Ad

إن السؤال القديم حول اختلاف أعداد أبناء الحيوانات بين الأنواع، قد أذهل العلماء وعشاق الحيوانات على حد سواء لفترة طويلة. يبدو أن الإجابة ليست بسيطة كما تبدو. من الأسماك إلى الحشرات، ومن الطيور إلى الثدييات، طور كل نوع إستراتيجيته الإنجابية الفريدة لضمان بقاء نوعه.

الأسماك والبويضات غير المخصبة

يعتمد الحيوان الذي لديه أكبر عدد من النسل على كيفية قياسك للنسل. إذا قمت بتعريف النسل من حيث عدد البويضات غير المخصبة والحيوانات المنوية التي يتم إنتاجها في وقت واحد، فإن الأسماك ستفوز بكل سهولة.

ولكن لماذا تتمتع الأسماك بهذه القدرة الإنجابية العالية؟ أحد الأسباب هو أن إطلاق البويضات غير المخصبة يتطلب طاقة أقل مقارنة بوضعها بعد تخصيبها. حيث تسمح استراتيجية توفير الطاقة هذه للأسماك بالتركيز على وظائف حيوية أخرى، مثل النمو والبقاء على قيد الحياة. بالإضافة إلى ذلك، يسمح هذا للأسماك بنشر موادها الوراثية على نطاق واسع، مما يزيد من فرص نجاح الإخصاب.

وقد وجد أن سمكة شمس المحيط (مولا مولا) تحتوي على ما يصل إلى 300 مليون بيضة في مبيضها في وقت واحد. ومع ذلك، لأن البيض يتم تخصيبه خارج جسم الأنثى، فمن المستحيل معرفة عدد البيوض التي تصبح ذرية قابلة للحياة؛ بمجرد إطلاق البيض في المحيط، لا توجد طريقة لمعرفة أي منها تخص سمكة شمس المحيط ولا توجد طريقة لتتبع كل منها خلال الإخصاب والتطور إلى سمكة صغيرة.

ومع ذلك، على الرغم من عدم وجود تقييمات رسمية لعدد سمكة الشمس في المحيط، إلا أنها مدرجة كنوع مهدد بخطر انقراض أدنى (vulnerable species) بموجب القائمة الحمراء للأنواع المهددة بالانقراض (IUCN Red List) نتيجة للصيد العرضي من قبل مصايد الأسماك، وتعتبر من الأنواع النادرة بشكل طبيعي، لذلك فإن كل تلك البيض البالغ عددها 300 مليون لا تتحول إلى أسماك صغيرة.

الحشرات الاجتماعية وأنواع أخرى

من حيث البيض المخصب دفعة واحدة، فإن الحشرات الاجتماعية هي الأفضل. ويمكن لبعض أنواع النمل، مثل النمل المحارب الأفريقي (Dorylus wilverthi) وضع ما يصل إلى 3 ملايين إلى 4 ملايين بيضة في حوالي شهر، حيث ستختار الملكة تخصيب بعض هذه البيض وترك البعض الآخر اعتمادًا على عدد الذكور والإناث التي تريد إنجابها. ولكن لماذا تحتاج الحشرات الاجتماعية إلى إنتاج الكثير من النسل؟ الجواب يكمن في ارتفاع معدلات الوفيات لديهم. ومع وجود الكثير من البيض والصغار، يمكن للمستعمرة استيعاب الخسائر والحفاظ على صحة السكان.

لكن الحشرات الاجتماعية ليست هي الأبطال الوحيدين في التكاثر. من بين الطيور، تعد أنواع الطرائد مثل الحجل الرمادي (Perdix perdix) من بين أفضل واضعي البيض، حيث يصل عدد البيض في كل مجموعة إلى 22 بيضة. وعندما يتعلق الأمر بالولادة الحية، يمكن لذكور فرس البحر أن يلدوا ما يصل إلى 2000 صغير حي في وقت واحد، والذي يحتضنونه ويدعمونه عبر المشيمة في جرابهم. تعد الأفاعي السامة المعروفة باسم الأفاعي النافخة (Bitis arietans) من أبرز المنافسين على الإنجاب الحي على الأرض. حيث أنجبت الأنثى التي سجلت رقماً قياسياً 156 ثعبانًا صغيرًا كامل النمو من حمل واحد.

اختلاف أعداد أبناء الحيوانات بين الأنواع

عندما يتعلق الأمر بالتكاثر، طورت الحيوانات استراتيجيات مختلفة لضمان بقاء أنواعها. ولكن لماذا تنجب بعض الحيوانات مئات أو آلاف أو حتى ملايين الأطفال في وقت واحد، بينما تنجب حيوانات أخرى واحدًا أو اثنين فقط؟ تكمن الإجابة في تكيفاتها الفريدة مع بيئتها والطاقة المستثمرة في كل نسل.

تميل الحيوانات ذات الأعمار القصيرة، مثل الأسماك والحشرات، إلى إنجاب عدد أكبر من الأطفال في وقت واحد للتعويض عن الوقت المحدود الذي قضته على هذا الكوكب. إنهم بحاجة إلى “ترك بصمتهم بسرعة” وترك أكبر عدد ممكن من النسل لضمان استمرار جنسهم. من ناحية أخرى، فإن الحيوانات ذات الأعمار الأطول، مثل الفيلة والحيتان، تستثمر المزيد من الطاقة في تربية ذرية أقل ولكن أقوى.

اختلاف أعداد أبناء الحيوانات بين الأنواع


تؤثر الحياة الجماعية أيضًا. حيث يمكن للحشرات الاجتماعية مثل النمل والنحل أن تنجب الآلاف من النسل لأن المستعمرة توفر الحماية والرعاية للصغار. عادةً ما تنجب الحيوانات المنفردة، مثل الخفافيش والأرانب، عددًا أقل من الأطفال بسبب نقص الدعم الجماعي.

ولكن هناك دائمًا أمثلة تتحدى الاتجاهات السائدة. فالأرانب والفئران، على أية حال، مشهورة بكثرة ذرياتهم على الرغم من إنجابها صغارًا أحياء، في حين أن خنافس الروث، التي تضع البيض، لا يمكنها وضع سوى ثلاث بيضات في المرة الواحدة.

إن الظروف البيئية المتغيرة يمكن أن تتسبب في تحول الضغوط الانتقائية المسؤولة عن هذه الاستراتيجيات بسرعة. ولكن سبب نشوء حالات تطورية فريدة من نوعها مثل هذه يظل لغزًا دائمًا.

المصدر

Which animal can have the most babies at one time? | live science

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


أحياء بيئة تطور

User Avatar


عدد مقالات الكاتب : 347
الملف الشخصي للكاتب :

التالي

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *