من هو ماركو بولو؟

يعد “ماركو بولو”  واحدًا من أهم الرحالة وأكثرهم تأثيرًا، حيث قام بمجموعة من الرحلات الكشفية. أضافت رحلاته قدر كبير من الوصف والتسجيل إلى رصيد التراث والمعرفة الجغرافية في العصور الوسطى.

نشأة ماركو بولو

ليس هناك تاريخ محدد لولادة “ماركو بولو”، إنما توجد تخمينات، ولكن التاريخ الأقرب إلى التصديق هو عام 1254م. حيث ولد ماركو في البندقية وكان والده “نيكولو” تاجرًا بحريًا بين البندقية والشرق الأوسط. وكان يتمتع بثروة ومكانة عظيمة في البندقية. انطلق “نيكولو” وشقيقه “مافيو” في رحلة تجارية قبل ولادة ماركو، وفي عام 1260 أقام الشقيقان في القسطنطينية. وتوقعوا حدوث تغيير سياسي، فقاموا بتصفية ثروتيهما إلى مجوهرات واتجهوا إلى آسيا. وقابلا “قوبلاي خان” أكبر ملوك امبراطورية المغول وحفيد “جنكيز خان”. وفي تلك الأثناء، كانت والدة ماركو تحتضر لتتولى عمته تربيته، فتعلم ماركو التجارة والقليل من اللاتينية.

حياته

كان اللقاء الأول بين ماركو ووالده في عام 1269م حيث بلغ من العمر خمسة عشر عامًا، وذلك بعد عودة والده وعمه من رحلتهم. وفي عامه السابع عشر اصطحباه معهما إلى آسيا، وعادوا من تلك الرحلة بعد 24 عامًا ومعهم العديد من الثروات والكنوز. ولكن تزامنت عودتهم مع حرب البندقية و جمهورية جنوى، فانضم ماركو إلى قوات البندقية، ووقع في الأسر لعدة أشهر من قبل جنوى. كان يملي فيهم ما رآه في رحلته لزميله في السجن “روستشيلو دا بيزا”، والذي قام بجمع ما أملاه عليه ماركو عن الصين والهند واليابان إضافة إلى حكايات من بلده وقام بنشرها. وسرعان ما انتشر الكتاب في أوروبا، وعُرف بكتاب “رحلات ماركو بولو”، حتى أنه ألهم كريستوفر كولومبس في رحلاته.

في أغسطس 1299م، أطلق سراح” ماركو بولو” وعاد إلى البندقية، وكان والده وعمه قد اشتريا منزلًا كبيرًا في “كونترادا سان جيوفاني كريسوستومو”. كما طورا أنشطة شركتهم، مما جعل ماركو تاجرًا ثريًّا. موّل ماركو العديد من البعثات إلى الشرق الأوسط. وتزوج من”دوناتا بادوير” في عام 1300م، ورزقا بثلاث بنات هن “فانتينا، وبيليلا، وموريتا”.

أهم رحلات ماركو بولو

قام”ماركو بولو” برحلتين مهمتين نحو الصين مرورًا بالشرق الأوسط. وأهمية تلك الرحلات تتمثل فيما تم تجميعه من معلومات حول الصين والمناطق المجاورة. مثل التبت وبورما، والتي نقلها إلى أوروبا عند عودته.

خرجت الرحلة الأولى من البندقية متجهة إلى هرمز عند مدخل الخليج العربي. ثم اتجهت شمالًا متتبعة طريق الحرير عبر وسط آسيا مرورًا ببلاد الرافدين وفارس وبلخ. وزار القائمين على الرحلة في طريقهم بخاري ثم اتجهوا إلى البامير. ثم واحة كشغر ومنها إلى لوب نور، وعبروا بعدها صحراء جوبي القاحلة حتى وصلوا إلى الصين. وقد زار الأخوان بولو وبصحبتهما ماركو بلاط خان الصين العظيم “قوبلاي خان” الذي رحب بهم وأبدى رغبته في الاستفادة من الحضارة الغربية. لذلك طلب من الأخوين بولو تسليم رسالة يطلب فيها إرسال مئة من العلماء ورجال الدين لتعليم المغول مبادئ الدين المسيحي والثقافة الغربية. ولكن البابا رفض طلب زعيم التتار.

انتظر الأخوان 12عامًا للقيام بالرحلة الثانية، والتي لم يتغير خط سيرها عن الرحلة الأولى. حيث خرجوا من البندقية ووصلوا إلى الصين بعد ثلاث سنوات. وهناك قابلوا خان الصين محملين بالهدايا من البابا “جريجوري العاشر” الذي اعتلى عرش البابوية. ووافق على الطلب السابق لزعيم التتار بإرسال العلماء ورجال الدين.

وفاة الرحالة العظيم

في عام 1323م، مرض “ماركو بولو”، وبعد عام واحد من مرضه كان يحتضر، فأحضرت عائلته” جيوفاني جويستينياني” قس سان بروكولو، ليوثق وصيته. وقد عين ماركو زوجته دوناتا وبناته قائمين بتنفيذ الوصية، كما كان للكنيسة جزء من تركته. فوافق ماركو وأمر بدفع مبلغ إضافي لدير سان لرونزو. حيث كان يرغب أن يدفن في هذا المكان، ثم أطلق سراح العبد التاتاري الذي رافقه من آسيا. وقسّم ما تبقى له من الممتلكات ما بين الأفراد، والمؤسسات الدينية والنقابات التي انتمى إليها. كما ترك خلفه ديون عديدة مثل 300 ليرة لأخت زوجته. وبعض الديون لدير سان جيوفاني وسان باولو، ورجل دين يدعى “بينفينوتو”.

لا يمكن تحديد الموعد الدقيق لوفاة “ماركو بولو”. وذلك طبقا لقانون البندقية الذي ينص على أن اليوم ينتهي عند غروب الشمس. ولكنه كان بين غروب الشمس يوم 8 و9 يناير 1324م. 

المصادر:

[1] Marco Polo | Biography, Accomplishments, Facts, Travels, & Influence | Britannica

[2] Marco Polo: Biography, The Travels of Marco Polo, Kublai Khan

[3] Marco Polo – Wikipedia

لماذا يختطف الاحتلال جثامين الشهداء؟

    شهد العالم وحشية لا مثيل لها من جيش الاحتلال، في ظل الأحداث الأخيرة على قطاع غزة. بداية من قصف مستشفى المعمداني، وحتى حصار الدبابات لمستشفى الشفاء زاعمًا كونها مركزًا للمقاومة الفلسطينية. ولكن هنالك ما هو أغرب وأشد وحشية من الحصار، وهو ما قاله مدير عام وزارة الصحة الفلسطينية الدكتور “منير البرش” خلال مداخلته الهاتفية مع قناة الجزيرة مباشر. وهو عدم تمكنهم من دفن الجثث في المقابر الجماعية، خشية اختطاف جثامين الشهداء من قبل جيش الاحتلال. وهنا كان السؤال، لماذا يختطف الاحتلال جثامين الشهداء؟ وما علاقة بنك الجلد الإسرائيلي بذلك؟

بنك الجلد الأكبر في العالم

بنك الجلد هو عبارة عن تخزين عينات من جلود المتبرعين ليتم استخدامها في ترقيع أو زراعة الجلد لمصابي الحروق على اختلاف درجاتها. فبعد حرب 6 أكتوبر 1973 اتضح للاحتلال الإسرائيلي أن عليه معالجة جنوده الذين أصيبوا بحروق وتشوهات خلال الحرب. لذا قرر أن ينشئ بنك الجلد الإسرائيلي. وبالرغم من وجود خلافات إسرائيلية حول المشروعية الدينية، إلا أن مجلس الحاخامات الرئيسي أعلن مشروعيته عام 1985.

وفي عام 2014، عرضت قناة العاشرة الإسرائيلية تحقيق تلفزيوني عن بنك الجلد الإسرائيلي. وقد كشفت فيه مديرة البنك أن احتياطي دولة الاحتلال من الجلد البشري هو 170 متر مربع، وهو رقم غير منطقي نسبة إلى عدد المتبرعين وسنة إنشائه. كما تضمن التحقيق اعترافات من مسؤولين رفيعي المستوى عن أخذ أعضاء من جثامين الشهداء الفلسطينيين والعمال الأفارقة لاستخدامها في علاج المستوطنين. [1]

تسليم جثث الفلسطينيين بلا أعضاء

في عام 2001 نشر الصحفي السويدي “دونالد بوستروم” تحقيقا صحفيا يكشف فيه سرقة الأعضاء من الجثث والاتجار بها. كانت هذه أول مرة تكشف فيها هذه الجريمة للرأي العام الدولي، ثم عاد لينشر تحقيقا عن الموضوع نفسه عام 2009 في مجلة “أفتونبلاديت السويدية”. [2] يذكر بوستروم في هذا التحقيق ان وزارة الصحة الإسرائيلية أطلقت حملة قومية للتشجيع على التبرع بالأعضاء عام 1992. وبالتزامن مع تلك الحملة بدأ اختفاء عدد من الشباب الفلسطيني، ليعودوا بعدها في نعوش مغلقة. وتفرض السلطة الإسرائيلية على أهالي المفقودين دفنهم في الليل دون جنائز. وأكد بوسترم تحقيقاته حين ذهب إلى محاورة عوائل الشهداء، ومن بينهم عائلة الشهيد” بلال أحمد غانم”. بلغ بلال 19 عاما حين اعتقله الجيش الإسرائيلي في قرية أم التين في الضفة الغربية عام 1992، ليعود بعدها جثة بلا أعضاء داخلية مخاطة من العنق حتى اسفل البطن. [2]، [3]

لم تنف السلطة الطبية الإسرائيلية ما تعرض له بلال من تنكيل وسرقة أعضاء. وقال مدير معهد الطب الشرعي الإسرائيلي وقتها “تشين كوغل”، إن عائلة بلال يمكن أن تكون على حق، لأنهم أخذوا كل ما يمكن أخذه من الجثث التي جاءت إلى معهد الطب الشرعي، وذلك من دون موافقة الأسرة. ولم تتلق عائلة بلال أي تفسير أو اعتذار عما حدث. [4]، [5]

اعترافات إسرائيلية بسرقة أعضاء الشهداء

في عام 2009 عرض فيلم وثائقي عن القضية، فيه اعترافات للمدير السابق لمعهد الطب الشرعي الإسرائيلي” يهودا هيس” يعترف فيها بسرقتهم أعضاء الشهداء الفلسطينيين. وقد قال هيس: لقد أخذنا القرنيات، والجلد، وصمامات القلب، والعظام. كل ما جرى القيام به كان غير رسمي إلى حد كبير، ولم يطلب إذن من الأسرى.

درست باحثة الأنثروبولوجية “مئيرة فايس” التعامل مع أجساد الفلسطينيين في مركز “أبو كبير” للطب الشرعي في تل ابيب “يافا”. ونشرت مئيرة دراستها في كتاب “على جثثهم”. قالت مئيرة إنها شاهدت أثناء وجودها في المعهد كيف يأخذون الأعضاء من جسد الفلسطينيين ويتركون جثث الجنود سليمة. وأضافت أنهم يأخذون القرنيات والجلد وصمامات القلب بشكل يجعل غياب تلك الأعضاء غير ملحوظ لغير المتخصصين. إذ يعوضون القرنيات بأجسام بلاستيكية وينزعون الجلد من الخلف كي لا تراه الأسرة. كما يجري استخدام جثث الشهداء في كليات الطب في الجامعات الإسرائيلية لأغراض بحثية.

كما أكد “عبد الناصر فروانة” رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة الأسرى والمحررين أن إسرائيل ما زالت تحتجز أكثر من 370 جثمانًا لشهداء فلسطينيين استشهدوا في ظروف وسنوات مختلفة. مضيفًا ألى أن لائحة هؤلاء الشهداء المحتجزين تضم أشخاصا استشهدوا من السبعينيات وحتى عام 2023. [5]


جرائم جيش الاحتلال لا عد لها ولا حصر، ينتقون العلم والعلماء لهم حتى لو لم يكن ذلك بصورة أخلاقية، وعلى النقيض يحاربون العلم والعلماء في فلسطين. فالآن فقط يمكن إدراك سبب صعوبة دفن جثث الشهداء في المقبرة الجماعية، فالاحتلال الإسرائيلي لم يدفن الشهداء، ولكنه في ظل القصف دفن الإنسانية. وفي ظل الحصار دفن الحرية. وفي ظل إجرامه الحربي دفن القوانين الدولية.

المصادر:

1- Los Angeles Tims

2- AFTONBLANDET

3- High Beam

4- CNN

5- Haaretz

Exit mobile version