Ad

البطارية الكمومية. بعدما تعمقنا وتعرفنا أكثر على أنواع البطاريات المستخدمة حاليًا وسابقًا، ونظرنا إلى إمكانية تطور كلًا منها في المستقبل، وجب الآن أن نلقي نظرة خاطفة على أحد أكثر أنواع البطاريات تفردًا والتي تحمل بمجملها مستقبل واعد يمكن أن يغير مفهومنا لتخزين الطاقة وإمدادها للأبد، ألا وهي البطاريات الكمومية.

ما هي البطارية الكمومية وكيف تعمل؟

تعتبر البطاريات الكمومية واحدة من أكثر التقنيات المثيرة والواعدة في مجال تخزين الطاقة. تعتمد هذه البطاريات على مبادئ الفيزياء الكمومية لتحسين قدراتها، وذلك عن طريق تخزين الطاقة في الحالات الكمومية لنظام فيزيائي، مثل سيل من الإلكترونات أو الفوتونات. تزداد طاقة الحالة الكمومية عن طريق إضافة مصدر طاقة خارجي إلى النظام، مثل تسليط الضوء عليه أو تطبيق جهد كهربائي. يمكن بعد ذلك إطلاق طاقة الحالة الكمومية عن طريق إزالة مصدر الطاقة الخارجية من النظام، مثل إطفاء الضوء أو إزالة الجهد الكهربائي.
وتحدد كفاءة بطارية كمومية من خلال قدرة خزن الطاقة التي يتم إضافتها إلى النظام في الحالة الكمومية، وقدرة الخزن هذه تعتمد على ظاهرة كمومية تسمى بالإمتصاص الفائق.

ما هي حالة الإمتصاص الفائق؟

تُعبر ظاهرة الإمتصاص الفائق 《Supercapacitanc عن قدرة بعض المواد على تخزين الطاقة الكهربائية بشكل فعال كهروكيميائيًا. مثلًا تختلف آلية تخزين الطاقة في البطاريات الكمومية عن البطاريات التقليدية، وذلك بسبب اعتماد البطاريات التقليدية على التفاعلات الكيميائية لضخ الطاقة.
بينما في حالة البطاريات الكمومية، يتم استخدام الخصائص الكمومية للتحكم في تدفق الشحنات الكهربائية، مما يسمح بتحقيق كفاءة أعلى وزمن تشغيل أطول.
مثلًا في آخر دراسات قام فريق من العلماء بإثبات مفهوم الإمتصاص الفائق عبر بناء عدة تجويفات مجهرية على شكل رقائق مختلفة الأحجام والتي تحتوى على عدد مختلف من الجزيئات، ليتم اكتشاف نشاط طبقة التجويف المجهرية كونها تحتوي على مواد شبه موصلة عضوية تخزن الطاقة.

ما هي المواد التي ستُستخدم في البطاريات الكمومية؟

يمكن أن تختلف المواد المستخدمة في البطاريات الكمومية بناءًا على نوع البطارية الكمومية وتصميمها.
فقد تتضمن بعض تقنيات البطاريات الكمومية استخدام مواد معدلة أو مصنعة بتقنية النانو أو البنى الجزيئية الدقيقة لتحقيق تحكم دقيق في التدفق الإلكتروني
هناك أيضًا نوع آخر من البطاريات الكمومية يسمى “البطاريات الزجاجية” والتي يشار إليها أحيانًا باسم “البطاريات الكمومية الزجاجية”. هذه البطاريات هي نوع من البطاريات ذات الحالة الصلبة التي تستخدم إليكتروليتات زجاجية وأقطاب معدنية من الليثيوم أو الصوديوم. يتكون هذا النوع من معدن قلوي (رقائق ليثيوم أو صوديوم) كقطب سالب (أنود)، وخليط من الكربون وعنصر نشط للأكسدة والاختزال، كقطب موجب (كاثود). يتم طلاء خليط الكاثود على رقائق النحاس.

ما هي الأنواع المختلفة للبطاريات الكمومية؟

تنقسم البطاريات الكمومية من حيث آلية تخزين الطاقة إلى نوعين رئيسيين:

البطارية الكمومية المعتمدة على التشابك الكمي:

تعتمد هذه البطاريات على ظاهرة التشابك الكمومية لتخزين الطاقة. التشابك هو ظاهرة فيزيائية تحدث عندما يتم ربط جسيمين أو أكثر معًا بطريقة تجعلهما يشتركان في نفس المصير، بغض النظر عن مقدار المسافة التي تفصلهما. هذا يعني أنه إذا كان جسيمًا واحدًا في حالة مثارة، فإن الجسيم الآخر سيكون أيضًا في حالة مثارة، والعكس صحيح.

البطارية الكمومية المعتمدة على التجانس:

تعتمد هذه البطاريات على ظاهرة التجانس الكمي في عملية تخزين الطاقة. التجانس هو خاصية للأنظمة الكمومية تسمح لها بالوجود في حالات متعددة في نفس الوقت بحيث تسمح بتخزين الطاقة في جميع حالات النظام المختلفة.

ما هي نقطة بداية البطارية الكمومية؟

كون البطاريات الكمومية تقنية جديدة ولا زالت قيد البحث والتطوير، فمن المؤكد بأن تاريخها يُعتبر حديثًا نسبيًا مقارنة بباقي البطاريات.
تم تقديم أول اقتراح نظري لبطارية كمومية في عام 2000 من قبل فريق من الفيزيائيين بقيادة مارتن بلينيو في جامعة بريستول في المملكة المتحدة. أظهر بلينيو وزملاؤه أنه من الممكن تخزين الطاقة في نظام كمومي باستخدام مبادئ التشابك الكمومي.
في السنوات التي تلت اقتراح بلينيو، كان هناك الكثير من الأبحاث على البطاريات الكمومية، قام عبرها العلماء بتطوير عدد من نماذج مختلفة للبطاريات الكمومية، ودرسوا خصائص هذه النماذج بتفصيل كبير. كما قاموا بإحراز بعض التقدم في تطوير نماذج تجريبية للبطاريات الكمومية. مثلًا في عام 2005 طور فريق من العلماء في جامعة بيركلي كاليفورنيا طريقة لإنشاء بطاريات كمومية من الدوائر الفائقة التوصيل، ليلحق بالركب عام 2010 فريق من العلماء بجامعة تورنتو عبر إنشاء بطارية كمومية من الأيونات المحبوسة.
إلا أن أحد أهم التطورات الحديثة في مجال البطاريات الكمومية تم عام 2018 من قبل فريق من العلماء بقيادة جيمس كواتش في جامعة أديلايد في أستراليا. أظهر كواتش وزملاؤه أنه من الممكن إنشاء بطارية كمومية يمكن شحنها وتفريغها بشكل أسرع بكثير من البطارية التقليدية. ليتبعهم فريق يضم علماء من “معهد العلوم الأساسية” في كوريا و”جامعة إنسوبريا” في إيطاليا بتصريح يدلي بإمكانية الإستعانة بنظام ميكانيكي كمومي يعرف باسم مايكروماسر《micromaser》. يستخدم هذا النظام مجالاً كهرومغناطيسيًا لتخزين الطاقة المشحونة عبر تيار من الكيوبتات، واصفين إياه بالنموذج الممتاز للبطارية الكمومية، بعد نجاحهم في إثبات أن عملية الشحن أسرع من الشحن في البطاريات التقليدية.

ما هي مزايا البطارية الكمومية؟

قدرة شحن وتفريغ أسرع:

يمكن شحن وتفريغ البطاريات الكمومية بشكل أسرع بكثير من البطاريات التقليدية. هذا لأنها يمكن أن تستخدم الطاقة المخزنة في الحالات الكمومية، والتي يمكن الوصول إليها بشكل أسرع بكثير من الطاقة المخزنة بين روابط الذرات والجزيئات.

عمر أطول:

يمكن أن تدوم البطاريات الكمومية أطول بكثير من البطاريات التقليدية. هذا لأنها لا تخضع لنفس الإنحدار الذي تخضع له البطاريات التقليدية.

كثافة طاقة أعلى:

يمكن للبطاريات الكمومية تخزين المزيد من الطاقة لكل وحدة حجم من البطاريات التقليدية. نظرًا لتعدد الحالات الكمومية التي يتم خزن الطاقة بها.

ما الذي يحد من تحقيق حلم البطارية الكمومية؟

هنالك العديد من التحديات التي تحد من زخم تطور البطاريات الكمومية، والتي يجب التغلب عليها قبل أن يتم تصنيعها تجاريًا. هذه التحديات تشمل:

تطوير عملية التصنيع:

البطاريات الكمومية لا تزال معقدة ومكلفة للغاية لإنتاجها. يجب أن تحدث ثورة تطورية في عملية التصنيع تكلفة البطاريات الكمومية وجعلها قابلة للإستخدام الشائع.

تحسين كفاءة البطارية الكمومية:

كفاءة البطاريات الكمومية لا تزال منخفضة نسبيًا. هذا يعني أن الكثير من الطاقة يضيع عند شحن أو تفريغ البطارية. تحسين كفاءة البطاريات الكمومية أمر ضروري لجعلها خيارًا عمليًا ومعقول التكلفة.

ما التغيير الذي ستحدثه البطارية الكمومية؟

إذا تم تطوير بطاريات كمومية بشكل ناجح، فإنها يمكن أن تؤثر بشكل كبير على مجموعة واسعة من الصناعات، بما في ذلك:

المركبات الكهربائية: يُمكن استخدام بطاريات كمومية لتشغيل المركبات الكهربائية، مما يجعل من المركبات هذه أكثر عملية وفاعلية.

تخزين الطاقة: إمكانية استخدامها لتخزين طاقة من مصادر متجددة، مثل طاقة الشمس والرياح، وبذلك تحقيق استقرار للطاقة التي تزودها المحطة.

استكشاف الفضاء: من الممكن أن تُستخدم لتشغيل المركبات الفضائية، مما يسمح لها بالسفر لمسافات أبعد ولفترات زمنية أطول.

المصادر:

Colloquium: Quantum coherence as a resource
Energy storage and coherence in closed and open quantum batteries
Superabsorption in an organic microcavity: Toward a quantum battery
Quantum Batteries: The Future of Energy Storage?

اضغط هنا لتقييم التقرير
[Average: 0]
Dalia Almokadam
Author: Dalia Almokadam

مهندسة ميكانيكية مهتمة بالعلوم الهندسية، والطبيعية، والطاقة المتجددة.

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


تقنية هندسة تقنيه النانو

User Avatar

Dalia Almokadam

مهندسة ميكانيكية مهتمة بالعلوم الهندسية، والطبيعية، والطاقة المتجددة.


عدد مقالات الكاتب : 21
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *