Ad

توصل باحثون في كلية العلوم الاقتصادية في الجامعة الوطنية للبحوث المدرسة العليا للاقتصاد في روسيا إلى اكتشاف مذهل يتحدى الصورة النمطية الشائعة، لقد وجدوا أن الرجال هم الأسوأ في قيادة السيارات. أجرى أنطون كازون، الأستاذ المساعد في كلية العلوم الاقتصادية للصحة والسلامة والبيئة، ومساعد البحث ميخائيل بيلوف، دراسة شاملة حللت ما يقرب من 160 ألف قرار محكمة بشأن المخالفات المرورية والحوادث في روسيا بين عامي 2010 و2022. وتتعارض النتائج التي توصلوا إليها مع الاعتقاد السائد بأن النساء أكثر عرضة للحوادث والقيادة المتهورة.

النساء هن أسوأ في قيادة السيارات مجرد خرافة

لعقود من الزمن، ظلت فكرة أن النساء هن الأسوأ في قيادة السيارات، متأصلة بعمق في وعينا الجماعي. وقد أدت الثقافة الشعبية إلى إدامة هذه الصورة النمطية، حيث يتم تصوير النساء في كثير من الأحيان على أنهن عصبيات، وعديمي الخبرة، ومعرضات للحوادث خلف عجلة القيادة. ولكن هل هذا هو الحال حقا؟ الجواب القصير هو لا.

أظهرت الأبحاث باستمرار أن الرجال أكثر عرضة للانخراط في سلوكيات القيادة المحفوفة بالمخاطر، مثل السرعة، والقيادة تحت تأثير الكحول. في الواقع، الرجال أكثر عرضة بثلاث مرات من النساء لارتكاب المخالفات المرورية والتورط في الحوادث.

إذًا، من أين نشأت هذه الخرافة؟ تكمن الإجابة في مزيج من العوامل الثقافية والتاريخية. في أوائل القرن العشرين، كان يُنظر إلى القيادة على أنها نشاط ذكوري، وغالبًا ما تم تثبيط النساء من الجلوس خلف عجلة القيادة. وقد استمر هذا التحيز الثقافي، مما أثر على تصوراتنا للسائقين من الذكور والإناث. ومع ذلك، عندما نتعمق في الأرقام، يصبح من الواضح أن أنها مجرد خرافة.

نظرة فاحصة على حوادث الطرق الروسية

للوصول إلى الحقيقة، قام الباحثون بالتعمق في البيانات. لقد قاموا بمراجعة 160 ألف قرار قضائي منشور بشأن انتهاكات قواعد الطريق وتشغيل المركبات الصادرة بين عامي 2010 و2022 في روسيا. وأتاحت لهم مجموعة البيانات الضخمة هذه تحديد الأنماط والاتجاهات التي من شأنها تسليط الضوء على عادات القيادة لكل من الرجال والنساء.

تحكي الأرقام قصة مفاجئة. ففي أكثر من 90% من القضايا، كان المتهمون رجالاً. ولكن هل كان ذلك بسبب أن الرجال هم ببساطة أكثر تهوراً خلف عجلة القيادة، أم أن هناك عاملاً آخر يلعب دوراً في ذلك؟ وللتحكم في حقيقة وجود عدد أكبر من الرجال على الطريق، قام الباحثون بتطبيع البيانات وحساب تواتر الحوادث مع مراعاة الفرق في عدد السائقين من كل جنس (68% من الرجال و22% من النساء يقودون سياراتهم).

وما وجدوه كان مذهلاً. فبعد التطبيع، كان الرجال أكثر عرضة بنسبة 3.25 مرة للتورط في حوادث أدت إلى قضايا جنائية. ولم يكن هذا الفارق مجرد هامش صغير؛ لقد كانت فجوة كبيرة تشير إلى أن الرجال أكثر عرضة لسلوكيات القيادة المحفوفة بالمخاطر. ولكن ما هي هذه السلوكيات بالضبط، وكيف تساهم في ارتفاع معدل الحوادث بين الرجال؟

الأسوأ في قيادة السيارات

الأعراف الثقافية والعوامل الاجتماعية والاقتصادية والاختلافات الإقليمية

وفقا للباحثين، تكمن الإجابة في الأعراف الثقافية، والعوامل الاجتماعية والاقتصادية، والاختلافات الإقليمية. وتساهم هذه العوامل في تباين المواقف تجاه القيادة، مما يؤثر بدوره على احتمالية وقوع الحوادث.

على سبيل المثال، الرجال أكثر عرضة للقيادة بسرعة والمجازفة، وهو ما يمكن أن يعزى إلى المعايير الثقافية التي تؤكد على الرجولة والحاجة إلى السيطرة. من ناحية أخرى، من المرجح أن تكون النساء سائقات حذرات ودفاعيات، وهو ما قد يكون مرتبطًا بعوامل اجتماعية واقتصادية مثل المهنة والمسؤوليات العائلية.

تلعب الاختلافات الإقليمية أيضًا دورًا مهمًا. ففي بعض المناطق، مثل بريموري، أو موسكو، أو سانت بطرسبرغ، تكون الفجوة في عدد الحوادث الناجمة عن النساء والرجال أضيق من المتوسط ​​الوطني. وفي بلدان أخرى، مثل داغستان أو تشوكوتكا، يمكن أن تكون الفجوة أوسع بكثير، حيث تتراوح من 6 إلى 10 أو حتى 20 مرة. يشير هذا الاختلاف إلى أن العوامل الثقافية المحلية، مثل تصور القيادة كنشاط ذكوري في المناطق الجنوبية، تؤثر على أساليب القيادة.

علاوة على ذلك، وجد الباحثون أن النساء أكثر عرضة لقيادة السيارات في المدن الكبيرة، بينما في المناطق الريفية، يُنظر إلى القيادة في الغالب على أنها نشاط ذكوري. وتسلط هذه الاختلافات الإقليمية الضوء على ضرورة أن يأخذ صناع السياسات في الاعتبار المعايير الثقافية والعوامل الاجتماعية والاقتصادية عند تنفيذ تدابير السلامة على الطرق.

تحسين السلامة على الطرق ومعايير القيادة للجميع

نتائج هذه الدراسة لها آثار كبيرة على السلامة ومعايير القيادة. ومن خلال إدراك أن الرجال أكثر عرضة للتورط في الحوادث وارتكاب المخالفات المرورية، يمكننا اتخاذ خطوات لمعالجة هذه المشكلة وخلق بيئة أكثر أمانًا لجميع مستخدمي الطريق.

ويتلخص أحد الأساليب المحتملة في تطوير حملات تثقيفية وبرامج تدريبية تستهدف الرجال على وجه التحديد، مع التركيز على ممارسات القيادة الآمنة ومخاطر السلوك المتهور.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن لواضعي السياسات النظر في تنفيذ تدابير لتشجيع المزيد من النساء على ممارسة القيادة، وخاصة في المناطق حيث تعتبر القيادة نشاطا يهيمن عليه الذكور. ويمكن أن يشمل ذلك مبادرات لتعزيز المساواة بين الجنسين وتحدي الأدوار التقليدية للجنسين، فضلاً عن توفير إمكانية الوصول إلى دروس القيادة وفرص الترخيص للنساء.

المصادر

Men behind the wheel: Three times more violations and accidents than women | eurekalert

Beware of His Car: Why Are Men More Dangerous than Women Behind the Wheel? | sociology of power

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


احصائيات علم اجتماع

User Avatar


عدد مقالات الكاتب : 304
الملف الشخصي للكاتب :

التالي

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *