محتويات المقال :
فتح الأندلس ومعركة وادي لكة
معظم الناس لا يفهمون أهمية هذه المعركة، والتي كانت بين القوط الغربيين والمسلمين. فهي التي تسببت في حكم المسلمين لـ الأندلس (اسبانيا) منذ قرون طويلة، وقد أدى خطأ طفيف واحد من طموحاتٍ شخصية إلى معركة كبيرة مما تسبب في خلق مشكلة عظيمة للبلدان الأوروبية حينها.
لكن ماذا لو لم يتم ارتكاب ذلك الخطأ وظلت المملكة القوطية قائمة ولم يتم فتح الأندلس؟ وكيف غيرت تلك المعركة مسار تاريخ أوروبا بالكامل؟
كانت تلك الفترة في أوروبا غير مستقرة البتة ، وقد تسبب سقوط الإمبراطورية الرومانية في الغرب بفراغٍ كبيرٍ، وتم إنشاء ممالك جديدة وقتها. وقد بنيت تلك الممالك على أساس ممالك أخرى سقطت في العصور الوسطى.
دارت معركة “وادي لكة” بين الخلافة الأموية والقوط الغربيين، والذين كانوا عبارة ألمان بماضٍ مثير؛ والذين قد تسببوا في بعض المشاكل للإمبراطورية الرومانية.
وقد انتقلوا في النهاية إلى شبه الجزيرة الأيبيرية وقاموا بتأسيس مملكتهم الفريدة من نوعها في الأندلس. وقد تأسست مملكة القوط الغربيين عام 418م وانتهت بين عام 718 – 720م.
لكن كيف تغير كل شيء؟
كانت المملكة في حالة جيدة وكان كل شيء راسخًا، ونعمت السلطة المركزية بالاستقرار بشكلٍ كبير، لكن الأمور كانت تتغير طوال الوقت مما عقّد الأمور كثيرًا.
فقد تمت إدارة المملكة من قبل من الأشخاص ذوي سلطةٍ لا بأس بها عبر اسبانيا منهم الحاكم الأصغر والذي يدعى “ويتيسا”، وقد كان يحظى باحترامٍ كبير مع معلومية اكتسابه الكثير من الخبرة لما سبق له من الحكم مع والده.
وكانت الأندلس حينها في وقتٍ سلميّ دون أية حروب بالرغم من وجود هجمات عبر الحدود من بيزنطة والفرنسيين، مع بعض الصراعات الداخلية الطفيفة، لكن عدا ذلك كان كل شيء جيدًا.
ثم فجأة، وفي عام 710 تقريبًا، تم إلقاء الملك الشاب من على العرش لأسباب غير معروفةٍ جيدا، مع احتمالية أنه تم اغتياله.
وعقِب ذلك مجيء نبيل من عائلة كبيرة يسمى “رودريك” تم تتويجه ملكًا، والذي يعرف أيضًا باسم الملك الأخير من القوط، والذي دام حكمه لمدة عامين من 710 – 712م. لكن تم تتويج ملك آخر في الوقت نفسه لوجود أشخاصٍ معارضين، وهو “أخيلا” والذي كان له مطالبة بالمملكة هو الآخر، مما جعل المملكة في طريقها للانقسام.
كانت الأمور تزداد توترًا يومًا بعد يوم، لأن واحدًا منهم كان يحكم الجزء الجنوبي من اسبانيا والآخر كان يحكم الشرق. وكان هناك بالطبع خطر كبير يتمثل في اندلاع حرب أهلية، لكن لم يقتصر الأمر على ذلك، بل كان هناك تهديد آخر لم يكن في الحسبان.
الخلافة الأموية وفتح الأندلس
كان القائد الأموي حينها هو (موسى بن نصير) والي إفريقية (تونس حاليًا) -وهي تختلف عن إفريقيا القارة- وكان يحتل الساحل الشمالي لإفريقيا والتي كانت قريبة جدًا من الأراضي الأوروبية الإسبانية. وقد بدءوا بهجماتٍ صغيرة لرؤية ما إن كان عليهم التخطيط للغزو القادم أم لا.
وقد قام موسى بإرسال (طارق بن زياد) –والي مدينة طنجة- إلى إسبانيا، عن طريق عبور المضيق الواصل بين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، والذي تمت تسميته “مضيق جبل طارق” تيمنًا بذلك العبور.
وبسبب الوضع والانقسامات التي كانت تحدث في المملكة، قام باحتلال جزءٍ كبيرٍ من أراضي الحدود الجنوبية لإسبانيا. ولعلمهِ أن هناك وضعًا متزعزعًا داخل المملكة يجعل الأمور لصالحه بنسبةٍ كبيرة؛ فقد أرسل المزيد من القوات إلى (طارق) للاستيلاء على المزيد من الأراضي.
رد الفعل
كان يعلم (رودريك) أن هناك دخلاء كانوا يعبرون ويحتلون حدود مملكته، وقام بما يفعل به كل ملك من تجهيز واستعداد وتجنيد القوات للدفاع عن مملكته، وكان الاجتماع على دفع الغزاة مثيرًا للاهتمام حتى أن “أخيلا” الملك الآخر والعدو قام بإعطائه القوات كمساعدة للدفاع عن مملكتهم، بالإضافة لمساعدة النبلاء أيضًا. وبشكل ينم عن كامل الاستعداد اجتمعت جميع القوات في المملكة للدفاع.
عندما جمع رودريك قواته كان على استعداد للتحرك جنوبًا لبدء المعركة، وكانت قواته تبلغ حوالي من 25000 – 35000 حين بلغت قوات المسلمين من 6000 – 000 14.
خسارة القوط
كان معظم جنود رودريك غير جاهزين للمعركة، ولم يكن لديهم تدريب وخبرة بالإضافة إلى أنهم كانوا من الطبقة الاجتماعية المنخفضة، والذي يمكن أن يكون عاملا في خسارة المعركة. ولكن ما الذي حدث بالفعل؟
قام الجيشان بالالتقاء وجهًا لوجه بالقرب من نهر وادي لكة، وكان كل شيء جاهزًا وكانت المعركة على وشك البدء.
وعندما سارت القوات نحو بعضها، انقسم جيش القوط الغربيين وراء 3 أوامر في نفس الوقت بشكلٍ مفاجئ، فقد قام الجزء الأوسط من الجيش بالهجوم والذي كان بقيادة (رودريك) -وكان ذلك الشيء المنطقي والذي ينبغي القيام به- لكن لم يشترك الجناح الأيمن والأيسر معهم وتحرك أوسط الجيش بمفرده.
ولم يكتفِ الجناحان بعدم الاشتراك في الهجوم فقط، بل قام الجنرالات بأمرهم بالابتعاد والرجوع إلى الوراء، مما شكّل ذلك خيانة واضحة وصريحة ومدبرة!
وقد أدرك (رودريك) حينها بأن تلك الخيانة وتدبير قتل قواته بدخولهم وحدهم داخل وحدات الأمويين؛ كانت لعقد الجنرالات صفقة بالتأكيد مع الأمويين، لكن كان الأوان قد فات لإدراك ذلك.
وقد ارتكب ذلك الجزء المنسحب خطأً فادحًا ولم يهزموا العدو عندما أتيحت الفرصة، فقد تقدم جيش الخلافة إلى إسبانيا وقام بقهرهم، وقاموا بتدمير مملكة القوط الغربيين في 718 – 720م.
وقد أدرك النبلاء بالتأكيد فداحة الخطأ الذي ارتكبوه عندما قاموا بخيانة (رودريك)، ومن الممكن أن يكونوا قد حصلوا على شيءٍ في المقابل، لكن هذا الخطأ والغباء كان له تأثير كبير على تاريخ أوروبا وآسيا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إعداد: دينا الخطيب
المصدر: About History
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :