- كيف بدأت الحرب ولماذا تحدث؟
- ما هي الحرب الشاملة؟
- ما هي الحرب الباردة وكيف أنهكت العالم؟
- ما هي الحرب بالوكالة؟
- ما هي حرب العصابات؟
- شبح الحروب الاقتصادية أشدّ فتكًا على الإنسان من القذائف
- الحرب البيولوجية سلاح في يد العلماء تظهر جانبهم المظلم
- الحروب السيبرانية، وجهٌ جديد للعنف الدولي
- حرب الفضاء، هل ستصبح حقيقة؟
- ما هي الحرب الهجينة وخصائصها ولماذا هي مهمة اليوم؟
تُظهر الدراسات الحديثة حول الحروب في أفغانستان والعراق مدى تكلفة الحروب الشاملة من حيث الخسائر البشرية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية بغض النظر عن مدى تفاوت قدرات الأطراف المتصارعة أو الخصوم. بسبب التقدم التكنولوجي السريع وظهور الحرب غير المتكافئة، يمكن أن تكون الحروب الشاملة غير فعّالة حتى في مواجهة القوى التي لديها موارد ونفوذ أقل نسبيًا. وبالتالي، قد يصبح النصر احتمالًا صعبًا للغاية.
لكن هذا لا ينذر بتلاشي الصراعات، بل بتغير ديناميكيات الحرب. وظهور استراتيجيات جديدة كاستراتيجية الحرب الهجينة وهي ما سنتعرف عليه في مقالنا هذا.
محتويات المقال :
مفهوم الحرب الهجينة
لا يعد مفهوم الحرب الهجينة مفهومًا جديدًا، فهو قديم قدم الحرب، ولطالما لجأ الإنسان إلى أساليب الخداع والمناورة.
شاع المفهوم الحديث للحرب الهجينة من قبل فرانك هوفمان في عام 2007، وهو جندي سابق في مشاة البحرية الأمريكية وباحث دفاعي. وعرّفها قائلًا “تتضمن الحروب الهجينة مجموعة من أنماط الحرب المختلفة، بما في ذلك القدرات التقليدية والتكتيكات والتشكيلات غير النظامية والأعمال الإرهابية، والعنف العشوائي والإكراه والفوضى الإجرامية.” [1]
ويمكن القول إن تكامل الأساليب التقليدية وغير النظامية للحرب ميّز هذه الحروب الهجينة عن أشكالها التاريخية. [3] ويحاول مصطلح الحرب الهجينة فهم التعقيد الذي تتسم به حروب القرن الـ21، والتي تتضمن تعدد الفاعلين، ويطمس الفروق التقليدية بين أنواع النزاع المسلح، وحتى بين الحرب والسلام.
كما يُستخدم أيضًا لوصف الطابع المتغير للحرب المعاصرة، لأسباب ليس أقلها التعقيد والفتك المتزايدين للجهات الفاعلة العنيفة غير الحكومية، والإمكانات المتزايدة للحرب السيبرانية.[3] لكن على الرغم من التعريفات الكثيرة لها، إلّا أنّ مفهومها متنازع عليه ولا يوجد لها تعريف متفق عليه عالميًا. وتعرضت للكثير من الانتقادات بسبب افتقارها إلى الوضوح المفاهيمي. [2] لذا، فمن المهم إيجاد تعريف واضح ومحدد لها، لتتمكن الدول من إدراك التهديدات الهجينة وتفعيل آليات للاستجابة لها ولأدواتها.
أدوات الحرب الهجينة
تستلزم الحرب الهجينة تفاعلًا أو اندماجًا بين أدوات القوة التقليدية وغير التقليدية وأدوات التخريب. ويتم مزج هذه الأدوات والوسائل بطريقة متزامنة لاستغلال نقاط ضعف الخصم. وتشمل مجموعة متنوعة من الأنشطة وتستخدم الأدوات المختلفة لزعزعة استقرار المجتمع من خلال التأثير على صنع القرار فيه. وتشمل الأدوات التالية:
- التدخل في الانتخابات.
- التضليل ونشر الأخبار الكاذبة.
- الهجمات السيبرانية.
- هجمات الطائرات بدون طيار.
- التأثير المالي والضغط الاقتصادي. [4]
- التدريبات العسكرية على الحدود وواسعة النطاق، والاستعراضات العسكرية والإكراه والتخويف.[2]
- زعزعة الثقة بين الحكومات والشعوب، وإفقاد السلطة للشرعية.[2]
- استخدام وسائل التواصل الاجتماعي الرقمية للتأثير على الشعوب.[2]
وتمنح هذه الأدوات الحروب الهجينة القدرة على تحقيق النصر بدون قتال. وتميزها بخصائص تجعلها حروب قادرة على تغيير موازين القوى لصالح الطرف الأضعف في الحروب غير المتكافئة.
خصائص الحرب الهجينة
ما يميّز الحرب الهجينة هي قدرتها على دمج عدّة أساليب في وقت واحد وتحقيق الأهداف بأرخص السبل وبأفضل النتائج. فبخلطها بين الأدوات الحركية وغير الحركية تلحق الضرر بالدولة الخصم بالطريقة المثلى. ومع غياب الحد الفاصل بين الحرب والسلم أو ما يسمى بالمنطقة الرمادية يصبح من الصعب تفعيل الحرب أو المواجهة المباشرة.
تكاليفها ومخاطرها منخفضة بشكل ملحوظ. فبدلًا من إرسال الدبابات والطائرات وخوض معارك دامية، تكتفي هذه الاستراتيجية بتمويل نشر المعلومات المضللة أو التعاون مع أطراف أخرى غير حكومية كحرب بالوكالة. محققة بذلك إخضاعاً للعدو بدون قتال. [2]
من خصائص الحرب الهجينة المميزة أيضًا هو جانب الغموض والإسناد. حيث تنشئ الجهات الفاعلة جانب الغموض بحكمة وتعمل على توسيعه ونشره. بعبارة أخرى، تصبح الدولة المستهدفة إما غير قادرة على اكتشاف هجوم مختلط أو غير قادرة على نسبته إلى دولة قد تكون هي من تقوم به أو ترعاه. ويصبح من الصعب على الدولة المستهدفة تطوير استراتيجية دفاعية مناسبة.
كما تسمح هذه الحرب بتقويض الخصم على جبهتين، الأولى وهي جبهته المادية؛ العسكرية والبنية التحتية والاقتصادية. أمّا الجبهة الأخرى فهو شرعية سلطة وثقة الشعب بها.[2] وبذلك تدمّر العدو المستهدف من الداخل وتجعله مشتتًا بين صراعاته الداخلية ومواجهة هجمات العدو الهجينة. ويسمح تأثير تكنولوجيا المعلومات الناشئة للجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية باستهداف صانعي القرار والجمهور من خلال وسائل الإعلام المعولمة والمتشابكة والإنترنت. [4] وتستخدم الحرب الهجينة عدّة تكتيكات عسكرية، فإضافة إلى استخدام الوكلاء قد تلجأ إلى حرب العصابات أوالمتمردين أوالإرهابيين. [3]
ما الذي يجعل هذا الاستراتيجية تحوّلا مهمًا في الصراعات اليوم؟
غيّرت هذه الاستراتيجية الشكل التقليدي للصراع. فقد تمّكن الاتحاد الروسي من ضم شبه جزيرة القرم، مستخدمًا أسلوب التضليل الإعلامي. حيث أنّه في الـ13 من مارس عام 2014، ظهر في شبه الجزيرة مجموعات مسلحة ترتدي الزي العسكري الروسي وتحمل سلاحه ولكن بدون شارات أو دلالات تدل على انتمائه إلى أي طرف، وقامت باحتلال مطار ومجموعة قواعد عسكرية أوكرانية، وأطلق عليهم “الرجال الخضر الصغار”. أظهرهم الإعلام الروسي كدليل على الرضا الشعبي من المدنيين الأوكران فيها. ودعوة منهم للتدخل الروسي والدخول إلى شبه الجزيرة وذلك ما حصل بالفعل.[6]
كما استخدموها في حربهم الحالية ضدّ أوكرانية فمن الهجمات السيبرانية إلى استخدام الطائرات من دون طيّار وغيرها من التكتيكات التي تشير إلى حرب هجينة فيها. وفي المقابل استخدم الأمريكان استراتيجيات مضّادة كحجب المواقع الروسية عن الشبكة أو تدخل شركات عملاقة ك”ميتا” أو نشر الإنترنت الفضائي من قبل المليادير الأمريكي إيلون ماسك. [5]
يمكن لهذا الاستراتيجية تحقيق مكاسب صفرية في مواجهة الخصوم. كضم مناطق كاملة بلا إراقة دماء أو توجيه ضربات موجعة للخصوم قادرة على شلّ حركتهم لفترات طويلة بأرخص السبل وأبسطها.
وفي الختام لا تغيّر الحرب الهجينة طبيعة الحرب. حيث يظل الإكراه في صميم الحرب الهجينة كما هو الحال مع أي شكل من أشكال الحرب. ويبقى الهدف هو نفسه، وهو اكتساب ميزة جسدية أو نفسية ليخسر الخصم. ومما لا شك فيه أنها تمثل تحديًا لمؤسسات الأمن القومي لمواجهة مجموعة واسعة من التهديدات التي يمكن وصفها بالحرب الهجينة. وخاصة أنّها قد تؤذن بصعود قوى عالمية جديدة قد تلقي بعصر القطبية الواحدة في غياهب النسيان.
المصادر:
1- Economist
2- Nato.int
3- marshallcenter
4- carnegieeurope
5- orfonline
6- e-ir.info
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :