جون فوس، جائزة نوبل للآدب 2023: في ركن منعزل من العالم وسط جبال وغابات بحر الشمال الغامض يقطن الكاتب المسرحي النرويجي جون فوسي يحارب عواصف العالم المعاصر والأحداث العالمية المؤلمة، فيقدم صوتا لبني الانسان عامة ويكتب عن (رجل) و (أمرأة) بدون تحديد او تحيز يعطي صوتا لكل مالا صوت له، ووسط الصخب والعنف واليأس يبحث عن السلام!.
لذا منحت جائزة نوبل في الأدب لعام 2023 للمؤلف النرويجي جون فوس “على مسرحياته ونثره المبتكر والذي أعطي صوتا لما لا يمكن وصفه.”و تم الإعلان عن الكاتب كفائز في حفل أُقيم في الأكاديمية السويدية في ستوكهولم يوم الخميس (6 أكتوبر)، وتم بثه مباشرة عبر الإنترنت.
محتويات المقال :
رد فعله عن الجائزة
تم إبلاغ فوسي بالفوز عبر الهاتف. قال المعلن: “لا يصدق كل الفائزين عند الأتصل بهم انهم قد فازو بنوبل فعلا، لكنه كان مستعدًا للثقة وحتى الساعة الواحدة. كان يقود سيرته في الريف في النرويج وقت ابلاغه وقال إنه كان مندهشًا ومتخوفًا قليلًا عند تلقيه الجائزة.”
مولده ونشأته
فوسي، الذي وُلد ونشأ في هاوغسوند بالنرويج، استطاع أن يقدم صوتًا فريدًا في المشهد الأدبي العالمي. وقد شهدت أعماله الأدبية مزيجًا رائعًا من الروابط المحلية النرويجية والتقنيات الأدبية العالمية، مما جعله يبرز كأحد أبرز الأصوات في الأدب المعاصر.
وفي حديثه مع “The New Yorker”، أوضح فوسي رؤيته الفريدة حول السعي وراء السلام والهدوء في زمنٍ مليء بالصخب. تناول الحديث تأملاته حول الحياة والموت، وكيفية التعامل مع الضغوطات الداخلية والخارجية، ورغبته المستمرة في البحث عن معنى حقيقي في الحياة.
كيف قاده الادب من الالحاد إلى الإيمان
حين سأل جون فوس “كيف تجمع بين الدين والأدب في حياتك؟
رد قائلا “كان لدي تحول ديني غامض في حياتي فقد كنت ملحدًا، ولكنني لم أستطع تفسير ما يحدث عندما أكتب!. من أين يأتي ذلك الابداع؟ لم أستطع الإجابة على هذا السؤال.
يمكنك دائمًا شرح الدماغ بطريقة علمية، لكنك لا تستطيع أن تشرح هالة الابداع أو الروح. إنه شيء آخر.
كما قال: “الأدب بحد ذاته يعرف أكثر من نظرية الأدب، كذلك الله؛ لأن الله في الواقع غائب بعيد جدًا، وهو الوجود ذاته حاضر دائما وقريب جدًا.”
أما عند الحديث عن العلاقة بين الله والكنيسة وعقائدها، قال إذا كنت مؤمنًا حقيقيًا، فلن تؤمن بالعقائد الجامدة والمؤسسات. ولكن ذلك لا يعني أن العقائد والمؤسسات الدينية غير ضرورية. وفي العالم الذي نعيش فيه، أشعر أن القوى الاقتصادية قوية جدًا، وهناك قوى أخرى تقف ضدها، والكنيسة هي واحدة منها.”
الكاتب جون فوس يشارك تجربته في الاقتراب من الموت عندما كان في سن السابعة بسبب حادث. خلال تلك اللحظة، شعر بأنه يرى نفسه من مكان بعيد، ووصف السلام الذي شعر به، مشيرًا إلى الأماكن التي رآها والحالة الهادئة والسعيدة التي كان فيها. يعتبر هذا التجربة الأكثر أهمية في طفولته وأنها أثرت في تشكيل شخصيته وجعلته يتجه إلى فن الكتابة
“أحتاج أن أتحدث عن الموت لأنه أمر أساسي بالنسبة لي: عندما كنت في سن السابعة، كنت قريبًا من الموت بسبب حادث. ومن ثم، من هناك [يشير إلى البعيد]، استطعت أن أرى نفسي جالسًا هنا – رأيت نفسي هكذا. وكان كل شيء هادئًا، ونظرت إلى البيوت في بلدي، وشعرت باليقين تقريبًا أنني رأيتها للمرة الأخيرة حين كنت ذاهبًا إلى الطبيب. كل شيء كان يتلألأ وكان في سلام، حالة سعيدة جدًا، مثل سحابة من جزيئات الضوء. هذه التجربة هي الأكثر أهمية من طفولتي. وقد شكلتني كشخص، في الأوقات الجيدة والسيئة. أعتقد أنها جعلت مني فنانا.”
رؤيته الفنية
فوس؛ من خلال أعماله، يقدم لنا نظرة عميقة إلى التجارب الإنسانية، سواء كانت هذه التجارب فرحًا أو حزنًا، أملًا أو يأسًا. ومن خلال الروابط القوية بين الشخصيات في أعماله، يستطيع فوسي إبراز التناقضات والصراعات التي تواجه الإنسان في حياته اليومية.
لقد أظهر فوسي، من خلال رواياته ومسرحياته، القدرة على التقاط أعمق الأحاسيس والمشاعر، وعرضها بلغة أدبية راقية، مما جعله يستحق جائزة نوبل في الأدب. ولكن أكثر من ذلك، جعله يستحق مكانة خاصة في قلوب القراء حول العالم.
بينما يحتفل العالم بتكريم هذا العبقري الأدبي، يتجه النظر إلى النرويج، تلك الأرض الهادئة التي استطاعت أن تقدم للعالم صوتًا عظيمًا مثل جون فوسي، الذي سيظل يتردد صداه في أروقة الأدب العالمي للأجيال القادمة.
جون فوسي: أسطورة الأدب النرويجي المعاصر
في أعماق النرويج وعلى شواطئ هاوغسوند المذهلة وُلِد جون فوسي في عام 1959، الكاتب الذي سيحتل لاحقًا مكانة بارزة في المسرح الأوروبي والأدب العالمي.
من منزله الأبيض إلى الشهرة العالمية
على مقربة من مؤسسة فوس، في قرية سترندبارم، يمكنك رؤية منزل فوسي الأبيض حيث نشأ والذي ما زالت والدته تقطنه، بجواره منزل أجداده، شاهدًا على بدايات هذا الكاتب العظيم.
مسيرة أدبية خالدة
أبدع فوسي في أعماله المكتوبة بلغة النينورسك-هو اللهجات الريفية في غرب النرويج – امتدت كتاباته لتشمل مسرحيات، روايات، قصائد، مقالات، وحتى كتب للأطفال والترجمات. وبرزت في كتاباته الموضوعات التي تحاكي الإنسان ومخاوفه وأمانيه. منذ نشر روايته الأولى “Raudt” في 1983 التي تناولت موضوع الانتحار، أظهر فوسي قدرته على اللعب بالأحاسيس والتوجه نحو تقديم الجديد في الأدب.
انفجاره في الساحة الأوروبية
وصلت شهرته إلى ذروتها بعد إنتاج كلود ريجي لمسرحيته “Nokon kjem til å komme” في باريس عام 1999. وفي هذه المسرحية، أبدع فوسي في استخدام لغة مبسطة وتقنيات درامية لعرض القلق الإنساني والعجز بأبسط الأشكال.
فلسفته الأدبية
يتميز فوسي بجمعه بين الروابط المحلية والتقنيات الفنية الحديثة، وهو يقرب بينه وبين أسماء عظماء مثل صموئيل بيكيت وتوماس برنهارد. ورغم النظرة السلبية التي يشترك فيها مع بعض الكتاب، فإنه يقدم نظرة متفردة عن الحياة مليئة بالدفء والدعابة.
المسيرة الأدبية:
جون فوس: الأدب الذي ينبض بالحياة والموت
منذ بداية مسرحيته “Namnet” التي أُطلِقت عام 1995، والمعروفة بـ”The Name” في 2002، نُقدم إلى موقف يومي مشحون بالعواطف، حيث تنتظر فتاة حامل عودة والد طفلها المُتأخر. يُظهر فوسي المشهد بتوتر عالٍ، مُستعرضًا خوف الفتاة من تخلي الوالد عنها وعن طفلها.
في مسرحيته المؤلمة “Dødsvariasjonar” من عام 2002 (أو “Death Variations” في 2004)، يُقدم قصة فتاة انتحرت، ويُعيد رواية قصتها من وقت وفاتها بشكلٍ عكسي. يستخدم فوسي تقنيات الحوار القصير والمنقطع لتجسيد هذا الموقف الاليم.
وفي مسرحيته “Skuggar” عام 2007، يُقدم سلسلة من المواقف باستخدام عبارات متكررة تحمل في طياتها الغموض، ويتفنن في احترام مكان الأحداث ولكنه يُحيرنا بتقديم الزمن بشكل مُختلف.
من أمثلة أعماله المبكرة في الرواية، نجد “Morgon og kveld” عام 2000 (أو “Morning and Evening” في 2015)، التي قد تكون أكثر أعماله أملًا. وفي روايته البارعة “Det er Ales” من عام 2004 (أو “Aliss at the Fire” في 2010)، قام بتضمين ما يزيد عن 200 سؤال في مساحة 70 صفحة فقط!
ومن أبرز أعماله في الرواية، نجد “Trilogien” (أو “Trilogy” في 2016) التي تحتوي على مجموعة من الروايات تمتاز بالتشويق والإثارة. وقد حازت على جائزة المجلس النرويجي للأدب عام 2015.
لكن، أهم أعمال فوسي في الرواية تبقى “Septology” التي أكملها عام 2021، وهي رواية مكونة من ثلاثة أجزاء تمتد على مساحة 1250 صفحة وتُقدم بأسلوب الحوار الداخلي.
في الختام، تُظهر أعمال جون فوسي تفرده في تقديم الأدب والقضايا الإنسانية، مُجمعًا بين البساطة والعمق، وما بين الحياة والموت.
قائمة بعض من أعماله:
- الروايات:
- “Raudt” في عام 1983.
- “Gitar Stengd” في عام 1985.
- المسرحيات:
- “Nokon kjem til å komme” في عام 1996.
- “Natta syng sine songar” في عام 1998.
- القصائد والمقالات:
- كتب عدة مقالات وقصائد تناولت موضوعات مختلفة، منها الحياة اليومية والتجارب الإنسانية.
- كتب الأطفال والترجمات:
- اهتم فوسي بكتابة الأدب الخاص بالأطفال وقام بترجمة عدة أعمال من وإلى اللغة النرويجية.
تتألف الجائزة من ميدالية ذهبية، وشهادة، ومبلغ نقدي، ويتم منحها كل عام “للشخص الذي قدم، في مجال الأدب، أبرز عمل باتجاه مثالي للإنسانية”. قيمة الجائزة المالية تتغير من عام إلى عام، استنادًا إلى موارد مؤسسة نوبل المالية.
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :