لماذا هناك من يرفض اللقاحات؟
على الرغم من أهمية اللقاحات فى القضاء على كثير من الأوبئة مثل الجدري، وأهميتها فى إضعاف فيروسات أخرى مثل الملاريا وشلل الأطفال. حيث يُعتقد حسب منظمة الصحة العالمية أن العالم سيصبح خاليًا من شلل الأطفال بفضل “لقاح شلل الأطفال-IPV” فى العقود القريبة القادمة[1]. إلا أنه – رغم كل هذا – توجد حركات تقاوم اللقاحات، فما تاريخ هذه الحركات وما حججها وأسبابها؟
محتويات المقال :
تاريخ الحركة:
يرجع تاريخ هذه الحركة إلى القرن الثامن عشر، عندما وُصِفت اللقاحات فى الولايات المتحدة وإنجلترا ب”الأعمال الشيطانية” من قبل بعض رجال الدين مثل القس “جون وليامز” من معهد«ماساتشوستس – Massachusetts» بالولايات المتحدة.[1][2]
وبدأت الحركة تنمو فى القرن التاسع عشر والقرن العشرين. وبدأت الدعوة لمقاطعة اللقاحات كمسألة تتعلق بحقوق الإنسان.[2]
ومن هنا يمكن تقسيم حجج أو أسباب هذه الحركة إلى 3 أسباب.
أسباب الحركة:
أولًا: أسباب تحتوي على ادعاءات علمية:
حيث ادعت الحركة أن اللقاحات لها أضرار أكثر من فوائدها. ففى عام 1998، اقترح “أندرو ويكفيلد – Andrew Wakefield” علاقة بين مرض التوحد ولقاح ال”MMR -لقاح الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية”.[1][2]
ونُشرت دراسته فى البداية فى مجلة “ذا لانسيت –the lancet”. ثم عادت المجلة وسحبت دراسته فى عام 2004، بعد أن وجدت نقاط ضعف كثيرة فى نظريته، وبعد أن كشف تحقيق صحفي أن “ويكفيلد” قد تلقى تمويلًا من أصحاب الدعاوي القضائية ضد مصنعي اللقاحات. مما أدى فى النهاية إلى شطب ويكفيلد من السجل الطبي فى المملكة المتحدة ومنعه من ممارسة الطب. وحتى الأن لم تظهر دراسة واحدة تربط بين التوحد واللقاح الثلاثى MMR الذى قام عليه ادعاء ويكفيلد.[2]
ولم تكن هذه الحالة الوحيدة فى التاريخ، ففى عام 1974 نُشِر تقرير يربط بين لقاح السعال الديكى وستة وثلاثون حالة مضاعفات عصبية، حتى نُشِر إعادة تقييم لللقاح يوضح فوائده وفعاليته ضد المرض.[2]
ثانيًا: أسباب دينية:
أهمها كانت أن لقاح ال MMR، اشتُق من خلايا أنسجة الأجنة المُجهضة. والإجهاض يعارِض المعتقدات الدينية مثل الهندوسية والبروتستانتية واليهودية والإسلام.[1]
كما يحتوي نفس اللقاح على جيلاتين الخنازير، مما يتعارض أيضًا مع المعتقدات الإسلامية واليهودية والهندوسية. وهذا ما حدث فعلًا فى أغسطس 2018، حيث أصدر مجلس العلماء الإندونيسي فتوى دينية بتحريم لقاح الحصبة والحصبة الألمانية.[1][3]
هذا بالإضافة لما ذكرناه لمناداة بعض قساوسة البروتستانت بأن اللقاحات هى أعمال شيطانية؛ لأنها وقوف ضد عقاب الله للإنسان بالأوبئة.[1][2]
ثالثًا: أسباب اجتماعية:
حيث نادت الحركة بأن رفض اللقاحات حق شخصي، خاصةً بعد أن قامت بريطانيا فى منتصف القرن التاسع عشر بسن قوانين تَفرِض على الآباء تطعيم أبنائهم، مما دفع بنشطاء مناهضين لللقاحات بتنظيم رابطة مكافحة التلقيح في لندن، التى نادت بحماية حريات الناس من قوانين التلقيح الإجباري، ومع استمرار الضغط ألغت بريطانيا هذه القوانين فى عام 1898.[1]
كوفيد-19، وأسباب جديدة لرفض اللقاح:
تستمر بعض الأسباب التى ذكرناها معنا فى جائحة كورونا، حيث يؤكد الكثيرون من المناهضين لللقاحات أن لقاح فيروس كورونا سيسبب أضرارًا كثيرة، و يشيعون عن موت امرأة شاركت فى تجربة لقاح فى المملكة المتحدة.[4]
إلا أن هناك سببان جديدان يظهران معنا فى حالة كوفيد – 19. أولهما هو نظريات المؤامرة، التى تروج أن لقاحات فيروس كورونا ستُستخدم لزرع رقائق صناعية فى الناس قد تستخدم لأغراض دنيئة، أو الترويج –بدون دليل- أن هدف اللقاحات هو قتل الملايين.[4]
السبب الثانى الجديد فى حالة فيروس كورونا هو سرعة تطوير اللقاح. وعلى الرغم أنه يبدو سببًا منطقيًا وعلميًا، إلا أنه لا بد الإنصات للمتخصصين فى الرد على هذا التساؤل.[4]
دور التكنولوجيا فى الترويج لمكافحة اللقاحات :
كانت المعلومات الطبية قديمًا تقتصر على الكتب والمجلات العلمية، وكان الأطباء والمتخصصون فقط هم صانعي القرار، أما الآن فى عصر الإنترنت أصبح المريض طرفًا فى صناعة القرار وأصبح من السهل العثور على المعلومات ومن السهل الترويج للمعلومات الخاطئة، فلقد وجد تحليل لمقاطع فيديو YouTube حول التحصين أن 32٪ عارضوا التلقيح وأنهم حصلوا على تقييمات أعلى ومشاهدات أكثر من مقاطع الفيديو المؤيدة لللقاح.[1]
أخطار انتشار الأفكار المناهضة للقاحات :
يُعد مرض الحصبة من الأمراض التى قُضي عليها تمامًا، ولكن نتيجة هذه الادعاءات والامتناع عن اللقاح، حدثت حالات تفشي ضخمة للحصبة في أماكن مختلفة من العالم الغربي، مما أدى إلى حدوث عشرات الإصابات بل والتسبب في موت الكثيرين.
ففي المملكة المتحدة عام 1998، كان عدد الإصابات 56 شخصًا. وفي عام 2006، ارتفع هذا العدد إلى 449 في الأشهر الخمسة الأولى من العام.
وفي عام 2008، أعلنت المملكة المتحدة انتشار مرض الحصبة لأول مرة منذ 14 عامًا.
بينما في أيرلندا، تفشى المرض في عام 2000 وتم تسجيل 1500 حالة وثلاث وفيات.
وسجلت فرنسا أكثر من 22000 حالة إصابة بالحصبة في الفترة من 2008 إلى 2011.
وفى الولايات المتحدة حدثت حالات تفشي المرض مؤخرًا في 2008 و 2011 و 2013.
كان هذا نتيجة مباشرة للامتناع عن لقاح الحصبة.[1]
أهمية اللقاحات:
اللقاحات هى سبب رئيسي لإنقاذ الملايين من الموت والأمراض، مثل شلل الأطفال. حيث كانت الولايات المتحدة فى بداية الخمسينيات تسجل 16000 حالة إصابة بشلل الأطفال سنويًا و1800 حالة وفاة. ولكن بعد ظهور اللقاح انخفضت إلى أقل من 1000 حالة في عام 1962. وكانت آخر حالة موثقة في البلاد في عام1979.[2]
خاتمة:
لذلك تُشكِل هذه الحركات خطرًا كبيرًا على البشر، فهي تُعيد أمراضًا قضى العلم عليها فعلًا(مثلما حدث فى حالة مرض الحصبة)، وتجعلنا نخوض حروبًا قد حققنا فيها انتصارًا من قبل، وتستنزف جهودنا التى يجب أن تتجه إلى القضاء على أمراض أخرى لم نكتشف علاجها بعد. لذلك يجب علينا أن نحد من انتشار هذه الخرافات، والاستماع إلى المُتخصصين فقط، وتوعية الآخرين بأهمية اللقاحات؛ لأن هذه الحركات إنما هى خنجر فى ظهور العلماء والبحث العلمى.
المصدر:
NCBI
MedicalNewsToday
ScienceAlert
Scientific American
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :