تعد ظاهرة البرق والرعد واحدة من الظواهر التي تأخر تفسيرها حتى القرن الثامن عشر ميلادي. نتيجة لتأخر وضع سبب علمي لتلك الظاهرة، نتج الكثير من الأساطير والمعتقدات بشأنها في مختلف الحضارات عبر الزمن. فما هو التفسير العلمي لظاهرة البرق والرعد؟ ولم يحدثا معًا؟ وما سبب حدوث الرعد بعد البرق وليس قبله؟
محتويات المقال :
ارتبطت ظاهرة البرق والرعد بالآلهة في الحضارات القديمة للإنسان منذ أن كانت سبب في إبعاد الحيوانات والتدفئة والإنارة. فاعتقد اليونانيون قديمًا أن البرق هو سلاح الإله زيوس، بل وقدسوا كل بقعة ضربتها صاعقة. أما في الحضارة الاسكندنافية، فكان ثور هو إله الرعد، فكان يضرب به كل أعدائه. وتطول الأمثلة، ولكن لم تسلم ظاهرة البرق والرعد من الافتراضات غير الطبيعية من الإنسان. ورغم محاربة بعض الفلاسفة، مثل سقراط وأرسطو، تلك التخاريف الناتجة عن عدم معرفة سبب حقيقي لتلك الظاهرة، استمر الإنسان في اعتبارها ظاهرة مقدسة لزمن طويل. [1]
ظل الوضع كما هو حتى عام 1752 م عندما اكتشف «بنجامين فرانكلين – Benjamin Franklin» الطبيعة الكهربية للبرق والرعد المصاحب له. وتفسر الظاهرة بإحدى أساسيات الفيزياء الكهربية البسيطة وهي ظاهرة «الحث الكهروستاتيكي – Electrostatic induction».
من المعروف أن الجسيمات المشحونة كهربيًا تتنافر إذا كان لديها نفس الشحنة وتتجاذب إذا اختلفت شحناتها. افترض أن هناك لوح ما يحتوي على عدد متساوٍ من الشحنات الموجبة والسالبة. فإذا اقتربت شحنة ما من ذلك اللوح فإنها ستجذب عدد كبير من الشحنات المخالفة لها في الشحنة لاتجاهها، ويكون ذلك اللوح مشحون في ذلك الجنب أو الاتجاه بشحنة تلك الجسيمات. فمثلا، إذا اقتربت شحنة سالبة من قضيب به عدد متساوٍ من الشحنات، فإن الشحنات الموجبة ستتجه باتجاه الشحنة السالبة الخارجية، ويصبح القضيب مشحونًا بشحنة موجبة في ذلك الاتجاه. [2]
ولكن كيف تفسر تلك الظاهرة الكهربية البرق؟ يلزمنا ذلك معرفة ماهية البرق أولًا.
ترتبط ظاهرة البرق بسماء ملبدة بالسحب. والسحب هي عبارة عن جزيئات مياه متبخرة متجمعة في مكان واحد. ويتكون الماء من شحنات كهربية موجبة الشحنة لعنصر الهيدروجين وسالبة الشحنة لعنصر الأوكسجين. ولأن الأرض عبارة عن أكبر خزان للشحنات الكهربية الموجبة، أي يمكن اعتبارها شحنة موجبة ضخمة المقدار. لذا، اكتملت الأركان، فبنفس فكرة الحث الكهروستاتيكي، فإن الأرض موجبة الشحنة تجذب الشحنات السالبة من السحب باتجاهها.
كلما قصرت المسافة بين السحب والأرض زاد الحث وزاد معه الجهد الكهربي بينهما، أي زاد ميل تلك الشحنات إلى أن تنجذب لبعضها. وعلى الرغم من أن الهواء الجوي مادة عازلة للكهرباء، لكن هناك نقطة يصل فيها الجهد لقيمة ضخمة تحوّل الهواء لمادة موصلة للكهرباء. لذا فنهاية تلك العملية هي زيادة متواصلة في الجهد حتى نقطة معينة يستطيع فيها الهواء تفريغ كل تلك الشحنات مرة واحدة إلى الأرض. [3]
بالتالي، فإن شعاع البرق الذي تراه ما هو إلا تفريغ لحظي للشحنات من السحاب للأرض. وهناك نوع آخر من البرق في السحب نفسها، ويحدث بسبب اختلاف درجات الحرارة داخل السحب. وها قد عرفنا ماهية البرق وتفسيره، إذا فما هو الرعد؟ ولم يلازم البرق؟ وما سبب حدوثه بعد البرق وليس قبله؟
نتيجة لتفريخ الشحنات، تزداد حرارة الجو عند منطقة الصاعقة زيادة حادة مفاجئة ينتج عنها عدة تغيرات. من ضمن تلك التغيرات زيادة ضغط الجو فجأة، وعليه فإن جسيمات الهواء تتمدد وتتذبذب بسرعة مرتفعة جدًا، وينتج عن ذلك التذبذب السريع صوت الرعد!
بالتالي، الرعد هو عبارة عن موجات صوتية تنتقل بين جسيمات الهواء عند منطقة الصاعقة. أما البرق فهي موجات ضوئية تظهر نتيجة تفريع الشحنات اللحظي. وسرعة الموجة الضوئية أكبر بكثير من سرعة الموجة الصوتية، لذلك نرى البرق قبل سماع صوت الرعد. [3]
The Lightning Book, MIT Press [1]
[2] Fundamentals of physics / David Halliday, Robert Resnick, Jearl Walker. -9th ed. Section 23 (GAUSS’ LAW)
عندما يتعلق الأمر بحماية بشرتنا من التأثيرات القاسية لأشعة الشمس، فإن استخدام واقي الشمس أمر…
اكتشف فريق من علماء الآثار 13 مومياء قديمة. وتتميز هذه المومياوات بألسنة وأظافر ذهبية،وتم العثور…
ركز العلماء على الخرسانة الرومانية القديمة كمصدر غير متوقع للإلهام في سعيهم لإنشاء منازل صالحة…
من المعروف أن الجاذبية الصغرى تغير العضلات والعظام وجهاز المناعة والإدراك، ولكن لا يُعرف سوى…
الويب 3.0، الذي يشار إليه غالبًا باسم "الويب اللامركزي"، هو الإصدار التالي للإنترنت. وهو يقوم…
لطالما فتنت المستعرات العظمى علماء الفلك بانفجاراتها القوية التي تضيء الكون. ولكن ما الذي يسبب…