٠١٣. (FDB,2016)

رابعًا ما هي أهم المشاكل الناتجة عن وجود الاقتصاد الموازي في مصر؟

تعتبر تسهيل عملية غسيل الأموال من أهم المشاكل المترتبة عن الاقتصاد الموازي، حيث أنه وسيلة يستخدمها الفرد من أجل طبع صفة الرسمية على أموال مجهولة أو مشبوهة المصدر حتى يستطيع التعامل بها بصفة رسمية من دون مسائلات قانونية.

بالإضافة الي تأثير وضع الاقتصاد الموازي على إيرادات الدولة من الضرائب والرسوم المتعلقة بتسيير الأعمال، حيث لا تدخل هذه المشاريع تحت الصفة الرسمية وبالتالي لا يتم تسديد حصتها من الضرائب، مما يؤثر على إيرادات الدولة.

بالإضافة إلى تأثير هذا النشاط على سوق المنافسة حيث أن تكلفة المشاريع الرسمية تزيد مع زيادة مسؤوليتها، مثال علي ذلك ضرورة تأمينها على الموظفين، او ما تدفعه من ضرائب، وتنافس مع مشروع غير رسمي، لم يقوم بدفع نفس التكاليف وبالتالي لم يعد هناك تنافس عادل في السوق. (عباس، ٢٠١٩).

التوصيات:

بعد مناقشة مفهوم الاقتصاد الموازي، يجب مناقشة الطريقة الأمثل للتعامل مع هذه الظاهرة، وهو ما يتمثل في دمج القطاع غير الرسمي في القطاع الرسمي، والذي يمكّن الدولة والسوق من الاستفادة مما يحققه القطاع غير الرسمي من خلق فرص عمل وزيادة الانتاج والنمو، وكذلك تساعد الحكومة علي تجميع البيانات السليمة، وحصد إيرادات الدولة من الضرائب التي تمثل الجزء الأكبر من الميزانية، وتمكننا من تلخيص التوصيات في النقاط الأتية:

١.  مساعدة وتيسيير دمج القطاع غير الرسمي في القطاع الرسمي:

أ. تسهيل الاجراءات، واختصار الخطوات واستخراج التصاريح اللازمة لمزاولة النشاط الاقتصادي.
ب. تعديل معدلات الضرائب المفروضة، او اعطاء هذه المنشآت مدة معقولة من الإعفاء الضريبي، يسمح للمنشآت بتحقيق معدلات من الربح لدعم نموها.
ج. مساعدة أصحاب العمل في إضفاء صفة الرسمية على العاملين عن طريق تحسين قوانين التأمينات وقوانين العمل الأخري.
د. مساعدة اصحاب المشاريع الصغيرة، عن طريق اعطائهم مزايا وفترات سماح ضريبية، وأسعار فوائد أقل، ومثال علي ذلك هي مبادرة البنك المركزي للمشاريع الصغيرة والمتوسطة .
هـ.  تأسيس نقابات أو جمعيات تعاونية للعاملين في القطاع غير الرسمي.
و. زيادة دور المحليات في الرقابة على العمالة العشوائية. (عباس، ٢٠١٩).

٢. الشمول المالي:
حسب تعريف البنك المركزي المصري، فإن الشمول المالي هو أن كل فرد أو مؤسسة في المجتمع يمكنه الوصول إلى منتجات مالية مناسبة لاحتياجاته، مثل: حسابات التوفير، حسابات جارية، خدمات الدفع والتحويل، التأمين، التمويل والائتمان، إلخ، ويكون تقديم هذه الخدمات من خلال القنوات الشرعية، مثل البنوك وهيئات البريد والجمعيات الأهلية وغيرها. وذلك لضمان أن كل فئات الشعب تتمكن من إدارة أموالهم ومدخراتهم بشكل آمن وسليم لضمان عدم لجوء الأغلبية للوسائل غير الرسمية التي لا تخضع لأي رقابة واشراف.

إن أهمية الشمول المالي في دمج الاقتصاد الموازي تكمن في سهولة تعامل المشاريع والأفراد مع النظام البنكي، بالإضافة إلى بناء الثقة بين النظام البنكي والأفراد، والتي تشجعهم على التعرف على الخدمات البنكية التي يمكنهم الاستفادة منها في مشاريعهم أو حتى بشكل شخصي، وذلك يساعد على إضفاء الرسمية على معاملاتهم.

لذلك ومع زيادات معاملات الأفراد الإلكترونية والبنكية، يمكن بسهولة حثهم علي دمج أعمالهم تحت المظلة الرسمية، وذلك يشمل بالتأكيد مبادارات تمويل المشروعات والتمويل الشخصي للبنوك والتي تدعم الثقة ما بين الأفراد والنظام البنكي، وتساعد المستثمرين وتحفزهم تجاه الأعمال الرسمية. (البنا، ٢٠١٨).

قائمة المراجع:

الأسرج، ” انعكاسات القطاع غير رسمي على الاقتصاد المصري، ورقة بحثية”، وزارة الصناعة والتجارة والخارجية،٢٠١٠.
عباس، “الاقتصاد غير الرسمي في مصر: المشكلات والحلول”، المعهد المصري للدراسات، ٢٠ مارس ٢٠١٩.
عبد الحليم، ” الاقتصاد الغير رسمي في الشركات الصغيرة والمتوسطة في مصر: تعريف ومراجعة تشريعية”، مركز المشروعات الدولية الخاصة، ص١٦.
غالي، منصور، والبراوي، ” العمل غير الرسمي وأثره على الاقتصاد القومي”، وزارة المالية، الادارة المركزية للبحوث المالية والتنمية.

African Development Bank, “Addressing informality in Egypt”, Working Paper, 201.
 Schneider, Buehn, E.Montenegro,” Shadow Economics all over the world: New Estimates for 162 Countries from 1999 to 2007, Policy Research Papers, World Bank Group, July 2010.
World Bank,” Informal is the New Normal” Issues Brief No.2, December 2013.
World Bank,” Doing Business in Egypt, Washington, 2014.

بالتعاون مع Cairo Graduate Colleague

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


اقتصاد

User Avatar

Amina yassin


عدد مقالات الكاتب : 1
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق