مر على التاريخ الإسلامي العديد من الشخصيات البارزة والهامة، والتي أثرت في مستقبل العالم الحاضر. كان من أبرز الشخصيات الإسلامية التي لمعت في زمن الحكم العباسي لمعظم الأراض الإسلامية هي شخصية القائد العسكري، والحاكم لجماعة المرابطين يوسف بن تاشفين. كان ليوسف تأثيرًا ملحوظًا على المرابطين، حيث ساهم في توسع رقعة الحكم التابعة لهم. كما أنه وطد العلاقات مع الدولة العباسية. فقد كانت دولة المرابطين دولة إسلامية مستقلة بذاتها، بعيدًا عن الخليفة العباسي، إلا أن يوسف قدّم الولاء للدولة العباسية حتى يأمن جيشها. وضمن بذلك احتفاظه باستقلالية دولته، وتوسيعها إلى أكبر حدٍ، بعدما كانت منطقة صغيرة في المغرب. [1]
محتويات المقال :
كان يوسف بن تاشفين شخصية ورعة متدينة، وحاكم مؤثر في رعيته بالتقوى، وكما عرفت عنه التقوى عرفت عنه القوة. يُنظر إلى يوسف بن تاشفين على أنه شديد البأس في المعارك. وحصل ابن تاشفين على الحكم بعد أن أثبت جدارته في تولي أعباءه، بدلًا عن ابن عمه أبو بكر بن عمر. فقد ذهب أبو بكر في رحلة لإخماد تعصبٍ قبلي حدث في جنوب البلاد، وعند عودته وجد المرابطين قد اجتمعوا تحت راية يوسف. حتى أنه يذكر أن زوجة أبو بكر تركته وذهبت لتتزوج من يوسف بن تاشفين، والذي كان ذو نفوذٍ وشعبية لا تقدّر. [1]
وكان من أشهر ما كتب عنه، هي حكايته مع ملوك الطوائف، الذين تفككوا وتشتتوا. حتى أن الأندلس التي كانت تحت حكمهم، كادت تسقط في أيدي الجيوش المسيحية. فبعد أن تشاوروا فيما بينهم وجدوا أن يوسف هو الشخص القادر على صد العدوان المسيحي، وتوحيد صفوفهم من جديد. حيث نجح بن تاشفين في الأولى، إلا أنه فشل في الثانية، لذلك ذهب ليستشير رجال الدين في ضمّه الأندلس تحت حكمه، ومحاربته لملوك الطوائف. وعاد ليعزل ملوك الطوائف المتخاذلين، وضم الأندلس تحت حكمه، كما استعاد بعض الأراضي التي سلبت من المسلمين. فهزم جيش ألفونسو السادس، والذي كان جيشًا لا يقهر في تللك الفترة في الأندلس. [2]
قيل عن يوسف بن تاشفين أنه عدَل بين رعاياه، وخفض الضرائب التي كان ملوك الطوائف يطلبونها منهم لدفع المال للجيوش المسيحية جزية وليدافعوا عنهم ضد بعضهم البعض. حتى أنه لقب بأمير المسلمين، وكان هذا اللقب مميزًا وحصريًا ليوسف. وكان محافظًا على وعوده، حتى جاء أحفاده من بعده ورفعوا الضرائب مرة لأخرى لأسباب شبيهة بأسباب ملوك الطوائف. وفي قوته وشجاعته، فاقت إنجازاته إنجازات أي مثيلٍ له في زمانه، إلا أن ورثته كذلك لم يحصلوا على ذلك القدر من الشجاعة ليواصلوا أمجاد جدهم. [2]
بعد أن ترك أبو بكر حاكم المرابطين السابق ليوسف الحكم، توسع يوسف في المغرب حتى قيل أنه وصل إلى حدود غانا. أصبحت الصحراء الغربية تحت بسطة حكمه في عام 1062م، وفي ذات العام ضم موريتانيا إلى حكم المرابطين. وبعد ذلك اتخذ من مراكش عاصمة لدولته، وعزز حكمه في المغرب. ثم دخل الجزائر عام 1080م، وامتد فيها حتى شرق وهران. اعترف بحكم الدولة العباسية حتى يأمن الحرب مع دولتهم، واستقل بحكمه للمغرب حتى أنه أصبح كخليفةٍ هناك. [1,2]
وفي عام 1090م دخل يوسف بن تاشفين الأندلس، ولكن أبقى على مراكش عاصمة لدولته. وواصل حكم الأندلس من مراكش. ونقل الكتبة من الأندلس إلى المغرب، حتى يقوي من مقر حكمه في مراكش. وظلت المغرب تحت حكم المرابطين طيلة حياة يوسف بن تاشفين، حتى توفي عن عمر يناهز 100 عام. وبعد ذلك بدأت دولة المرابطين في السقوط، بعد أن رحل عنها يوسف الحكيم، وحلت محلها دولة الموحدين. [1]
عندما دخل يوسف الأندلس في البداية، كان بدعوة من بعض ملوك الطوائف، الذين عجزوا عن توحيد صفوفهم والتصدي للدولة المسيحية. أرسلوا إلى يوسف دعوة لمساندتهم، ولبى يوسف نداءهم في عام 1086م. ودخل ابن تاشفين الأندلس ومعه 15000 رجل، كان منهم 6000 فارسٍ من السنغال لمواجهة جيش ألفونسو السادس الحاكم القشتالي. ارتاد الفرسان خيول عربية أصيلة، واستعان يوسف كذلك بالإبل في معركته تلك. ورغم أن عدد الجيوش المسيحية مجمعة يفوق عدد جيوش المرابطين، إلا أن الفوز كان من نصيب يوسف وجيشه. وعاد يوسف بعد ذلك إلى المغرب، ولكن بعد أن فشل ملوك الطوائف في لم شملهم تحت رايته، فعزم يوسف على العودة ولكن ليس لمحاولة إصلاحهم كأول مرة. [2]
في عام 1090م عاد يوسف بن تاشفين إلى الأندلس عازمًا على ضمها تحت حكمه ورعايته، مما رآه من إهمالٍ عانت منه الأندلس بسبب ملوك الطوائف. بدأ يوسف بضم ولايات الأندلس واحدة تلو الأخرى، واستطاع كذلك في عام 1100م أن يضم فالينسيا، والتي قد كانت الدولة المسيحية قد استعادتها من ملوك الطوائف، ولكنه لم يستطع استعادة سرقسطة. وأنشأ يوسف أسطولًا بحريًّا، وقام بتوزيع الجنود والفرسان في أرجاء الأندلس ليتمكن من الحفاظ عليها. كما أنه اعتاد على استخدام الطبول في معاركه كنوعٍ من الألاعيب النفسية التي يمارسها ضد أعداءه. وظل يوسف بن تاشفين صامدًا صادقًا في ما وعد به أهل الأندلس، من تخفيض الضرائب وحفظ كرامتهم، وعدم دفعه المال للملوك المسيحين ليدافعوا عن المسلمين. ولكنه لم يستطع أن يجعل ورثته وأحفاده أن يسيروا على خطاه، فانغمسوا كسابقيهم في الترف، ونسوا ما وعد به جدهم في بادئ الأمر. وهذا هو الحال في التاريخ، ودائمًا ما تتبدل الأدوار. [1,2]
المصادر:
1-Yūsuf ibn Tāshufīn | Almoravid ruler | Britannica
2-Yusuf ibn Tashfin – New World Encyclopedia
عندما يتعلق الأمر بحماية بشرتنا من التأثيرات القاسية لأشعة الشمس، فإن استخدام واقي الشمس أمر…
اكتشف فريق من علماء الآثار 13 مومياء قديمة. وتتميز هذه المومياوات بألسنة وأظافر ذهبية،وتم العثور…
ركز العلماء على الخرسانة الرومانية القديمة كمصدر غير متوقع للإلهام في سعيهم لإنشاء منازل صالحة…
من المعروف أن الجاذبية الصغرى تغير العضلات والعظام وجهاز المناعة والإدراك، ولكن لا يُعرف سوى…
الويب 3.0، الذي يشار إليه غالبًا باسم "الويب اللامركزي"، هو الإصدار التالي للإنترنت. وهو يقوم…
لطالما فتنت المستعرات العظمى علماء الفلك بانفجاراتها القوية التي تضيء الكون. ولكن ما الذي يسبب…