تمیز الیمن القدیم بممیزات قلما توفرت لغیره من البلدان. أدت إلى نشوء حضارتها و تطورھا في جنوب شبه الجزیرة العربیة. ونشوء ممالك قديمة مهمة مثل مملكة سبأ. فقد يعد موقعها الاستراتيجي الذي يتوسط الثلاث قارات، من أھم الأسباب التي أھلتها لبناء حضارتها.
محتويات المقال :
كانت منطقة مأرب الواقعة في شرق العاصمة اليمنية صنعاء عاصمة لمملكة سبأ، ومهد أعرق حضارة قديمة عرفت في جنوب الجزيرة العربية. فقد اعتبر الحميريون امتداداً متكاملاً لمملكة سبأ التي سادت كامل منطقة جنوب الجزيرة العربية، حتى مناطق ارتيريا وأثيوبيا الشرقية في القرن الأفريقي.
كما انها كانت واحدة من أقوى وأضخم الإتحادات القبلية في اليمن القديم، ويرجع تاريخ وجودها إلى القرن الحادي عشر قبل الميلاد. فاستطاعت تكوين نظام سياسي وصُف بالفيدرالية ضمت مملكة حضرموت ومعين. وسميت المملكة بهذا الاسم، نسبة إلى سبأ بن يشجب بن يعرب بن أرفخشد.[1]
يمثل سد مأرب أحد أهم وأقدم منظومات الري المتطورة والعجائب الهندسية لحضارة سبأ، وحِيكت في بنائه الأساطير. فضخامة حجارته جعلت الناس يتناقلون أن من بناه هم عمالقة من قوم عاد. وبفضل السد تحولت مدينة مأرب إلى واحدة من حواضر العالم القديم.[1]
كما كانت بدايات إنشاء السد تتمثل في حجز أجزاء من وادي ذنة بين جبلي البلق الشمالي والأوسط. عبر بناء عتبات مرصوفة من الأحجار والطين على شكل جدران طولية لكسر حدة السيل والتخفيف من قوته. وعُثر على نوع من أسلوب العمارة البدائي هذا في الجنوب الغربي من الوادي.
فقد ساهم الطمي الناتج عن السد في توسع الأراضي الخصبة. وتحولت الزراعة إلى مورد اقتصادي للحضارة السبئية وعامل استقرار على مر قرون طويلة، وفي الوقت نفسه كان السد عامل تهديد؛ فانهياراته تكررت بسبب تراكم ترسبات الطمي في حوضه.[2]
كان للمملكة أهمية خاصة لدى الشعوب القديمة، حول البحر المتوسط كونها مصدر القوافل التجارية وممراً تجارياً. فقد ارتبط اقتصاد سبأ بالنشاط الزراعي، فعملوا السبئيون بالزراعة وأقاموا العديد من السدود للإستفادة من مياه الأمطار، وأشهرها سد مأرب ويعد من أعاجيب العالم، الذي ساهم في زراعة النباتات العطرية.
فقد ساعد الموقع الجغرافي الذي تحتله مدينة مأرب على التحكم بالطريق التجاري الذي يبدأ من ميناء قنا، وصولاً إلى البحر المتوسط. فكان له الفضل في إتقانهم لمهنة التجارة التي درت عليهم أموالاً طائلة. فكان من نتائج هذا الثراء تشييد المباني وتفننوا بتزينها وزخرفتها. وكما تاجرت أيضاً بالعطور والدر والبخور واللبان.[2]
شهدت مملكة سبأ عدة أنواع من أنظمة الحكم التي سادتها في فترة قيامها. أولها حكم الكهنة، ثم انتقل إلى الحكم الملكي. حيث تم تأسيس المملكة على يد كربئيل وتر، الذي قام بتوسيع نفوذ سبأ، وشن حملات على المناطق الساحلية الجنوبية الغربية لليمن وسيطر عليها، واتخذ مدينة «صَرْواح» عاصمة للمملكة، ثم نقلها إلى «مأرب».
ومن ناحية أخرى كانت المملكة تحكمها سلالة ملكية، وقد تم تسجيل أسماء بعض الحكام الأكثر شهرة في تاريخ المملكة، ومن بين هؤلاء الحكام “كريب الأول” وهو أحد أوائل ملوك سبأ، ويعتقد أنه حكم المملكة في الفترة ما بين 1200 قبل الميلاد إلى 1150 قبل الميلاد.
ومن بعده جاء “يثعمر بن قحطان” وهو أحد أشهر ملوك سبأ، وذكر اسمه في القرآن الكريم. إضافةً إلى الملكة بلقيس وهي التي ذكرت في القرآن الكريم والتوراة.[3]
تشير المصادر التاريخية والأثرية إلى أن معبد (برآن) يعد المعبد الرئيسي للإله (المقة) إله الدولة السبئية، ويطلق العامة على أطلاله (محرم بلقيس)، ويرجع تاريخ بناءه إلى القرن الخامس قبل الميلاد الذي قام بتسوير حائط المعبد.
وتمثلت هذه الأهمية بأنه كان رمزاً للسلطة الدينية في سبأ، وكان لازماُ على الشعوب التي ضمت إلى الدولة السبئية. زيارة المعبد وتقديم القرابين والنذور لإله المقة تعبيراً عن الخضوع والولاء للدولة السبئية.[5]
كشفت العديد من الدراسات أن التماثيل والمنحوتات السبئية تتشابه إلى حد كبير مع التماثيل اليونانية، لكنها تتفوق عليها بإظهار البعد الثقافي للمملكة. وكان الكثير منها مصنوع من البرونز وحجر الجير وعدد بسيط أُستخدم فيه الذهب والفضة، كما عكست تلك التماثيل بعض ملامح الحياة الاجتماعية في ذلك الوقت حيث تضمنت صوراً للفلاحين والمزارعين البسطاء بجانب أخرى للطبقات الثرية.
كما كان هناك العديد من المعالم في المملكة سُجلت على قائمة التراث العالمي مثل مدينة مأرب القديمة، ومدينة ومعبد صرواح، وسد مأرب القديم بمرافقه، ومعبد أوام، ومعبد برآن.
إضافةً على ذلك اشتهروا بفن النحت فاعتمد السبئيون في نحتهم على الحفر على الحجر أو المرمر، فكانوا ينقشون الصور أو الآثار التي يريدون تخليدها على سطح المادة المحفور عليها، كما استعملوا الأحجار الكريمة لارتدائها كخواتم لليد بعد تزيينها بكتابات بخط المسند لختم الوثائق والمستندات الرسمية.[4]
تحتوي مملكة سبأ على العديد من الأساطير والحكايات التي تدور حولها، ومن بينها قصة ملكة سبأ. التي زارت الملك سليمان عليه السلام في بلاد الشام. ولأنها كانت تريد الاطلاع على حكمته وعلمه. وعن رحلة الملكة إلى بلاد الشام وما حدث خلال هذه الرحلة. إضافةً إلى قصة الإله المقة الذي كان يعبد في مملكة سبأ، وكيف كان يعتبر هذا الإله من أهم الآلهة في الحضارة السبئية.[3]
في عام 115 قبل الميلاد تحالفت سبأ ومملكة حضرموت المجاورة، وأحرقا عاصمة مملكة قتبان، وهو ما أشعل فتيل الحروب الأهلية في تلك المنطقة، حتى واجهت سبأ تحالفات عدائية كبيرة، نجحت مع مرور الوقت في إضعاف المملكة وتقويض نفوذها، ما أدى إلى تفتيت النظام الفيدرالي واستقلال كل قبيلة على حدة، ليبدأ عقد سبأ في الانفراط حبة تلو الأخرى، وصولًا إلى انهيارها بشكل تام وسقوطها في أيدي الحميريين في القرن الثالث الميلادي.
هناك روايات ثانية ترجع سقوط سبأ إلى انهيار مقومات نهضتها، في إشارة إلى نفوذها الاقتصادي، حيث فقدت الكثير من هذا النفوذ بسبب تحويل البطالمة التجارة من البر إلى البحر، وبذلك تراجعت حصة سبأ في العوائد التجارية وهو ما كان بمثابة ضربة قاصمة قوضت ثقلها الاقتصادي في المنطقة، فيما ذهبت ثالثة إلى أن انهيار سد مأرب كان السبب الرئيسي وراء انهيار المملكة وتشتت شعبها.[5]
المراجع
1. Britannica.com
2. worldhistory.org
3. Historyfiles.com
4. heritagedaily.com
5. BIBLICAL ARCHAEOLOGY SOCIETY
عندما يتعلق الأمر بحماية بشرتنا من التأثيرات القاسية لأشعة الشمس، فإن استخدام واقي الشمس أمر…
اكتشف فريق من علماء الآثار 13 مومياء قديمة. وتتميز هذه المومياوات بألسنة وأظافر ذهبية،وتم العثور…
ركز العلماء على الخرسانة الرومانية القديمة كمصدر غير متوقع للإلهام في سعيهم لإنشاء منازل صالحة…
من المعروف أن الجاذبية الصغرى تغير العضلات والعظام وجهاز المناعة والإدراك، ولكن لا يُعرف سوى…
الويب 3.0، الذي يشار إليه غالبًا باسم "الويب اللامركزي"، هو الإصدار التالي للإنترنت. وهو يقوم…
لطالما فتنت المستعرات العظمى علماء الفلك بانفجاراتها القوية التي تضيء الكون. ولكن ما الذي يسبب…