تاريخ

من أين اقتبس صنّاع صراع العروش شخصية جوفري براثيون؟

تثير الشخصية السادية المشاكل بشكل مستمر. وتشكّل في كثير من الأحيان خطرًا على المجتمع. فماذا لو كانت تلك الشخصية حاكمًا أو ملكًا تتعلق مصائر الناس بقراراته؟ ولا يختلف الأمر في مسلسل صراع العروش عن الحياة الواقعية البتة، بل ربما يأخذ الأمر منحى أكثر درامية وعدالة. وتعدّ شخصية جوفري براثيون مثالًا حيًا على شخصية الملك السادي عديم الرحمة. فمن أين اقتبس صنّاع المسلسل الشهير شخصيته؟

جوفري براثيون

جوفري براثيون هو ابن الملك روبرت براثيون وسيرسي لانيستر في المسلسل. تولّى جوفري الحكم بعد وقت قصير من وفاة والده. وسرعان ما ظهرت طبيعته السادية من خلال إعدام نيد ستارك الذي كان مستشار والده.

اتُّهم بأنه ملك غير شرعي وأنه نتيجة زنا محارم بين والدته وخاله جيمي لانيستر. وأدى هذا الاتهام -إضافة إلى إعدامه لنيد ستارك- إلى نشوب حرب الملوك الخمسة. وانتهت هذه الحرب بسلسلة من المكائد التي قادها جده تايوين لانيستر المتسبب في مذبحة الزفاف الأحمر التي قضت على أعدائه الشماليين ونصف عائلة الستارك. وعلاوة على ذلك انتصاره على عمه ستانيس براثيون في معركة خليج بلاك ووتر.

وبعد أن أحكم قبضته على الحكم بفضل دعم عائلته أعلن خطوبته من مارغري تايريل.

قُتل في زفافه بعد أن دسّت له عائلة تايريل السم في كأسه. وانتهى بذلك عهده المليء بالطغيان والظلم والدم، الذي استمر على مدى أربعة مواسم من المسلسل الشهير.[1]

وتعدّ شخصية جوفري براثيون من الشخصيات المركبة المميزة في تاريخ التلفزيون. ويذكر معجبوا المسلسل ردود أفعاله وتعقيداته وصرخاته بعبارة “اقتلوهم جميعًا”، التي أمر بها جنوده بقتل شعبه ليتوارد إلى أذهان قارئي التاريخ الملوك السفاحين الذي عاثوا في بلدانهم فسادًا وقتلًا ورعبًا. وأمثلتهم في التاريخ كثيرة.

جوفري براثيون ومارغري تايريل

إدوارد لانكستر

للملك جوفري، الذي يعدّ أحد أكثر الشخصيات الخيالية كرها في التاريخ، نظير تاريخي وهو أمير ويلز إدوارد لانكستر (المعروف أيضًا باسم إدوارد من وستمنستر). وقد يعدّ أقرب الشخصيات له من ناحية الخط الزمني، لأنّ الكاتب آر مارتن سبق وصرّح أنّه اقتبس الكثير من أحداث صراع العروش من صراع عائلتي اللانكستر عائلة إدوارد وعائلة اليورك “حرب الوردتين“.

وكان إدوارد، كجوفري، ساديًا قاسيًا متعطشًا للدماء. وقد تحدّث عنه سفير دوقية ميلان الإيطالية في زيارة إلى إنجلترا عام 1467 قائلًا: “هذا الصبي، رغم أن عمره 13 عامًا فقط، إلا أنّه لا يتحدث إلّا عن قطع الرؤوس أو شن الحروب كما لو كان يتحكم بكل شيء، أو كأنه آلهة الحرب أو الوريث السلمي لذلك العرش”. [2]

وكما اتهم جوفري بأنه ولد غير شرعي لروبرت براثيون، تردد أن إدوارد لانكستر كان نتاج علاقة غير شرعية بين والدته وأحد مؤيديها المخلصين. قيل أنّه إدوارد بوفورد، دوق سومرست الثاني أو جيمس بتلر، دوق أورموند الخامس.[3]

وعلى عكس جوفري الجبان قتل إدوارد أمير ويلز في ساحة المعركة خلال معركة توكيسبيري عام 1471 عن عمر يناهز الـ17 عامًا قبل أن يصبح ملكًا لإنجلترا. [3]

Related Post
جوفري براثيون وإدوارد لانكستر

الامبراطور كاليجولا الامبراطور الروماني الثالث

أكد جورج آر مارتن، مؤلف الروايات التي اقتبست منها سلسلة صراع العروش، أنّ تاريخ الإمبراطورية الرومانية كان أحد مصادر إلهامه. فإضافة إلى الجدار الذي يبلغ طوله 117 كيلومترًا والذي بناه الإمبراطور هادريان في شمال إنجلترا في السنوات الـ120 بعد الميلاد الذي أعطاه فكرة الجدار في المسلسل. ظهر تشابه بين العديد من شخصياته وشخصيات من التاريخ الروماني.[4]

فقد ظهر جليًّا التشابه بين شخصية جوفري براثيون والامبراطور كاليجولا. ليس من ناحية الشكل فحسب. بل إنّ الامبراطور كاليجولا لم يكن أقلّ ساديّة وعنفًا وطغيانًا من جوفري.

ورغم أنّ روايات المؤرخين القدماء المتحيزة قد لا تظهر حقيقة كون كاليجولا طاغية أم لا. إلا أنّ الروايات التاريخية أظهرت وجود ميول سادية لديه.

فبعد سبعة أشهر من توليه المنصب، أعاد تنصيب محاكمات ضد من أسماهم بالخونة. وأظهر قسوة شديدة، وانخرط في نزعة استبدادية وحشية.

كما أنّه ادعى الألوهية وظهرت عليه علائم تدلّ على مرض نفسي شديد أو صرع حيث نصّب حصانه قنصلًا.

وعُرف بإسرافه وبذخه مما أضر بخزينة الدولة في عهده (وهكذا كان جوفري في المسلسل). ونتيجة لإسرافه الشديد لجأ إلى ابتزاز المواطنين الرومان البارزين وصادر ممتلكاتهم.

سئم الشعب الروماني من ذلك الطاغية المجنون الذي لا يمكن التنبؤ بتصرفاته. وحيكت العديد من المؤامرات ضده. وفي عام 41م قُتل كاليجولا في ألعاب بالاتين على يد قائد الحرس الامبراطوري وآخرين كما قتلت زوجته قيسونيا وابنته. وخلفه عمّه كلوديوس كإمبراطور.[5]

جوفري براثيون والامبراطور كاليجولا

لا يخلو التاريخ الإنساني منذ بداياته من العنف والقتل والدمار. وأظهر صنّاع العروش مظاهر مختلفة لوحشية الإنسان بدءًا من قبائل الدوثراكي البعيدة عن مظاهر الحضارة. وصولًا إلى المكائد في حرب الملوك الخمسة والزفاف الأحمر. لكن قد يكون وصول إنسان إلى مقاليد السلطة واستبداده برعيته وأتباعه وجهًا دمويًا آخر. وقد نجح صنّاع المسلسل في إبراز ذلك الجانب من خلال جوفري الذي أثلج موته قلوب المشاهدين جميعًا.

المصادر:

1- Who has been on the Iron Throne in Game of Thrones since season 1? | Metro News
2- www.guidelondon.org.uk
3- Game of Thrones The RealLife Inspiration Behind Joffrey Baratheon – pokemonwe.com
4- Ambition, greed and death: the Roman roots of ‘Game of Thrones’ (theconversation.com)
5- Caligula | Biography & Facts | Britannica

Author: Zeinab Afifeh

مترجمة وكاتبة محتوى علمي.

اضغط هنا لتقييم التقرير
[Average: 0]
Zeinab Afifeh

مترجمة وكاتبة محتوى علمي.

Share
Published by
Zeinab Afifeh

Recent Posts

إعادة إحياء جين بشري قديم: ثورة محتملة في علاج “داء الملوك”

خطوة هائلة إلى الأمام في مجال الطب التجديدي والعلاجات الجينية يُعرف مرض النقرس (Gout) باسم…

15 ساعة ago

“القمر الدموي” يزين سماء مصر والوطن العربي.. أطول خسوف قمري في القرن الحادي والعشرين

يترقب عشاق الفلك في جميع أنحاء العالم، وخاصة في المنطقة العربية، حدثاً فلكياً نادراً ومثيراً…

يوم واحد ago

أسرار “الذهب الأسود”: القهوة العربية.. كنز علاجي لمكافحة السكري ومفتاح للسعادة

ارتبطت القهوة، هذا المشروب العتيق الذي يوقظ الحواس ويدفئ الأرواح، بالطقوس الصباحية واللقاءات الاجتماعية. لكن…

3 أيام ago

القاهرة عاصمة الابتكار الأفريقية: جامعة القاهرة تتصدر المشهد بحضور أكاديمي رفيع من أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا

في إنجاز علمي وتكنولوجي جديد يؤكد على مكانة مصر المتنامية كمركز إقليمي ودولي للابتكار، أعلنت…

4 أيام ago

التكاثر في الفضاء: حلم المستقبل أم كابوس الأجيال القادمة؟

دراسة يابانية رائدة تفتح آفاقاً جديدة وتثير مخاوف جوهرية كان التوسع خارج كوكب الأرض حلماً…

6 أيام ago

ثورة الأنسجة الذكية: علماء يبتكرون حاسوبًا متكاملًا في خيط قماش قابل للغسل!

لوقت طويل كانت الأنسجة الذكية حلمًا يراود العلماء والمبتكرين، ومؤخرا، تطورت فكرة دمج التكنولوجيا المتطورة…

6 أيام ago