- أساسيات الطاقة المتجددة: ما هو مفهوم الطاقة؟ وما هي القدرة؟
- أساسيات الطاقة المتجددة: ما هي الكفاءة الكهربائية؟ وما هو معامل السعة؟
- أساسيات الطاقة المتجددة: نبذة تاريخية عن الطاقة والديناميكا الحرارية
- استخلاص وقود نظيف من أشعة الشمس
- كيف تطورت الخلايا الشمسية؟ ولماذا يُستخدم السيليكون في صناعة الخلايا الشمسية؟
- استخدام الألواح الشمسية لإنتاج الطاقة ليلًا!
- خلايا شمسية تحصد الطاقة من الطيف الضوئي الغير مرئي
- اكتشاف السبب الرئيسي في انخفاض كفاءة الألواح الشمسية
- تقنية الملح الذائب في محطات الطاقة الشمسية
- تاريخ طاقة الرياح
- مبدأ عمل عنفات الرياح وأنواعها
- ما هو نظام تخزين طاقة الجاذبية الجبلية ؟
- ما هي العناصر الأرضية النادرة، وفيمَ تستخدم؟
- الهيدروجين الأخضر، من أجل مستقبل أفضل
- هل يمهد الغاز الطبيعي للاقتصاد الهيدروجيني؟
- ما هي خلايا الوقود الهيدروجينية؟
- ما هي تقنيات إنتاج الهيدروجين؟
- ما هي الطاقة الكهرومائية وكيف تطورت عبر العصور؟
- كيف تعمل محطات التوليد الكهرومائية؟
- ما هي الطاقة الحرارية الجوفية؟
- ما هو الوقود الحيوي؟ وكيف يتم إنتاجه؟
- اختراع جهاز لتوليد الكهرباء باستخدام البكتيريا
أساسيات الطاقة المتجددة: نبذة تاريخية عن الطاقة والديناميكا الحرارية . إذا ألقينا نظرةً على الجدول الزمني لاستخدام الطاقة سنلاحظ أنه في البداية استخدم البشر الكتلة الحيوية لطهي الطعام وللحفاظ على دفئهم وهذا يعني عمليًا أن الشمس كانت هي المصدر الرئيسي لتوفير جميع احتياجاتنا من الطاقة تقريبًا. في تلك الفترة كان لدينا أيضًا حيوانات وأشخاص يقومون بأعمال، ولكن كل طاقتنا تقريبًا لا تزال تأتي من الشمس في شكل كتلة حيوية. أدى ارتفاع عدد السكان وازدهار الصناعة إلى نقص كبير في الطاقة في القرن السابع عشر بسبب إزالة الغابات وكانت أوروبا هي الأكثر تضررًا.
أدى اكتشاف قوانين الديناميكا الحرارية في العام 1850 إلى بزوغ عصر المحركات البخارية وطُورت العديد من التقنيات التي تستخدم البخار وبالرغم من أن كفاءتها منخفضة مقارنةً بما لدينا من التقنيات حاليًا إلا أنها كانت تؤدي العديد من العمليات بسهولة؛ إذ يمكن لمحرك واحد القيام بعمل العديد من الأشخاص والخيول دون الحاجة إلى أي فترات راحة وغيّرت طريقة استخدام الطاقة مما سمح لنا بالتقدم بسرعة أكبر بكثير من ذي قبل. وفي عام 1860 اتجه استطاع العلماء استخدام طاقة الزيوت لتشغيل المحركات وحتى هذه الفترة كان الجو الميكانيكي هو السائد والمسيطر على تشغيل المحركات واستخدام الطاقة وفي عام 1879 ابُتكر المصباح الكهربائي وبدأ عصر الكهرباء ومن هنا تحسنت طريقة حياتنا وأصبحنا ننجز العديد من المهام والأعمال اعتمادًا على الطاقة الكهربائية وتنوعت الطرق التي يمكننا من خلالها توليد الكهرباء ففي عام 1942 استطاع العلماء تسخير الطاقة النووية الناتجة عن انشطار العناصر المشعة كاليورانيوم لتوليد الكهرباء وفي الوقت الحاضر تسعى الدول إلى تبني مصادر طاقة مستدامة وصديقة للبيئة وبالفعل توجد العديد من محطات توليد الكهرباء باستخدام الطاقة الشمسية والرياح وطاقة المد والجزر التي تتسم بخاصية الاستدامة أي أنها لا تنضب وأيضًا تُوصف بأنها مصادر طاقة صديقة للبيئة.
المخطط الزمني لاستخدام الطاقة
محتويات المقال :
قوانين حفظ الكتلة والطاقة
قبل الخوض في تفاصيل قوانين حفظ الطاقة والكتلة لابد من معرفة ما هو نظام الطاقة؟ وفقًا للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ -أو ما تُعرف اختصارًا ب«IPCC»- يُعرف نظام الطاقة بأنه “جميع المكونات المتعلقة بإنتاج وتحويل ونقل واستخدام الطاقة “. لذلك قد يحتوي نظام الطاقة على عدد من العناصر المتباينة، ولكن دائمًا ما يكون لنظام الطاقة له حدود. هذه الحدود ليست ثابتة ويمكنك اختيار مكان رسمها، ولكن بمجرد رسمها عليك أن تكون متسقًا مع كيفية استخدامها. يمكن أن يكون للنظام أيضًا طاقة أو كتلة تدخل فيه وتخرج منه، لذا فإن ما هو داخل الحدود ليس بالضرورة معزولًا عن المحيط الخارجي. يخضع تدفق الكتلة والطاقة لقوانين حفظ الكتلة والطاقة.
في عام 1789، صاغ العالم «أنطوان لافوازييه-Antoine Lavoisier» قانون حفظ الكتلة والذي ينص على أن الكتلة تظل ثابتة أي لا يمكن استحداثها أو تدميرها بالرغم من حدوث تفاعلات كيميائية أو تحولات فيزيائية داخل نظام معزول. بمعنى آخر، إن الكتلة التي تدخل حدود النظام يجب أن تغادر الحدود أو تتراكم داخل الحدود. وبالمثل قانون حفظ الطاقة، والذي يعرف بالقانون الأول للديناميكا الحرارية والذي ينص على أن الطاقة لا تُفنى ولا تُستحدث ولكن تتحول من شكلٍ إلى آخر أي أن إجمالي كمية الطاقة في تلك الحدود يبقى ثابتًا. إن المفتاح الأساسي لفهم قانون حفظ الطاقة هو تذكر للطاقة أشكال مختلفة فإذا نظرت إلى نظام واعتقدت أنك فقدت الطاقة في مكان ما، فما حدث بالواقع هو أن الطاقة قد تغيرت إلى شكل لم تفكر فيه بعد! تشمل الأشكال المختلفة للطاقة الحركية والكهربائية والكامنة والحرارية. وتُعرف الطاقة الحركية بأنها الطاقة التي يمتلكها الشيء بسبب حركته والطاقة الكهربائية بسبب حركة الإلكترونات والطاقة الكامنة بسب موضعها أو كيميائها والطاقة الحرارية بسبب درجة الحرارة. لتوضيح فكرة قانون حفظ الطاقة دعنا نتابع المثال التالي: عندما ترفع كرة التنس بعيدًا عن الأرض، يكون لديها طاقة كامنة وعندما تسقطها تتحرك كرة التنس وتتحول الطاقة الكامنة إلى طاقة حركية وبمجرد أن تتوقف الكرة عن الحركة قد تعتقد أن هذه الطاقة الحركية لها قد فقدت. لكن في الواقع، أن الطاقة تحولت إلى شكل آخر أي قد تحولت إلى صوت وقليلًا من الطاقة الحرارية.
ما هو الإنتروبي؟
السؤال الأهم الآن، ما الذي يجري بالضبط حينما يتغير أحد أشكال الطاقة إلي آخر؟ ولماذا تتغير بالأساس؟ قدَم العالمُ «رودولف كلاوزيوس-Rudolf Clausius» إجابةً جزئيةً لهذا السؤال مقدمًا الأساسيات لما سيعرف لاحقًا بالقانون الثاني للديناميكا الحرارية. بمنتصف خمسينيات وستينيات القرن التاسع عشر قدَم أول تحليل رياضي متماسك واضح لطريقة عمل الديناميكا الحرارية وهي أن الطاقة تتحرك دومًا في إتجاه واحد فقط وذلك في صيغة معادلة رياضية سماها «الإنتروبي-Entropy» وهي مشتقة من الكلمة اللاتينية «اentrope» وتعني التحوّل أوالفوضى. ملخص هذه المعادلة باختصار أنه عندما تنتقل الطاقة من جسم ساخن إلي جسم بارد، يرتقع معدل الإنتروبي دومًا بطريقة أخري، الإنتروبي هو مقياس لكيفية تبدد الحرارة -الطاقة- أو تشتتها. ورأي كلاوزيوس أن هذه العملية الغير قابلة للعكس جارية في الكون الفسيح، وأن كل الأشياء التي تطلق الحرارة مرتبطة معًا بطريقةٍ ما إضافةً إلى أن إنتروبي الكون آخذة في الازدياد، ولا يمكن تفادي ما سيحدث. رغم ذلك، نشأ جدال عظيم وحيرة كبيرة عن ماهية هذا الشيء المسمي بالإنتروبي ولماذا يزيد علي الدوام؟
يرتفع الإنتروبي لمكعب الثلج مع ذوبانه. وتزداد الفوضى داخل النظام. فالثلج مكون من جزيئات الماء المرتبطة ببعضها في نسيج كريستالي. وعندما يذوب الثلج، تكتسب الجزيئات طاقةً أكثر وتبتعد عن بعضها أكثر ليتفكك بناؤها ويتحول إلى سائل وعند تبخر هذا السائل يرتفع الإنتروبي بشكل أكبر ويرمز له بالرمز S.
حملت النظرية الجديدة الصاعقة والمثيرة للجدل للرياضي لصاحبها «لودفيغ بولتزمان-Ludwig Boltzman» الإجابة علي هذا السؤال. بمنتصف القرن التاسع عشر بدأت مجموعة صغيرة من العلماء بالتساؤل عمّا إذا كان الكون عند أصغر المستويات يعمل بصورة مغايرة تمامًا عن تجارب حياتنا اليومية وأدى هذا التساؤل إلي جعل الحرارة مفهومًا أقل غموضًا بكثير عند النظر إليها من منظور الذرات. لاحظ بولتزمان والآخرون أن الجسم لو كان ساخنًا فببساطة تكون ذراته في حركة أسرع، وتتصادم ببعضها البعض باستمرار مغيرة اتجاهها وسرعتها علي الدوام وكانت تلك فكرة بالغة القوة، ولكن كانت تكمن المشكلة في العدد المهول من الذرات حتي في أصغر الأماكن فكيف يمكن قياس حركتهم جميعًا؟ لذا الإتيان بمعادلة رياضية تصف كل هذا كان ضربًا من المستحيل! لتفسير هذا الطور الجديد من الواقع كان لابد من الانسلاخ من التقليدية في التفكير، وهو ما فعله بولتزمان حيث رأي أنه يمكن قياس حركة الذرات ككل عوضًا عن محاولة قياس وفهم التحركات الدقيقة لكل ذرة منفردة.
في ذاك الوقت لم يكن أمر وجود الذرات مسلمًا به حتي لدي العلماء الكبار لذا بعد أن أنهى بولتزمان إحدى نظرياته عن الذرة نهض العالم الفيزيائي «إرنست ماخ-Ernst Mach» وقال ببساطة: “لا أؤمن بوجود الذرات” وكونه تعليقًا على لسان عالم رفيع كإرنست أحدث ضررًا مضاعفًا إلي جانب كونه لاذعًا وقليل الاحترام كان يري نُقَاد أرنست أنه مجرد حالم فلا أحد رأى الذرات من قبل، ولن يراها أحد لذا هي ليست حقيقية. رأى بولتزمان أن العالم يتكون من ذرات افتراضية، وفهمها يكون عبر رياضيات الاحتمالات وأدرك ما عجز عنه بولتزمان السبب الحقيقي الذي يجعل الجسم الساخن دائمًا يبرد ،النظام كله ينتقل من حالة نظامية شديدة الخصوصية تشمل كل الطاقة المتركزة في بقعة واحدة إلي نظام فوضوي حيت يتوزع مقدار الطاقة نفسه علي أكبر عدد من الذرات بطريقة أخري تخيل كتلة من المعدن الساخن الذرات بداخلها تتزاحم في الأرجاء، وبينما تتزاحم تلك الذرات علي حافة الكتلة تنقل بعضًا من طاقتها إلي الذرات علي سطح الطاولة، ثم تتضارب هذه الذرات مع جاراتها وهكذا. وبهذه الطريقة فإن الطاقة الحرارية تتشتت وتنتشر ببطء ووفق سلوك منطقي وطبيعي.
ليس هذا التفسير هو ما جعل بولتزمان مبدعًا، بل قدرته على تمثيل كل هذا رياضيًا، قدرته علي اشتقاق صيغة رياضية تمكن من حساب الفوضى النظام و أوضح كلاوزيوس أن شيئًا ما دعاه “الإنتروبي” كان ينمو مع الوقت، أما بولتزمان فوضح ماهية هذا الشيء، الإنتروبي في الواقع هو مقياس لفوضوية الأشياء. هناك وسائل كثيرة جدًا لعشوائية وفوضية الأشياء أكثر من وسائل ترتيبها ونظامها لهذا ستصل عشوائية الكون في تصاعد طالما لم يعبث به أحد. سترتحل الأشياء من النظام إلي الفوضي، وهذا القانون ينطبق علي كل شيء بدءًا من إبريق شاي يهوي على الأرض وينكسر إلي نجمٍ ملتهبٍ في الفضاء السحيق.
كل ما سبق هو تعبير عن نزعة الكون ليرتحل من النظام إلى الفوضى، الفوضى هي مصير كل شيء. ويُعتقد بناءًا علي هذا التفسير، أن عملية التغيير والانحلال حتمية، أن الكون نفسه لابد في يوم ما أن يصل لنقطة الإنتروبي القصوى، ألا وهي الفوضى العظمى، الكون بحد ذاته لابد وأن يموت يومًا ما. في النهاية عزيزي القارئ يمكن أن تُخبر والدتك ألا تتكبد عناء تنظيم غرفتك الغير مرتبة فغرفتك مثلها كمثل أي يميل أيّ نظام مغلق يميل إلى التغيّر أوِ التحوّل تلقائيًّا بزيادة أنتروبيته حتّى يصل إلى حالة توزيع متساوٍ في جميع أجزائه، مثل تساوي درجةِ الحرارة، تساوي الضغط، تساوي الكثافة وغير تلكَ السمات. مع ذلك، وعند نقطة معيّنة قد تصل غرفتك الغير مرتّبة إلى الحالة الإنتروبية القصوى، بحيث أنّه مهما توقّفت عن ترتيبِ الغرفة فلن تصبحَ الأمور أكثر تعقيدًا، لذا فلا حاجة لبذل أي جهد للمحافظة على ترتيبها. فسيكون أكثر كفاءةً للطاقة أن تُتركَ الغرفة على طبيعتها، تسير نحو حالتها الإنتروبية القصوى.
إلى هنا نصل إلى نهاية مقالنا أساسيات الطاقة المتجددة: نبذة تاريخية عن الطاقة والديناميكا الحرارية ولمتابعة الأجزاء السابقة من السلسلة اضغط هنا وهنا
المصادر
Energy Principles and Renewable Energy-edx
csun.edu
entropysimple
BBC
space
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
جميل ومفيد…