Ad

تسببت جائحة كورونا في وفاة أكثر من ستة ملايين شخص حتى نهاية شهر ابريل 2022 (تاريخ كتابة هذا المقال). [1] كما تسببت الجائحة في أكبر ركود اقتصادي منذ الحرب العالمية الثانية. [2] وفي نفس التوقيت، ظهر «وباء معلوماتي – Infodemic» غير مسبوق. يصف مصطلح الوباء المعلوماتي الانتشار السريع للشائعات ونظريات المؤامرة عبر المنصات المختلفة عبر العالم. فتابع معنا المقال التالي لتتعرف أكثر على الوباء المعلوماتي وأسبابه وكيف تحمي نفسك منه؟

ما هو الوباء المعلوماتي؟

تمت صياغة مصطلح الوباء المعلوماتي لأول مرة في عام 2003 من قبل «ديفيد روثكوبف – David Rothkopf » وهو كاتب صحفي في الواشنطن بوست. وليس هناك تعريف ثابت للوباء المعلوماتي. ولكن طبقًا لقاموس ميريام وبستر فهو انتشار سريع وبعيد المدى للمعلومات الدقيقة وغير الدقيقة حول شيء ما، كمرض معين مثل جائحة كورونا على سبيل المثال. ويعد الوباء المعلوماتي الذي صاحب جائحة كورنا هو أحدث وباء معلوماتي غزا العالم في العصر الحديث. وقد أكد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية «تيدروس أدهانوم غيبريسوس – Tedros Adhanom Ghebreyesus» في العديد من المرات أن منظمة الصحة العالمية لا تحارب وباء كورونا فقط ولكنها تحارب الوباء المعلوماتي المصاحب له أيضًا. [3]

أسباب انتشار الوباء المعلوماتي  

أجمعت العديد من الدراسات على أن وسائل التواصل الإجتماعي و نقص المعرفة العلمية هي الأسباب الرئيسية لانتشار الوباء المعلوماتي. ولا شك أن كلا السببين مرتبطين بشكل وثيق. فكافة المعلومات تنشر على وسائل التواصل الاجتماعي في الوقت الحالي. ولذلك تعد وسائل التواصل الإجتماعي هي الوسيلة الأولى لمتابعة الأخبار العالمية حاليًا. ونتيجة نقص المعرفة لا يتم تمييز أي من المعلومات صحيح وأيها خاطئ. وفيما يلي نستعرض كل سبب على حدة.

دور وسائل التواصل الإجتماعي في انتشار الوباء المعلوماتي

لا يخفى على أحد الدور الذي تلعبه وسائل التواصل الاجتماعي اليوم في نقل اخبار العالم. فطبقًا لآخر إحصائية فإن عدد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي وصل إلى ما يقارب 3.36 مليار في عام 2020. ومن المتوقع أن يصل هذا العدد إلى 4.41 مليار مستخدم بحلول عام 2025.[4] لكن بعكس المجلات العلمية فليس كل ما ينشر على مواقع التواصل يتم مراجعته من قبل المتخصصين. ونتيجة لذلك تنتشر المعلومات المغلوطة على وسائل التواصل الإجتماعي بشكل كبير. فطبقًا لإحدى الدراسات فإن مواقع التواصل الإجتماعي مسؤولة بشكل مباشر عن 50 % من اجمالي المعلومات المغلوطة المنتشرة حول فايروس كورونا المستجد. فعلى سبيل المثال قامت إحدى الدراسات بتحليل المئتي فيديو أصحاب أكثر مشاهدات على موقع يوتيوب في الفترة ما بين يناير 2020 وحتى ابريل 2020 حيث كانت تلك الفترة بداية انتشار الفايرس عالميًا. وقد وجدت هذه الدراسة أن هناك 115 فيديو من الفيديوهات المئتان الأكثر مشاهدة تحدثوا عن وباء كورونا بشكل مباشر. وقد احتوى 39 فيديو منهم على معلومات مغلوطة عن الوباء. أي أن 37% من هذه الفيديوهات احتوت على معلومات مغلوطة حول فايروس كورونا المستجد. [3]

دور نقص المعرفة العلمية في انتشار الوباء المعلوماتي

ساعد نقص المعرفة العلمية في انتشار الوباء المعلوماتي بشكل كبير. فربما لو كان المجتمع أكثر وعيًا بالطريقة العلمية، لاستطاعوا التحقق مما اذا كانت المعلومات التي يسمعونها صحيحة أم خاطئة. فطبقًا لدراسة أمريكية فإن نصف الأمريكيين لا يستطيعون تمييز الأخبار الصحيحة من الأخبار الخاطئة حول فايروس كورونا. وإذا كان نصف المجتمع الأمريكي المتفتح إلى حد كبير لا يستطيع تمييز الأخبار الصحيحة من الأخبار الخاطئة فكيف الحال بالدول الأفريقية مثلًا، التي يعد الوصول فيها للانترنت رفاهية لا يمتلكها أغلب الناس.[3]

وقد تسبب نقص المعرفة العلمية في وفاة 800 شخصًا بشكل مباشر في ايران نتيجة تناول منظفات ومعقمات اعتقادًا منهم أن هذه المنظفات قادرة على منع اصابتهم بوباء كورونا. [8]

لو أن المرء ليس مسؤولا إلا عن الأمور التي يعيها، لكانت الحماقات مبرأة سلفا عن كل إثم. لكن الإنسان ملزم بالمعرفة. الإنسان مسؤول عن جهله. الجهل خطيئة.

ميلان كونديرا – رواية المحاورة

دور الانحياز التأكيدي في انتشار الوباء المعلوتي

في سلسلة من التجارب ، شرع الأستاذ المساعد بقسم علم النفس «جوردون بينيكوك – Gordon Pennycook» وزملاؤه في إحدى الورقات البحثية في استكشاف التناقض بين ما نؤمن به وما نشاركه. أولًا قام العلماء بعرض العديد من الأخبار المزيفة على المشاركين التي تتفق م سياساتهم. ومن ثم قامو بتحديد ما إذا كان بإمكان المشاركين التمييز بين الأخبار الصحيحة والأخبار المزيفة.

وقد كان المشاركون في هذا التجربة أصحاب قدرة مميزة على تمييز الأخبار الصحيحة من الأخبار المزيفة. ولكن بالرغم من ذلك، كان من المحتمل أن يشارك المشاركون مقالًا خاطئًا يمثل وجهة نظرهم السياسية بمقدار الضعف مقارنةً بتصنيفها على أنها دقيقة. على وجه التحديد ، اخطأ الأشخاص في تصنيف ما يقرب من 20٪ من العناوين الكاذبة التي تتطابق مع سياساتهم وقامو بتصنيفها على أنها أخبار صحيحة. وعلى الرغم من ذلك، قام ما يقرب من 40٪ من الأشخاص بمشاركة نفس الأخبار المزيفة. أي أن الناس على استعداد لمشاركة مقالات يعلمون أنها كاذبة لمجرد أنها تتفق مع سياسيتهم فيما يمكن تصنيفه كانحياز تأكيدي (أحد أشهر الانحيازات المعرفية الموجودة). [5]

كيف تقلل عدد المنشورات المزيفة التي تنشرها

قام دكتور بينيكوك وزملاؤه بتحديد بعض التكتيكات التي قد يستخدمها رواد منصات التواصل الاجتماعي حتى يعطي الناس الأولوية للدقة في مشاركاتهم. قام الباحثون بتجنيد أكثر من 5000 مستخدم على تويتر شاركوا مقالات من المواقع التي تنقل المعلومات المضللة بانتظام. أرسل الباحثون رسائل خاصة إلى مستخدمي تويتر هؤلاء وطلبوا منهم تقييم دقة العنواين الرئيسية قبل كل نشر. لقد تم إعداد هؤلاء المستخدمين للتفكير بشكل أكبر في الدقة بعد هذا الطلب، ونتيجة لذلك زادت دقة مشاركات هؤلاء المستخدمين بنسبة 5 إلى 10٪ . قد تبدو الزيادة من 5 إلى 10٪ صغيرة ، ولكن عندما تفكر في العدد الهائل من منشورات توتير ، فإن مثل هذا الانخفاض في مقدار المعلومات الخاطئة قد يكون كبيرًا جدًا. لذلك فإن تبني مبدأ بسيط مثل تقييم دقة المقال قبل نشره يقلل عدد المنشورات المزيفة ولو بشكل قليل. [6]

كيف تميز الاخبار المزيفة على مواقع التواصل

نظرًا لأن عبء تمييز المنشورات الصحيحة من المزيفة يقع على عاتق كل فرد فينا، فإليك بعض الاستراتيجيات لمساعدتك في تقييم صحة المعلومات الطبية بشكل عام:

قيم مصدر المعلومة

لا يوجد وقت كافٍ للخوض في الكم الهائل من المعلومات التي نواجهها ، لذا فإن أسرع طريقة لفرز القمح من القشر هي التأكد من أن الشخص الذي يدعي الادعاء هو خبير حسن السمعة. الخبراء هم المنقذون الذين ينقذون الناس من الغرق في المعلومات الخاطئة ، وهذا هو السبب في أن مقدمي الأخبار الكاذبة ينتقصون من المهنيين المؤهلين. ومع ذلك ، فإن أوراق الاعتماد الأكاديمية ليست مؤشرًا مضمونًا لجودة المعلومات. على الرغم من الخراب الذي قد يجلبه ذلك إلى حياتهم المهنية ، فإن هناك بعض الخبراء المحتالين. بينما يرتكب آخرون أخطاء صادقة. ولكن النتيجة هي أن احتمالية أن تكون نصيحة الخبير سليمة أعلى بكثير من نصيحة غير الخبراء، خاصةً عندما يتم دعم رأي أحد الخبراء من قبل خبراء آخرين. [7]

كن حذرًا من وسائط الأخبار المتحيزة

شهدت العقود الأخيرة انتشارًا للوسائط الإخبارية مثل القنوات الإخبارية والمواقع الإلكترونية التي تعد بمثابة آلات دعاية للأحزاب السياسية. في هذه الحالة، غالبًا ما تكون المعلومات التي تستهلكها متحيزة بهدف التلاعب بالمستهلك لتلبية أجندة سياسية. كيف تعرف أن الوسط الإخباري المفضل لديك متحيز؟ إحدى النصائح الواضحة هي أن الوسط الإخباري يشيد باستمرار بحزب سياسي واحد بينما يهاجم الحزب المعارض بلا هوادة. نصيحة أخرى هي الطريقة التي يتم بها نقل المعلومات: يجب أن تكون النغمة مهنية وموضوعية ، وليست مشبعة بالعاطفة والغضب والرأي الشخصي. [7]

المصادر

[1] worldometers

[2] worldbank

[3] science direct

[4] statista

[5] nature

[6] psychology today

[7] psychology today

[8] BBC

اضغط هنا لتقييم التقرير
[Average: 0]
Mohamed Yasser
Author: Mohamed Yasser

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


حياة طب صحة أحياء

User Avatar

Mohamed Yasser


عدد مقالات الكاتب : 8
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *