تخيل معي السيناريو الآتي: شاشة هاتف تعيد بناء نفسها حينما تتهشم. عقاقير تبقى حائمة بمجرى الدم كأنها جزء لا يتجزأ من مكوناته الأساسية؛ لتتخذ شكلاً دفاعيًا حين تهاجم أجسام غريبة الجسم. أجنحة طائرة حركتها شبيهة بحركة وديناميكية أجنحة العصفور.
كل السيناريوهات السابقة ليست مستحيلة ولم تعد كذلك، بل من المحتمل رؤيتها قريبًا خلال ٥ إلى ١٠ سنوات أو أقل! لكن ما الذي يجعل من كل تلك الخصائص التي تكاد تحاكي مشاهد فيلم《خيال علمي》 ممكنة في التقنية الحديثة؟
سؤال سنجيب عليه بكلمة واحدة: «المواد -Materials» أو بأكثر دقّة: «المواد الذكية-The Smart Materials».
محتويات المقال :
بدايةً، كانت المواد بشكلٍ عام الأساس لكل التطور الذي تشهده البشرية منذ فجر التاريخ حتى يومنا هذا. إذ يكفينا الإشارة إلى أن معظم العصور التاريخية سميت بأسماء المواد التي اكتشفت في وقتها، واستخدمت في رفد مسيرة الحضارة من كل جانب؛ كالعصر الحجري، والبرونزي، والحديدي، لنصل إلى ما يسمى بالعصر الحديث أو ما يسمى بعصر «المواد المصنعة -The Synthesis Materials» التي لعبت الدور الأهم والأصلي في تفجر عصر “الثورة الصناعية الكبرى”.
مما أدت تواليًا للتكنولوجيا المعاصرة أو ما يلقب بامتياز عصر “المواد الذكية”. نشهد اليوم زخمًا وتسارعًا منقطع النظير في التقنية والفنيات الحديثة لا يمكن أن يُحقق إلا بوجود مواد معينة سمحت ببزوغ تلك القدرات الخارقة التي تدفع تكنولوجياتنا نحو الأمام.[1]
المواد الذكية هي عبارة عن مواد معدّلة لديها القدرة على تغيير خصائصها تبعًا لتأثير معين تخضع له. المؤثر الخارجي الذي يسلط عليها قد يكون تيارً كهربائيًا، أو مجالاً مغناطيسيًا، أو حرارة، أو إشعاعًا نوويًا.
إنّ عدنا بالوقت لنعرف متى اكتُشفت هذه المواد الذكية فسنرى بأن اكتشافها أتى بوقتٍ قريب إلى حد ما. إذ يعود هذا التاريخ تحديدًا إلى القرن ١٩ على يد الإخوة “كوري”، اللذان اكتشفا أن عدة مواد كالكوارتز، تنتج طاقة كهربائية عند تعرضها لضغط ميكانيكي. وبالمثل بعد عدة سنوات تم اكتشاف بأن هذه المواد تحمل خصائص إزدواجية، بحيث يجعلها التعرض للتيار الكهربائي تتشكل بطريقة معينة. إلا أنَّ التاريخ يخبرنا أن الحضارات القديمة استخدمت هذه المواد ربما دون دراية كبيرة بما تحمله من خصائص وإمكانيات. من المحتمل أن يكون الأمر على سبيل المصادفة. [1-2]
التقسيمات المتعارفة على المواد الذكية والتي توجد لدينا في الوقت الحالي هي كالآتي:
يتراوح استخدام المواد الذكية بين عدة مجالات كالهندسة الإنشائية والمدنية، و الفضاء، و التقنيات الحربية إلى الطب، مرورًا بصناعة الطائرات والمركبات الجوية.
إن نظرنا إلى جسم الطائرة التي نستخدمها في الوقت الحالي وإلى مجسم ليوناردو دافنشي للجسم الأمثل للطيران _بغض النظر عن رأي مصممي المركبات الجوية_ سنلاحظ الاختلاف الواسع ما بين النموذجين، بحيث ما يجعل من نموذج دافنشي صعب تحقيقه هي المواد. يمكنك أن تتخيل الآن كم الاختلاف الذي يمكن أن تحدثه المواد الذكية في المستقبل في عالم المركبات وغيرها الكثير من التطبيقات المختلفة في شتى المجالات.
بالرغم من تعدد المجالات التي تستخدم المواد الحديثة حاليًا، إلا أن استخدامنا لها يظل محدودًا للغاية مقارنة بالخصائص التي يمكن أن تمدنا بها، والأسباب تعود إلى تكلفة تصنيعها العالية، والقفزة في مجال النانوتكنولوجي الذي سيسهل من صناعتها؛ حيث لا يزال قيد دراسات واسعة لتطبيق نظرياته على مستوى تجاري واقتصادي كبير. إلا أن الأمر ليس بعيد المدى ربما سيأخذ أقل من ١٠ سنوات لتصبح المواد الذكية قيد الاستخدام غير المحدود سواء بالكميات أو الخصائص وحينها سنشهد قفزة أكبر لم نشهدها من قبل في المحفل التقني.[4]
فكما قلنا بدايةً الحضارة هي المواد والطاقة، والمواد والطاقة هما الحضارة. متى ما تجاوزنا محدوديتهما سيتحقق الكثير مما ظنناه خيالًا، أو ربما ما سنصل إليه هو أبعد من الخيال نفسه.
المصادر:
[1] Smart Structures Theory
[2] minervaconservation
[3]Introduction, Classification and Applications of Smart Materials
[4] Scope of Smart Materials in Future
عندما يتعلق الأمر بحماية بشرتنا من التأثيرات القاسية لأشعة الشمس، فإن استخدام واقي الشمس أمر…
اكتشف فريق من علماء الآثار 13 مومياء قديمة. وتتميز هذه المومياوات بألسنة وأظافر ذهبية،وتم العثور…
ركز العلماء على الخرسانة الرومانية القديمة كمصدر غير متوقع للإلهام في سعيهم لإنشاء منازل صالحة…
من المعروف أن الجاذبية الصغرى تغير العضلات والعظام وجهاز المناعة والإدراك، ولكن لا يُعرف سوى…
الويب 3.0، الذي يشار إليه غالبًا باسم "الويب اللامركزي"، هو الإصدار التالي للإنترنت. وهو يقوم…
لطالما فتنت المستعرات العظمى علماء الفلك بانفجاراتها القوية التي تضيء الكون. ولكن ما الذي يسبب…