يعتمد التعلم بشكل أساسي على استرجاع المعلومات والبيانات والخبرات التي -تم تخزينها مسبقًا- من الذاكرة، إذن الذاكرة هي لُب موضوع التعلم، فما أهمية الذاكرة في عملية التعلم؟ وإلى أي مدى يعتمد التعلم على الذاكرة؟ وما هي أبرز العوامل التي يمكنها أن تحفز الذاكرة؟ وكيف يمكن استغلال أبسط المهارات والعادات الخاصة بك في القيام بذلك؟
تخيل طفلًا يحاول ربط حذائه لأول مرة، إدًا فذاكرة هذا الطفل تخلو من أي خبرة أو معلومة مسبقة عن ربط الحذاء. يحتاج هذا الطفل إلى مشاهدة كيفية ربط الحذاء مرات، مستمعًا إلى تعليمات تساعده على المعرفة أحيانًا! يلجأ للتقليد تارةً. يستمر الطفل في محاولاته مرات ومرات مع إحراز التقدم البسيط في كل مرة.
إن كل ما يحتاجه الطفل هو التدريب وتنويع أساليب التحصيل. فهذا الجهد الذي قام به الطفل يسمى بالتعلم. وفي نهاية المطاف عندما يتوصل الطفل أخيرًا إلى ربط حذائه بسرعة، مسترجعًا ما تلقى من مهارات ومعلومات، يتجلى هنا دور الذاكرة، حيث استرجاع المعلومات بالترتيب التسلسلي.
إذًا فالذاكرة والتعلم وجهان لعملة واحدة، فالذاكرة هي السر الكامن وراء عملية التعلم، فيشير الأخير إلى عملية اكتساب المهارات والخبرات، بينما تنطوي الذاكرة على التعبير عما تعلمته. لكن لماذا نجد على المستوى المدرسي مكافحة الطلاب قبل الامتحان من أجل تذكر المعلومات التي تعرضوا إليها قبل أسابيع قليلة، على الرغم من شعورهم بالثقةِ الكاملة في فهمها حين تلقوها لأول مرة؟ إذًا ماذا حدث؟ ولِمَ لمْ تستقر تلك المعلومات فترة أطول؟
دعنا نُجِيبُك بنتيجة دراسة أشارت إلى أن الناس ينسون قُرابة ٨٠٪ مما يتعلمونه بعد مرور يومٍ واحد فقط! إذا لم يعتمدوا أساليبًا وعاداتٍ مختلفة للدراسة، والتي تساعد الذاكرة على تحويل المعلومات التي استقرت في الذاكرة قصيرة المدى إلى الذاكرة طويلة المدى.
محتويات المقال :
الذاكرة والنوم.
النوم هوأبرز العوامل والعادات التي تدعم الذاكرة، وتعمل على تعززيها. فعلى الرغم من أن فترة الاستيقاظ هي أفضل وقت للتعلم؛ إلا أن النوم يوفر الظروف المثلى لمعالجة المعلومات الخارجية بشكل كبير، وبالتالي يساعد في عملية التعلم. لكن كيف تعزز حالة النوم الخاصة بك؟
يمكنك اعتبار النوم عادة كأي عادة يمكن أن تتطور وينالها التحسين إذا توافرت لها الظروف المساعدة لذلك مثل:
- الحرص على الحصول على عدد ساعات النوم اللازمة، على الرغم من إختلاف هذا المُعدل من شخص لآخر، إلا أن عدد ساعات النوم المُثلى للأشخاص البالغون الذين تتراوح أعمارهم بين ١٨ و٦٤ عامًا هي بين ٧ و ٩ ساعات من النوم المتواصل والمنتظم أسبوعيًا، وذلك حسب منظمة النوم الوطنية الأمريكية Sleep Foundation –
- تجنب تناول الكحول، الكافيين، التبغ والوجبات الغير صحية خصوصًا في المساء.
- تقليل التعرض للضوء الأزرق الناتج عن الأجهزة الإلكترونية كالهاتف والكمبيوتر المحمول.
- احرص على أن تكون بيئة النوم الخاصة بك باردة، خالية من مصادر الضوضاء وكل ما يتعلق بالعمل أو الترفيه.
- يمكنك اللجوء إلى الغفوة القصيرة، فإذا شعرت بأن طاقتك وقدرتك على التركيز بدأت في الانخفاض أثناء وقت التعلم؛ يمكنك أخذُ قسطًا من الراحة تحديدًا غفوة قصيرة، بشرط ألا تزيد عن ٢٥ دقيقة ولا تقل عن ١٠ دقائق. حتى تستطيع النيلُ من بعض فوائدها مثل تهيئة الذاكرة قصيرة المدى لاستقبال المعلومات وربط بعضها البعض.
الخرائط الذهنية – Mind Mapping
غالبًا ما تنتشر مشكلة أخرى لدى الطلاب، ألا وهي خلط المعلومات وصعوبة تنظيم وتحليل وتقييم الأفكار. هنا يمكن للخرائط الذهنية أن تصبح حلاً بسيطًا وممتعًا. فما هي الخرائط الذهنية؟ وإلى أي مدى يمكن أن تساعد في استرجاع المعلومات والأفكار؟
الخرائط الذهنية هي أداة الدماغ التي يمكن من خلالها أن يحتفظ بالمعلومات وربط الحديث منها بالقديم. ويمكنك القول بأنها كائنات تستطيع أن تصممها بنفسك، فمن الممكن أن تأخذ أشكالاً متعددة لذا فهي مرنة تساعد المتعلم على التفكير، التذكر، خلق والانتقال بين العناصر والأفكار بسهولة، وتتميز الخرائط الذهنية بأنها :
- بسيطة، مرنة مما يجعلها تساعد على توضيح الاختلافات بسهولة.
- يمكن العمل بها في كل المراحل التعليمة، حتى المبكرة منها، فهي تصلح لأي محتوى دراسي.
- تضع أمام أعين المتعلم ما تعلمه حقًا وما هو بحاجة إلى إعادة المراجعة، فتسمح للتعديل بسهولة.
- التدرج في وصف وتحليل المعلومات بالأسلوب المناسب للطالب.
أما عن بعض فوائد الخرائط الذهنية فهي:
- تعمل على تعزيز قدرات المتعلم في توليد الأفكار، وجمعها وترتيبها، وبالتالي سهولة استرجاعها في المشكلات المقبلة سواءً كانت مواقف حياتية أو اختبارات دراسية.
- تعمل الخرائط الذهنية على التعبير بسهولة عن المعلومات والأفكار بأكثر من أسلوب.
- تساعد على تعلم كم كبير غير مألوف من المعلومات، وتنظيم المعلومات بشكل كبير. وذلك بمساعدة الرسوم والأشكال التي يستطيع المتعلم إنشاؤها خلال رسم الخرائط.
- تزيد من فعالية التعلم. حيث تعمل على ربط المعلومات الجديدة بالمعلومات السابقة، وذلك من خلال إجبار عقلك على إجراء الروابط بين ما تعرفه وما تعلمته للتو.
دعنا نزيدك من الشعر بيتًا، فنضعُ بين يديك بعض العوامل الأخرى التي يمكنها أن تزيد من كفاءة الذاكرة الخاصة بك نذكر بعضها:
- أنشئ مساحة التعلم الخاصة بك، حدد مكانًا متميزًا واجعله خاصًا بالتعلم، فلا تستخدمه لأنشطة أخرى كالنوم ومشاهدة التلفاز -قدر الإمكان- .
- استمتع بفترات راحة منتظمة هنلك بعض الممارسات البسيطة التي قد تساعدك كالوقوف كل فترة أثناء فترة الدراسة أو التمدد، يمكنك أيضًا أن ترِح عينك كل ٢٠ دقيقة.
- إذا كنت تمارس التعلم عبر الانترنت؛ فأبعد العناصر المُشتتة عنك، كنوافذ المتصفح غير ذات الصلة بالتعلم الخاص بك، اغلق أيضًا إشعارات الهاتف الخاص بك.
- نظم وقتك، ضع جدولاً زمنيًا، اتبع روتين يومي صحي، يحقق لك أفضل استفادة ممكنة من الوقت المتاح لديك. نظم أسلوب الدراسة الخاصة بك، نظم مواعيد التعلم والدراسة، وكُن على عِلمٍ بمواعيد الاختبارات ليكون لديك الوقت الكافي للمراجعة.
- كُن لطيفًا مع نفسك. حدد أهدافًا معقولة،احرص على تقييم نفسك باستمرار، ولا تتوقع إنتاجية عالية حتى لا يتفاقم التوتر لديك.
إن التعلم رحلة تنتهي بانتهاء الحياة. رفيقك المخلص فيها هي الذاكرة، فلا فائدة من علمٍ لا تسعه الذاكرة. وحرصك على الرعاية الذاتية بإتباع أفضل الممارسات من خرائط ذهنية، نومٍ كافٍ منتظم وإدراك وإتقان العادات الصحية في جميع نواحي الحياة، يؤهلك للحظي بذاكرةٍ أقوى. وكلما حظيت على ذاكرة أقوى كلما حَصُلت على فرص أنجح وأكثر فعالية في التعلم.
اقرأ أيضا: كيف تعمل الذاكرة؟ وكيف يحدث النسيان؟
المصادر :
NCPI
lumenlearning
edx
Simple mind
business
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :