Ad
هذه المقالة هي الجزء 3 من 10 في سلسلة نبذة عن أقسى الجرائم البشرية، الحروب وأنواعها

أعلن الرئيس الأمريكي ترومان استسلام اليابان ونهاية الحرب العالمية الثانية بعدما ألقت الولايات المتحدة قنبلتين ذريتين على مدينتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين في 6 و 9 أغسطس 1945 على التوالي [2]. وفي 8 مايو 1945، انتهت الحرب العالمية الثانية في أوروبا. وبعدها بأشهر قليلة في ذات العام، تم التوقيع على وثائق الاستسلام الرسمية على متن السفينة يو إس إس ميسوري. وانتهت الحرب العالمية بشكل رسمي [1]، ليبدأ بعدها عهد الحرب الباردة وهي ما سنتعرف عليه في مقالنا هذا.

ما هي الحرب الباردة؟

الحرب الباردة هي منافسة سرية ومقيدة في ذات الوقت، نشأت بعد الحرب العالمية الثانية بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي وحلفائهما. شنّت الحرب الباردة على جبهات سياسية واقتصادية ودعائية وبلجوء محدود لاستخدام السلاح. تم استخدام المصطلح لأول مرة من قبل الكاتب الإنجليزي جورج أورويل في مقال نُشر عام 1945 للإشارة إلى ما توقع أنّه سيكون مأزقًا نوويًا بين “دولتين أو ثلاث دول عظمى وحشية، تمتلك كل منها سلاحًا قادرًا على الفتك بالملايين في بضع ثوان”[3].

أظهر استخدام الأسلحة الذرية التفوق التكنولوجي لأمريكا، ولكنه زاد أيضًا من حدّة التوتر مع الاتحاد السوفيتي، ممهدًا الطريق للحرب الباردة.[2] وسعى الاتحاد السوفييتي إلى إقامة أنظمة شيوعية في أوروبا الشرقية لحمايته من أي تهديد محتمل من ألمانيا. وخشي الأميركيون والبريطانيون من الهيمنة السوفييتية على أوروبا الشرقية ووصول الأحزاب الشيوعية إلى السلطة في أوروبا الغربية.[3]

بداية الحرب الباردة

اشتعلت الحرب الباردة بين عامي 1947-1948، عندما أدت المساعدة الأمريكية المقدمة للدول أوروبا الغربية بموجب خطة مارشال إلى وضعها تحت النفوذ الأميركي.[3]

وفي عام 1949 شكلّت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو). وهي قيادة عسكرية موحدة لمقاومة الوجود السوفييتي في أوروبا. وفي العام ذاته أنهى الاتحاد السوفييتي احتكار الولايات المتحدة الأميركية للسلاح الذري بتفجيره رأسه الحربي الأول [3]. ليبدأ معه سباق التسلح بين الدولتين. إضافة إلى وصول الشيوعيون الصينيون إلى السلطة. وبلغت الحرب الباردة الذروة في خمسينات القرن الماضي.

الحرب الباردة في خمسينات القرن العشرين

اندلعت الحرب الكورية عام 1950، حيث دعم الاتحاد السوفييتي حكومة كوريا الشمالية الشيوعية ودعمت الحكومة الأميركية حكومة كوريا الجنوبية واستمرت الحرب حتى عام 1953. [3]

هدأ التوتر بين الدولتين بين عامي 1953 و 1957، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى وفاة زعيم الاتحاد السوفييتي جوزيف ستالين. لكن رغم ذلك تم الإعلان عن تشكيل حلف وراسو في عام 1955. وهو منظمة عسكرية تضم دول التكتل السوفييتي. وتم قبول ألمانيا الغربية في حلف الناتو في العام ذاته.[3] وانتقلت بعدها الحرب الباردة في الستينات إلى مستوى آخر.

الحرب الباردة في ستينات القرن العشرين

خلال الستينات بدأت الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفييتي بتطوير الصواريخ العابرة للقارات. وفي عام 1962 نصب السوفييت سرًا في كوبا صواريخ قادرة على شنّ هجوم نووي على المدن الأميركية. وهو ما أدى إلى اندلاع أزمة الصواريخ الكوبية والتي تسببت في تزايد وتيرة الصراع بين الدولتين إلى حد الخوف من قيام حرب شاملة بينهما، ولكنّ الصراع انتهى عند التوصل إلى اتفاق سحب الصواريخ.[3]

ونتيجة التخوّف من اندلاع حرب نووية شاملة بين الدولتين وقعتا على اتفاقية حظر الأسلحة النووية في عام 1963. ليبدأ بعدها سباق التسلح سرًا بين الدولتين. [3] ولكنّ هدأ التوتر في السبعينات قليلًا.

الحرب الباردة في سبعينات القرن العشرين

شهدت فترة السبعينات تخفيفًا من حدّة الصراع بين القوتين العملاقتين. حيث عقدت محادثات للحد من من الأسلحة الاستراتيجية تمخض عنها اتفاقيتا SALT 1 عام 1972 و SALT 2 عام 1979. وحدّتا الاتفاقيتين من ترسانة الدولتين الصاروخية. [3] لكنّ سباق التسلح بقي مستمرًا في الثمانينات. ومارست الدولتان نفوذهما على بلدان العالم الثالث في تلك الفترة وكانت الحرب بالوكالة أبرز مظاهر ذلك النفوذ.

نماذج عن حروب بالوكالة خلال فترة الحرب الباردة

تجنبت الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي المواجهة العسكرية المباشرة خلال فترة الحرب الباردة تخوفًا من استخدام الأسلحة الذرية. وانخرطتا في عمليات قتالية فعلية فقط لمنع الحلفاء من الانضمام إلى الجانب الآخر أو الإطاحة بهم إن فعلوا. حيث أرسل الاتحاد السوفيتي قوات للحفاظ على الحكم الشيوعي في ألمانيا الشرقية (1953)، والمجر (1956)، وتشيكوسلوفاكيا (1968)، وأفغانستان (1979). [3]

أمّا الولايات المتحدة فقد أطاحت بحكومة يسارية في غواتيمالا (1954)، ودعمت غزوًا فاشلاً لكوبا (1961)، وغزت جمهورية الدومينيكان (1965) وغرينادا (1983). [3]

ولم تكن الحرب بالوكالة نمط الصراع الوحيد خلال الحرب الباردة، حيث كان للصراع بين القطبين العملاقين أشكال أخرى.

أشكال الصراع في الحرب الباردة

لم يقتصر التنافس بين الدولتين على سباق التسلح أو الحروب ضد الشيوعية. بكل كان صراعًا أيديولوجيًا بين الفكرين الاشتراكي والرأسمالي أيضًا. وإضافة إلى ذلك كانت حرب الجاسوسية في أوجها. كما تنافست الدولتان لإثبات هيمنتهما التكنولوجية في سباق الفضاء لمدة 20 عامًا. وكان للاتحاد السوفييتي السبق بإطلاق سبوتنيك-1 في عام 1957، وهو أول قمر اصطناعي. بينما كانت الولايات المتحدة الأمريكية أول من يرسل رجلًا إلى القمر في عام 1969. وبقي التنافس قائمًا حتى منتصف السبعينات حيث بدأت الدولتان بالتعاون في مهمات مشتركة [4]

كما اكتسبت لعبة الشطرنج أهمية سياسية هائلة، وسرعان ما أصبحت رمزًا للكرامة الوطنية لدى السوفييت. وعومل عباقرة الشطرنج السوفييت كأصول قومية وأبطال وطنيين. واستخدموهم كدعاية خلال الحرب الباردة للدلالة على عظمة ثقافتهم. وسيطر الروس كأسياد للعبة حتى انتزع منهم الأمريكي بوبي فيشر اللقب عندما هزم سباسكي في عام 1972. [5] وكان لهذه المواجهة وقع قوي، حيث كان لها أبعاد فكرية وعقائدية كبيرة بين الطرفين.

نهاية الحرب الباردة

بحلول منتصف ثمانينيات القرن الماضي ومع وصول الرئيس جورباتشوف إلى السلطة، تغيّرت الحياة خلف ستار الاتحاد السوفييتي الحديدي. وحصلت الانتفاضات الديمقراطية في دول الكتلة السوفيتية. حيث كان يصارع الفوضى الاقتصادية والسياسية. وأقامت الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي علاقة أكثر انفتاحًا، حتى توصلتا إلى معاهدة نووية في عام 1987 قضت على فئة من الصواريخ الأرضية الخطرة بشكل خاص من ترسانات الدولتين. [5]

أقام الرئيس جورباتشوف إصلاحات اقتصادية. لكنّها أضعفت حزبه الشيوعي وسمحت للسلطة بالانتقال إلى روسيا والجمهوريات الأخرى المكونة للاتحاد السوفيتي. وفي أواخر عام 1991 انهار الاتحاد السوفيتي وولدت 15 دولة مستقلة. وتزعم روسيا زعيم منتخب ديمقراطيًا ومعادٍ للشيوعية. فانتهت بذلك الحرب الباردة بين الدولتين.[3]

ختامًا، نقلت الحرب الباردة البشرية إلى مرحلة جديدة من الصراع، نتيجة تخوّف الدول من حدوث حرب نووية ستودي بكل أشكال الحياة على الأرض. كما حدّت من انتشار الأسلحة النووية نتيجة الاتفاقات التي حدثت خلالها والتي وضعت شروطًا قاسية لحيازة تلك الأسلحة. كما أظهرت أنّ الإنسان قادر على تحقيق السلام بشكل أو بآخر حتى ولو بحرب باردة!

المصادر
1- Nationalww2museum
2- Titanmissilemuseum
3- britannica
4- Nationalgeographic
5- Globalhistory

اضغط هنا لتقييم التقرير
[Average: 0]
Zeinab Afifeh
Author: Zeinab Afifeh

مترجمة وكاتبة محتوى علمي.

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


سياسة تاريخ علوم عسكرية

User Avatar

Zeinab Afifeh

مترجمة وكاتبة محتوى علمي.


عدد مقالات الكاتب : 24
الملف الشخصي للكاتب :

شارك في الإعداد :
تدقيق لغوي : abdalla taha

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *