ملخص رواية “هيا نشترِ شاعرًا” للكاتب أفونسو كروش
محتويات المقال :
ماذا لو اختفى الفن؟
إن التساؤل عن أهمية الأدب والفن قديم قدم نشأتهما، وقد تباينت الإجابات حوله ووُصف بأنه سؤال جوهري، وإذا بحثنا عن نشأة الفن فسنجد أنه وجد مع وجود الإنسان، فقد صنع الإنسان البدائي منحوتات جمالية ورسومات لحيونات على جدران الكهوف، والفن بمختلف أشكاله وسيلة للتعبير عن المشاعر وإثراء التجربة الإنسانية والترفيه والتقدير الثقافي.
إن العالم الذي ننتمي إليه الآن في طريقه لفقد صلته بالفن وقيم الجمال، كما يتجه إلى أن يكون مجتمع رقمي وصناعي جامد، يتموضع فيه الفن والجمال داخل دائرة النشاطات الترفيهيه غير النفعية، فماذا لو اختفى الفن فعلًا عن عالمنا كما توقع أفونسو كروش في روايته؟
هيا نشترِ شاعرًا
تُعتبر رواية “هيا نشترِ شاعرًا” أول عمل يترجم إلى اللغة العربية للكاتب البرتغالي أفونسو كروش، والتي صدرت من دار مسكيلياني للنشر، وظهر فيها الأسلوب المميز للكاتب الذي يعتمد على الرمزية والتشويق.
وكما هو حال كل كتابات أفونسو كروش، أثارت الرواية الكثير من الأسئلة الفلسفية الملحة، والتي تدور حول جدوى الفن والجمال وخاصة الشعر، يحتج من خلالها الكاتب على مجتمعاتنا الغارقة في الجشع والماديات بأسلوب ساخر، كما أنها احتوت على أبيات مستوحاه من شعراء كثيرين مثل بول سيلان ووالت وايتمان وبوكوفيسكي وغيرهم.
اختيار شاعر
تدور أحداث الرواية في عالم تخيلي قريب من عالمنا الذي نعيش فيه الآن، عالم رقمي جامد يُوصف فيه كل شيء بالأرقام حتى أسماء الأشخاص، فإذا أردت مثلًا أن تقول أنك تناولت السبانخ على الغداء فيجب عليك ذكر كم كيلو جرامًا أكلت، وكم سعر الكيلو وهكذا، تبدأ الأحداث عندما تحس الابنة بطلة الرواية برغبتها في شراء شاعر.
فقد كان الشعراء والرسامون والنحاتون يباعون في المتاجر كالحيوانات الأليفة، وهي قد عزمت الأمر على أن تشتري شاعرًا فالرسامين والنحاتين يسببون الكثير من الفوضى.
ذهبت الابنة مع والدها للمتجر الذي يعج بشعراء من كل الأصناف، قصار، طوال، وبنظارات وهم الأغلى، وقع في النهاية اختيارها على شاعر نحيف يرتدي سترة وسروالًا بنيًا ويمسك كتابًا تحت ذراعه، ولم تكن ملابسه برعاية أية ماركة مما يدل على انحطاط مستواها، فاشتروه بثمن معقول ونصحهم البائع بأن يشتروا له دفترًا بأوراق بيضاء كنوع من الترفيه.
انتقل الشاعر ليعيش تحت الدرج في بيت الأسرة، ومذ انتقل إلى هناك وقد تغيرت حياة الابنة بشكل ملحوظ، فقد كانت تلازم الشاعر معظم الوقت، تراقب تصرفاته وتستمع إلى استعاراته التي كانت تراها في البداية ترهات لا نفع منها، ولكنها سرعان ما انتبهت لها وأحبتها واندفعت لفهمها وتذوقها، وبحكم العادة توالى الضيوف والأصدقاء على البيت لرؤية الشاعر الجديد ليستمعوا لقصائده الغير مفيدة بالنسبة لهم.
كانت أحوال الأسرة على ما يرام، حتى عاد الأب إلى البيت حاملًا أخبار مرعبة، فقد كان المصنع الذي يعمل فيه يمر بضائقة مالية صعبة وأوشك على الإفلاس، لذلك طالب الأسرة بتقليل النفقات وشد الحزام، وكان الأب في حالة هياج معظم الوقت محمر الوجه وثائر، ولم يكن الشاعر يعي حجم الأزمة وكان كل ما يتسطيع فعله هو إلقاء القصائد والاستعارات التي أسقطها على الوضع الراهن، والتي لم يفهمها الأب مما أثار غضبه.
أما أخيها فلا يرى الشاعر ذي قيمة ويرى أنه لا يأتي من ورائه غير المشاكل، واستمر على نظرته تلك حتى ساعده الشاعر في نيل قلب محبوبته بجمله كتبها له على قطعة من الورق، أسرت الجملة قلب الفتاة بالرغم من خلوها من الدلالات الرقمية، فلا يحتاج التعبير عن مشاعر الحب والإعجاب إلى أرقام.
ازدادت الأمور المادية للأسرة سوءًا مما اضطر الأب لأن يسرح الشاعر، وخصوصًا بعدما صرح الشاعر بأن أصحاب البنوك والأسواق المالية سارقين، لذلك أخذ الأب وابنته الشاعر وتركوه في حديقة عامة تعج بالشعراء المنبوذين.
رحل الشاعر من المنزل ولكنه ترك أثرًا وبصمة في كل فرد من الأسرة، فقد بدأت الابنة تفهم جمال الاستعارات والمجاز، وأن ترى الأمور بطريقة مختلفة من نافذة مثل تلك النافذة التي رسمها الشاعر يومًا على الجدار وزعم أنها تطل على البحر.
وبفضل الشاعر استطاعت الأم أن تشعر بذاتها وترفض إهانة زوجها ومعاملته الوقحة لها، وذلك لأنها بدأت أن تولي مشاعرها اهتمامًا أكثر كما نصحها الشاعر باستعاراته الغريبة، لذلك فضلت الانفصال على أن يتم معاملتها كسلعة جامدة لا كإنسانة لها مشاعر.
أما الأب فقد استطاع أن يتخطى الأزمة وينقذ تجارته من الإفلاس بفضل الشاعر أيضًا، فعندما سألته ابنته من أين جاءته الفكرة التي أنقذت المصنع وتملص من الإجابة، قررت البحث في جيوب سترته ووجدت ورقة كُتب عليها اقتباس قاله الشاعر لوالدها من قبل، يتشابه مع الحل الذي أوجده لحل الأزمة، فاستنتجت أن الفكرة التي أنقذت المصنع لمعت في ذهن والدها بفضل ذلك الاقتباس، وهكذا يضع الشاعر بصمته مرة أخرى ليغير مصير الأسرة.
ولم تهجر الابنه الشاعر قط وإنما كانت تزوره دائمًا في الحديقة التي وضعوه فيها، والتي تعج بشعراء مهجورين مثله، وكانت تشاركه في قول الاستعارات والشعر ورؤية الحياة من تلك النافذة التي رُسمت يومًا على الجدار وكانت تطل على البحر.
ما يشبه الخاتمة
في هذا الجزء المنفصل عن الرواية، يوضح الكاتب أن العديد من الناس ينظرون للثقافة على أنها مصدر تهديد، حيث أنه إذا لم يكن للفن والثقافة أهمية فلم يكن ليقبل أحد على حرق مكتبة الإسكندرية أكثر من مرة، أو على تدمير بوذا باميان وآثار تدمر.
وإن الخيال والثقافة يبنيان كل ما نحن عليه، والخيال ليس هروبًا من القبح والمظالم الاجتماعية، وإنما هو تصميم لبناء بديل، هندسة فرضية لمجتمع أكثر انسجامًا مع توقعاتنا الإنسانية والأخلاقية.
للمزيد من ملخصات الكتب
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :