هل سبق لك أن لاحظت أن قميص التمرين المصنوع من البوليستر يميل إلى أن تكون رائحته أسوأ من قميصك القطني بعد تعرقك؟ كشف الباحثون في جامعة ألبرتا عن السبب وراء هذه الظاهرة. حيث أجرى الفريق بقيادة عالمة الملابس والمنسوجات راشيل ماكوين، تحليلًا متعمقًا لألياف مختلفة منقوعة في محلول من العرق الاصطناعي. وتلقي هذه الدراسة الرائدة، التي نشرت في مجلة (Textile Research)، الضوء على سبب كون بعض الألياف أكثر عرضة لإيواء الروائح أكثر من غيرها عندما نتعرق. في هذا المقال سنكتشف ما هو السبب وراء إطلاق البوليستر رائحة كريهة عند التعرق مقارنة بأنواع الملابس الأخرى؟
محتويات المقال :
عندما نمارس الرياضة أو نشعر بالحرارة، تنتج أجسامنا العرق للتبريد. ولكن هل تساءلت يومًا ما الذي يوجد داخل هذا العرق والذي يجعل رائحته قوية جدًا؟ يتكون العرق في المقام الأول من الماء، مع إضافة بعض المركبات الزيتية والكهارل (Electrolyte) مثل الملح والبوتاسيوم. هذه المركبات الزيتية، هي التي تسبق رائحة الجسم. ,عندما يختلط العرق بالبكتيريا الموجودة على جلدنا، تتحلل تلك المركبات الزيتية إلى مركبات تعطي رائحة قوية كريهة.
ولكن هذا ليس كل شيء، فالعرق يحتوي أيضًا على كميات صغيرة من مواد أخرى مثل اليوريا وحمض اللاكتيك والأحماض الأمينية. يمكن أن تساهم هذه المركبات بشكل أكبر في الرائحة النفاذة التي نربطها بالعرق. ومن المثير للاهتمام أن نوع العرق الذي ننتجه يلعب أيضًا دورًا في رائحة الجسم. هناك نوعان من الغدد العرقية: الغدد العرقية المفترزة (Apocrine sweat glands)، التي تنتج عرقًا أكثر سمكًا وغني بالبروتين، والغدد العرقية المفرزة (Eccrine sweat glands)، التي تنتج عرق واضح يتكون في الغالب من الماء. توجد الغدد المفترزة بشكل رئيسي في منطقة الإبطين والفخذ، ولهذا السبب تميل هذه المناطق لإنتاج رائحة جسم قوية.
إذن، ما علاقة هذا بالملابس التي نرتديها؟ عندما نتعرق، يمكن أن تنتقل تلك المركبات المسببة للرائحة إلى ملابسنا، مما يجعل رائحتها كريهة. ولكن، كما يظهر بحث جامعة ألبرتا، فإن نوع الألياف التي تصنع منها ملابسنا يمكن أن يؤثر بشكل كبير على كمية تلك المركبات التي يتم امتصاصها والاحتفاظ بها.
لقرون عديدة، اعتمد البشر على الألياف الطبيعية مثل القطن والصوف والحرير في صناعة الملابس. كانت هذه الألياف وفيرة، وقابلة للتهوية (Breathability)، ولها خصائص طبيعية جعلتها مناسبة للارتداء اليومي. ومع ذلك، مع الثورة الصناعية، شهدت صناعة النسيج تحولًا كبيرًا. وأحدث اكتشاف الألياف الاصطناعية مثل النايلون والبوليستر ثورة في إنتاج الملابس، مما جعلها أسرع وأرخص وأكثر سهولة في الوصول إليها.
تم اختراع أول ألياف اصطناعية، وهي النايلون، في ثلاثينيات القرن العشرين على يد والاس كاروثرز، الكيميائي في شركة دوبونت. تبع ذلك البوليستر بعد فترة وجيزة، حيث طوره الكيميائيان البريطانيان ريجينالد فيسيندين وجون وينفيلد في الأربعينيات. تم الترحيب بهذه الألياف الاصطناعية باعتبارها اكتشاف مهم، حيث توفر المتانة ومقاومة التجاعيد وسهولة تصليحها.
مع اكتساب الألياف الاصطناعية شعبية كبيرة، بدأ الباحثون في دراسة خصائصها وتفاعلاتها مع العرق. ركزت الدراسات المبكرة على الخصائص الفيزيائية لهذه الألياف، مثل قوتها ومرونتها وامتصاصها للرطوبة. ومع ذلك، لم يبدأ العلماء حتى وقت قريب في التعمق في الكيمياء وراء تكوين الرائحة وتفاعل الألياف.
لقد عرف الباحثون منذ فترة طويلة أن الأقمشة المختلفة تمتص العرق بشكل مختلف، ولكن ماذا يحدث بالضبط عندما يلتقي العرق بالألياف؟ الجواب يكمن في كيمياء الألياف نفسها.
تتمتع الألياف السليولوزية، مثل القطن والفيسكوز (viscose)، المشتقة من النباتات، بعلاقة طبيعية مع الماء. فهي تمتص الجزء المائي من العرق مثل الإسفنجة، تاركة وراءها المركبات الزيتية التي تحب البكتيريا أن تتغذى عليها. هذه المركبات الزيتية هي السبب وراء رائحة الجسم، ولكن في الألياف السليلوزية، يتم امتصاصها بكميات أقل، مما يؤدي إلى رائحة أقل.
من ناحية أخرى، فإن الألياف الاصطناعية مثل البوليستر والنايلون لها كيمياء مختلفة. إنها أكثر حبًا للزيوت، مما يعني أنها تجذب وتمتص المركبات الزيتية الموجودة في العرق، والتي تتحلل لاحقًا وتطلق رائحتها النفاذة. ولهذا السبب يميل البوليستر، على وجه الخصوص، إلى الاحتفاظ بالروائح لفترة أطول من الألياف الطبيعية. ووجد الباحثون أن البوليستر أطلق في البداية كميات أكبر من المركبات ذات الرائحة الكريهة مقارنة بالألياف السليولوزية، مما يجعله الأكثر رائحة في المجموعة.
لكشف الحقيقة وراء الملابس ذات الرائحة الكريهة، صمم الباحثون تجربة مبتكرة. لقد ابتكروا محلول من العرق الاصطناعي، يحاكي تركيبة العرق البشري. ثم تم استخدام ألياف مختلفة لامتصاص محلول العرق الاصطناعي، بما في ذلك القطن والفيسكوز والبوليستر والنايلون والصوف. ومن خلال القيام بذلك، تمكن الفريق من دراسة انتقال المركبات المسببة للرائحة من العرق إلى الأقمشة.
تم نقع الألياف لفترات مختلفة. وبعد النقع، استخدم الباحثون معدات متخصصة للكشف عن إطلاق الروائح من الألياف في الوقت الفعلي، على غرار الطريقة التي تكتشف بها أنوفنا الروائح. وقد سمح لهم ذلك بقياس كمية المركبات المسببة للرائحة التي يمتصها ويطلقها كل نوع من الألياف.
قدمت هذه التجربة تمثيلاً أكثر واقعية لكيفية تفاعل العرق مع الملابس، على عكس الطرق التقليدية التي تركز على انتقال الروائح المحمولة جواً. ومن خلال دراسة انتقال الروائح من خلال العرق، اكتسب الباحثون فهمًا أعمق لكيفية اختراق هذه المركبات ذات الرائحة الكريهة لملابسنا.
من خلال فهم العلم وراء الملابس ذات الرائحة الكريهة، يمكنك اختيار الأقمشة التي من غير المرجح أن تحتوي على مركبات مسببة للرائحة. على سبيل المثال، إذا كنت تخطط لنزهة أو تريد الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية، فإن اختيار الملابس المصنوعة من ألياف السليلوز مثل القطن أو الفيسكوز يمكن أن يساعد في تقليل رائحة الجسم.
علاوة على ذلك، يمكن أن يؤثر هذا الاكتشاف أيضًا على الطريقة التي نعتني بها بملابسنا. على سبيل المثال، في حين أن الملابس المصنوعة من البوليستر قد تتطلب الغسيل المتكرر لتبقى رائحتها جيدة، يمكن تهوية الملابس المصنوعة من النايلون والصوف ببساطة للتخلص من الروائح. وهذا لا يوفر الوقت والطاقة فحسب، بل يقلل أيضًا من تأثيرنا البيئي.
يمكن لنتائج الدراسة أيضًا أن تمهد الطريق للابتكارات في صناعة المنسوجات. ومن خلال تطوير ألياف البوليستر الأكثر امتصاصًا للماء وأقل انجذابًا للمركبات الزيتية، يمكن للمصنعين إنشاء ملابس أكثر استدامة وذات رائحة جيدة.
في نهاية المطاف، هذا الاكتشاف لديه القدرة على إحداث ثورة في طريقة تفكيرنا في الملابس والنظافة الشخصية. من خلال كوننا أكثر وعيًا بالأقمشة التي نختارها وكيف نعتني بها. لذا، في المرة القادمة التي تتسوق فيها لشراء ملابس جديدة، تذكر أن القماش المناسب يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا.
Textile scientists offer fresh insights on why some clothes get smellier / phys.org
عندما يتعلق الأمر بحماية بشرتنا من التأثيرات القاسية لأشعة الشمس، فإن استخدام واقي الشمس أمر…
اكتشف فريق من علماء الآثار 13 مومياء قديمة. وتتميز هذه المومياوات بألسنة وأظافر ذهبية،وتم العثور…
ركز العلماء على الخرسانة الرومانية القديمة كمصدر غير متوقع للإلهام في سعيهم لإنشاء منازل صالحة…
من المعروف أن الجاذبية الصغرى تغير العضلات والعظام وجهاز المناعة والإدراك، ولكن لا يُعرف سوى…
الويب 3.0، الذي يشار إليه غالبًا باسم "الويب اللامركزي"، هو الإصدار التالي للإنترنت. وهو يقوم…
لطالما فتنت المستعرات العظمى علماء الفلك بانفجاراتها القوية التي تضيء الكون. ولكن ما الذي يسبب…