علم الإنسان

ما هي ظاهرة تعذيب الحيوانات وما أسبابها ؟

انتشرت في الآونة الأخيرة مقاطع لتعذيب الحيوانات بشكل متعمد ومتكرر ما يدفعنا للتساؤل ما سبب قيام بعض الأشخاص بمثل هذا الفعل ولأي مدى ينقاد الأنسان للدوافع غير السوية ؟

ظاهرة تعذيب الحيوانات هي إساءة معاملة الحيوان أو إهماله ومن أنواع القسوة وضع الحيونات عن عمد في المواقف التي تؤذيهم وترعبهم، بينما هنالك من يأخذ القسوة لمنحنى أخر كالإساءة الجسدية للحيوانات أو تعذيبهم حتى الموت.
هناك أسباب عديدة لممارسة الأشخاص تعذيب الحيوانات والقسوة المتعمدة منها تضحية في طقوس دينية أو تضحية “فنية” مثل قتل الحيوانات في الأفلام كما في الفلم المثير للجدل «Cannibal Holocaust»، أو اضطرابات نفسية مثل اضطرابات الشخصية المعادية للمجتمع أو اضطرابات جنسية، بالإضافة إلى ذلك هناك بعض الأبحاث التي تبين أنه في بعض الظروف يستخدم تعذيب الحيوانات لإكراه النساء أو الأطفال والسيطرة عليهم داخل المنزل.

عندما اعتمد مكتب التحقيقات الفدرالي في السبعينات نظام يستخدم لاكتشاف وتصنيف الشخصية الرئيسية والسلوكيات الفردية بناءً على تحليل الجريمة أو الجرائم التي ارتكبها الشخص. كانت إحدى النتائج الأكثر اتساقًا التي أبلغت عنها وحدة التحقيقات الفيدرالية هي تعذيب الحيوانات والقسوة المتعمدة في مرحلة الطفولة، حيث بدا سلوكًا شائعًا بين القتلة المتسللين والمغتصبين وأولئك الذين لديهم سمات نفسية تتميز بالاندفاع والانانية ونقص الندم.

بدأ العديد من القتلة المتسلسلين مثل جيفري «داهمر-Jeffrey Dahmer» بتعذيب وقتل الحيوانات في طفولتهم، حيث اعتمد تجميع الحيوانات الميتة على الطريق وتشريح البقايا، واستمنى على الحيوانات الميتة. ومن بين القتلة الآخرين المعروفين بتعذيب الحيوانات منذ الطفولة هي قاتلة الأطفال «ماري بيل-Mary Bell» التي عرفت بقتل الحمام خنقاً، ومارسَ القاتلان «روبرت تومسون-Robert Thompson» و «إيان برادي-Ian Brady» القسوة والمعاملة الوحشية للحيوانات.

يعتبر تعذيب الحيوانات والقسوة المفرطة أحد سلوكيات المراهقين الثلاثة ويُشار إليه غالبًا بـ «ثالوث القتل-Homicidal Triad» وبالإضافة إلى سمات أخرى كالتبول اللاإرادي المستمر وإشعال النار المتعمد. يعتقد بعض علماء الإجرام وعلماء النفس أن الجمع بين اثنين أو أكثر من هذه السلوكيات الثلاثة يزيد من خطر السلوك الانتحاري لدى البالغين. كما تم إجراء بحث في بعض العوامل المساهمة في ممارسة بعض الأطفال لسلوكيات تعذيب الحيوانات والقسوة المتعمدة في مركز التدريب الدولي، وأظهرت الأبحاث أن السلوكيات في “ثالوث القتل” بما في ذلك تعذيب الحيوانات غالبًا ما ترتبط بقسوة الوالدين ومشاهدة العنف المنزلي أو إهمال الوالدين لأبنائهم.

أظهر عدد من الدراسات الإجرامية أن حوالي ثلث إلى نصف جميع القتلة الجنسيين أساءوا معاملة الحيوانات أثناء الطفولة أو المراهقة ومع ذلك أفادت معظم الأبحاث أن أحد أهم “علامات التحذير” وعوامل الخطر المتعلقة بشكل خاص بالميل إلى ارتكاب الجرائم الجنسية، هو القسوة على الحيوانات ومنها ممارسة الرغبات الجنسية على الحيوانات وتكهن باحثون آخرون أن الأفعال الحيوانية في صفوف المراهقين الذكور قد تكون مرتبطة بمشاكل البلوغ وإثبات الرجولة.

هناك “ثالوث” آخر من العوامل النفسية التي ارتبطت بـ تعذيب الحيوانات وهي ثلاث خصائص محددة للشخصية «المكيافيلية-Machiavellianism» (في مجال علم نفس الشخصية، تعتبر المكيافيلية سمة نفسية ترتكز على التلاعب بالآخرين، والفتور العاطفي، واللامبالاة بالأخلاق على الرغم أن المكيافيلية لا علاقة لها بشخصية مكيافيلي التاريخية أو بأعماله، إلا أنها سميت بهذا الاسم نسبة للفلسفة السياسية لنيكولو ماكفيلي)، النرجسية والاعتلال النفسي وما يسمى أيضاً “الثالوث المظلم”. فحصت دراسة أجراها الدكتور «فيليب كافانا-Dr. Phillip Kavanagh» وزملاؤه عام 2013 العلاقة بين سمات شخصية ثالوث الظلام والمواقف تجاه إساءة معاملة الحيوانات وأعمال القسوة على الحيوانات، ووجدت الدراسة أن سمة الاضطراب النفسي مرتبطة بإيذاء أو تعذيب الحيوانات عن قصد.

Related Post

لا يوجد حل سهل لمعالجة تعذيب الاطفال للحيوانات بالنظر إلى أن معظم الأطفال يتعلمون السلوك المعادي للمجتمع من حولهم، إلا أن أفضل طريقة لمنعه هي التدريس بالقدوة؛ فالآباء هم المفتاح. بالتالي السلوك الإيجابي للمجتمع من قبل الوالدين ونماذج القدوة الأخرى تجاه الحيوانات، مثل إنقاذ العناكب في الحمام، وإطعام الطيور، ومعاملة الحيوانات الأليفة كعضو في الأسرة لديه القدرة على ترك انطباع إيجابي دائم على الأطفال.

المصادر:

The New York Times

Independent

Psychology Today

اقرأ أيضاً: هل يسبب الإجهاد العصبي أوالتوتر تحول لون الشعر إلى اللون الأبيض ؟

Author: Fatima Qusay

Fatima Qusay

View Comments

Share
Published by
Fatima Qusay

Recent Posts

تقنية مفاتيح المرور تزيح كلمات المرور عن عرشها!

اكتسبت تقنية "مفاتيح المرور" (Passkey) زخمًا على مدار العامين الماضيين، حيث طورها اتحاد صناعة التكنولوجيا…

8 ساعات ago

كيف يتعاون الوعي واللاوعي معًا في إدارة العقل؟

أثار السؤال القديم حول ما إذا كان وعينا متفرجًا سلبيًا أم مشاركًا نشطًا في تشكيل…

8 ساعات ago

علماء يوظفون التحرير الجيني لعلاج داء الورم الحبيبي المزمن

في جهد تعاوني رائد بين المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية التابع للمعاهد الوطنية للصحة (NIAID)…

9 ساعات ago

جنسك يحدد طريقة تسكين الألم!

توصل الباحثون في كلية الطب بجامعة كاليفورنيا سان دييغو إلى اكتشاف رائد يمكن أن يحدث…

9 ساعات ago

فاطمة الفهرية، مؤسسة أول جامعة في العالم

تُعتبر فاطمة الفهرية واحدة من أبرز الشخصيات النسائية في التاريخ الإسلامي، حيث أسست جامعة القرويين في عام 859 ميلادية، والتي تُعد أقدم…

14 ساعة ago

أول تمثيل لنواة ذرية مكونة من الكواركات والغلونات!

لقد كانت النواة الذرية، وهي قلب الذرة، موضع اهتمام العلماء لفترة طويلة. تتكون النواة من…

يوم واحد ago