مرض هنتنغتون
في عالمنا المعقد والمليء بالتحديات الصحية، هناك أمراض نادرة تلفت انتباهنا بصورة خاصة. مرض هنتنغتون هو واحد من تلك الأمراض التي تجلب معها القلق والاهتمام. يُعرف هذا المرض بأنه “ملك الكوارث الوراثية”، وذلك لأنه يتسبب في تدهور مستمر ومأساوي للدماغ، ويترك أثراً كبيراً على حياة المصابين وعائلاتهم.
إن مرض هنتنغتون يشكل تحدياً فريداً بسبب طبيعته الوراثية، حيث يمكن أن يتم نقله من جيل إلى آخر. وبالرغم من ندرته، فإنه يعكس تأثيرًا عميقًا على الأفراد الذين يعانون منه ويساهم في فهم أعمق للجينات وعمل الدماغ.
في هذا المقال، سنتناول مرض هنتنغتون بتفصيل، بدءًا من أسبابه وأعراضه وصولاً إلى الجهود الحالية في مجال البحث والعلاج. سنكشف عن الجوانب المذهلة والمثيرة لهذا المرض، بالإضافة إلى الصعوبات التي يواجهها المصابون به وعائلاتهم. إن معرفة المزيد عن مرض هنتنغتون ليس فقط مهمًا للأفراد الذين يعانون منه بل أيضا لكل منا، حيث تعكس تلك القصة العمق والتحديات التي يمكن أن تواجهنا في مجال الصحة والوراثة.
محتويات المقال :
مرض هنتنغتون هو مرض وراثي نادر ومميت يؤثر على الدماغ ويسبب تدهورًا تدريجيًا في الخلايا العصبية.
«مرض هنتنغتون» هو مرض يصيب المخ مسببا تآكل الخلايا العصبية خاصة في «منطقة المخطط- Striatum» وهي منطقة مهمة للحركات الإرادية بدايتها، وتناسقها، ولها دور في العاطفة أيضا.
ينتج هذا المرض عن وجود خلل في جين محدد يسمى “جين هنتنغتون“، وقد سُمي هذا المرض بهذا الاسم نسبةً للعالم الذي اكتشفه، حيث وُصِفَ مرض هنتنغتون (Huntington’s disease) في عام 1872 من قبل جورج هنتنغتون (George Huntington)، ولكنه عرف مُنذ العصور الوسطى.
يُعزى سبب مرض هنتنغتون إلى الجين الموجود على الكروموسوم رقم 4. ينعكس الخلل في هذا المرض على وجود عدد مرات التكرار الزائدة في تسلسل مركبات الحمض النووي (DNA) الخاص بالمريض. عندما يتجاوز عدد التكرارات هذا الحد العلوي الطبيعي، الذي يعادل 28 تكرارًا تقريبًا، يتغير التسلسل الجيني بشكل غير طبيعي. هذا التغيير في التسلسل يشمل مركبات الحمض النووي Cytosine وAdenine وGuanine، وهذا يؤدي إلى التشوهات البيولوجية التي تحدث في دماغ المرضى المصابين بهذا المرض. [1][2]
هذا الخلل في التكرار يعتبر أحد العوامل الرئيسية التي تساهم في تطور الأعراض النمطية لمرض هنتنغتون وتأثيره الضار على الخلايا العصبية في الدماغ. تمثل هذه المعلومة الوراثية الحاسمة نقطة انطلاق للبحوث والجهود المستمرة لفهم هذا المرض والبحث عن وسائل لعلاجه ومكافحته.
وراثة مرض هنتنغتون هي وراثة جسمية سائدة Autosomal Dominant. هذا يعني أنه إذا كان لديك واحد من الوالدين يحمل نسخة متكررة (مكررة) من الجين المسبب لهذا المرض، فإن هناك احتمالًا بنسبة 50% تقريبًا أن يكون لديك نفس النسخة المكررة من الجين، وبالتالي احتمال كبير لأن تكون مصابًا بهذا المرض.
الجين المسؤول عن مرض هنتنغتون يسمى “جين هنتنغتون”، وعادة ما يحمل الأفراد نسختين من هذا الجين، ولكن في حالة مرض هنتنغتون، يحدث تكرار غير طبيعي للمركبات الحمضية داخل الجين، وهذا التكرار الزائد يؤدي إلى ظهور الأعراض السريرية للمرض.
من المهم مراعاة أنه بالرغم من وجود نسخة مكررة لجين هنتنغتون، فإن توقيت وطريقة ظهور الأعراض يمكن أن يختلفان بين الأفراد. يعني ذلك أن الأعراض لا تبدأ في نفس السن أو بنفس الشدة لدى جميع الأفراد الذين يحملون الجين المسبب للمرض.
بمعنى آخر، إذا كنت تعلم أن لديك واحد من الوالدين يعاني من مرض هنتنغتون وتختلفت الأعراض لديه عند بدايته، فإنك قد تكون معرضًا لخطر الإصابة بالمرض، ولكن لا يمكن التنبؤ بدقة متى ستبدأ الأعراض لديك أو كيف ستكون شدتها. هذا يجعل المرض تحديًا للتوقع والتصرف، ويتطلب متابعة طبية ودعمًا نفسيًا واجتماعيًا للأفراد وعائلاتهم. [1][2]
يمكن تصنيف مرض هنتنغتون إلى نوعين استنادًا إلى متى تبدأ أعراضه:
عادةً ما تكون أعراض مرض هنتنغتون متشابهة بصورة عامة مع أعراض أمراض أخرى مثل الزهايمر وباركنسون.
تتطور حالة المصابين بهذا المرض ببطء عبر مراحل متعددة:
بالتالي هذه نظرة موجزة على أعراض مرض هنتنغتون:
1- الأعراض الإدراكية والذهنية:
2- الأعراض الجسدية:
3- الأعراض النفسية:
تلك الأعراض تظهر بشكل تدريجي وتتفاقم مع مرور الوقت. يجدر بالذكر أن هناك اختلافات في توقيت ظهور الأعراض وشدتها بين الأفراد المصابين بالمرض. [1][2]
تشخيص مرض هنتنغتون يتضمن عدة خطوات وإجراءات من قبل الفريق الطبي المختص.
الخطوات الرئيسية لتشخيص المرض تشمل:
بعد إجراء هذه الخطوات، يمكن للفريق الطبي تأكيد تشخيص مرض هنتنغتون وتقديم الدعم والإرشاد للمريض وعائلته. من المهم معرفة أن التشخيص المبكر يمكن أن يساعد في تقديم العناية والدعم اللازمين والتخفيف من تأثير المرض على جودة حياة المصاب. [1][2]
حتى الآن، ليس هناك علاج شافي وكمل لمرض هنتنغتون. ومع ذلك، هناك استراتيجيات وعلاجات تستخدم للتعامل مع الأعراض وتحسين جودة حياة المرضى. تشمل العلاجات والإجراءات التالية:
تحتاج معالجة مرض هنتنغتون إلى تخصيص الرعاية الطبية والدعم المستدام. يجب أن يشتمل العلاج على التعاون بين مختلف التخصصات الطبية والصحية لتقديم الرعاية الشاملة للمرضى ومساعدتهم في التعامل مع تحديات المرض.[1][2]
المرض مثل الجريمة التي يشترك فيها أكثر من مجرم ولكن بمرور الزمن يتم معرفة المجرمين واحد تلو الآخر وهذا ما يحدث الآن مع مرض هنتنغتون Huntington’s disease حيث مؤخرا تم الكشف عن مساعدة بروتين يسمى «Rhes» لذلك المرض في التوجه للأماكن التي يصيبها بشدة في المخ .
أثناء قيام الباحثين بفحص خلايا العصبية لفأر رأوا نتوءات خلوية لزجة تشبه السلسة طولها حوالي 150 ميكرون تصل الخلايا ببعضها. والمسؤول عن تشييد تلك النتوءات المشابهة للأنفاق بروتين يسمى «Rhes» وهو بروتين يزداد وجوده في «Striatum region» وبحقن البروتين المسؤول عن مرض هنتنغتون وهو«Mutated huntingtin protein» به مادة ضوئية «fluorescence» في مخ الفأر ومراقبته شوهد يمر خلال ذلك النفق للخلايا العصبية المجاورة. وذلك النفق أيضا ليس مخصص فقط لذلك البروتين إلا أن «السوسومات- lysosomes» و «الاندوسومات- endosomes» وغيرها تنتقل أيضا مستخدمة ذلك الطريق السريع.
وذلك الاكتشاف فتح الباب للخيال في إطار علاج مرض هنتنغتون. تخيل معي إذا سقط الكوبري الذي يسير عليه عصابة مسلحة هل تستطيع تلك العصابة أن تكمل عملها وتسطو على بنك مثلا؟! حيث أنه بإزالة الجين المسؤول عن تصنيع بروتين «Rhes» من أدمغة بعض الفئران نتج عن ذلك تراجع ملحوظ في نشاط ذلك المرض حيث تسبب في ضرر أقل بالمخ.
وهنا وجب الإشارة أن بروتين «Rhes» لايقتصر دوره فقط على تشييد تلك الأنفاق بين الخلايا، وتسهيل انتقال «Mutated huntingtin protein»؛ بل هو أيضا له القدرة على التفاعل معه وجعله أكثر سمية للخلايا العصبية.
ولازال العلماء في حالة من البحث عن المزيد من التفاصيل في ذلك الإطار حيث البروتينات الأخرى المشتركة في بناء ذلك النفق وكذلك إذا كانت هناك المزيد من البروتينات الضارة تتحرك خلال تلك الأنفاق وذلك بغرض القضاء على ذلك المرض في المستقبل القريب معرفة المزيد من التفاصيل عن غيره من الأمراض العصبية الخطيرة. [3]
مراجع ومصادر:
1- NIH
2- Medline Plus
3- https://www.eurekalert.org/news-releases/737733
في عالم الكم، لم تعد قواعد الفيزياء الكلاسيكية قابلة للتطبيق. واحدة من أكثر الحالات الرائعة…
أظهرت دراسة جديدة أن المرضى يجدون الذكاء الاصطناعي أكثر تعاطفاً وتفهماً من الأطباء النفسيين وخبراء…
باتت التجارب الرقمية أكثر عمقًا وانغماسًا مع دمج الحواس البشرية في البيئات الافتراضية. ويأتي نظام…
في اكتشاف رائد، كشف باحثون من جامعة أتينيو دي مانيلا عن أدلة على وجود شكل…
درس العلماء الأسماك الغضروفية الحديثة، مثل أسماك القرش وأسماك الزلاجات. وقارنوها بنظيراتها عديمة الفك، مثل…
تحول دماغ شاب إلى زجاج منذ ما يقرب من 2000 عام، وهي ظاهرة يعتقد العلماء…