انتشرت في الآونة الأخيرة أنباء عن مشاهير لايشعرون بالراحة تجاه الأجساد التي ولدوا بها. وتدعى هذه الفئة ب “المتحولين جنسيا Transgenders”.
“أنا لست معتوها ولست مريضا نفسيا. أنا فقط أشعر أني مسجون داخل جسد لا يلائمني”
إنهم يبحثون عن الفهم والتفهم، ليس داخل مجتمعهم فحسب وإنما داخل أنفسهم كذلك. إن عقلهم في الحقيقة مكبل فعلا داخل جسم مختلف كنتيجة لحالة طبية تدعى اضطراب النوع الجنسي Gender Dysphoria.
محتويات المقال :
ما هو النوع الجنسي Gender؟ إنه يعبر عن مجموعة المواقف والمشاعر والسلوكيات والفرص التي يربطها مجتمع ما بالجنس البيولوجي للشخص، ويعتبرها مناسبة له.
نجد أن هذا التعريف له سمة اجتماعية ثقافية، تساهم بالاشتراك مع العوامل البيولوجية في تصنيف النوع.
ما هي هوية النوع Gender Identity؟ إنها تصف شعور الشخص النفسي تجاه نوعه.
أما الجنس Sex: فهو يشير للنمط الجنسي الموروث بيولوجيا (أي النمط الذي تحدده المادة الوراثية للإنسان).
نلاحظ إذا وجود ثلاث محطات هامة في حياة الشخص، فهو يولد بجنس تحدده جيناته، قيما يحدد وعيه جنسه الخاص الذي يشعر به والذي قد يكون مشابها أو مخالفا لجنسه البيولوجي (الهوية). أما المجتمع فيصنفه تبعا لجنسه البيولوجي كأحد نوعين (رجل أو امرأة) ويحدد له مسار حياته وتصرفاته بناء على ذلك.
فهو حالة طبية ينجم عنها تناقض واضح بين النمط الجنسي الذي ولد به الفرد وبين النمط الذي يشعر به ويعبر عنه في الحقيقة.
وهذه الحالة مختلفة تماما عما يدعى بخلل تعيين النوع Gender non-confirming: حيث يحتفظ هنا الشخص بصورة واضحة عن جنسه البيولوجي، ولكن لا يتطابق سلوكه مع المعايير الثقافية والاجتماعية التي حددتها بيئته للذكورة والأنوثة.
هذا وتشدد منظمة الصحة العالمية والمجمعات العلمية الأخرى على كون اضطراب النوع الجنسي ليس حالة نفسية. وهو بالتأكيد ليس مثلية جنسية، فالميول أمر مختلف تماما.
تتفاوت الأسباب والعوامل كثيرا، كون تطور النوع الجنسي Gender معقد ومتنوع بالأصل، ولا تزال غير واضحة تماما في الحقيقة. ولكن الهرمونات المرتبطة بتطور الجنس متهمة بشكل أو بآخر عبر العديد من الفرضيات والحالات المرضية الطبية.
يعتبر التستوستيرون Testosterone هرمون الذكورة، فيما يفرز كل من الإستروجين Estrogen والبروجسترون Progesterone عند الإناث( تفرز هذه الهرمونات بشكل رئيسي من الغدد التناسلية: المبايض والخصى). لكن أثناء فترة الحمل تختلف الموازين، لماذا؟!
يعتبر الإستروجين Estrogen الهرمون الأكثر أهمية في الحياة الجنينية من ناحية التأثير على الدماغ فيما يخص النوع وهويته. وفيما أنه يوجد لدى كلا الجنسين، لكن تتفاوت كميته وزمن وصوله للدماغ.
يكون التعرض الأول لهذا الهرمون عن طريق الأم ( الإستروجين Estrogen الأمومي) ولكن الغدد التناسلية هي المسؤولية عن الجزء الأكبر.
حيث تفرز الخصيتان عند الجنين المذكر التستوسترون Testosterone الذي يتحول بعملية كيميائية إلى إستروجين Estrogen، ليعبر بعدها إلى الدماغ. أما عند الأجنة الإناث، فلا يفرز المبيضان الإستروجين ليغيب بذلك تأثيره عن دماغ الأنثى مما يساهم في تطوره في مناطق معينة أهمها الوطاء Hypothalamus ( وهو منطقة من الدماغ البيني تؤدي وظائف حيوية هامة وأساسية بالنسبة للجسم) وخصوصا مناطق التكاثر ضمنه.
دعوني أبسط هذه الفكرة قليلا: إن الإنسان يتكون من جسد، وهذا الجسد لا يكتمل دون الوعي الذي يقود السلوك والانفعالات. ويعتبر الدماغ مسؤولا عن الوعي في كل جوانبه ومنها وعينا تجاه جنسنا. هذا الوعي تجاه الجنس يعتقد أنه يرتبط بهرمون الإستروجين، فإن عبر لدماغك أثناء الحمل فسيكون وعيك تجاه نفسك وسلوكك مذكرا (دماغ مذكر)، أما غيابه فسيجعلك تفكر كإنثى وسيكون وعيا أنثويا لديك ( دماغا مؤنثا).
تعتبر هذه الآلية البيولوجية منطلق الفرضيات الجينية لاضطراب النوع الجنسي، كيف ذلك؟!
وجدت دراسات مجراة على DNA ( المادة الوراثية للإنسان) المتحولين جنسيا Transgenders، تكرارا لجينات(مورثات) معينة مسؤولة عن مسار مستقبلات الإستروجين في الدماغ، مما يمكن أن يسبب خللا في تحديد ذكورته أو أنوثته. وقد يحصل هذا التأثير قبل أو بعد الولادة.
يوجد لدى كل فرد صبغيان جنسيان(الصبغي هو الذي يحمل المادة الوراثية لدى الإنسان، والصبغي الجنسي مسؤول عن تحديد الجنس)، فالأنثى لديها صبغيان جنسيان xx، أما الذكر فلديه xy. يورث أحد الصبغيين من الأم وهو x حتما، أما الآخر فتتم وراثته من الأب وقد يكون xأو y. لكن في المراحل الأولى للحمل ومهما كان نوع الصبغيين الجنسيين، تكون كل الأجنة إناثا بسبب تفعيل صبغي x القادم من الأم فقط. يتفعل بعد الأسبوع الثامن للحمل الصبغي القادم من الأب، فإذا كان x يتابع الجنين تطوره كأنثى، أما إذا كان الصبغي y فيتابع الجنين تطوره كذكر( حيث يقوم الصبغي y بتفعيل إفراز التستوسترون).
يفترض البعض بناءا على ماسبق أن أي خلل في هذه المرحلة قد يكون سببا في اضطراب النوع الجنسي. لكن لا تزال آليات هذه الفرضية غير واضحة تماما!
يؤثر الصراع والتضارب بين الجنس والنوع الذي يشعر به المصابون على الطريقة التي يرغب بها بالتعبير عن نفسه، سواء قي سلوكه أو لباسه أو تقييمه لذاته. وقد تظهر علامات هذا الاضطراب في سن مبكر بين الثانية والرابعة من العمر. وهو ذات السن الذي يتم خلاله تطور السلوكيات المرتبطة بالجنس. وقد تتأخر هذه العلامات حتى سن المراهقة أو البلوغ.
يتم تشخيص اضطراب النوع الجنسي وفقا لمعايير DSM-5 (الدليل التشخيصي والإحصائي الصادر عن الجمعية الأمريكية للطب النفسي)، والمصنفة حسب المرحلة العمرية كما يلي:
بعد أن تعرفنا على الأعراض والاضطرابات الكامنة لدى المتحولين جنسيا Transgenders، يمكن لنا أن ننتقل لزاوية العلاج.
يمر الأشخاص المصابون بهذا الاضطراب (الأشخاص المتحولين جنسيا) بصعوبات كبيرة عائلية ومجتمعية ونفسية، وقبل أن يتخذ قرارا علاجيا يجب أن يطلب مشورة طبية بالتأكيد.
غالبا ما يتم تحويل من هم تحت سن الثامنة عشرة من العمر إلى عيادة مختصة في الهوية الجنسية للأطفال والمراهقين، والتي تساعدهم بعد تقييم مفصل لحالتهم بتحديد خياراتهم العلاجية. والتي تشمل:
نتمنى أن يكون هذا المقال قد أجاب عن تساؤلاتكم الطبية حول المتحولين جنسيا.
المصادر:
American Psychiatric Association: What Is Gender Dysphoria?
WebMd: When You Don’t Feel at Home With Your Gender
NCBI: Gender Dysphoria (Sexual Identity Disorders)
Science Direct: Gender-Nonconforming Youth
American Psychological Association: Gender
Science Daily: Gene variants provide insight into brain, body incongruence in transgender
Pubmed: Genetic Link Between Gender Dysphoria and Sex Hormone Signaling
Brainfacts.org: Estrogen and the Developing Brain
عندما يتعلق الأمر بحماية بشرتنا من التأثيرات القاسية لأشعة الشمس، فإن استخدام واقي الشمس أمر…
اكتشف فريق من علماء الآثار 13 مومياء قديمة. وتتميز هذه المومياوات بألسنة وأظافر ذهبية،وتم العثور…
ركز العلماء على الخرسانة الرومانية القديمة كمصدر غير متوقع للإلهام في سعيهم لإنشاء منازل صالحة…
من المعروف أن الجاذبية الصغرى تغير العضلات والعظام وجهاز المناعة والإدراك، ولكن لا يُعرف سوى…
الويب 3.0، الذي يشار إليه غالبًا باسم "الويب اللامركزي"، هو الإصدار التالي للإنترنت. وهو يقوم…
لطالما فتنت المستعرات العظمى علماء الفلك بانفجاراتها القوية التي تضيء الكون. ولكن ما الذي يسبب…