المعينيون أقدم شعب عربي حمل لواء الحضارة، وقد بلغتنا أخبارهم من الكتابات المدونة بالمسند، والكتب الكلاسيكية اليونانية والرومانية. سكن أهل معين منذ أن ظهروا في التاريخ على المسرح السياسي في الجوف بين نجران وحضرموت في أرض خصبة منبسطة، في مملكة معين وعاصمتها قرناو على ضفة وادي مذاب.
محتويات المقال :
أصل وتاريخ مملكة معين
تعد معين من الممالك العربية القديمة في اليمن وشبة الجزيرة العربية، فقد كان المعينيين أبناء عمومة السبئيون والحضارمة. إلا أن النسابين العرب لم يذكروا هذه الشعب ولا أحد من ملوكهم ولا صلتهم مع سبأ بل طوى كل ذلك النسيان إلى أن كشفت عنها مجموعة من الآثار المكتشفة في القرن العشرين.
المعينيون هم في الاصل فريق من السبئيون. وعندما ضعفت مملكة سبأ، انقسمت القبائل السبئية إلى أربعة أقسام وعرف كل قسم باسم خاص به. فمنهم المعينيون وعاصمتهم (قرناو)، والسبئيون وعاصمتهم (مأرب)، والقتبانيون وعاصمتهم (تمنع)، وكانت أراضيها تشمل عدة قبائل.
حكام مملكة معين
امتلكت مملكة معين حكومة ملكية يرأسها حاكم يلقب بلقب “ملك”. غير أن هذه الحكومة وكذلك الحكومات الملكية الأخرى في جنوب الجزيرة العربية، أجازت أن يشترك شخص أو شخصان أو ثلاثة مع الملك في حمل لقب “ملك”. وإذا كان حامل ذلك اللقب من أقرباء الملك من الدرجة الأولى، كأن يكون ابنه أو شقيقه.
وقد وصلت إلينا جملة كتابات، لقب فيها أبناء الملك أو أشقاؤه بلقب ملك، وذكروا مع الملك في النصوص. ولكننا لم نعثر على كتابات لقب فيها أحد بهذا اللقب، وهو بعيد عن الملك، أي ليس من أقربائه. وربما كانت هذه المشاركة في اللقب، في ظروف خاصة وفي حالات استثنائية. وليس من الواضح في الكتابات العربية الجنوبية أكانت مجرد مجاملة وحمل لقب، والدوافع التي حملت أولئك الملوك على السماح لأولئك الأشخاص بمشاركتهم في حمل اللقب.
ومن الملوك الذين حكموا مملكة معين. كما جاء بما عثروا عليه من أنقاض الجوف وعددهم ٣٦ ملكا يشترك كل بضعة منهم باسم واحد. كما تميز بعضهم عن بعض بالألقاب. وسنوجز بعض من اسماؤهم مرتبة حسب تشابهها:
1. اب يدع
2. اب يدع بتع
3. اب يدع ريام
4. اليفع
5. اليفع ياسر
6. اليفع بتع
7. اليفع ريام
8. وقه إل بتع
9. وقه إل صديق
10. وقه إل ريام
النشاط الاقتصادي في المملكة
مثل المعينيون الصلة الحضارية بين اليمن والعالم الخارجي من خلال عملهم بالتجارة. ويمكن القول أنهم سيطروا على التجارة العالمية في العالم القديم. وقد انعكس نشاطهم التجاري على مناطقهم التي ازدهرت وأصبحت مدن وحواضر تضاهي الحضارات المعاصرة الاخرى في بلاد الرافدين ومصر.
فقد كانت التجارة هي العمود الرئيسي، ثم ما يتحصل عليه من الضرائب على التجارة والزراعة. وكذلك عائدات الاراضي الزراعية التي تستغلها الدولة أو تقوم بتأجيرها. وكان للمعابد عائدات خاصة بها وأراضي يعود ريعها للمعابد، وكذلك النذور التي تقدم للمعابد. أما بالنسبة للتداول، فقد تعاملت مملكة معين بنظام المقايضة، ثم عرفوا النظام النقدي وقاموا بصك عملة خاصة بهم. وقد عثر على قطعة نقدية لملك معيني وهي العملة التي كان يطلق عليها اسم رخمة.
وصل تجار مملكة معين بتجارتهم إلى جزيرة ديلوس في بحر إيجة في النصف الأخير من القرن الثاني ق. م. حيث وجدت فيها آثار صغيرة نقشت بنصوص عربية تدعو لأصحابها آلهة معين (وآلهة سبأ).
الحياة الدينية في مملكة معين
كان في كل مدينة معبد، وأحياناً عدة معابد خصصت لأصنام شعب معين. وقد خصص كل معبد بعبادة صنم واحد، يكرس المعبد له، ويسمى باسمه، وتنذر له النذور، ويشرف على إدارته مجموعة ورجال دين يقومون بالشعائر الدينية ويشرفون على إدارة أوقاف المعبد. ويعرف الكاهن والقيم على أمر الصنم عندهم ب “شوع”، وقد وردت اللفظة في جملة نصوص معينية.
وأما “ود”، فقد ظلت عبادته معروفة في الجاهلية إلى وقت ظهور الإسلام، وقد ورد اسمه في القرآن الكريم. كما تحدث عند ابن الكلبي في كتابه “الأصنام”، وذكر إن قبيلة “كلب” كانت تعبده بدومة الجندل. وكتب اسم “ود” بحروف بارزة على جدار في “القرية” “قرية الفأو”، وذلك يدل على عباده هذه الصنم في هذه البقعة.
أشهر المدن المعينية
كان من مدن مملكة معين، مدينة قرناو (معين)، وهي عاصمة الدولة، وتقع في المنطقة الشرقية في الجوف. كانت قرناو من المدن المشهورة بمعابدها وخاصة معبد الإلهة عشتار والذي وجد خارج أسوار المدينة. ومنها مدينة براقش وقد اكتشفوا فيها حوالي 154 نقشاً.
وقد وردت إشارات لها في نقش النصر الخاص بالملك كرب ال وتر حيث كانت إحدى المدن السبئية ثم أصبحت مدينة معينية. وتأتي هذه المدينة بعد معين من حيث الأهمية، وتمتعت بموقع تجاري مهم على طرق التجارة بين مأرب ونجران. وقد حوت المدينة العديد من المعابد ومنها معبد للإله نكرح الهة الشمس في إحدى ضواحي المدينة. وتعتبر لكثرة معابدها وكأنها العاصمة الدينية لدولة معين.
نهاية المملكة
إذا كان ازدهار مملكة معين عائداً بالدرجة الأولى لنشاطهم التجاري وسيطرتهم على الطرق التجارية منذ القرن الرابع ق.م. فإن نهاية هذه المملكة سياسياً جاء نتيجة لظروف خاصة بالطرق التجارية أيضًا. إذ أدى ازدهار دولة الأنباط وتوسعها وسيطرتها على الطرق التجارية حتى مناطق ديدان، والتي كانت تتبع للمعينيين تجارياً، قد أفقد المعينيين ميزة التحكم في الطريق التجاري الواصل بين اليمن وبلاد الشام. إضافة إلى بروز قوة الدولة الحميرية، وكل ذلك جعل مملكة معين تنتهي سياسياً في حدود القرن الأول ق.م بدليل أنها لم تذكر كدولة حين قدمت الحملة الرومانية.
المراجع:
1. Britannica
2. britannica
3. Research
4. Research
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :