جائزة نوبل في السلام وجهود رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد لنشر السلام
بعد صراع دام لعقود بين إريتريا وإثيوبيا، يأتي دور آبي أحمد علي-Abiy Ahmed Ali -رئيس وزراء إثيوبيا الحالي- لنشر السلام وكسر الجليد بينهما، بعد خسائر مالية وبشرية كبيرة تكبدتهما الدولتان منذ ستينات القرن الماضي وحتى فترة قريبة. ونتيجة لتلك الجهود، تم تقليد آبي أحمد بجائزة نوبل في السلام لعام 2019 كناشر للسلام بين الأمتين.
محتويات المقال :
جائزة نوبل في السلام
وقع ألفريد نوبل -مخترع الديناميت- السويدي وصيته الثالثة والأخيرة في النادي السويدي النرويجي في باريس؛ معلناً خلالها منح جوائز دولية سنوياً في 5مجالات (الأدب، السلام، الكيمياء، الفيزياء والطب) وتم إضافة الاقتصاد لاحقاً. ومرت 5 سنوات حتى مُنحت الجوائز للمرة الأولى في عام 1901، بعد اعتراضات عديدة من عائلته بتنفيذ الوصية ورفض ممن عينهم على تنفيذها.
وبمناسبة الإعلان عن جائزة نوبل في السلام لعام2019، يجوز تقديم ترشيح لجائزة نوبل للسلام من قبل أي شخص يستوفي معايير الترشيح، دون الحاجة إلى تقديم خطاب دعوة. وتحتفظ اللجنة المعنية بقبول الترشيحات وأسماء المرشحين ولا يمكن الكشف عن أسمائهم وغيرها من المعلومات إلا بعد مرور 50 عاماً.
أما الشروط الواجب تحققها في المرشح يجب أن تتوافر فيما يلي:
1- أن يقع الشخص ضمن أعضاء المجالس الوطنية والحكومات الوطنية (أعضاء مجلس الوزراء / الوزراء) في الدول ذات السيادة وكذلك رؤساء الدول الحاليين.
2- أعضاء اللجنة التنفيذية للمجلس الدولي للرابطة النسائية الدولية للسلام والحرية.
3- أبحاث السلام ومعاهد السياسة الخارجية.
4- الحاصلين على جائزة نوبل للسلام من قبل.
5- المستشارون السابقون للجنة نوبل النرويجية.
6- رؤساء الجامعات، مديري الجامعات أو ما يعادلها من: مديري معاهد أبحاث السلام ومعاهد السياسة الخارجي.
7- أساتذة الجامعات والأساتذة الفخريون والأساتذة المساعدون للتاريخ والعلوم الاجتماعية والقانون والفلسفة والدين.
وفيما يلي الترشيحات، تقرر لجنة نوبل النرويجية الفائزين بجائزة نوبل للسلام سنوياً.
نبذة عن آبي أحمد علي الفائز بجائزة نوبل للسلام 2019
ولد آبي أحمد علي -رابع رئيس وزراء لجمهورية إثيوبيا الديمقراطية الاتحادية- في 15 أغسطس 1976 ببلدة بشاشا الإثيوبية غرب البلاد من قبل أب مسلم وأم مسيحية. وترعرع في فترة انقسامات وفقر في سن مبكرة.
وفي ريعان شبابه، التحق آبي أحمد أولاً بالكفاح المسلح ضد النظام الاشتراكي الدرغي. وأثناء خدمته في قوة الدفاع الوطني الإثيوبي،ترقى لرتبة ملازم أول. ومن بين أدواره المختلفة في الحكومة، شغل منصب رئيس أمانة OPDO -المنظمة الديمقراطية لشعوب أورومو، وهو حزب سياسي على أساس عرقي في إثيوبيا وجزء من الجبهة الثورية الديمقراطية الشعبية الإثيوبية. وشغل أيضاً نائب رئيس حكومة إقليم أوروميا، وزير وزارة العلوم والتكنولوجيا، المدير المؤسس لوكالة أمن شبكة المعلومات ومؤسس ورئيس معهد البحوث الحكومية ومركز معلومات العلوم والتكنولوجيا.
حصل رئيس الوزراء آبي أحمد -أب لثلاث بنات وابن بالتبني مؤخراً- على ماجستير في القيادة التحويلية، ماجستير في إدارة الأعمال، شهادة دكتوراه من معهد دراسات السلام والأمن بجامعة أديس أبابا. ومنذ أن أدى اليمين الدستوري كرئيس وزراء؛ انفصل عن التقليد – بإطلاق إصلاحات سياسية واقتصادية أعمق اكتسحت البلاد. حيث أطلق سراح الآلاف من السجناء، عقد مناقشات ومشاورات مفتوحة مع أحزاب سياسية معارضة – وصفت بعضها في السابق بأنها “إرهابية”. وضع خطة لخصخصة بعض من أكبر المؤسسات العامة جزئياً -كجزء من برنامج أوسع لتحرير السوق والإصلاح الاقتصادي. والأهم، إبرام سلام تاريخي مع إريتريا المجاورة وإنهاء حرب استمرت مع الدولتين لعقود. وساهم كوسيط للوصول إلى اتفاق بخصوص انقسام السلطة في السودان، بعد أزمة سياسية أدت إلى اعتقال عمر البشير.
وأوضحت اللجنة النرويجية القائمة على تحديد الفائز والمرشحين مدى أعماله ومساهماتهفي في نشر السلام:
جهوده تستحق التقدير وتحتاج إلى التشجيع
جهود آبي أحمد مع حقوق النساء
اهتم رئيس الوزراء بمساواة المرأة مع الرجل في المجتمع الإثيوبي؛ حيث عين العديد من النساء في وزارته وعين البرلمان الإثيوبي أول رئيسة للبلاد ساهل وورك زويد-Sahle-Work Zewde بالإضافة إلى تأدية ميزا أشنافي-Meaza Ashenafi يمينها الدستوري كأول رئيسة للمحكمة العليا في البلاد.
صراع إثيوبيا وإريتريا
تعود جذور الصراع إلى حرب سابقة بين البلدين. في الستينات، ضمت إثيوبيا إريتريا إليها مما أثار صراعاً دام 30 عاما، حيث بدأت إريتريا الحرب لاسترداد استقلالها. وفي 1991، وافقت حكومة إريتريا الانتقالية تحت قيادة الجبهة الشعبية لتحرير إريتريا وحكومة إثيوبيا الانتقالية تحت قيادة الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، على إنشاء لجنة باحثة في المشاكل الناشبة بين الحكومتين في السابق وفي زمن الحرب قبل الموافقة على استقلال إريتريا. ولم يتوصل الطرفان إلى اتفاق، وخلال السنوات التالية، تدهورت العلاقات بين الدولتين.
أجرت إريتريا عام 1993 استفتاء اختار فيه الناخبون بأغلبية ساحقة الاستقلال، وانقسم البلدان رسميا. ولم تكد تنطفئ النيران حتى اندلعت نزاعات حول الحدود بين البلدين 1997 – 1998 وكان الاختلاف القائم على بلدة حدودية تسمى بادمي-Badme. لم تكن المدينة مهمة بشكل خاص أو مفيدة من الناحية الإستراتيجية ولم يكن لديها موارد مهمة للحديث عنها؛ مما دفع البعض إلى وصف النزاع بأنه “رجلان أصلعان يتقاتلان على مشط”. واندلعت نيران هذا الخلاف لتطال 80,000 – 100,000 قتيل وتشريد الآلاف. وفي عام 2002، عندما منحت لجنة فض نزاعات المدينة لإريتريا، رفضت إثيوبيا وطالبت بإجراء مزيد من المفاوضات؛ وعلى إثرها رفضت إريتريا التفاوض. وظل البلدان في حالة من الجمود، تميزت بوقوع أعمال عنف من حين لآخر على الحدود، لمدة عقدين من الزمان.
وعلى مر السنين، فر مئات الآلاف من الإريتريين إلى إثيوبيا وأوروبا وأماكن أخرى، مما زاد من أزمة المهاجرين المتزايدة. وفي الوقت نفسه، لم تظهر التوترات بين إثيوبيا وإريتريا أي علامات على التراجع.
جهود آبي احمد في حل النزاع الحدودي وسبب حصوله على جائزة نوبل في السلام
كانت هناك موجة من الاضطرابات الشعبية في السنوات الأخيرة بإثيوبيا، حيث نظم مئات الآلاف من الناس احتجاجات جماهيرية، مطالبين بمزيد من الحرية السياسية، والإصلاحات الاقتصادية، وتوزيع أكثر ديمقراطية للسلطة. ظلت إثيوبيا تحت حكم الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية الإثيوبية (EPRDF) لثلاثين عقداً تقريباً، لكن معظم القوة كانت متركزة في أيدي عصابة من مقاتلي التحرير السابقين -جبهة تحرير شعب تيغريان- التي كانت تسيطر على الدولة. ومثلت قوات الأمن مصالح أقلية عرقية صغيرة. وزاد حنق الإثيوبيين العاديين غير راضين عن المستويات العالية من الفساد الحكومي والقوانين القمعية.
نهاية الاضطرابات
ورداً على الاحتجاجات والاضطرابات الجماهيرية، استقال رئيس الوزراء هيليماريام ديسالين-Hailemariam Desalegn في فبراير 2018. وتولى آبي علي في سن 41 عام -الوافد الجديد من مجموعة عرقية أخرى أورومو– زمام الأمور في أبريل. ليصبح أصغر القادة في إفريقيا. وفي غضون بضعة أشهر قصيرة، أطلق آبي سراح الآلاف من السجناء السياسيين، وتمكن من استعادة الوصول إلى المواقع الإلكترونية المحظورة من قبل، ورفع قائمة الإرهاب للعديد من جماعات المعارضة، والتزم بإصلاح القوانين القمعية واعترف بحدوث التعذيب في البلاد. وفي يونيو، أعلن آبي أن إثيوبيا ستحترم قرار لجنة الحدود لعام 2000، والبلدين الآن بصدد إقامة علاقات اقتصادية وتطوير للموانئ. وتم استئناف رحلات الركاب المباشرة بين البلدين. كما أعلنت إريتريا سحب قواتها من الحدود لأول مرة منذ عقود، رغم أن إثيوبيا لم تفعل الشيء نفسه.
وصرح آبي لصحيفة نيويورك تايمز:
لم تعد هناك حدود بين إريتريا وإثيوبيا؛ لأن جسر الحب دمرها
وسعت دول أخرى مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية بهدوء للتوصل إلى اتفاق سلام لبعض الوقت. حيث استأجرت الإمارات العربية المتحدة ميناءً رئيسياً في إريتريا ولديها مصالح تجارية واضحة في رؤية التجارة متجددة بين البلدين.
حصول آبي أحمد على جائزة نوبل في السلام 2019
صباح اليوم، الجمعة 11 أكتوبر، أعلنت اللجنة النرويجية في بيان لها صباح اليوم عن الفائز بجائزة نوبل في السلام مشيدة بجهوده وطموحاته التي حققت السلام بين إريتريا وإثيوبيا وفض النزاعات على حدود البلدين. وسارع آبي أحمد إلى وضع مبادئ اتفاقية سلام لإنهاء الجمود الطويل وهي: لا سلام ولا حرب بين البلدين، بالتعاون مع إيسياس أفورقي-Isaias Afwerki رئيس إريتريا. وتم إيضاح هذه المبادئ من خلال التصريحات التي وقعها رئيس الوزراء آبي والرئيس أفورقي في أسمرة وجدة في يوليو الماضي. وأوضح رئيس وزراء إثيوبيا عن رغبته غير المشروطة في قبول حكم التحكيم الصادر عن لجنة الحدود الدولية في عام 2002.
المصادر
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :