Ad

هل رأيت يوماً ما مئذنتين مختلفتين لمسجدين مختلفين؟ وهل لاحظت الاختلافات بينهما؟ وهل تساءلتَ لم تختلفان أو تتشابهان في الشكل والمقياس؟ تختلف المآذن المبنية في عصور سابقة في شكلها ونمط بناءها باختلاف العصر الذي بنيت خلاله، فقد تكون اسطوانية الشكل، أو مستطيلة، أو مدببة، وقد تكون مزينة بزخارف مختلفة أو بالمقرنصات. فلنتعرف على بعض أبرز الأنماط المعمارية لبناء وتطور المآذن في العمارة الإسلامية، ولنميز الاختلافات بينها.

العهد السلجوقي

أخذ شكل المئذنة بعدًا جديدًا مختلفًا عن المآذن مربعة أو مستطيلة المسقط الموجودة في بلاد الشام وشمال إفريقيا. [1] فانتشر الشكل الأسطواني إلى مناطق واسعة مع انتشار الحكم السلجوقي إلى سوريا والأناضول والعراق والهند. بعضها كانت مجرد منشآت بسيطة بدون أية زخارف، في حين جاء بعضها الآخر مزيّنًا بأنماط مختلفة من الآجر على امتدادها. [2]

يمكننا العثور على مثال مميز لمئذنة من هذه الفترة في جام غرب أفغانستان، حيث بنيت المئذنة بين عامي 1163 و1203م. احتوت على قاعدة مضلعة وارتفاع 60 متر تقريبًا، [1] وهي مزينة بزخارف من الخط العربي تمجد انتصار السلطان الغوري. [2]

الشكل 1: مئذنة جام في أفغانستان

وفي بخارى (في أوزبكستان حاليًّا)، يمكننا رؤية مآذن أخرى من هذا العصر، مثل مئذنة كالان التي تم بناؤها في عام 1127م بارتفاع 46 متر. [1]

الشكل 2: مئذنة كالان في بخارى- أوزبكستان

مثال ثالث عن هذا النوع من المآذن هو مئذنة كتب مينار في دلهي في الهند، والتي بناها جنرال تركي خدم في جيش السلطان الغوري الذي قام ببناء مئذنة جام. [2] وتتميز هذه المئذنة بشكلها المقسم إلى أخاديد شبه اسطوانية. وكان السلاجقة أول من قام ببناء مئذنتين على جانبي مدخل الجامع أو المسجد. [1]

الشكل 3: مئذنة كتب مينار في دلهي – الهند

العهد الفاطمي

تطوّر تصميم المآذن أيضاً في العصر الفاطمي، فبينما لم يتم بناء أية مآذن في بداية هذا العصر، لكن تم بناء العديد من المباني لاحقًا. حيث احتوت معظم المآذن على قاعدة مربعة الشكل، وجسد يعلوه برج مثمّن الشكل. احتوى البرج على فتحات بشكل أقواس وشرفة، وأطلق عليها اسم “مبخرة” في بعض الأحيان. [3]

تألفت المآذن في هذه الفترة من 3 أقسام واضحة، القسم الأول مربع الشكل بارتفاع متوسط. أما الثاني فكان اسطوانيًا، ويعلوه قسم مثمن الشكل، وتعلوه قبة “المبخرة”. غالبًا ما تقع المئذنة في هذا العصر فوق المدخل، كما في مسجد الجيوشي في مصر. [3]

الشكل 4: مسجد الجيوشي في مصر ومئذنته الظاهرة يمين الصورة

العهد المملوكي

تطوّرت المآذن في مصر في العصور ما بعد الفاطمية (وتحديدًا المملوكي) إلى أشكال معقدة ومتميزة. حيث لا يزال يتألف كل برج في هذا العصر من ثلاثة أقسام رئيسية؛ قسم مربع في الأسفل، وقسم وسطي مثمن وقبة في الأعلى. وتزين مناطق الانتقال بين كل قسم وأخر عادةً بصفوف من المقرنصات. [2]

كان القسم المربع أكثر ارتفاعًا في المباني التي تعود للفترات المبكرة في العهد المملوكي، وكانت القبة مزيّنة. لكن لاحقًا، أصبح القسم الوسطي المثمن أكثر طولًا، وقلّ ارتفاع القسم المربع ليصبح مجرد قاعدة في الأسفل. [2] وقد يتم استبدال القسم المربع بالكامل بقاعدة ذات شكل مثمن. [4] وشهد النصف الثاني من القرن الرابع عشر اختفاء “المبخرة”، وحلت بدلًا منها مآذن تعلوها سرادق (مظلات) محمولة على 8 أعمدة صغيرة. وتحمل فوقها قبة بصليّة الشكل وقد تزيّن أيضاً بالمقرنصات. [4]

من الصفات التي تميزت بها العمارة المملوكية زيادة المباني التي تحتوي على مآذن تابعة لها. ففي حين اقتصرت المآذن على الجوامع في العصر العباسي، فإن المماليك قد أضافوا مآذن إلى أنواع عديدة من المباني كالمساجد الصغيرة والأضرحة والخانقاهات والمدارس. [2]

الشكل 5: مجمع السلطان حسن في القاهرة ومآذنه المتعددة
الشكل 6: المآذن المملوكية للجامع الأزهر

العهد العثماني

تميزت العمارة العثمانية بالمآذن المرتفعة المدببة والقباب الكبيرة المغطاة بصفائح من الرصاص. ففي معظم المساجد في الدولة العثمانية بنيت مئذنة واحدة في زاوية المسجد عادةً، لكن في المدن الكبرى كانت تبنى المساجد بمئذنتين أو 4 مآذن أو حتى 6 مآذن. [2]

ومن مميزات هذه المآذن شكلها الرشيق ونهايتها المدببة وارتفاعها، حيث يزيد ارتفاع العديد من المآذن العثمانية عن 50 مترًا. كما علا المآذن مخروط مدبب مغطى بصفائح من الرصاص، والذي تنتهي عنده الشرفة العليا. ومن ميزاتها أيضاً بناء عدة شرفات على امتداد المئذنة. [5]

تُشبَّه المآذن العثمانية عادةً بالأسهم الموجهة نحو السماء، [5] أو بأقلام الرصاص. ومن المحتمل أن شكل المئذنة قد تم تطويره من المآذن المملوكية في مصر وسوريا. [6]

الشكل 7: إحدى مآذن آيا صوفيا في إسطنبول – تركيا
الشكل 8: مئذنتا التكية السليمانية في دمشق – سوريا

انفوجراف لعمارة المآذن في العصور الإسلامية

تعرفنا في المقال السابق على المآذن في العصر الأموي والعباسي، وفي هذا المقال على أربعة أشكال أخرى، ويمكن تلخيص أنماط المآذن التي تعرفنا عليها في المخطط التالي:

المصادر

1-

https://muslimheritage.com/uploads/Main%20-%20Seljuk%20Architecture1.pdf

2-

https://ia903100.us.archive.org/20/items/dictionaryofislamicarchitecture_201911/Dictionary%20of%20Islamic%20Architecture.pdf

3-

https://eng.uaeu.ac.ae/en/research/journal/issues/v9/pdf_iss2_9/p9.pdf

4-

https://www.academia.edu/42811042/ISLAMIC_ARCHITECTURE_IN_CAIRO

5-

https://www.witpress.com/Secure/elibrary/papers/IHA20/IHA20014FU1.pdf

6-

https://link.springer.com/content/pdf/10.1007/s00004-011-0076-2.pdf

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


عمارة

User Avatar

Nour Al Barri

Architecture major & amateur artist. I love reading and I am interested in archeology and cultural heritage


عدد مقالات الكاتب : 29
الملف الشخصي للكاتب :

شارك في الإعداد :
تصاميم : Julie Youssef

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق